نبيل عودة
يبدو ان المنطق الرياضي الذي يقول إن 2 + 2 = 4، لم يعد صحيحا فلسفيا .
أستاذ الفلسفة، الدكتور سمير، يقول إن هذا تركيب مصطنع، و يحتاج فلسفيا إلى براهين، والأغلب انه خطأ متداول .
أستاذ الرياضيات، البروفسور صالح، يصرّ أن 2 + 2 ، بجمعهما المنطقي ، نتيجتهما أربعة، وهو سؤال رياضي بسيط وأولي، ومن بديهيات الحساب الرياضي.
الدكتور سمير أعمل فكره، فأجاب معترضا :
- ماذا تقصد بالرقم 4، هل هو مجرد الجمع بين عددين أصغر منه، أم له تفسير فلسفي آخر؟ وكيف توصلنا الى أربعة ؟ أليست هذه رؤية مسبقة منغلقة لا تريد ان تعترف بما يعارضها؟ إن حقيقة كل ادعاء تفحص بحسب نتائجها . وهل يخفى اننا نختار الحقيقة بحسب ما تُحدثه من تغيير؟ فهل من حقيقة ذات تأثير تُلزم التغيير في المسألة البسيطة التي تدعيها من النتيجة 4 من جمع 2 + 2 ؟ مثلا نحن نقول ان قانون الجاذبية لنيوتن صحيح، ليس لأنه مطابق لما يحصل حقا، وإنما لأنه ثبت أنه قابل للاستعمال لتوقع تصرف عنصرين مع بعضهما في حالات متعددة ومختلفة. مثلا، انا على ثقة أن التفاح يسقط الى الأسفل حتى من شجرة تفاح في مكة. وعلى رأس أي سعودي جالس تحتها، بغض النظر اذا كان أميرا أو فقيرا ، عالما مفتيا أو جاهلا، وليس في لندن فقط، حيث سقطت التفاحة على رأس نيوتن .
بروفسور صالح ضحك من هذا التفسير المعقد :
- انتم الفلاسفة جعلتم عالمنا أكثر صعوبة على الناس. تشغلون عقولكم بأوهام، وتصعّبون على الناس فهم حياتهم، وتسهيل معاملاتهم. تخيل لو ذهب الى البنك مئة الف شخص يصرون أن 2 + 2 = 5 . سيتعطل العمل وتتوقف المصالح . هل تفهم أن فلسفتك ستجعل عالمنا مبهما وغيبيا؛ لا شيء مؤكدا فيه ؟ لنفرض انك اشتريت بدولارين من البقال، وبدولارين من دكان الخضرة، فما مجموع ما صرفته في الدكانين ؟
- خمسة، أجاب دكتور سمير بلا تردد، وأضاف: أنت تتجاهل اشارة الزائد . ألا قيمة للإشارة؟ لماذا نستعملها اذن ؟
- لنفترض انها ناقص، لا زائد ؟
- الجواب في هذه الحالة صفر ، لأن الناقص ينفي ولا يضيف.
- ما هذه ؟ فلسفة جديدة ؟
- أبدا، نحن نتعلم في الفلسفة ان نصلح عالمنا، وأن نفسره، وان نشكل رؤيتنا الخاصة حوله. لماذا رؤيتكم صحيحة، ورؤية استرالي أصلي يعيش في الغابات الاسترالية غير صحيحة؟
- ما دخل الأسترالي في الحساب؟
- سؤال جيد. قمنا قبل سنة بزيارة لأستراليا. وصلنا الى احدى الغابات التي تسكنها قبيلة من السكان الأصليين . بعيدون عن الحضارة .. بعيدون عن كل ما يمت بصلة للمجتمع المدني. ومع ذلك حياتهم منظمة وواجباتهم محددة. كل يعرف ما عليه وأين هي حدوده ، لا أحد يتجاوز حدوده . مجتمع آمن .. بلا مشاكل الحضارة ومتطلباتها .. لا يعرفون المدارس ... ولا الحواسيب . أجريت اختبارا حسابيا لأحدهم. كان سؤالي هو نفس سؤال الخلاف بيننا . كم هو مجموع 2 + 2. لم يجبْ. طلب الإذن. ذهب وعاد بحبلين. عقد في الحبل الأول عقدتين وأشار باصبعيه إلى الرقم 2، ثم عقد عقدتين في الحبل الثاني، وأشار مرة أخرى بأصبعية إلى الرقم 2، وأخيرا عقد عقدة تجمع بين الحبلين، وعدّ العقد فكانت خمس عقد ، فأجاب أن 2 + 2 = 5.
فكيف يمكن أن أقنعه أنها تساوي أربعة؟ والآن بامكانك يا زميلي العزيز
بروفسور صالح، أن تقول إن الجواب هو نتيجة عملية لتطور المجتمع . او
العقل البشري، وان الجمع لا يتعلق بقوانين الرياضيات، بل بقوانين
الحياة التي يعيشها الانسان .
- فلسفة .. من حظ العالم أن الفلاسفة لا يصلون إلى السلطة . ناقش جاهلا، ولا تناقش فيلسوفا !!
نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي –الناصرة
nabiloudeh@gmail.com
يبدو ان المنطق الرياضي الذي يقول إن 2 + 2 = 4، لم يعد صحيحا فلسفيا .
أستاذ الفلسفة، الدكتور سمير، يقول إن هذا تركيب مصطنع، و يحتاج فلسفيا إلى براهين، والأغلب انه خطأ متداول .
أستاذ الرياضيات، البروفسور صالح، يصرّ أن 2 + 2 ، بجمعهما المنطقي ، نتيجتهما أربعة، وهو سؤال رياضي بسيط وأولي، ومن بديهيات الحساب الرياضي.
الدكتور سمير أعمل فكره، فأجاب معترضا :
- ماذا تقصد بالرقم 4، هل هو مجرد الجمع بين عددين أصغر منه، أم له تفسير فلسفي آخر؟ وكيف توصلنا الى أربعة ؟ أليست هذه رؤية مسبقة منغلقة لا تريد ان تعترف بما يعارضها؟ إن حقيقة كل ادعاء تفحص بحسب نتائجها . وهل يخفى اننا نختار الحقيقة بحسب ما تُحدثه من تغيير؟ فهل من حقيقة ذات تأثير تُلزم التغيير في المسألة البسيطة التي تدعيها من النتيجة 4 من جمع 2 + 2 ؟ مثلا نحن نقول ان قانون الجاذبية لنيوتن صحيح، ليس لأنه مطابق لما يحصل حقا، وإنما لأنه ثبت أنه قابل للاستعمال لتوقع تصرف عنصرين مع بعضهما في حالات متعددة ومختلفة. مثلا، انا على ثقة أن التفاح يسقط الى الأسفل حتى من شجرة تفاح في مكة. وعلى رأس أي سعودي جالس تحتها، بغض النظر اذا كان أميرا أو فقيرا ، عالما مفتيا أو جاهلا، وليس في لندن فقط، حيث سقطت التفاحة على رأس نيوتن .
بروفسور صالح ضحك من هذا التفسير المعقد :
- انتم الفلاسفة جعلتم عالمنا أكثر صعوبة على الناس. تشغلون عقولكم بأوهام، وتصعّبون على الناس فهم حياتهم، وتسهيل معاملاتهم. تخيل لو ذهب الى البنك مئة الف شخص يصرون أن 2 + 2 = 5 . سيتعطل العمل وتتوقف المصالح . هل تفهم أن فلسفتك ستجعل عالمنا مبهما وغيبيا؛ لا شيء مؤكدا فيه ؟ لنفرض انك اشتريت بدولارين من البقال، وبدولارين من دكان الخضرة، فما مجموع ما صرفته في الدكانين ؟
- خمسة، أجاب دكتور سمير بلا تردد، وأضاف: أنت تتجاهل اشارة الزائد . ألا قيمة للإشارة؟ لماذا نستعملها اذن ؟
- لنفترض انها ناقص، لا زائد ؟
- الجواب في هذه الحالة صفر ، لأن الناقص ينفي ولا يضيف.
- ما هذه ؟ فلسفة جديدة ؟
- أبدا، نحن نتعلم في الفلسفة ان نصلح عالمنا، وأن نفسره، وان نشكل رؤيتنا الخاصة حوله. لماذا رؤيتكم صحيحة، ورؤية استرالي أصلي يعيش في الغابات الاسترالية غير صحيحة؟
- ما دخل الأسترالي في الحساب؟
- سؤال جيد. قمنا قبل سنة بزيارة لأستراليا. وصلنا الى احدى الغابات التي تسكنها قبيلة من السكان الأصليين . بعيدون عن الحضارة .. بعيدون عن كل ما يمت بصلة للمجتمع المدني. ومع ذلك حياتهم منظمة وواجباتهم محددة. كل يعرف ما عليه وأين هي حدوده ، لا أحد يتجاوز حدوده . مجتمع آمن .. بلا مشاكل الحضارة ومتطلباتها .. لا يعرفون المدارس ... ولا الحواسيب . أجريت اختبارا حسابيا لأحدهم. كان سؤالي هو نفس سؤال الخلاف بيننا . كم هو مجموع 2 + 2. لم يجبْ. طلب الإذن. ذهب وعاد بحبلين. عقد في الحبل الأول عقدتين وأشار باصبعيه إلى الرقم 2، ثم عقد عقدتين في الحبل الثاني، وأشار مرة أخرى بأصبعية إلى الرقم 2، وأخيرا عقد عقدة تجمع بين الحبلين، وعدّ العقد فكانت خمس عقد ، فأجاب أن 2 + 2 = 5.
فكيف يمكن أن أقنعه أنها تساوي أربعة؟ والآن بامكانك يا زميلي العزيز
بروفسور صالح، أن تقول إن الجواب هو نتيجة عملية لتطور المجتمع . او
العقل البشري، وان الجمع لا يتعلق بقوانين الرياضيات، بل بقوانين
الحياة التي يعيشها الانسان .
- فلسفة .. من حظ العالم أن الفلاسفة لا يصلون إلى السلطة . ناقش جاهلا، ولا تناقش فيلسوفا !!
نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي –الناصرة
nabiloudeh@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق