رياض الشرايطي
تونس
الـلّيلة لا تمنحني هجعتـها ،
فأجعل فيها المدن الخافـتة،
عـشـبة سـهدي،،
يـهاجـمني الـشـبّـاك،،أفتحه،،
بشباك الوهن الذئبــيّ
الـجاثم على شــفاه الـشّرق،
يـــــــــــرمـينـــي،،
v
قمــر من زاويــة رخــاميّ قلمي،
يفاجئنـــــــــــــــي،،
أشـطره إلى قـلبين،
تفوح بغداد مســكا،
و على سـقفها شـــقر القذائف
تـــــــــــــــعرّش،،
و طـفلها يلعب كعادته ،
يـشـكّـل الـطّين فــراشات ،
و تحت الــطّــلق الآثـــم يكبر،،،،
أضع القلب على القلب،
رمل المكان يرتــعد،
و جدائل عزيزات بـــابل،
مضـــمّـخة حــنّــاء،
وردا تـــــــــنزّ،،
،،،،،،،،تـــرتــــجـف،،،
تــرسم قـامة عراق يُراقـصُه الحَجَل،،،
أرجــع القمر إلى كـــلّــه،
و ثانية إلى طـيرين أشـطره،
فـيأتيني صـوت باعة الـلّبن بـكسرى*،
مدلوق بأريــجه عــمـبـر الخليــج
و جـــــمر الصّــبـر،،
أرجـــــع القمر إلى شكله ،
يستبـيـحني الألـــم،
فأخرج أذرع سدرة اللّيل ،
امرأة في بخور سومر ترقد،،
يسيل لعاب دجلة بين شفتيها ،
ومن جـبينها المطر يصعد،،
مطـــر،، مـــطر ،،
مطر على ظهر عقيقه،
يطالعني وجه الـسـيّاب الصخريّ،
من بصرة التصدّي،
إلى مقهى الزّهــاويّ*،،
بجعا جاء من أزقّــة الرّوح
كلاما، ككلام الله،
من بين ريشه ينهمر،
يشابك شذى الشّــاي الصبحيّ،
المتسلّل جريئا ،
من مسامات آجرّ بغداد العنيد ،
في أركان التّراب العتيد ينتشر ،،
يفيق حمام الرّشيد *،
حوله يحوم ،،
يطير الحمام ،، يقصف ،،
على كتف الرّصافيّ،
الواقف دوما هناك،
على نعنع ماء فرات،
يـــــــــحطّ،،
v
خــيول المــذلّة حذو جنوب العزّة،
جـــــــــــامحة
و بـعرين كــــاوا* تــطــــوف،،،
v
يـــطير الحمام ،
رمل الــسّـمر معه يــحلّق،،
هـي الـصّـورة من هديله تنبلج ،
القــعقاع عقبة يعانق،
و بــــيّــاش * الـثــرثــار*،،
،،،،،،،،،،،،،،،
وهذا دمي حزيــن ،
مسجون هنا فيّ ،،
يا طير العــراق،
الــمـمـتدّ في رصانة الــنّدى ،
على صفحة رصانة القــــــرنفل،
الـمـمـدّد في رمـشي أوتــــو*،
و أوتـــــو يقرأ كلّ صبح
على الأطـفال صـــحائفه ،،
و يعلّـــمهم أنّ الماء يمكن أن يشتعل ،
إن هو غـــــــــــضب ،
و أوتـــــو يعرف جـيّدا طعم البلاد ،
إن لــفّـها الحــصار ، تنفجر،،
و أوتـــــو يحبّ كـثيرا مذاق الهيل *،
بـكوب شاي على شرفة عارية للياسميــن،
و إنـــاث يـتوسّــدن أغنــيات ،
ينام فيها قــطن الــطّــين ،
هذا الـطّــين فلسطين تستقيم فيه ،
فيشيح جميع الوقت من كلّ دقائقه ،،
و عـــبرها مناسك ســـفر ،
في رتــــاج زهرة المدائن بالعراق ،
يــــــــــــســتــوي،،،،
الصـحّـاف* في صوته المهدود ينتفض ،،
و بـعباءة العامريّــة * يتعمّـــد ،،،
بغـــداد ، عــروسـي ،،
هذا صوتي ، خــــذيـه ،
و في صوتك ، ينصهر ، دعــيه ،،
مسارب البدء ، وإن تخلّفت قليلا ،
نحو ذاكرة الأقحوان ،
فـــــــاكهتــــي اليوم ،
تـــــــــــــــغويــني ،،
أخرج من أنفاق حدادي عليّ ،
أرتّــب تــجاعيدي ،
مسارب البدء، وإن تـخـلّفت قليلا ،
تهيئ سعيرا للعُـلُوج،
و الضّوء ، بها ينبت في حوض
عالية الأسوار ،ســــــــــمرّاء* ،
يتسامق أعمدة دمّ،،
أنـــــجما يورق،،
يطير الحمام ،
يلامس شهب السّمــاء ،
يتزيّـن بلهيب صلوات الكبرياء ،
و يرتمي وشاحا يهدهد
أسرار عشق الــتّــراب،،،،،
v
* كسرى : حيّ شعبيّ ببغداد
* مقهى الزّهاويّ : مقهى ببغداد كان يرتاده بدر شاكر السيّاب
* الرّشيد : شارع كبير ببغداد
* كــاوا : هو كاوا حدّاد بطل كرديّ
* بيّاش : وادي مشهور بقفصة / تونس
* الثرثار : سدّ كبير بالعراق
* أوتو: ألاه الشّمس عند العراقيين القدامى
* الهيل : نبتة توضع في الشّاي و القهوة
* الصحّاف: هو محمّد سعيد الصحّاف وزير الإعلام العراقي إلى حدّ يوم 9/4/2003
*العامريّة : ملجأ مشهور ببغداد
* سمرّاء : من مدن العراق الشّهيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق