زياد جيوسي
من بيوت رام الله القديمة
بعدستي الشخصية
أعود لرام الله بعد الغياب، أغادر عمان المدينة التي تسكنني منذ الطفولة للمدينة التي أحملها في القلب والروح واسكنها، كان لقائي مع عمان بعد سنوات الغياب لقاء المطر بالماء، العاشق بالمعشوقة، وها أنا أعود لرام الله من جديد حاملا أكواما من الشوق والمحبة.
حين غادرت بيتي في العاشرة صباحا يوم الأحد كنت أتأمل الشوارع والأبنية في عمان حتى خرجنا منها باتجاه الأغوار، كنت أحيا اللحظة بمشاعر مختلطة بين الفرح والألم، فرح للقاء رام الله والصومعة وأصدقائها، وألم لفراق عمان وأحبة وأصدقاء وشرفة ودالية عنب، ووالدة تركتها على سرير الشفاء منذ ما يزيد عن أربعة شهور، متمنيا لها الشفاء والأمل بلقاء قريب من جديد، بعد أن امتد الغياب السابق ما يقارب الأحد عشر عاما.
هي العودة إذا في الوقت الذي تتجدد فيه ذكرى النكبة والتشرد الفلسطيني في أصقاع الأرض، هي العودة في احتفالات في مناطق عديدة من الوطن والشتات بهذه المناسبة، احتفالات تؤكد أن الوطن لنا مهما طال الغياب ومهما طال الزمان، هي أغنية العندليب التي لن تتوقف: "سنرجع يوما إلى حينا".
في عمان تركت "مركز رؤى" يستعد لإطلاق الاحتفال، من خلال معرض يضم في ثناياه بعض من مقتنيات شعب، حرص عليها رغم التشرد والبعد وورثها جيل اثر جيل، لتعرض وتكون الشاهد على شعب كان هناك في الوطن، وما زال يحلم بالوطن وبرتقال يافا وحبق الناصرة، وصلت لرام الله لأجد المدينة تضج بالفعاليات بنفس المعنى وأشكال مختلفة، فمن مسرح إلى سينما مرورا بمعسكرات العودة والمسيرات والمعارض، وفي الداخل لم يتوقف شعبنا عن ممارسة حقه بالمطالبة بالحرية من نير احتلال لم يعرف التاريخ أسوء منه، فالأجيال التي ولدت ونمت وترعرعت في ظل الاحتلال، لم يتمكن الاحتلال رغم كل الجهود من تذويب هويتها وانتماؤها، لم يتمكن من تنفيذ فكرة "أسرلتها" وإنهاء ارتباطها بالأرض والهوية، فانطلق شعبنا في مسيرات للعودة للقرى المهجرة التي طرد منها، وكالعادة لم يوفر الاحتلال كل وسائل القمع ضدهم.
في هذه الذكرى والاحتلال ما زال يمارس كل أشكال القمع ضد شعبنا، اعتقالات وقتل وتدمير، كان الأجدر بقياداتنا السياسية وقادة الفصائل والأحزاب، أن تقف وقفة جدية لمراجعة النفس ووقف الصراع الداخلي، وقف نزيف الدم الطاهر، وقف الانقسام والتمزق، فالتجربة أثبتت أن الانقسام لا يصب إلا في مصلحة الاحتلال، ولا إمكانية لتحقيق الحد الأدنى من الأهداف الوطنية في ظل التناحر والتمزق، حان الوقت لتراجع هذه القيادات نفسها وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الذاتية والفصائلية، حتى لا نصل لمرحلة تكون نكبتنا ليست بالاحتلال وحده، ولكن أن يضاف لنا نكبة جديدة بقياداتنا.
أعود لرام الله وأتنشق عبق ياسمينها، أستمع لبوحها وهي تهمس بأذني عن غيابي عنها، أجول في الشوارع والدروب باكرا، تحدثني عمن رحلوا واختاروا الفراق، وعن الذين بقوا، تهمس الياسمينة بأذني: لا بد من اللقاء مهما طال الزمان، تعود الصومعة لضجيج الأحبة والأصدقاء، الفوضى المحببة والجميلة.
أعود لرام الله في رحلة متعبة امتدت من العاشرة صباحا حتى السابعة مساء، فالاحتلال يصر على ممارسة التنكيد والإزعاج للعائدين للوطن، يصر أن يترك العائدين لساعات طويلة في الحافلات بدون مجرد التفكير بالأطفال والشيوخ والمرضى، بدون التفكير بالحاجات البيولوجية للبشر في حافلات غير مجهزة لذلك، بدون وجود ماء ولا دورات مياه في هذه الحافلات، فكنت أرى الألم يعتصر الوجوه في الحافلة وأستمع لبكاء الأطفال الذي لا يتوقف، فماذا يمتلك الطفل غير البكاء حين الألم؟
أعود لشارع "العودة" الذي أقطنه، وكأن القدر يجعل العودة مرتبطة بكل ما له من ارتباط "بالعودة"، فما أن أطل على الشارع القصير حتى يلتقيني الجيران وأصحاب المحلات بالترحاب والأحضان، فيبثون في داخلي الفرح بعد هذا التعب الكبير، وما أن أدخل صومعتي وتنار أنوارها لأول مرة بعد غياب أربعون يوما، حتى تكون جارتي اللطيفة قد أرسلت لي وجبة طعام طيبة جاءت في وقتها، ويتصل صديقي التوأم ليصر على دعوتي لتناول الطعام في مطعم، فأعتذر له واعلمه أني تناولت الطعام وبحاجة للنوم فقط، ولكن هذا الرائع هاني الحروب لا يفوت القصة إلا بدعوة غداء في اليوم التالي، وما هو إلا قليل من الوقت حتى يكون العديد قد وصلوا للصومعة، فمن يحمل طعاما ومن يحمل حلوى، ومن يحمل قصصا وأحاديث، ومن يحمل أكواما من الأشواق، فنسيت تعب الطريق وسهرت معهم حتى العاشرة، لأغط في نوم عميق لم يقطعه إلا بعض الهواتف التي تهنئني بالعودة والسلامة.
في الصباح الباكر كنت أجول شوارع رام الله بكل الشوق، بعد أن صحوت على هديل الحمائم على النافذة وكأنها تستقبلني، فربما عرفت بوجودي لأني حرصت قبل النوم أن أترك لها الطعام على النافذة كعادتي قبل السفر، وعبر السنوات الطويلة التي مضت من إقامتي بالصومعة، أجول بفرح طفولي مستذكرا الأيام الجميلة في عمّان الهوى، الأصدقاء الذين التقيت بهم هناك وغمروني بالمحبة والجمال، أستذكر العم أبو حيدر وجلستنا وأسرته الجميلة على وجبة "منسف سلطي" أصيل، من تحت يدي الخالة أم حيدر، وأحاديثه الجميلة عن أيام شبابه ورحلاته من السلط لفلسطين، فتمنيت لو سمح الوقت لي بجلسة طويلة معه لأسجل بعضا من هذه الذاكرة الوقادة التي لم يتعبها الزمن وسنوات عمره التي جاوزت الثمانين عاما، متمنيا لقاء آخر يتاح لي فيه ذلك، فهذه الذاكرة جديرة بالتسجيل، أستذكر الأمكنة جميعا، وأعود بالذاكرة لمرحلة ما بعد حزيران وعودتنا لعمان، تنقلنا من حي اليمانية إلى النظيف فحي الدبايبة حتى استقرارنا بالأشرفية عام 1969، في بيت جميل ومشرف في بناية للعم أبو جبران رحمه الله وزوجته، فعشنا بذلك الحي سنوات عدة، وحين عدت لعمان حرصت على زيارة ذلك الحي والتجوال فيه حتى حي الأرمن الذي سكناه لاحقا، مستذكرا حب المراهقة ورومانسيته وتلك الشقراء الناعمة، وجدت الدنيا غير الدنيا، فكل الكبار في العمر ممن اذكرهم انتقلوا لرحمته تعالى، ولم التقي بالشارع بأحد من ذاكرة الأيام، فشعرت بحزن داخلي، وقرأت الفاتحة أثناء مروري على أرواحهم وروح صديقي أحمد حين مررت من أمام بيته، فقد استشهد وهو أمام بيته، بتلك الفترة من لحظات الجنون التي غطت على العقل.
منطقة لها في الذاكرة ما لها من ذكريات، والحديث عن تلك المرحلة له في الذاكرة الكثير، ففي تلك الفترة وفي أوائل العام الف وتسعماية وثمان وستون، كنت قد التحقت وأنا طالب في الإعدادية بأحد فصائل المقاومة، هذا الفصيل الذي سلخت فيه سنوات طويلة من عمري، حتى جاءت اللحظة التي فقدت فيها قناعاتي بنهج ذلك الفصيل، واهتزت قناعتي مما دفعني للمغادرة بلا عودة.
صباح آخر ورام الله تبتسم في هذا الصباح الجميل، نسمات ناعمة وهدوء قبل حركة السيارات، المدينة تستعد لنفض سدل الليل عن كتفيها، أحتسي قهوتي وحيدا، أستمع لفيروز تشدو:
"سنرجع يوما إلى حينا، ونغرق في دافئات المنى، سنرجع مهما يمر الزمان، وتنأى المسافات ما بيننا، فيا قلب مهلا ولا ترتمي على درب عودتنا موهن، يعز علينا غدا أن تعود، رفوف الطيور ونحن هنا".
صباحكم أجمل.
بعدستي الشخصية
أعود لرام الله بعد الغياب، أغادر عمان المدينة التي تسكنني منذ الطفولة للمدينة التي أحملها في القلب والروح واسكنها، كان لقائي مع عمان بعد سنوات الغياب لقاء المطر بالماء، العاشق بالمعشوقة، وها أنا أعود لرام الله من جديد حاملا أكواما من الشوق والمحبة.
حين غادرت بيتي في العاشرة صباحا يوم الأحد كنت أتأمل الشوارع والأبنية في عمان حتى خرجنا منها باتجاه الأغوار، كنت أحيا اللحظة بمشاعر مختلطة بين الفرح والألم، فرح للقاء رام الله والصومعة وأصدقائها، وألم لفراق عمان وأحبة وأصدقاء وشرفة ودالية عنب، ووالدة تركتها على سرير الشفاء منذ ما يزيد عن أربعة شهور، متمنيا لها الشفاء والأمل بلقاء قريب من جديد، بعد أن امتد الغياب السابق ما يقارب الأحد عشر عاما.
هي العودة إذا في الوقت الذي تتجدد فيه ذكرى النكبة والتشرد الفلسطيني في أصقاع الأرض، هي العودة في احتفالات في مناطق عديدة من الوطن والشتات بهذه المناسبة، احتفالات تؤكد أن الوطن لنا مهما طال الغياب ومهما طال الزمان، هي أغنية العندليب التي لن تتوقف: "سنرجع يوما إلى حينا".
في عمان تركت "مركز رؤى" يستعد لإطلاق الاحتفال، من خلال معرض يضم في ثناياه بعض من مقتنيات شعب، حرص عليها رغم التشرد والبعد وورثها جيل اثر جيل، لتعرض وتكون الشاهد على شعب كان هناك في الوطن، وما زال يحلم بالوطن وبرتقال يافا وحبق الناصرة، وصلت لرام الله لأجد المدينة تضج بالفعاليات بنفس المعنى وأشكال مختلفة، فمن مسرح إلى سينما مرورا بمعسكرات العودة والمسيرات والمعارض، وفي الداخل لم يتوقف شعبنا عن ممارسة حقه بالمطالبة بالحرية من نير احتلال لم يعرف التاريخ أسوء منه، فالأجيال التي ولدت ونمت وترعرعت في ظل الاحتلال، لم يتمكن الاحتلال رغم كل الجهود من تذويب هويتها وانتماؤها، لم يتمكن من تنفيذ فكرة "أسرلتها" وإنهاء ارتباطها بالأرض والهوية، فانطلق شعبنا في مسيرات للعودة للقرى المهجرة التي طرد منها، وكالعادة لم يوفر الاحتلال كل وسائل القمع ضدهم.
في هذه الذكرى والاحتلال ما زال يمارس كل أشكال القمع ضد شعبنا، اعتقالات وقتل وتدمير، كان الأجدر بقياداتنا السياسية وقادة الفصائل والأحزاب، أن تقف وقفة جدية لمراجعة النفس ووقف الصراع الداخلي، وقف نزيف الدم الطاهر، وقف الانقسام والتمزق، فالتجربة أثبتت أن الانقسام لا يصب إلا في مصلحة الاحتلال، ولا إمكانية لتحقيق الحد الأدنى من الأهداف الوطنية في ظل التناحر والتمزق، حان الوقت لتراجع هذه القيادات نفسها وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الذاتية والفصائلية، حتى لا نصل لمرحلة تكون نكبتنا ليست بالاحتلال وحده، ولكن أن يضاف لنا نكبة جديدة بقياداتنا.
أعود لرام الله وأتنشق عبق ياسمينها، أستمع لبوحها وهي تهمس بأذني عن غيابي عنها، أجول في الشوارع والدروب باكرا، تحدثني عمن رحلوا واختاروا الفراق، وعن الذين بقوا، تهمس الياسمينة بأذني: لا بد من اللقاء مهما طال الزمان، تعود الصومعة لضجيج الأحبة والأصدقاء، الفوضى المحببة والجميلة.
أعود لرام الله في رحلة متعبة امتدت من العاشرة صباحا حتى السابعة مساء، فالاحتلال يصر على ممارسة التنكيد والإزعاج للعائدين للوطن، يصر أن يترك العائدين لساعات طويلة في الحافلات بدون مجرد التفكير بالأطفال والشيوخ والمرضى، بدون التفكير بالحاجات البيولوجية للبشر في حافلات غير مجهزة لذلك، بدون وجود ماء ولا دورات مياه في هذه الحافلات، فكنت أرى الألم يعتصر الوجوه في الحافلة وأستمع لبكاء الأطفال الذي لا يتوقف، فماذا يمتلك الطفل غير البكاء حين الألم؟
أعود لشارع "العودة" الذي أقطنه، وكأن القدر يجعل العودة مرتبطة بكل ما له من ارتباط "بالعودة"، فما أن أطل على الشارع القصير حتى يلتقيني الجيران وأصحاب المحلات بالترحاب والأحضان، فيبثون في داخلي الفرح بعد هذا التعب الكبير، وما أن أدخل صومعتي وتنار أنوارها لأول مرة بعد غياب أربعون يوما، حتى تكون جارتي اللطيفة قد أرسلت لي وجبة طعام طيبة جاءت في وقتها، ويتصل صديقي التوأم ليصر على دعوتي لتناول الطعام في مطعم، فأعتذر له واعلمه أني تناولت الطعام وبحاجة للنوم فقط، ولكن هذا الرائع هاني الحروب لا يفوت القصة إلا بدعوة غداء في اليوم التالي، وما هو إلا قليل من الوقت حتى يكون العديد قد وصلوا للصومعة، فمن يحمل طعاما ومن يحمل حلوى، ومن يحمل قصصا وأحاديث، ومن يحمل أكواما من الأشواق، فنسيت تعب الطريق وسهرت معهم حتى العاشرة، لأغط في نوم عميق لم يقطعه إلا بعض الهواتف التي تهنئني بالعودة والسلامة.
في الصباح الباكر كنت أجول شوارع رام الله بكل الشوق، بعد أن صحوت على هديل الحمائم على النافذة وكأنها تستقبلني، فربما عرفت بوجودي لأني حرصت قبل النوم أن أترك لها الطعام على النافذة كعادتي قبل السفر، وعبر السنوات الطويلة التي مضت من إقامتي بالصومعة، أجول بفرح طفولي مستذكرا الأيام الجميلة في عمّان الهوى، الأصدقاء الذين التقيت بهم هناك وغمروني بالمحبة والجمال، أستذكر العم أبو حيدر وجلستنا وأسرته الجميلة على وجبة "منسف سلطي" أصيل، من تحت يدي الخالة أم حيدر، وأحاديثه الجميلة عن أيام شبابه ورحلاته من السلط لفلسطين، فتمنيت لو سمح الوقت لي بجلسة طويلة معه لأسجل بعضا من هذه الذاكرة الوقادة التي لم يتعبها الزمن وسنوات عمره التي جاوزت الثمانين عاما، متمنيا لقاء آخر يتاح لي فيه ذلك، فهذه الذاكرة جديرة بالتسجيل، أستذكر الأمكنة جميعا، وأعود بالذاكرة لمرحلة ما بعد حزيران وعودتنا لعمان، تنقلنا من حي اليمانية إلى النظيف فحي الدبايبة حتى استقرارنا بالأشرفية عام 1969، في بيت جميل ومشرف في بناية للعم أبو جبران رحمه الله وزوجته، فعشنا بذلك الحي سنوات عدة، وحين عدت لعمان حرصت على زيارة ذلك الحي والتجوال فيه حتى حي الأرمن الذي سكناه لاحقا، مستذكرا حب المراهقة ورومانسيته وتلك الشقراء الناعمة، وجدت الدنيا غير الدنيا، فكل الكبار في العمر ممن اذكرهم انتقلوا لرحمته تعالى، ولم التقي بالشارع بأحد من ذاكرة الأيام، فشعرت بحزن داخلي، وقرأت الفاتحة أثناء مروري على أرواحهم وروح صديقي أحمد حين مررت من أمام بيته، فقد استشهد وهو أمام بيته، بتلك الفترة من لحظات الجنون التي غطت على العقل.
منطقة لها في الذاكرة ما لها من ذكريات، والحديث عن تلك المرحلة له في الذاكرة الكثير، ففي تلك الفترة وفي أوائل العام الف وتسعماية وثمان وستون، كنت قد التحقت وأنا طالب في الإعدادية بأحد فصائل المقاومة، هذا الفصيل الذي سلخت فيه سنوات طويلة من عمري، حتى جاءت اللحظة التي فقدت فيها قناعاتي بنهج ذلك الفصيل، واهتزت قناعتي مما دفعني للمغادرة بلا عودة.
صباح آخر ورام الله تبتسم في هذا الصباح الجميل، نسمات ناعمة وهدوء قبل حركة السيارات، المدينة تستعد لنفض سدل الليل عن كتفيها، أحتسي قهوتي وحيدا، أستمع لفيروز تشدو:
"سنرجع يوما إلى حينا، ونغرق في دافئات المنى، سنرجع مهما يمر الزمان، وتنأى المسافات ما بيننا، فيا قلب مهلا ولا ترتمي على درب عودتنا موهن، يعز علينا غدا أن تعود، رفوف الطيور ونحن هنا".
صباحكم أجمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق