د. عدنان الظاهر
أميرةُ العاشقين ؟
سألتها لماذا تُميّزين ؟ قالت ماذا تقصد ؟ أقصدُ يا سيدتي أنك وأنت الأميرة ـ وربما الملكة ـ تفضلين جنس الرجال على النساء . لذا وهبتِ نفسكِ لهم وجعلتِ من نفسك أميرةً عليهم وعلى عالمهم الذكوري . قالت وماذا تقترح يا عاتب ؟ أقترح أنْ تكوني أميرة العاشقات والعاشقين ، وبهذا تساوين بالقسطاس المستقيم بين الرجال من جنسي والنساء من جنسك . لم يطلْ بها التفكيرُ طويلاً إذْ سَرعانَ ما قالت ـ وبسمة غامضة ساحرة تشع ما بين جفنيها ـ حينما أقول " العاشقين " إنما أقصد كلا الجنسين : العاشقين والعاشقات . فالجمعُ " عاشقون " يعني كلا الجنسين ، هكذا علمتني اللغة العربية التي لا أعرف سواها من بين كل لغات العالم . ثم ، واصلت تقديم بيانها وحجتها الدامغة ، أفلا يعني الجمع [[ ملوك ]] كلا الجنسين ملوكاً وملكاتٍ كما جاء في القرآن الكريم في سورة النمل على لسانِ ملكة سبأ [[ قالت إنَّ الملوكَ إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّةَ أهلها أذلّةً وكذلكَ يفعلون / الآية 34 ]] . معكِ حق يا أميرة الأميرات وخليفة الملكات السبأيات بنات سبأ المندائي الأصيل ، معك كل الحق يا سيدة ويا مليكة مملكة العشاق والعاشقات المترامية الأطراف المسالمة التي لم تظلمْ أحداً من رعاياها ولا أحداً من باقي البشر . وكان المجنون قيس بن الملوّح أحد أتباع مملكتك التي تضم من بين باقي رعاياها المعتوهين حباً والموسوسين عشقاً والمتيمين بجمال وسحر سواد عيني بلقيس السبأية ، صاحبة الصرح الممرّد ، والمنتحرين غراماً بملامح حور وحوريات جنات الخلد في تقاطيع وجهك حين تبتسمين وحين تضحكين . صدّقيني ... كدتُ يوماً أنْ أكونَ أحدَ هؤلاء المساكين الذين لا حولَ لهم ولا قوّة فالهوى كما تعلمين غلاّب [[ هوة صحيح الهوى غلاّب ؟ من أغنية لأم كلثوم ]] والحب قتّال والغرامُ يحرقُ السفنَ ويمزّق القمرَ قبل أنْ يبتلعَهُ الحوتُ المنحوتُ ويشقّق الأراضين مثل قوة الزلازل والبراكين التي هدّت سدَّ مأرِب ، سدَّ صاحبتك ملكة سبأ المسبيّة الأركان والأطراف الأربعة . آهِ لو تعلمين ! أنا رجلٌ صبورٌ كتومٌ قانعٌ قنوعٌ [[ الرحمة على المُقنّع وعلى إبن المُقفّع ]] ساترٌ ومستور [[ اللعنة على سارتر ]] فما حاجتك لمثل هذا الإنسان البائس اليائس المهلوس الجناحين الطائر بلا هدف [[ هل كان هُدهدُ بلقيس ملكة سبأ بدون هدف ؟ ]] والواقف ليس على أرضية ولا على تربة وأرض إنما قدمي في الهواء والأخرى في الخواء . آهِ ثم آهٍ لو تعلمون ! إنه العذابُ العظيمُ آهِ لو تعلمين ثم آهِ لو تعلمين ! قال الهدهدُ هل أنقل أخبارك لأميرة العاشقين وقد غدت بفضلك ملكةً ـ كسيدتي بلقيس ـ وأنا كما قد تعلم ذاك المخبر السرّي المُدرّبُ حامل الأخبار من أقاصي الأرض للملوك ومن هم على شاكلتهم من الصعاليك الذين أصبحوا بقدرة قادر ملوكاً وجبابرةً ومتحكمين برقاب ومصائر وأموال البشر ؟ وكم تتقاضى على نشاطك الإخباري هذا يا هُدهدُ ؟ مائة دولارٍ في الساعة الواحدة ! لذا أطيلُ مكثي عن عمدٍ بحجة الراحة أو شرب الماء أو تناول الطعام أو تفكيك وتحليل ما جمعتُ من معلومات قبل تقديمها لمن إستأجرني مطبوعةً على الكومبيوتر بأجمل ما عرفتْ ممالكُ تُبّع وحِمْيَرْ من خطوط وبالألوان والنقوش التي يحب . وكيف تعرف الألوان التي يحب مؤجّروك ؟ قال أقرأها في عيونهم . طيّب يا هدهد ، وأيَّ لونٍ تهوى أميرةُ العاشقين ؟ قال مُحتجّاً بلطفٍ : تقصدُ مليكة العاشقات والعاشقين ؟ أجل يا هدهد الهداهد والهدّادين ، إنما قصدتها هي وليس أمامي اليوم من أحدٍ يملأ عينيَّ سواها في كل هذا العالم . قال بصوتٍ عالٍ الله الله ! هكذا يكون الغزلُ الرومانسي العالمي وإلا فلا ... وليسقط قيس بن الملوّح أو الأملح الأجرب من فرط التجوال العشوائي تحت حر الظهيرة في البراري والبوادي والفلوات ظله ظهرُ بعيره وشرابه من بول ناقته حيناً ومن حليبها أحيانا . وإذا ما تشهّى لحماً فله ما يشاء من الجرابيع والأراول والأفاعي أو الجراد وما في كفل ناقته من قراد . تساءلت منه بأدب جمٍّ : وما علاقتي بهذا المملوح الملوّح الممسوس والهارب من هوى إبنة عمه ليلى ؟ أدار الهدهدُ ظهره لي وسمعته يُنشدُ شعراً كالهمس المسموع :
تعالَيْ ، ففي قلبي جناحٌ مٌخفِّقٌ
جريحٌ ، وفي الدنيا حبيبٌ مُحرَّمُ
أعجبني هذا البيت فسألته عجلانَ : لمن هذا الشعرُ يا ملكَ الهداهد ؟ خفق اللعين بجناحيه غطرسةً وعُجْباً بجمال ألوان ريشه وما وهبه سليمانُ من أموال أرض كنعانَ وطار دون أنْ يجيبَ عن سؤالي . هل أتوجه بسؤالي للأميرة مليكة الهوى وسيدة العاشقين وسلطانة عالم ومملكة الوالهين والغائبين عن وعيهم صابرين ؟ حضرتْ هي بعينها وعيانها نيابةً عن وكيلها المُخبر لتقولَ لي إنها تعرفُ قائلَ هذا الشعر وإنه لم يقله إلا فيها زمان ما كان واقعاً في أسرِ حبها لكنه لم يشأ أنْ يُذيعَهُ بين الناس لأسبابه الخاصة . رفعتُ حاجبيَ متعجباً متسائلاً عن صحة ما قالت الملكة المتوَّجة على عرش هدهد بلقيسَ وطاووس شاه فرح ديبا . هزّت الملكةُ رأسها بأسى ثم قالت : ليته كان قد أشاعهُ بين الناس لكان قد عرفَ الناسُ قدرَها وثمنَ جواهرِ ودُرِّ وماسِ التاجِ الذي يتربّعُ فوق سواد ليل شعرها وطغيان أمواجِ أمواهِ سدِّ مأربَ المتلاطمة في سوادِ عينيها من تحت جفنيها نصف المغمضتين على سرٍّ الأسرارِ وسحرِ الأسحارِ .
أفقتُ من حلمي ظامئ الشفتين متيبّسَ اللسانِ فلم أجدْ معي في بيتي لا هُدهداً ولا سبأً ولا مليكةَ سبأٍ إنما وجدتُ ورقةً بيضاءَ عليها صورة أميرة العاشقات بلون ورديٍّ فاتح تركت تحتها توقيعها بماء الذهب وصبغة شديدةَ الحُمرةِ تحمل آثارَ شفتين ملمومتين على بعض ! شكراً يا هُدهد . شكراً جزيلاً . لقد قدّمتني وعرّفتني على سيدة ملكات الذوق والهوى ولم يُنصفكَ سليمانُ إذْ هددك يا هُدهد بالذبح لأنك تأخرتَ قليلاً عن موعد إنعقاد مؤتمره الدوري . حافظْ يا هُدهدُ من الآن فصاعداً على مواعيد الملوك ولا تخلفها فإنهم جبّارون متعسفون ظَلَمة . هل فهمتَ قصدي ؟ لم أسمعْ جواباً . عدتُ إلى فراشي علّني أستطيعُ إستئنافَ نومي ففي الساعة التاسعة صباحاً لديَّ موعدٌ مع الطبيب .
سألتها لماذا تُميّزين ؟ قالت ماذا تقصد ؟ أقصدُ يا سيدتي أنك وأنت الأميرة ـ وربما الملكة ـ تفضلين جنس الرجال على النساء . لذا وهبتِ نفسكِ لهم وجعلتِ من نفسك أميرةً عليهم وعلى عالمهم الذكوري . قالت وماذا تقترح يا عاتب ؟ أقترح أنْ تكوني أميرة العاشقات والعاشقين ، وبهذا تساوين بالقسطاس المستقيم بين الرجال من جنسي والنساء من جنسك . لم يطلْ بها التفكيرُ طويلاً إذْ سَرعانَ ما قالت ـ وبسمة غامضة ساحرة تشع ما بين جفنيها ـ حينما أقول " العاشقين " إنما أقصد كلا الجنسين : العاشقين والعاشقات . فالجمعُ " عاشقون " يعني كلا الجنسين ، هكذا علمتني اللغة العربية التي لا أعرف سواها من بين كل لغات العالم . ثم ، واصلت تقديم بيانها وحجتها الدامغة ، أفلا يعني الجمع [[ ملوك ]] كلا الجنسين ملوكاً وملكاتٍ كما جاء في القرآن الكريم في سورة النمل على لسانِ ملكة سبأ [[ قالت إنَّ الملوكَ إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّةَ أهلها أذلّةً وكذلكَ يفعلون / الآية 34 ]] . معكِ حق يا أميرة الأميرات وخليفة الملكات السبأيات بنات سبأ المندائي الأصيل ، معك كل الحق يا سيدة ويا مليكة مملكة العشاق والعاشقات المترامية الأطراف المسالمة التي لم تظلمْ أحداً من رعاياها ولا أحداً من باقي البشر . وكان المجنون قيس بن الملوّح أحد أتباع مملكتك التي تضم من بين باقي رعاياها المعتوهين حباً والموسوسين عشقاً والمتيمين بجمال وسحر سواد عيني بلقيس السبأية ، صاحبة الصرح الممرّد ، والمنتحرين غراماً بملامح حور وحوريات جنات الخلد في تقاطيع وجهك حين تبتسمين وحين تضحكين . صدّقيني ... كدتُ يوماً أنْ أكونَ أحدَ هؤلاء المساكين الذين لا حولَ لهم ولا قوّة فالهوى كما تعلمين غلاّب [[ هوة صحيح الهوى غلاّب ؟ من أغنية لأم كلثوم ]] والحب قتّال والغرامُ يحرقُ السفنَ ويمزّق القمرَ قبل أنْ يبتلعَهُ الحوتُ المنحوتُ ويشقّق الأراضين مثل قوة الزلازل والبراكين التي هدّت سدَّ مأرِب ، سدَّ صاحبتك ملكة سبأ المسبيّة الأركان والأطراف الأربعة . آهِ لو تعلمين ! أنا رجلٌ صبورٌ كتومٌ قانعٌ قنوعٌ [[ الرحمة على المُقنّع وعلى إبن المُقفّع ]] ساترٌ ومستور [[ اللعنة على سارتر ]] فما حاجتك لمثل هذا الإنسان البائس اليائس المهلوس الجناحين الطائر بلا هدف [[ هل كان هُدهدُ بلقيس ملكة سبأ بدون هدف ؟ ]] والواقف ليس على أرضية ولا على تربة وأرض إنما قدمي في الهواء والأخرى في الخواء . آهِ ثم آهٍ لو تعلمون ! إنه العذابُ العظيمُ آهِ لو تعلمين ثم آهِ لو تعلمين ! قال الهدهدُ هل أنقل أخبارك لأميرة العاشقين وقد غدت بفضلك ملكةً ـ كسيدتي بلقيس ـ وأنا كما قد تعلم ذاك المخبر السرّي المُدرّبُ حامل الأخبار من أقاصي الأرض للملوك ومن هم على شاكلتهم من الصعاليك الذين أصبحوا بقدرة قادر ملوكاً وجبابرةً ومتحكمين برقاب ومصائر وأموال البشر ؟ وكم تتقاضى على نشاطك الإخباري هذا يا هُدهدُ ؟ مائة دولارٍ في الساعة الواحدة ! لذا أطيلُ مكثي عن عمدٍ بحجة الراحة أو شرب الماء أو تناول الطعام أو تفكيك وتحليل ما جمعتُ من معلومات قبل تقديمها لمن إستأجرني مطبوعةً على الكومبيوتر بأجمل ما عرفتْ ممالكُ تُبّع وحِمْيَرْ من خطوط وبالألوان والنقوش التي يحب . وكيف تعرف الألوان التي يحب مؤجّروك ؟ قال أقرأها في عيونهم . طيّب يا هدهد ، وأيَّ لونٍ تهوى أميرةُ العاشقين ؟ قال مُحتجّاً بلطفٍ : تقصدُ مليكة العاشقات والعاشقين ؟ أجل يا هدهد الهداهد والهدّادين ، إنما قصدتها هي وليس أمامي اليوم من أحدٍ يملأ عينيَّ سواها في كل هذا العالم . قال بصوتٍ عالٍ الله الله ! هكذا يكون الغزلُ الرومانسي العالمي وإلا فلا ... وليسقط قيس بن الملوّح أو الأملح الأجرب من فرط التجوال العشوائي تحت حر الظهيرة في البراري والبوادي والفلوات ظله ظهرُ بعيره وشرابه من بول ناقته حيناً ومن حليبها أحيانا . وإذا ما تشهّى لحماً فله ما يشاء من الجرابيع والأراول والأفاعي أو الجراد وما في كفل ناقته من قراد . تساءلت منه بأدب جمٍّ : وما علاقتي بهذا المملوح الملوّح الممسوس والهارب من هوى إبنة عمه ليلى ؟ أدار الهدهدُ ظهره لي وسمعته يُنشدُ شعراً كالهمس المسموع :
تعالَيْ ، ففي قلبي جناحٌ مٌخفِّقٌ
جريحٌ ، وفي الدنيا حبيبٌ مُحرَّمُ
أعجبني هذا البيت فسألته عجلانَ : لمن هذا الشعرُ يا ملكَ الهداهد ؟ خفق اللعين بجناحيه غطرسةً وعُجْباً بجمال ألوان ريشه وما وهبه سليمانُ من أموال أرض كنعانَ وطار دون أنْ يجيبَ عن سؤالي . هل أتوجه بسؤالي للأميرة مليكة الهوى وسيدة العاشقين وسلطانة عالم ومملكة الوالهين والغائبين عن وعيهم صابرين ؟ حضرتْ هي بعينها وعيانها نيابةً عن وكيلها المُخبر لتقولَ لي إنها تعرفُ قائلَ هذا الشعر وإنه لم يقله إلا فيها زمان ما كان واقعاً في أسرِ حبها لكنه لم يشأ أنْ يُذيعَهُ بين الناس لأسبابه الخاصة . رفعتُ حاجبيَ متعجباً متسائلاً عن صحة ما قالت الملكة المتوَّجة على عرش هدهد بلقيسَ وطاووس شاه فرح ديبا . هزّت الملكةُ رأسها بأسى ثم قالت : ليته كان قد أشاعهُ بين الناس لكان قد عرفَ الناسُ قدرَها وثمنَ جواهرِ ودُرِّ وماسِ التاجِ الذي يتربّعُ فوق سواد ليل شعرها وطغيان أمواجِ أمواهِ سدِّ مأربَ المتلاطمة في سوادِ عينيها من تحت جفنيها نصف المغمضتين على سرٍّ الأسرارِ وسحرِ الأسحارِ .
أفقتُ من حلمي ظامئ الشفتين متيبّسَ اللسانِ فلم أجدْ معي في بيتي لا هُدهداً ولا سبأً ولا مليكةَ سبأٍ إنما وجدتُ ورقةً بيضاءَ عليها صورة أميرة العاشقات بلون ورديٍّ فاتح تركت تحتها توقيعها بماء الذهب وصبغة شديدةَ الحُمرةِ تحمل آثارَ شفتين ملمومتين على بعض ! شكراً يا هُدهد . شكراً جزيلاً . لقد قدّمتني وعرّفتني على سيدة ملكات الذوق والهوى ولم يُنصفكَ سليمانُ إذْ هددك يا هُدهد بالذبح لأنك تأخرتَ قليلاً عن موعد إنعقاد مؤتمره الدوري . حافظْ يا هُدهدُ من الآن فصاعداً على مواعيد الملوك ولا تخلفها فإنهم جبّارون متعسفون ظَلَمة . هل فهمتَ قصدي ؟ لم أسمعْ جواباً . عدتُ إلى فراشي علّني أستطيعُ إستئنافَ نومي ففي الساعة التاسعة صباحاً لديَّ موعدٌ مع الطبيب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق