حينما تقولُ المهازلُ كلمتَها يموتُ الشعرُ و ينطفئُ الشعراء حيناً من الزمن
و تستمرُّ مهازلُ لجنة التحكيم في مسابقة
أمير ِ الشعراء ؟
سألني بعضُ طلابي : يا أستاذ نريد أن تشارك في مسابقة
شاعر المليون لترفع رأس مدينتنا عالياً ؟
قلتُ لهم : لن أشارك . سألوني لماذا ؟ قلتُ لهم :
لديَّ مجموعة ملاحظات . قالوا: لي ما هي ؟ قلتُ :لهم :
المسابقة تجاريَّة هدفها شفط جيوب الجماهير بطريقة مشروعة
فأنا لا أرضى أن يُعطى للجمهور نسبة عالية في التصويت لاختيار شاعر المليون
فهل الجمهور بمختلف شرائحه الثقافيَّة و الفكريَّة
كلُّه شعراء ؟ أمن أجل عيون المال أُعطي للجمهور هذه النسبة العالية؟
و متى كان تقييم الشعر بالتصويت ؟
نأتي الآن إلى مهازل التحكيم في مسابقة أمير الشعراء
من خلال جلسة تلفزيونيَّة استمرَّت خمسَ ساعات و أنا أراقب أداء لجنة
التحكيم و أستمع إلى قصائد الشعراء رأيتُ العجَبَ العُجاب ؟
الملاحظة الأولى كلُّ أعضاء لجنة التحكيم لا ينتمون للشعر و ليسوا
بشعراء و أهل الشعر أدرى بما فيه و أهل مكَّة أدرى بشعابها ؟
الملاحظة الثانية الشهادات العلميَّة الرفيعة (لوحدها) لا تكفي لتقييم الشعر
الملاحظة الثالثة لم يُعجبني من لجنة التحكيم إلا شخصٌ واحدٌ فقط و هو منَ
الإمارات فهذا الرجل مقتدرٌ لم أره يستهزئ بشعر شاعر ٍ أبداً ؟
الملاحظة الثالثة لأول مرَّة أرى أنَّ المزاج الشخصي يلعب دوراً كبيراً
في تقييم مسابقة ضخمة كهذه المسابقة. فشاعرٌ ضخمٌ كجاسم الصحيح
ضخمٌ في شعره و جماهريَّته يتناولُ شعرَهُ أحدُهم بأنَّ شعركَ الصوفي
غير مكتمل النضج فهو غير مجاز تركَ كلَّ المساحات الرائعة في
القصيدة و ركَّز على نقطة واحدة قد تكون من بنات أوهامه فأخرجه
من الإجازة.
الملاحظة الرابعة السخريَّة و الاستهزاء التي طاولت الكثير من الشعراء
أحدهم يقول لشاعر بعد الانتهاء من قصيدته من الأفضل أن تشتغل في
الهلال الأحمر و آخر يقول لشاعر آخر سحبتُ منكَ وكالة الشعر
و أحدهم يقول لشاعر ٍ صاحب قصيدة فكاهيَّة ممتلئة بذكر الحيوانات:
إن شاء الله تأتينا في السنة القادمة راكباً على حصان
.................ألخ كم مِن شاعر ٍ قتلتْه كلمة
بعضُ الشعراء خرجوا من المسابقة و دموعهم في أعينهم و جمرات الألم تحرق
مشاعرهم المرهفة
و تستمرُّ المهازل التحكيميَّة تحت
سمع و نظر العالم العربي و المهتمِّين بالشعر العربي ؟
أنا لستُ ضدَّ المسابقة كمسابقة و لا ضدَّ اللقب كلقب فهو لقبٌ مغري جدَّاً
و لكن ضدَّ المتاجرة باسم تشجيع الشعراء
و لا أستطيع أن أتخيَّل شاعراً من خلال ثلاث أو أربع قصائد يحصل على لقب أمير الشعراء
فأمير الشعراء أحمد شوقي لم يحصل على هذا اللقب إلا بعد
أن غمر الأدب بروائعه و نتاجه الأدبي المتميِّز عبر مشوار ٍ طويل ٍ من الإبداع
و التألُّق أُعطي هذا اللقب و هو جدير به من خلال تقييم ٍ شامل ٍ لكلِّ أعماله
و منجزاته و عطاءاته و مِن حقِّ الصحافة المصريَّة أن تعترض على هذه النقطة
بالتحديد أقصد بكيفيِّة التقييم و لستُ معها في قولها: إنَّ اللقب محجوز للشاعر الكبير
أحمد شوقي.
إلى متى ستستمرُّ هذه المهازل التحكميَّة تحت سمع و نظر العالَم العربي ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق