الجمعة، أغسطس 17، 2007

القصة القصيرة وزمكانية السرد


امجد نجم الزيدي

ان الكتابة القصصية المنظوية تحت عباءة مدارس ما بعد البنيوية والقائمة على معطيات ابستملوجية مفارقة تجعل النص القصصي محايثا ومنزاحا عن الخطوط القارة لكسر المسلمات المعرفية أي كسر أفق الانتظار للمتلقي وتوسيع دائرة القراءة ورفض الترجيع الارسطي واعادة كتابة النص برؤية تدعو إلى مشاركة تامة للمتلقي في حل العلاقات الدلالية حيث إن التقعيد التقليدي القديم بالمحافظة على الشكل الموضوعي للزمان والمكان رفضته الكتابة الحديثة وتمردت عليه بدعوى عدم التقيد بأسس قارة في كتابة أي نص والانفتاح على التداخل ألا جناسي ان صح التعبير أي توطين منطقة وسطى بين الأجناس الأدبية والاستفادة من الشعرية والتلاعب الشكلي والتخلص من مركزية السرد وغيرها من الاتجاهات التي ظهرت مع ظهور المدارس الحديثة على ساحة النقد العراقي التي أعطت لهذه النصوص جواز المرور وما يهمنا من هذا هو الأبعاد الزمكانية للنص القصصي حيث إن النظرة الموضوعية الخارجية لوجودنا ترينا بوضوح بأننا نسير تصاعديا بدينامية الزمان والمكان المتبادلين بصيرورة بنائية متنامية ومموهة فالمكان وهو المنظور الصوري الثابت تستتر خلفه الحركية المضمرة للزمن الفيزيائي الذي يقوده من لحظة الميلاد إلى الذوبان في التأرخة ولكن النص القصصي قام بتطويع هذه الدينامية من حيث التلاعب بهذين البعدين وهذا لا يعني إلغاء مرجعيتهما الزمكانية وانما إعطائهما الانفتاح الحركي على مستويات التأويل والسيميولوجية0 ففي النصوص السردية ومنها القصة القصيرة يمكن للناص ايقاف الزمن كما في الوصف ( الذي ينتج عنه مقطع من النص القصصي تطابق ديمومة صفر على نطاق الحكاية )* أو اختصاره كما في المجمل ( وهو سرد أيام عديدة أو اشهر أو سنوات من حياة شخصية بدون تفصيل الأفعال أو الأقوال وذلك في بضعة اسطر أو فقرات )** أو الانتقال عبر الزمن عن طريق الذاكرة بالية الافلاش باك ( Flashback ) فالنص القصصي قادر على اتخاذ آليات تتحكم بالزمان وأيضا المكان المرتبط به 0 حيث ان التشكيل الصوري المكاني يعطي هوية زمنية للمكان وأيضا يمكن ان يعقد مقارنة زمنية بين بنيتين سسيوتاريخيتن من خلال التقابل بين بينة الخطاب والمبنى الحكائي المستند على التأريخ الذي هو انعكاس سسيوساكولوجي لذلك المكان وأيضا تهميش الزمان بإعطاء المكان الدور الفعال برسم ملامح النص وانصهاره ببعد اخر يوتيبيUtopian ليكون زمن النص مفتوحا كانفتاح اليوتوبيا Utopia على أمكنة تعويضية انتقالية لا زمنية 0 ان استخدام الأبعاد الزمكانية في النص القصصي يدفع بالنص إلى التحرك على عدة مستويات منها ما يخلق مكانا افتراضيا مبني على موضوعة تاريخية عند استشراف خطوط ونقاط تقابل واتصال بين المكانين الذين هما بالتالي زمنيين مختلفين أو عندما يكون الزمان هو الدال على الانتقال بين مكانين أحدهما افتراضي والزمن بذلك هو الذي يحدد مسار أو نقاط ارتكاز المكانين والتمييز بينهما.
* مدخل الى نظرية القصة ــ سمير المرزوقي ــ جميل شاكر ــ دار الشؤون الثقافية العامة / بغداد ــ 1986 م ص : 86 ** نفس المصدر

ليست هناك تعليقات: