الخميس، مايو 01، 2008

ما زلت أقول: صباحك سكر

ماجدولين الرفاعي

في الذكرى العاشرة لرحيل شاعر الحب نزار قباني

سألتني إحدى الصديقات: هل شكلّت تجربة نزار قباني الشعرية، أفقا معينا لذائقتك الإبداعية؟
ولأن الحديث عن نزار قباني، فقد استرسلت في الإجابة لأحدثها عن طفولتي وسنوات مراهقتي الأولى، حين كنت اخفي دواوين نزار قباني تحت وسادتي وبين ملابسي، خشية أن يجدها الأهل معي، فتقع الكارثة، ذلك لأن شعر نزار قباني، كان يعتبر- يومها- من المحرمات، وتحديداً للفتيات في مثل سنّي يومذاك.. وكما تعلمون، فأن من اخطر الأحاديث تداولاً، هي أحاديث الحب والغرام، وقراءة أشعار الحب، إذ كانت أمي تعتبر أشعار نزار من (المفسدات)، ولهذا كنت استعير الدواوين من صديقاتي، واعتني بها وأخاف عليها ككنز ثمين!
يومهالم أكن أرى دمشق، كما صرت أراها بعد قراءة أشعار نزار قباني: (مآذنُ الشّـامِ تبكـي إذ تعانقـني
و للمـآذنِ.. كالأشجارِ.. أرواحُ
للياسمـينِ حقـ وقٌ في منازلنـا..
وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتـاحُ)!
لم أكن أحنُّ لبيروت، كما صرت أحنُّ إليها بعد قراءة أشعار نزار قباني: (آهِ يا سيّدتي كم نتعذّبْ ..
عندما نقرأُ أنَّ الشّمس في بيروتَ، صارتْ
كُرةً في أرجلِ المرتزقينْ ...)
لم اشعر بالشوق لعناق شجيرات النخيل في العراق، كما شعرت به، بعد قراءة أشعار نزار عن العراق: (بغداد.. جئتُـكِ كالسّـفينةِ مُتعَـباً
أخـفي جِراحاتي وراءَ ثيـابي
ورميتُ رأسي فوقَ صدرِ أميرَتي
وتلاقـتِ الشّـفَتانِ بعدَ غـيابِ)..
ولم أشعر بالرغبة الملّحة في زيارة الأندلس وغرناطة وقصر الحمراء، وقراءة تاريخ الأجداد هناك، كما شعرت بكل هذا، بعد قراءة فرائد نزار الشعرية.. لقد كتب نزار الكثير من الأشعار عن تراثنا العربي في اسبانيا، قصائد تنعى التاريخ، وتبكي هزائم الأبطال: (قالت: هنا الحمراء زهوَ جدودنا
فاقـرأْ على جـدرانها أمجـادي
أمجادُها؟ ومسحتُ جرحاً نـازفاً
ومسحتُ جرحاً ثانيـاً بفـؤادي )،
وبرغم أن البعض، حارب نزار قباني، وحارب اشعاره، بل واتهمه بالفسوق والانحلال لتناوله المرأة كجسد فقط دون الكتابة عن فكرها وعقلها.. لكنني أجزم بأن أولئك لم يقرؤوا نزار قباني جيدا!؟
في الحقيقة، فأن أشعار نزار قباني، جعلتني أرى الحياة بعين أخرى.. عين متفحصة، دقيقة..
نزار ابن الياسمين والدفلى، ابن الحارات العتيقة ومآذن دمشق الشامخة عريقة القدم.. نزار قباني الذي ولد في الربيع، ليموت في احضانه كما ولد!؟ وكأن الخالق شاء أن يمنح نزار هذه الميزة، لعلمه بحب نزار للحياة.
نزار قباني، كان حالماً، حد الشعور بأنه جزء من دمشق، لكنه أصبح جزءا منا، ومن تاريخنا، ومن طفولتنا ومراهقتنا العاشقة.. بل وجزءاً من عروبتنا.. لقد تحوّل نزار قباني بعد رحيله إلى أغنية وشارع، فقد سُميَّ أحد شوارع دمشق باسمه..بلى، تحول نزار إلى قصيدة تتلى، في كل صباح.. فهل يعانق الناس صباحاتهم دون أن تخطر في بالهم كلمات نزار قباني؟


رئيسة التحرير التنفيذية في جريدة الصوت
مديرة مجلة ثقافة بلاحدود الالكترونية
عضو اتحاد الصحفيين
عضو جمعية القصة القصيرة جدا
http://www.assaut-iraq.com/
http://www.thkafa.com/
http://www.3ashtar1.com/

ليست هناك تعليقات: