سما حسن:
لا يمكن إلا أن يتوقف المرء أمام هذه العدسة المميزة, التي تفتح في القلب الذكريات, وتشرع فيه نافذة الجمال. ولا يمكن إلا أن تسير العين مع الكلمات والصور لتكتمل اللوحة, فكأن القارئ والمشاهد للكلمات والصور قد تنقل عبر التاريخ وجاب بآلة الزمن كل الأماكن التي جابتها الكاميرا مع زياد, ولكن الفرق الوحيد أن زياد تنقل وامتص هذه المشاهد بعدسته, والقارئ والمشاهد حظي برحلة وهو لم يبرح مكانه.
زياد جيوسي قال لي في أول لقاء: يا صبية انتسبي لقريتك التي هجر منها أجدادك إبان النكبة، لا تخجلي في الحديث عن اسمها الغريب وعدم وجودها حاليا على الخريطة، ولا تطمسي ما يريد الاحتلال طمسه. كان يعني بعبارته تلك أن على كل فلسطيني أن يذكر مكانه الأول وأن يتمسك بجذوره... وكان هذا السؤال نفسه فاتحة الحوار.
■ زياد جيوسي هل تعود إلى قرية جيوس في فلسطين أم الزرقاء في الأردن أم رام الله، وكيف توصف علاقتك بهذه المدن؟
■ ■ زياد جيوسي هو اسمي الحقيقي الذي لم أحمل غيره في حياتي، وبدقة أكبر زياد مصطفى جيوسي. لا أؤمن باستخدام الأسماء المستعارة أبدا. ولدت في مدينة الزرقاء الأردنية وترعرعت في مدينة عمان التي قضيت فيها حياتي باستثناء أربع سنوات ونصف كانت في رام الله وبعض الشهور في القدس الشريف. عدت لرام الله في نهاية عام 1997 وبقيت فيها ولم أغادرها إطلاقا إلا في 2008 بعد أن حصلت على الهوية الفلسطينية التي كان يحجبها عني الاحتلال تحت بند الدواعي الأمنية. وأما بلدتي التي أنا منها وجذور أجدادي بها فهي بلدة جيوس في شمال الضفة الغربية لفلسطين، وأنتسب باسمي وروحي لها وأحمل كنيتي منها، جيوس بلدتي ورام الله حبيبتي وعمان هواي، هكذا أصف نفسي وعلاقتي بهذه المدن.
المكان والزمان والحلم
■ ألهبت خيالنا وغذيت ذاكرتنا مع يومياتك «صباحكم أجمل»، فهل هي تأريخ للمكان والزمان، أم محاولة لطرح هي معاناة عامة على القراء؟
■ ■ صباحكم أجمل الذي اعتدت أن أقدمه كل أربعاء لقرائي مع صورة بعدستي، لا يمكن أن نعتبره يوميات أو تأريخ للمكان والزمان فقط، هي محاولة لكتابة ذاكرة للمستقبل، لأجيال لم تعش ما عشناه، لذا أتحدث فيها عن الماضي من خلال ذاكرتي كفرد من هذا الشعب عانى من المنافي والشتات والسجون والمعتقلات والتشرد، ومن ظلم ذوي القربى وهو الأشد مضاضة، فذاكرة الفرد هي بعض من الذاكرة الجمعية التي تشكل بمجموعها ذاكرة الوطن، وشعب بلا ذاكرة ولا تراث يسهل اقتلاعه ولكن الشعب ذا الذاكرة والتراث عصي على الشطب، ومن هنا نجد أن شعبنا عصي على الشطب. في نفس الوقت أكتب في صباحات الوطن عن الحاضر والمكان، حتى يكون إطلالة لمن يأتوا بعدنا عن يوميات المدينة وما يدث فيها. هذه الصباحات أشبه ما تكون بحكاية مروية، تضم في ثناياها الذاكرة وتأريخ المكان والزمان والحلم بالصباح الأجمل.
■ أنت خريج قسم الجغرافيا جامعة «بغداد»، فهل لهذا التخصص علاقة بعشقك للمدن وتصويرها بكاميرا لا تغادر كتفك؟
■ ■ الحقيقة أن علاقتي بالكاميرا والقلم تعود لفترة الدراسة بالمدرسة. اقتنيت أول عدسة تصوير لي في عام 1969 ومنذ ذلك الوقت لم تفارقني إلا مكرهاً. صورت المئات من الصور وإن ضاع قسم كبير منها عبر رحلة الزمن، أما الكتابة فبدأتها منذ عام 1972 لكن بدايتي الحقيقية كانت في منتصف السبعينات من القرن الماضي. كانت الكاميرا والقلم أسبق من الدراسة الجامعية، وإن كان لدراستي الجغرافيا تأثير كبير على التركيز على الأمكنة وتاريخها وتوثيقها.
■ لكل إنسان رئتان في صدره لكن لك رئتان أخريان كما تقول إحداهما رام الله والثانية عمان، فهل تتيحان لك التنفس أكثر من أي إنسان؟
■ ■ كانت عمان ورام الله عبر الزمن رئتاي اللواتي أحملهما في صدري، أحملهما معي في حقائب سفر القلب في حلي وترحالي، فأتاحتا لي اكتشاف منابع الجمال في الروح والمكان، فلربما تنفست من خلالهما أكثر من غيري.
■ ما هو تقييمك للحركة الثقافية في فلسطين في ظل الأوضاع السياسية الحالية؟
■ ■ لست متشائما كما الكثيرين، أرى انه رغم الصعوبات والاحتلال والتمزق السياسي، أن الحركة الثقافية بخير، وتخطو خطوات جيدة لترسيخ مسيرتها كحركة ثقافية فلسطينية متميزة. والمتابع حقيقة لكم النتاج الأدبي المتميز، والحركة الفنية بأطيافها، وتميز المرأة الفلسطينية وأخذها موقعا متفوقا في هذه الحركة، لا بد أن يشعر أن المستقبل يحمل نذر أمطار جميلة وطيبة.
صومعة في رام الله
■ نسمع عن صومعة لك في رام الله، فهل تعتقد أنها تعوضك عن الاغتراب عن الزوجة والأولاد، ولماذا هي صومعة، علماً أن من يرى صورها يتوق للعيش فيها؟
■ ■ الصومعة.. هي مكان إقامتي في رام الله، مساحة لا تتجاوز الثلاثين مترا مربعا، لكنها أصبحت نقطة جذب وتواجد لأصدقائي من كتاب ومثقفين وفنانين، وهم من اصطلحوا على تسميتها بهذا الاسم. وقد كتب عنها العديد من الكتاب وأسماها سعد أبو بكر كتب «صومعة الراهب». فيها ولدت نصوص أدبية وقصائد وأفكار، وشهدت حوارات وضمت كتاباً ومثقفين من كافة أنحاء الوطن. شهدت ولادة فرع فلسطين لاتحاد كتاب الانترنت العرب، ولادة رام الله للثقافة والفنون، وهي مفتوحة لكل أحبتها وعشاقها، لكنها بالتأكيد لا تغني عن ابتعادي القسري عن أسرتي.
■ لقبت بـ «صديق المسرح الفلسطيني»، فلماذا جاء هذا اللقب ليلتصق بك؟
■ ■ لقب أعتز به وأطلقته علي السيدة مها شحادة حين كانت مديرة العلاقات العامة في مسرح عشتار في رام الله، وسبب اللقب اهتمامي الكبير بالمسرح ومتابعة كل ما أتمكن من حضوره من أعمال، مما لفت اهتمام السيدة مها فأطلقت عليّ هذا اللقب الجميل. وحديثا أصبحت عضو هيئة عامة في مسرح عشتار، ودوما أشارك في حلقات الحوار في مسرح القصبة، إضافة لمتابعتي الحثيثة للمسرح الشعبي في رام الله أيضا، ويندر أن يكون في رام الله عرض مسرحي ولا أكون موجودا لحضوره.
■ أنت منتشر على الشبكة العنكبوتية، فهلا شرحت لنا أين أنت بالضبط من هذه القرية الصغيرة؟
لا يمكن إلا أن يتوقف المرء أمام هذه العدسة المميزة, التي تفتح في القلب الذكريات, وتشرع فيه نافذة الجمال. ولا يمكن إلا أن تسير العين مع الكلمات والصور لتكتمل اللوحة, فكأن القارئ والمشاهد للكلمات والصور قد تنقل عبر التاريخ وجاب بآلة الزمن كل الأماكن التي جابتها الكاميرا مع زياد, ولكن الفرق الوحيد أن زياد تنقل وامتص هذه المشاهد بعدسته, والقارئ والمشاهد حظي برحلة وهو لم يبرح مكانه.
زياد جيوسي قال لي في أول لقاء: يا صبية انتسبي لقريتك التي هجر منها أجدادك إبان النكبة، لا تخجلي في الحديث عن اسمها الغريب وعدم وجودها حاليا على الخريطة، ولا تطمسي ما يريد الاحتلال طمسه. كان يعني بعبارته تلك أن على كل فلسطيني أن يذكر مكانه الأول وأن يتمسك بجذوره... وكان هذا السؤال نفسه فاتحة الحوار.
■ زياد جيوسي هل تعود إلى قرية جيوس في فلسطين أم الزرقاء في الأردن أم رام الله، وكيف توصف علاقتك بهذه المدن؟
■ ■ زياد جيوسي هو اسمي الحقيقي الذي لم أحمل غيره في حياتي، وبدقة أكبر زياد مصطفى جيوسي. لا أؤمن باستخدام الأسماء المستعارة أبدا. ولدت في مدينة الزرقاء الأردنية وترعرعت في مدينة عمان التي قضيت فيها حياتي باستثناء أربع سنوات ونصف كانت في رام الله وبعض الشهور في القدس الشريف. عدت لرام الله في نهاية عام 1997 وبقيت فيها ولم أغادرها إطلاقا إلا في 2008 بعد أن حصلت على الهوية الفلسطينية التي كان يحجبها عني الاحتلال تحت بند الدواعي الأمنية. وأما بلدتي التي أنا منها وجذور أجدادي بها فهي بلدة جيوس في شمال الضفة الغربية لفلسطين، وأنتسب باسمي وروحي لها وأحمل كنيتي منها، جيوس بلدتي ورام الله حبيبتي وعمان هواي، هكذا أصف نفسي وعلاقتي بهذه المدن.
المكان والزمان والحلم
■ ألهبت خيالنا وغذيت ذاكرتنا مع يومياتك «صباحكم أجمل»، فهل هي تأريخ للمكان والزمان، أم محاولة لطرح هي معاناة عامة على القراء؟
■ ■ صباحكم أجمل الذي اعتدت أن أقدمه كل أربعاء لقرائي مع صورة بعدستي، لا يمكن أن نعتبره يوميات أو تأريخ للمكان والزمان فقط، هي محاولة لكتابة ذاكرة للمستقبل، لأجيال لم تعش ما عشناه، لذا أتحدث فيها عن الماضي من خلال ذاكرتي كفرد من هذا الشعب عانى من المنافي والشتات والسجون والمعتقلات والتشرد، ومن ظلم ذوي القربى وهو الأشد مضاضة، فذاكرة الفرد هي بعض من الذاكرة الجمعية التي تشكل بمجموعها ذاكرة الوطن، وشعب بلا ذاكرة ولا تراث يسهل اقتلاعه ولكن الشعب ذا الذاكرة والتراث عصي على الشطب، ومن هنا نجد أن شعبنا عصي على الشطب. في نفس الوقت أكتب في صباحات الوطن عن الحاضر والمكان، حتى يكون إطلالة لمن يأتوا بعدنا عن يوميات المدينة وما يدث فيها. هذه الصباحات أشبه ما تكون بحكاية مروية، تضم في ثناياها الذاكرة وتأريخ المكان والزمان والحلم بالصباح الأجمل.
■ أنت خريج قسم الجغرافيا جامعة «بغداد»، فهل لهذا التخصص علاقة بعشقك للمدن وتصويرها بكاميرا لا تغادر كتفك؟
■ ■ الحقيقة أن علاقتي بالكاميرا والقلم تعود لفترة الدراسة بالمدرسة. اقتنيت أول عدسة تصوير لي في عام 1969 ومنذ ذلك الوقت لم تفارقني إلا مكرهاً. صورت المئات من الصور وإن ضاع قسم كبير منها عبر رحلة الزمن، أما الكتابة فبدأتها منذ عام 1972 لكن بدايتي الحقيقية كانت في منتصف السبعينات من القرن الماضي. كانت الكاميرا والقلم أسبق من الدراسة الجامعية، وإن كان لدراستي الجغرافيا تأثير كبير على التركيز على الأمكنة وتاريخها وتوثيقها.
■ لكل إنسان رئتان في صدره لكن لك رئتان أخريان كما تقول إحداهما رام الله والثانية عمان، فهل تتيحان لك التنفس أكثر من أي إنسان؟
■ ■ كانت عمان ورام الله عبر الزمن رئتاي اللواتي أحملهما في صدري، أحملهما معي في حقائب سفر القلب في حلي وترحالي، فأتاحتا لي اكتشاف منابع الجمال في الروح والمكان، فلربما تنفست من خلالهما أكثر من غيري.
■ ما هو تقييمك للحركة الثقافية في فلسطين في ظل الأوضاع السياسية الحالية؟
■ ■ لست متشائما كما الكثيرين، أرى انه رغم الصعوبات والاحتلال والتمزق السياسي، أن الحركة الثقافية بخير، وتخطو خطوات جيدة لترسيخ مسيرتها كحركة ثقافية فلسطينية متميزة. والمتابع حقيقة لكم النتاج الأدبي المتميز، والحركة الفنية بأطيافها، وتميز المرأة الفلسطينية وأخذها موقعا متفوقا في هذه الحركة، لا بد أن يشعر أن المستقبل يحمل نذر أمطار جميلة وطيبة.
صومعة في رام الله
■ نسمع عن صومعة لك في رام الله، فهل تعتقد أنها تعوضك عن الاغتراب عن الزوجة والأولاد، ولماذا هي صومعة، علماً أن من يرى صورها يتوق للعيش فيها؟
■ ■ الصومعة.. هي مكان إقامتي في رام الله، مساحة لا تتجاوز الثلاثين مترا مربعا، لكنها أصبحت نقطة جذب وتواجد لأصدقائي من كتاب ومثقفين وفنانين، وهم من اصطلحوا على تسميتها بهذا الاسم. وقد كتب عنها العديد من الكتاب وأسماها سعد أبو بكر كتب «صومعة الراهب». فيها ولدت نصوص أدبية وقصائد وأفكار، وشهدت حوارات وضمت كتاباً ومثقفين من كافة أنحاء الوطن. شهدت ولادة فرع فلسطين لاتحاد كتاب الانترنت العرب، ولادة رام الله للثقافة والفنون، وهي مفتوحة لكل أحبتها وعشاقها، لكنها بالتأكيد لا تغني عن ابتعادي القسري عن أسرتي.
■ لقبت بـ «صديق المسرح الفلسطيني»، فلماذا جاء هذا اللقب ليلتصق بك؟
■ ■ لقب أعتز به وأطلقته علي السيدة مها شحادة حين كانت مديرة العلاقات العامة في مسرح عشتار في رام الله، وسبب اللقب اهتمامي الكبير بالمسرح ومتابعة كل ما أتمكن من حضوره من أعمال، مما لفت اهتمام السيدة مها فأطلقت عليّ هذا اللقب الجميل. وحديثا أصبحت عضو هيئة عامة في مسرح عشتار، ودوما أشارك في حلقات الحوار في مسرح القصبة، إضافة لمتابعتي الحثيثة للمسرح الشعبي في رام الله أيضا، ويندر أن يكون في رام الله عرض مسرحي ولا أكون موجودا لحضوره.
■ أنت منتشر على الشبكة العنكبوتية، فهلا شرحت لنا أين أنت بالضبط من هذه القرية الصغيرة؟
■ ■ الشبكة العنكبوتية هي العصر الجديد، فنحن نحيا ثورة رقمية حقيقية، اختصرت الزمان والمكان والمدى، وحقيقة كنت من أوائل المهتمين بهذا الاكتشاف في فلسطين عام 2000 فقد نشطت من خلال هذه الشبكة بشكل جيد للتعريف بالفن والثقافة في فلسطين عامة ورام الله بشكل خاص. أنشأت مجموعة رام الله للثقافة والفنون وهي أول مجموعة بريدية فلسطينية، ومن ثم انتسبت لاتحاد كتاب الانترنت العرب ثم أصبحت أميناً لسره في فرع فلسطين ثم المشرف العام على منتدياته ومديراً لمجموعته البريدية ومن ثم نائبا للرئيس، وأنشأت مدونتي الخاصة أطياف متمردة والتي وصل عدد زوارها لما يتجاوز المائتي ألف زائر، فلدي قناعة أن هذا سلاح مهم إن أحسنا استغلاله خدمنا قضايانا الوطنية والثقافية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق