لبنى ياسين
عندما كتبت )شارب زوجتي) انهالت علي ردود الفعل ممن انشرحت صدورهن وشمتن بالرجل وشعرن بالانتصار، لذلك سوف أتقمصه اليوم وأحدثكِ – رغم انتمائي الفعلي إلى نون النسوة- عن معاناته مع "تاء التأنيث غير الساكنة"، إذ يكفي أن أذكرك بمثل قالته جداتنا كثيرا عنه لتشعري بالشفقة لحاله معنا، حيث أنه (داخل حمال طالع زبال)، يبدأ صباحه نهارا بالخروج إلى عمله، وأنت تعلمين أن 99.9% من الرجال غير راضين عن أعمالهم إما لأنهم( الرجل المناسب في المكان غير المناسب) أو لأسباب أخرى تتعلق بالراتب أو الطموح أو الغلاء،
المهم أنه ينهي أعماله الشاقة ليعود إلى منزله-واحة السعادة- ليجد إحدانا وقد نفشت له شوشتها وحَوَلتْ عينيها، وبمجرد دخوله إلى المنزل يبدأ مشروع الزن النسائي الأبدي الذي لا يستطيع اينشتاين لو خرج من قبره وكل عبقريته أن يبتكر حلاً لإيقاف اسطوانته المشروخة عندما تبدأ بالدوران، وكالعادة تتمركز مواضيع الزن في حوالي ألف موضوع لا أكثر، أولها وأهمها التقرير اليومي لأعمال الصباح(لماذا تأخرت؟ وأين كنت؟ ومن قابلت؟ ومع من تكلمت؟) ثم تأتي الجرعة المقررة مع الغذاء (ابنك قال، ابنتك فعلت، أمك غمزت، أختك لمزت، فلانة اشترى لها زوجها عقدا ماسيا، وفلانة زوجها لا يخاطبها إلا بأعذب الكلمات، و فلان غير أثاث البيت لزوجته،...) وأنت تعلمين بقية القائمة، وطبعا تم استحداث مواضيع تناسب آخر المستجدات لنواجه فيها الرجل على أم رأسه في حال تبقى لديه رأس ، حيث طرحت في الأسواق اسطوانة الزن والحن والنق باللهجات المحلية وفي آخر إصدار لها– موجود في جميع محلات الأسلحة وأدوات التعذيب النسائية- وتبدأ الاسطوانة بموال (انظر ما يفعله مهند ليرضي نور وتعلـّم، يا لحظها حجز لها زوجها إجازة في لندن..وما أدراك ما لندن؟...) ولا تنتهي إلا بجلطة دماغية أو نوبة قلبية أو حالة هروب من المنزل في أحسن الاحتمالات، كأنه كان ينقص هذا الكائن المسكين "مهند" لتقع الدنيا على أم رأسه.
وهنا تنتهي اسطوانة الزن الأولى بدخول وقت القيلولة، ويدخل الرجل ليرتاح قليلا، وهذا ما سيستمتع به تماما، مع بكاء الرضيع، وصرير الباب وهي داخلة أو خارجة، ورنة الجوال الذي نسيت أن تخرجه من غرفة النوم قبل أن يقول (من القيلولة) الزوج، ناهيك عن صوت التلفاز والبلاي ستيشن، والمؤثرات الصوتية لشجار الأولاد، والموسيقى التصويرية لصراخ أمهم عليهم، المهم أنه ما أن يضع رأسه على المخدة حتى تتوالد الأصوات من تلقاء نفسها وتتكاثر بالبرعمة والهمهمة والدمدمة لتنمو ليس تدريجيا بل دفعة واحدة، وقد تتذكر إحدانا فجأة أن عليها أن تكنس البيت بالمكنسة الكهربائية وخصوصا غرفة النوم، أو الغرفة المجاورة لها حيث أن "النظافة من الإيمان ومن واجب النسوان"، مما يعطيه رفاهية الموسيقى الرقيقة المساعدة للانخماد سريعا، وقد يحدث في بعض الأحيان أن تحين أوقات (التفتيش الدوري) لجيوب الزوج ومحفظته وجواله والذي منه أثناء القيلولة ، فترتدي الزوجة نظارة المفتش كونان وتتقمص شخصية جيمس بوند الذي كان تلميذا لها يوما ما وتبدأ عملية البحث والتنقيب عن أي دليل حسي أو مادي، مرئي أو مجهري أو غير مرئي يضعه في قفص الاتهام وينتهي به إلى المقصلة، ولأن هذه العملية تحتاج إلى تركيز وهدوء وخصوصية، فهي هنا تحديدا تحرص على السكينة وعلى إبعاد الأعين الصغيرة الفضولية التي قد تشي بها دون قصد، لئلا يضبطها الزوج النائم متلبسة بتفتيشه عند استيقاظه المفاجئ بسبب صوت أو حركة، مما يجعله ينام قريرا ويستيقظ شاكرا دون أن يعلم سبب حصوله على هذه الترقية في النوم، (احرصي على ألا يقرأ زوجك هذا المقطع لئلا يباغتك أثناء التفتيش ويضبطك متلبسة بالجرم المشهود إن شعر أنه ينام بهدوء).
ندخل الآن في مرحلة ما بعد القيلولة وربما علينا أن نسميها (كيلولة) من الكلل والتعب، حيث يستيقظ الرجل، ومليون عفريت في رأسه جراء الموسيقى الرائعة التي لم تنقطع أثناء نومه، ليجد زوجته بشوشتها المنفوشة تطالبه بالخروج، أما إلى أين فلا يهم، هناك عدة خيارات مرتبة حسب الأفضلية - طبعا أهله ليست من بينها فهذا المشوار تحديدا لا يعد خروجا إنما يعتبر تعذيبا لها أو نوعا من العقوبة في أقل الأحوال- المهم تبدأ المقترحات من "وديني السوق"، فإن رفض فأمي، فأختي، فبنت عمي، فبنت خالي، وهكذا حتى نصل إلى البطحة في آخر احتمال للخروج، ولذلك صدقوني أن الرجال هم الذين ينتظرون قانونا يسمح للنساء بقيادة السيارات لكي يرتاح من الوظيفة الثانية التي لا يطيقها والاهم أنها غير مأجورة حتى ولو بكلمة شكر، فهذا أقل ما يمكن أن يفعله لحضرة سيادة المدام، وعليه ألا ينتظر منها شكرا أو امتنانا، وأنت تعلمين ما يمكن أن يقال في مناسبة كهذه(طبعا بالخبرة) فسارة زوجها شغال سائق عند اللي خلفها ومن سوق لسوق، أما رنا فزوجها لا يكتفي بإيصالها بل أنه يوصل "أخواتها" عندما تريد مرافقتهن إلى المولات، أما لماذا لا يتكلف أزواج هؤلاء "الأخوات" بالتوصيل المجاني.. فلا أحد يذكر شيئا عن هذا الموضوع.
وما أن يوافق أخونا على الخروج حتى تتحول بقدرة قادر من شوشة المنكوشة إلى الأميرة ديانا بكل أناقتها ورقتها وأنوثتها، أستحلفكم بالله أليس هذا أمرا يجعله يقطع البقية الباقية من شعره دون ندم.
ناهيك عن مواسم الأعياد والأعراس، حتى أن أحدهم تذكر أن العيد آت، فصرخ دون تفكير( يا للمصيبة)، عاتبه زوجي قائلا: لم أسمع بأحد يقول عن اقتراب العيد (يا للمصيبة ) قبل اليوم!! فرد الآخر: وماذا تريدني أن أقول؟ الأسعار نار، وزوجتي تريد كسوة العيد، وضيافة العيد، ومصاغ العيد، وهدية العيد، وعيدية العيد، وسفرية العيد، وعزومة العيد، وأظنها تعتقد أنني ذبيحة العيد، وليتها بعد كل هذا تسمي بالله قبل أن تذبحني، كأن العيد بنك.
أرى العيون وقد احمرت علي، صبرا صديقتي المرأة، فهذا الكلام للحالات "الخاصة" فقط.
**
عندما كتبت )شارب زوجتي) انهالت علي ردود الفعل ممن انشرحت صدورهن وشمتن بالرجل وشعرن بالانتصار، لذلك سوف أتقمصه اليوم وأحدثكِ – رغم انتمائي الفعلي إلى نون النسوة- عن معاناته مع "تاء التأنيث غير الساكنة"، إذ يكفي أن أذكرك بمثل قالته جداتنا كثيرا عنه لتشعري بالشفقة لحاله معنا، حيث أنه (داخل حمال طالع زبال)، يبدأ صباحه نهارا بالخروج إلى عمله، وأنت تعلمين أن 99.9% من الرجال غير راضين عن أعمالهم إما لأنهم( الرجل المناسب في المكان غير المناسب) أو لأسباب أخرى تتعلق بالراتب أو الطموح أو الغلاء،
المهم أنه ينهي أعماله الشاقة ليعود إلى منزله-واحة السعادة- ليجد إحدانا وقد نفشت له شوشتها وحَوَلتْ عينيها، وبمجرد دخوله إلى المنزل يبدأ مشروع الزن النسائي الأبدي الذي لا يستطيع اينشتاين لو خرج من قبره وكل عبقريته أن يبتكر حلاً لإيقاف اسطوانته المشروخة عندما تبدأ بالدوران، وكالعادة تتمركز مواضيع الزن في حوالي ألف موضوع لا أكثر، أولها وأهمها التقرير اليومي لأعمال الصباح(لماذا تأخرت؟ وأين كنت؟ ومن قابلت؟ ومع من تكلمت؟) ثم تأتي الجرعة المقررة مع الغذاء (ابنك قال، ابنتك فعلت، أمك غمزت، أختك لمزت، فلانة اشترى لها زوجها عقدا ماسيا، وفلانة زوجها لا يخاطبها إلا بأعذب الكلمات، و فلان غير أثاث البيت لزوجته،...) وأنت تعلمين بقية القائمة، وطبعا تم استحداث مواضيع تناسب آخر المستجدات لنواجه فيها الرجل على أم رأسه في حال تبقى لديه رأس ، حيث طرحت في الأسواق اسطوانة الزن والحن والنق باللهجات المحلية وفي آخر إصدار لها– موجود في جميع محلات الأسلحة وأدوات التعذيب النسائية- وتبدأ الاسطوانة بموال (انظر ما يفعله مهند ليرضي نور وتعلـّم، يا لحظها حجز لها زوجها إجازة في لندن..وما أدراك ما لندن؟...) ولا تنتهي إلا بجلطة دماغية أو نوبة قلبية أو حالة هروب من المنزل في أحسن الاحتمالات، كأنه كان ينقص هذا الكائن المسكين "مهند" لتقع الدنيا على أم رأسه.
وهنا تنتهي اسطوانة الزن الأولى بدخول وقت القيلولة، ويدخل الرجل ليرتاح قليلا، وهذا ما سيستمتع به تماما، مع بكاء الرضيع، وصرير الباب وهي داخلة أو خارجة، ورنة الجوال الذي نسيت أن تخرجه من غرفة النوم قبل أن يقول (من القيلولة) الزوج، ناهيك عن صوت التلفاز والبلاي ستيشن، والمؤثرات الصوتية لشجار الأولاد، والموسيقى التصويرية لصراخ أمهم عليهم، المهم أنه ما أن يضع رأسه على المخدة حتى تتوالد الأصوات من تلقاء نفسها وتتكاثر بالبرعمة والهمهمة والدمدمة لتنمو ليس تدريجيا بل دفعة واحدة، وقد تتذكر إحدانا فجأة أن عليها أن تكنس البيت بالمكنسة الكهربائية وخصوصا غرفة النوم، أو الغرفة المجاورة لها حيث أن "النظافة من الإيمان ومن واجب النسوان"، مما يعطيه رفاهية الموسيقى الرقيقة المساعدة للانخماد سريعا، وقد يحدث في بعض الأحيان أن تحين أوقات (التفتيش الدوري) لجيوب الزوج ومحفظته وجواله والذي منه أثناء القيلولة ، فترتدي الزوجة نظارة المفتش كونان وتتقمص شخصية جيمس بوند الذي كان تلميذا لها يوما ما وتبدأ عملية البحث والتنقيب عن أي دليل حسي أو مادي، مرئي أو مجهري أو غير مرئي يضعه في قفص الاتهام وينتهي به إلى المقصلة، ولأن هذه العملية تحتاج إلى تركيز وهدوء وخصوصية، فهي هنا تحديدا تحرص على السكينة وعلى إبعاد الأعين الصغيرة الفضولية التي قد تشي بها دون قصد، لئلا يضبطها الزوج النائم متلبسة بتفتيشه عند استيقاظه المفاجئ بسبب صوت أو حركة، مما يجعله ينام قريرا ويستيقظ شاكرا دون أن يعلم سبب حصوله على هذه الترقية في النوم، (احرصي على ألا يقرأ زوجك هذا المقطع لئلا يباغتك أثناء التفتيش ويضبطك متلبسة بالجرم المشهود إن شعر أنه ينام بهدوء).
ندخل الآن في مرحلة ما بعد القيلولة وربما علينا أن نسميها (كيلولة) من الكلل والتعب، حيث يستيقظ الرجل، ومليون عفريت في رأسه جراء الموسيقى الرائعة التي لم تنقطع أثناء نومه، ليجد زوجته بشوشتها المنفوشة تطالبه بالخروج، أما إلى أين فلا يهم، هناك عدة خيارات مرتبة حسب الأفضلية - طبعا أهله ليست من بينها فهذا المشوار تحديدا لا يعد خروجا إنما يعتبر تعذيبا لها أو نوعا من العقوبة في أقل الأحوال- المهم تبدأ المقترحات من "وديني السوق"، فإن رفض فأمي، فأختي، فبنت عمي، فبنت خالي، وهكذا حتى نصل إلى البطحة في آخر احتمال للخروج، ولذلك صدقوني أن الرجال هم الذين ينتظرون قانونا يسمح للنساء بقيادة السيارات لكي يرتاح من الوظيفة الثانية التي لا يطيقها والاهم أنها غير مأجورة حتى ولو بكلمة شكر، فهذا أقل ما يمكن أن يفعله لحضرة سيادة المدام، وعليه ألا ينتظر منها شكرا أو امتنانا، وأنت تعلمين ما يمكن أن يقال في مناسبة كهذه(طبعا بالخبرة) فسارة زوجها شغال سائق عند اللي خلفها ومن سوق لسوق، أما رنا فزوجها لا يكتفي بإيصالها بل أنه يوصل "أخواتها" عندما تريد مرافقتهن إلى المولات، أما لماذا لا يتكلف أزواج هؤلاء "الأخوات" بالتوصيل المجاني.. فلا أحد يذكر شيئا عن هذا الموضوع.
وما أن يوافق أخونا على الخروج حتى تتحول بقدرة قادر من شوشة المنكوشة إلى الأميرة ديانا بكل أناقتها ورقتها وأنوثتها، أستحلفكم بالله أليس هذا أمرا يجعله يقطع البقية الباقية من شعره دون ندم.
ناهيك عن مواسم الأعياد والأعراس، حتى أن أحدهم تذكر أن العيد آت، فصرخ دون تفكير( يا للمصيبة)، عاتبه زوجي قائلا: لم أسمع بأحد يقول عن اقتراب العيد (يا للمصيبة ) قبل اليوم!! فرد الآخر: وماذا تريدني أن أقول؟ الأسعار نار، وزوجتي تريد كسوة العيد، وضيافة العيد، ومصاغ العيد، وهدية العيد، وعيدية العيد، وسفرية العيد، وعزومة العيد، وأظنها تعتقد أنني ذبيحة العيد، وليتها بعد كل هذا تسمي بالله قبل أن تذبحني، كأن العيد بنك.
أرى العيون وقد احمرت علي، صبرا صديقتي المرأة، فهذا الكلام للحالات "الخاصة" فقط.
**
لبنى ياسين
كاتبة وصحفية سورية
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو فخري في جمعية الكاتبات المصريات
http://lubnayaseen.jeeran.com/
كاتبة وصحفية سورية
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو فخري في جمعية الكاتبات المصريات
http://lubnayaseen.jeeran.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق