امجد نجم الزيدي
ان الكتابة القصصية المنظوية تحت عباءة مدارس ما بعد البنيوية والقائمة على معطيات ابستملوجية مفارقة تجعل النص القصصي محايثا ومنزاحا عن الخطوط القارة لكسر المسلمات المعرفية أي كسر أفق الانتظار للمتلقي وتوسيع دائرة القراءة ورفض الترجيع الارسطي واعادة كتابة النص برؤية تدعو إلى مشاركة تامة للمتلقي في حل العلاقات الدلالية حيث إن التقعيد التقليدي القديم بالمحافظة على الشكل الموضوعي للزمان والمكان رفضته الكتابة الحديثة وتمردت عليه بدعوى عدم التقيد بأسس قارة في كتابة أي نص والانفتاح على التداخل ألا جناسي ان صح التعبير أي توطين منطقة وسطى بين الأجناس الأدبية والاستفادة من الشعرية والتلاعب الشكلي والتخلص من مركزية السرد وغيرها من الاتجاهات التي ظهرت مع ظهور المدارس الحديثة على ساحة النقد العراقي التي أعطت لهذه النصوص جواز المرور وما يهمنا من هذا هو الأبعاد الزمكانية للنص القصصي حيث إن النظرة الموضوعية الخارجية لوجودنا ترينا بوضوح بأننا نسير تصاعديا بدينامية الزمان والمكان المتبادلين بصيرورة بنائية متنامية ومموهة فالمكان وهو المنظور الصوري الثابت تستتر خلفه الحركية المضمرة للزمن الفيزيائي الذي يقوده من لحظة الميلاد إلى الذوبان في التأرخة ولكن النص القصصي قام بتطويع هذه الدينامية من حيث التلاعب بهذين البعدين وهذا لا يعني إلغاء مرجعيتهما الزمكانية وانما إعطائهما الانفتاح الحركي على مستويات التأويل والسيميولوجية0 ففي النصوص السردية ومنها القصة القصيرة يمكن للناص ايقاف الزمن كما في الوصف ( الذي ينتج عنه مقطع من النص القصصي تطابق ديمومة صفر على نطاق الحكاية )* أو اختصاره كما في المجمل ( وهو سرد أيام عديدة أو اشهر أو سنوات من حياة شخصية بدون تفصيل الأفعال أو الأقوال وذلك في بضعة اسطر أو فقرات )** أو الانتقال عبر الزمن عن طريق الذاكرة بالية الافلاش باك ( Flashback ) فالنص القصصي قادر على اتخاذ آليات تتحكم بالزمان وأيضا المكان المرتبط به 0 حيث ان التشكيل الصوري المكاني يعطي هوية زمنية للمكان وأيضا يمكن ان يعقد مقارنة زمنية بين بنيتين سسيوتاريخيتن من خلال التقابل بين بينة الخطاب والمبنى الحكائي المستند على التأريخ الذي هو انعكاس سسيوساكولوجي لذلك المكان وأيضا تهميش الزمان بإعطاء المكان الدور الفعال برسم ملامح النص وانصهاره ببعد اخر يوتيبيUtopian ليكون زمن النص مفتوحا كانفتاح اليوتوبيا Utopia على أمكنة تعويضية انتقالية لا زمنية 0 ان استخدام الأبعاد الزمكانية في النص القصصي يدفع بالنص إلى التحرك على عدة مستويات منها ما يخلق مكانا افتراضيا مبني على موضوعة تاريخية عند استشراف خطوط ونقاط تقابل واتصال بين المكانين الذين هما بالتالي زمنيين مختلفين أو عندما يكون الزمان هو الدال على الانتقال بين مكانين أحدهما افتراضي والزمن بذلك هو الذي يحدد مسار أو نقاط ارتكاز المكانين والتمييز بينهما.
* مدخل الى نظرية القصة ــ سمير المرزوقي ــ جميل شاكر ــ دار الشؤون الثقافية العامة / بغداد ــ 1986 م ص : 86 ** نفس المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق