نبيل عودة
جلس اساتذة الفلسفة يتحاورون . قال أحدهم:
- ان أهم خصلة في الانسان جماله ... وبقية الخصال يمكن تطويرها بالاجتهاد .. حتى العقل يمكن تدريبه وتطويره. النقود يمكن كسبها . أما الجمال فهو الخصلة الوحيدة التي لا يستطيع الانسان كسبها .
اعترض الثاني :
- نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين .الجمال لم يعد خصله يحصل عليها الانسان بالوراثة فقط . اليوم يجرون عمليات تجميل . يقصرون الأنف. ينفخون الشفتين. يكبرون الصدر . يطولون القضيب .. أما الحكمة .. فهي موهبة .. لايمكن ان تكتسب الا اذا كانت جينات الانسان تحملها منذ الولادة.
نفى الثالث ما قاله زميلاه :
- حديثكما لا علاقة له بالواقع .. كل شيء اليوم له ثمن .. الحكمة أيضا لها ثمن . الحكمة صارت مثل عمليات التجميل ، يمكن أن يحصل عليها الانسان اذا امتلأت جيوبة بالمال. حتى الغبي يصبح رأس الحكمة اذا كان غنيا . وتصبح أقواله حكما تذكر بمناسبة وبلا مناسبة. تجدون حوله المصفقين والحمالين والرقاصين . اذا فسا في مجمع تصبح فسوته حكمة وتذهب نموذجا للأجيال القادمة.
احتد النقاش بين الزملاء الفلاسفة. وفشل الأساتذة في الوصول الى موقف موحد. وعزوا ذلك الى النظام الليبرالي الحر والديمقراطية غير المحدودة. وتطور الفكر وحق التعددية ...
غادروا الجامعة كل بسيارته .
في الطريق أبرقت السماء بشدة وظهر لكل استاذ فلسفة من المتحاورين ملاك مرسل من رب العالمين.
سؤل الأستاذ محبذ الجمال ماذا تختار من بين ثلاثة أشياء : الحكمة ، الجمال أو عشرة ملايين دولار؟
بعد تردد اختار الحكمة ، متنازلا عن الجمال ...الذي يصر عادة انها الخصلة الأفضل.
سألوا الثاني الذي يحبذ المال ، فاعتركت الأفكار برأسه ، وبعد تردد صعب اختار الحكمة ، لعلها الضمانة لمكانته وهي أهم من المال الذي قد يختفي فجأة كما جاء فجأة .
سألوا الثالث ، الذي رأي بالحكمة الخصلة الأفضل فقال بلا تردد انه يختار الحكمة متنازلا عن المال الذي يمكن ان يجعل الأغبياء حكماء أيضا .
في فجر اليوم التالي التقوا في غرفة التدريس. كان يبدو عليهم الندم .
بعد فترة صمت كسر الحديث أحدهم متحدثا عن البرق في السماء وظهور ملاك الرب مخيرا اياه عن الخيار بين الخصال الثلاثة .. فاختار الحكمة متنازلا عن موقفه السابق.
"وهذا حدث لي" قال الثاني .. وقد اخترت الحكمة أيضا متنازلا عن مواقفي السابقة.
"وحدث لي" قال الثالث. وأضاف : كنت مقتنعا مسبقا ان الحكمة هي الخصلة المطلوبة .وقد اخترتها".
قال أحدهم :"" الآن أصبحت لدينا الحكمة لو خيرنا الآن ، ونحن نملك الحكمة .... ماذا نختار ونحن أكثر حكمة ؟
صمت الزميلان ولم ينبسا ببنت شفة.
اقترح أحدهم : كلنا اخترنا الحكمة ، ولا شك انها حكمة ربانية لا زيادة فيها لأحد على أحد . تعالوا نستغل حكمتنا الكبيرة ونختار من جديد . كل واحد يكتب على ورقة خياره لو ظهر له الملاك سائلا مرة أخرى ان يختار بين الحكمة والجمال والعشرة ملايين دولار .
وهذا ما كان . سجل كل فيلسوف منهم خياره الجديد .
وعندما فتحوا الأوراق كان هناك نص مشابه للفلاسفة الثلاثة : سأختار العشرة ملايين دولار!!
نبيل عودة – كاتب ، نافد واعلامي – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com
جلس اساتذة الفلسفة يتحاورون . قال أحدهم:
- ان أهم خصلة في الانسان جماله ... وبقية الخصال يمكن تطويرها بالاجتهاد .. حتى العقل يمكن تدريبه وتطويره. النقود يمكن كسبها . أما الجمال فهو الخصلة الوحيدة التي لا يستطيع الانسان كسبها .
اعترض الثاني :
- نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين .الجمال لم يعد خصله يحصل عليها الانسان بالوراثة فقط . اليوم يجرون عمليات تجميل . يقصرون الأنف. ينفخون الشفتين. يكبرون الصدر . يطولون القضيب .. أما الحكمة .. فهي موهبة .. لايمكن ان تكتسب الا اذا كانت جينات الانسان تحملها منذ الولادة.
نفى الثالث ما قاله زميلاه :
- حديثكما لا علاقة له بالواقع .. كل شيء اليوم له ثمن .. الحكمة أيضا لها ثمن . الحكمة صارت مثل عمليات التجميل ، يمكن أن يحصل عليها الانسان اذا امتلأت جيوبة بالمال. حتى الغبي يصبح رأس الحكمة اذا كان غنيا . وتصبح أقواله حكما تذكر بمناسبة وبلا مناسبة. تجدون حوله المصفقين والحمالين والرقاصين . اذا فسا في مجمع تصبح فسوته حكمة وتذهب نموذجا للأجيال القادمة.
احتد النقاش بين الزملاء الفلاسفة. وفشل الأساتذة في الوصول الى موقف موحد. وعزوا ذلك الى النظام الليبرالي الحر والديمقراطية غير المحدودة. وتطور الفكر وحق التعددية ...
غادروا الجامعة كل بسيارته .
في الطريق أبرقت السماء بشدة وظهر لكل استاذ فلسفة من المتحاورين ملاك مرسل من رب العالمين.
سؤل الأستاذ محبذ الجمال ماذا تختار من بين ثلاثة أشياء : الحكمة ، الجمال أو عشرة ملايين دولار؟
بعد تردد اختار الحكمة ، متنازلا عن الجمال ...الذي يصر عادة انها الخصلة الأفضل.
سألوا الثاني الذي يحبذ المال ، فاعتركت الأفكار برأسه ، وبعد تردد صعب اختار الحكمة ، لعلها الضمانة لمكانته وهي أهم من المال الذي قد يختفي فجأة كما جاء فجأة .
سألوا الثالث ، الذي رأي بالحكمة الخصلة الأفضل فقال بلا تردد انه يختار الحكمة متنازلا عن المال الذي يمكن ان يجعل الأغبياء حكماء أيضا .
في فجر اليوم التالي التقوا في غرفة التدريس. كان يبدو عليهم الندم .
بعد فترة صمت كسر الحديث أحدهم متحدثا عن البرق في السماء وظهور ملاك الرب مخيرا اياه عن الخيار بين الخصال الثلاثة .. فاختار الحكمة متنازلا عن موقفه السابق.
"وهذا حدث لي" قال الثاني .. وقد اخترت الحكمة أيضا متنازلا عن مواقفي السابقة.
"وحدث لي" قال الثالث. وأضاف : كنت مقتنعا مسبقا ان الحكمة هي الخصلة المطلوبة .وقد اخترتها".
قال أحدهم :"" الآن أصبحت لدينا الحكمة لو خيرنا الآن ، ونحن نملك الحكمة .... ماذا نختار ونحن أكثر حكمة ؟
صمت الزميلان ولم ينبسا ببنت شفة.
اقترح أحدهم : كلنا اخترنا الحكمة ، ولا شك انها حكمة ربانية لا زيادة فيها لأحد على أحد . تعالوا نستغل حكمتنا الكبيرة ونختار من جديد . كل واحد يكتب على ورقة خياره لو ظهر له الملاك سائلا مرة أخرى ان يختار بين الحكمة والجمال والعشرة ملايين دولار .
وهذا ما كان . سجل كل فيلسوف منهم خياره الجديد .
وعندما فتحوا الأوراق كان هناك نص مشابه للفلاسفة الثلاثة : سأختار العشرة ملايين دولار!!
نبيل عودة – كاتب ، نافد واعلامي – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق