الاثنين، أغسطس 27، 2007

في بحر المهازل يغرقُ أميرُ الشعراء


عبدالله علي الأقزم

حينما تقولُ المهازلُ كلمتَها يموتُ الشعرُ و ينطفئُ الشعراء حيناً من الزمن

و تستمرُّ مهازلُ لجنة التحكيم في مسابقة

أمير ِ الشعراء ؟

سألني بعضُ طلابي : يا أستاذ نريد أن تشارك في مسابقة

شاعر المليون لترفع رأس مدينتنا عالياً ؟

قلتُ لهم : لن أشارك . سألوني لماذا ؟ قلتُ لهم :

لديَّ مجموعة ملاحظات . قالوا: لي ما هي ؟ قلتُ :لهم :

المسابقة تجاريَّة هدفها شفط جيوب الجماهير بطريقة مشروعة

فأنا لا أرضى أن يُعطى للجمهور نسبة عالية في التصويت لاختيار شاعر المليون

فهل الجمهور بمختلف شرائحه الثقافيَّة و الفكريَّة

كلُّه شعراء ؟ أمن أجل عيون المال أُعطي للجمهور هذه النسبة العالية؟

و متى كان تقييم الشعر بالتصويت ؟

نأتي الآن إلى مهازل التحكيم في مسابقة أمير الشعراء

من خلال جلسة تلفزيونيَّة استمرَّت خمسَ ساعات و أنا أراقب أداء لجنة

التحكيم و أستمع إلى قصائد الشعراء رأيتُ العجَبَ العُجاب ؟

الملاحظة الأولى كلُّ أعضاء لجنة التحكيم لا ينتمون للشعر و ليسوا

بشعراء و أهل الشعر أدرى بما فيه و أهل مكَّة أدرى بشعابها ؟

الملاحظة الثانية الشهادات العلميَّة الرفيعة (لوحدها) لا تكفي لتقييم الشعر

الملاحظة الثالثة لم يُعجبني من لجنة التحكيم إلا شخصٌ واحدٌ فقط و هو منَ

الإمارات فهذا الرجل مقتدرٌ لم أره يستهزئ بشعر شاعر ٍ أبداً ؟

الملاحظة الثالثة لأول مرَّة أرى أنَّ المزاج الشخصي يلعب دوراً كبيراً

في تقييم مسابقة ضخمة كهذه المسابقة. فشاعرٌ ضخمٌ كجاسم الصحيح

ضخمٌ في شعره و جماهريَّته يتناولُ شعرَهُ أحدُهم بأنَّ شعركَ الصوفي

غير مكتمل النضج فهو غير مجاز تركَ كلَّ المساحات الرائعة في

القصيدة و ركَّز على نقطة واحدة قد تكون من بنات أوهامه فأخرجه

من الإجازة.

الملاحظة الرابعة السخريَّة و الاستهزاء التي طاولت الكثير من الشعراء

أحدهم يقول لشاعر بعد الانتهاء من قصيدته من الأفضل أن تشتغل في

الهلال الأحمر و آخر يقول لشاعر آخر سحبتُ منكَ وكالة الشعر

و أحدهم يقول لشاعر ٍ صاحب قصيدة فكاهيَّة ممتلئة بذكر الحيوانات:

إن شاء الله تأتينا في السنة القادمة راكباً على حصان

.................ألخ كم مِن شاعر ٍ قتلتْه كلمة

بعضُ الشعراء خرجوا من المسابقة و دموعهم في أعينهم و جمرات الألم تحرق

مشاعرهم المرهفة

و تستمرُّ المهازل التحكيميَّة تحت

سمع و نظر العالم العربي و المهتمِّين بالشعر العربي ؟

أنا لستُ ضدَّ المسابقة كمسابقة و لا ضدَّ اللقب كلقب فهو لقبٌ مغري جدَّاً

و لكن ضدَّ المتاجرة باسم تشجيع الشعراء

و لا أستطيع أن أتخيَّل شاعراً من خلال ثلاث أو أربع قصائد يحصل على لقب أمير الشعراء

فأمير الشعراء أحمد شوقي لم يحصل على هذا اللقب إلا بعد

أن غمر الأدب بروائعه و نتاجه الأدبي المتميِّز عبر مشوار ٍ طويل ٍ من الإبداع

و التألُّق أُعطي هذا اللقب و هو جدير به من خلال تقييم ٍ شامل ٍ لكلِّ أعماله

و منجزاته و عطاءاته و مِن حقِّ الصحافة المصريَّة أن تعترض على هذه النقطة

بالتحديد أقصد بكيفيِّة التقييم و لستُ معها في قولها: إنَّ اللقب محجوز للشاعر الكبير

أحمد شوقي.

إلى متى ستستمرُّ هذه المهازل التحكميَّة تحت سمع و نظر العالَم العربي ؟

ليست هناك تعليقات: