السبت، أغسطس 04، 2007

النص وموشور التاريخ(قراءة في شارع الزواج في لجش)



امجد نجم الزيدي
إن التفاعل بين ( النص- التاريخ ) يساعد في نماء الشخصية النصية ، أو يدعو إلى التعاقد الشرطي على أساس التقابل المتوافق أي خلق توازن للنص في سيرورته النمائية وعلاقة المتلقي بالنص تقوده الى فك النظام الشفري على وفق الأسس البنائية التي قام عليها ذلك التعاقد 0 أن توظيف الموضوعة التاريخية داخل النص ( شارع الزواج في لجش )1 للقاص محسن الخفاجي ليس توظيفا زخرفيا محضا ولكنه التوظيف الفاعل الحي من خلال النفاذ من موشور التاريخ الى سطح القراءة الحديثة للنص بعد تزاوجه بالبنى الاخرى التي يوظفها الناص حيث ان ( العلاقة التفاعلية / بين النص الادبي والمتلقي/ ناتجه عن كون النص ينطوي على مرجعيات خاصة به يسهم المتلقي في بناء هذه المرجعية عبر تمثله للمعنى )2 0 ينبني نص ( شارع الزواج في لجش) على تزاوج الحكاية التاريخية مع الموضوعة / الثيمة - التي هي ثيمة الحرمان - في المكان ( شارع الزواج في مدينة لجش التاريخية ) الذي يوحد بين طرفي التعاقد النمائي في النص ، وهذا المكان يأخذ بعدا مغايرا عن وجوده الموضوعي عند اندماج البنية التاريخية مع الثيمة ، وتظهر هذه البنى الثلاث كما في النص أولا ˝: الحكاية التاريخية لشارع الزواج ، ثانيا: الثيمة ( قيمة الحرمان) والتي تتجسد من خلال تكرر مفردة (النافذة) التي تمثل الكوة الوحيدة للفتيات في مجتمع الناص لرؤية العالم /ظاهرة وجوه بعض الفتيات من نوافذ الغرف العلوية / ، / كن ساخرات وحانقات ومحتجات على اسرهنّ الدائم وراء قضبان النوافذ /، / دخلت آنا فأغلقت الفتيات غرفهن/، مقارنة بـ ( آنا ) الألمانية المتحررة / يالها من روح متحررة لا تعرف قضبان النوافذ/، ثالثا: المكان الذي يشهد تزاوج البنيتين السابقتين إذ ان ( العلاقة بين الاثنين/ المكان التاريخي والموضوعي / لا تعكسها الكلمات ولا المسميات بل تعكسها تلك اللغة المشتركة والإحساس الدفين )3 وقد صور هذا المكان بأنه/ ارض هشه نبتت في أجزاء منها أحراش كامدة الخضرة / ، / لم أميز أي مكان هو جانب الشارع في هذه البرية القفراء / ، / مكتبة لجش 00 صحائف من فخار اصفر صلب محروق ، وقد زينته كتابات سومرية وخطوط مبهمة وعلامات غامضة / ، / الأرض العارية الجافة / ، لينتج من هذا التزاوج بنية زمكانية افتراضية / معوضه خارج البنية الزمكانية الموضوعية التي شهدت حرمانه ( ان استقراء اشراق الاحداث التاريخية هو الإساس في نشوء الشعور بالذنب امام وهن معاصر لم يستطع مواكبة هذا الإشراق) 4 ،/ بدا لي الزمان كاللولب وخيل ألي في حلم يقظة / ، ومما عجل بهذة الانتقالة هي عدم تحقق رغبته بـ( آنا ) المعوض المحسوس / هل ارمي لك بمنديلي يا آنا / ، / لاتفعل ، وانا ايضا لن ارمي لك بوشاحي / وتكون هذه النقلة الزمكانية الى بنية اخرى معوضة للحرمان / مجموعة من النساء الفاتنات بثيابهن الغريبة / ، / كلهن بملامح آنا/ ، ولكن تبقى عقدة الخوف الحرماني مسيطرة على ( أنا النص ) أو ( ضمير المتكلم ) ، / وراء تلك البرية تختبئ أسلحة تتربص بكل شيء / تولد حالة من ألتا رجح بين السعادة المفترضة والحقيقة ( الحرمان ) تؤدي الى عدم استقرارية ، حيث ان ( الماضي السعيد( 000 ) المقترن بحاضر فاشل مخفق في تحقيق إرادة أبناءه في العطاء إيذان بالشعور بالذنب الذي يعد نواة أولى في شيوع الاكتئاب الاجتماعي ) 5 ، / ما اسعدني وأنا أتجول وسط العالم المفكك والزمن ينسل كالصدى / ، / كأن عشتار ربة الحب والحرب تتقدم نحوي تعطيني تعويذة تفتح كل باب مغلق ما اسعدني وأشقاني / ، وبذهاب ( آنا ) الذات المعوضة يذهب المكان المعوض هو الآخر ، ليعود إلى المكان والزمان الموضوعي،لكن هذا لا يمنع إن لا يكون ( ثمة تحقق خارج زمانية الكائن التي تسمح باندماج الأفق الحاضر بالأفق الماضي ، فتعطي للحاضر بعدا يتجاوز المباشرة الآنية ويصلها بالماضي وتمنح الماضي قيمة حضورية راهنة تجعلها قابلة للفهم )6، /أنها ماتت بالنسبة لي في الأقل ، اذ إنها لن تأتي مرة أخرى إلى وتقرع بابي وتأخذني إلي شارع الزواج في لجش / ، لكنه مع ذلك يبقى يبحث عن (آنـا ) الذات الأخرى المعوضة /هل تعرفين آنـا /0




الهوامــــش
1/إيماءات ضائعة ــ محسن الخفاجي ــ دار الشؤون الثقافية العامة ط 1 بغداد 2001 م ص : 32
2/نظرية التلقي ــ بشرى موسى صالح ــ دار الشؤون الثقافية العامة ط1 بغداد 1999 م ص : 34
3/الرواية والمكان ــ ياسين النصيّر ــ الموسوعة الصغيرة (57) وزارة الثقافة والإعلام ــ بغداد 1980 م ص 184/ علم النفس والتاريخ ــ د . ريكان ابراهيم ــ دار الشؤون الثقافية العامة ط 1 بغداد 1988 م ص : 81 5/ن.م:ص137
6/ نظرية التلقي ــ د . بشرى موسى صالح ـــ ص : 37

ليست هناك تعليقات: