نبيل عودة
تمر الأيام على” أبونا*”رتيبة متشابهة .. أحيانا لدرجة الملل . ولكنه اعتاد ولم يعد يشكو من رتابة الأيام ، اعتادها لدرجة صار أي تغيير في نظام يومه مسالة نادرة .. حتى أنها تبعث القلق في نفسه !!
بعد انتهاء مراسيم الصلوات الصباحية ، يوجد أحيانا أكليل او عماد ، او ذكرى لميت ، وهذه مسائل لا تحدث كل يوم ،ولكنها من المسائل المتوقعة ... بعدها يذهب ابونا لخلوته في غرفته البسيطة الملحقة بالكنيسة ، يقرأ شيئا او يشاهد التلفزيون ، ثم يتناول غداءه ويستلقي ليستريح ساعة واحدة ، بعد ان يستيقظ يشرب فنجان قهوة مرة ، يستحم ، ليستعيد نشاطه ، خاصة في أيام الصيف القائظة.. ويعود الى كنيسته يفتح أبوابها لصلاة بعد الظهر ، ولاستقبال الزائرين والقادمين للإعتراف بخطاياهم ، ومع دخوله للكنيسة يُصلب على صدره ثلاثة مرات ، وينحني امام تمثال العذراء مريم وهي تحمل طفلها المسيح ،ويكرر "ابانا الذي في السموات ... " واذا لم يكن استفسار من أحد الزوار ، يذهب الى غرفة الاعتراف ، اذ بات يعرف ان المنتظرين جلوسا امام الهيكل ينتظرون ان يدخل الى غرفة الاعتراف ... وهو عادة لا ينظر الى وجوه المعترفين ليبقى على جهل بهويتهم فهذا يجعل حياته أكثر بساطة وأبعد عن التفكير بما يدور خلف أسوار كنيسته.ويتركز جهده في الدعوة الصادقة لربه ومخلصة يسوع المسيح ان يقبل توبة ابناء كنيسته ، مهما كانت الخطايا التي يقرون بارتكابها ثقيلة.. فالحياة صعبة ، ولا بد من مساعدتهم ليغفر لهم الله ذنوبهم ، ليواصلوا حياتهم معززين بالروح القدس والايمان بالمخلص ...
غرفة الاعتراف من قسمين ، بحيث لا يستطيع الكاهن ان يميز الشخص الجالس في القسم المخصص للخاطئين،مما يساعد على الحفاظ على سرية الاعتراف ،وسرية الشخص ، وحتى لو ميز أبونا أحدهم فصدره مقبرة للأسرار لا مفتاح لها الا بيد الرب وابنه المخلص .
لم يكن ابونا يتوقع أن تحدث مفاجآت غير عادية ، الأيام تمضي متشابهة . الاعترافات تكاد تكون حول مواضيع بسيطة : "غضبت وتفوهت بكلمات نابية ، شتمت شتيمة كفر ثقيلة ، لم اسمع كلام أمي ، تمردت على والدي ، اهنت زميلي بغير وجه حق .. أحببت وأخاف من الخطيئة ، نظرت الى عورة جارتنا وهي تصعد الدرج " حقا بعض الاعترافات عجيبة غريبة ،وفيها من الحامض للحلو ، ولكنها نادرة ، وكان غفران الرب للخاطئين لدى أبونا يمنح بسهولة ، والأهم ان يطلب التبرع للكنيسة ، اذ بدون هذا التبرع يعجز أبونا عن تسديد اثمان المياه والكهرباء ومواد التنظيف ، وأكلة السمك التي لا يفوتها أيام الجمعة .
وكالعادة جلس ذلك اليوم في كرسيه داخل غرفة الاعتراف .. وهو يكرر ربما للمرة الثالثة " أبانا الذي في السموات .. " .
دخل شخص عجوز ، عرف ذلك من صوته ، و نادرا ما يدخل أبناء هذا الجيل للإعتراف .. كان يبكي كطفل صغير من خطيئة ارتكبها . تحدث العجوز بكلام استصعب أبونا ان يربط بين أطرافه ..ليميز عن أي خطيئة يتحدث العجوز .ولكنه تعلم ان يكون طويل البال ، حتى لو لم يفهم سيعطي الحل : " تبرع ، صلّ والرب يسامحك " وسأل العجوز :
- هل سيسامحني الرب؟
- بالطبع يا ابني .. ربنا غفور لمن يطلب الصفح . أشعل بعض الشموع امام الهيكل وصلّ ابانا ثلاث مرات ، وتبرع للكنيسة بما تطيب به نفسك ، وعد الى بيتك مطمئنا ولا تنس ان تحضر كل يوم أحد الى الصلاة في الكنيسة .
بعد العجوز دخلت صبية يفوح عطرها من مسافة مائة متر.. عطرت جو غرفة الاعتراف...ولم تنتظر الصبية سؤال ابونا عن سبب مجيئها للإعتراف:
- يا أبونا أنا أخطأت ..
- وكيف أخطأت يا ابنتي ؟
- تعرفت على شاب اسمه جورج ، سلب عقلي .. عشقته ، وعدني بالزواج وكذب علي.
- ليسامحه الله .
- لا يا أبونا .. ليست هذه المشكلة..
- اذن ما هي يا ابنتي ؟
- اقترب مني كثيرا .. عانقني .. بل أكثر يا ابونا .. أعطيته نفسي مرة واحدة ..
- ليسامحه الله ..
- لا اريد ان يسامحه الله ... اريد ان يعاقبه .. لأنه تركني الى فتاة أخرى ..
- الله يعرف عمله يا ابنتي... وأنت ، الا تريدين ان يطهرك الله من خطيئتك ؟
- وهل الحب خطيئة يا أبونا ؟
- أجل .. الا اذا ارتبط الحب بقدسية الزواج في الكنيسة.
- هل انا خاطئة اذن ؟!
- أجل يا ابنتي .. كلنا نخطئ.
- وهل سيسامحني الله ؟
- اذا طلبت الصفح بصدق ، وصليت ابانا ثلاثة مرات ، وتبرعت للكنيسة ، وابتعدت عن جورج هذا ... سيصفح لك خطيئتك .
وهذا ما فعلته ، تبرعت بمائة دولار .. وصلت ابانا ، وأضاءت الشموع ، وركعت تبكي امام العذراء وطفلها ضياع حبها ... وطلبت منها ومن ابنها المسيح ان لا يصفحا عن جورج أبدا ، وقالت انها ستتبرع بمائة دولار أخرى شرط ان يعاقبا جورج عقابا شديدا .
ولكن قصة جورج لم تنته.
بعد اعتراف الصبية التي تبرعت بمائتي دولار ، مائة من أجل ان يسامحها الله ، والمائة الثانية من أجل ان يعاقب جورج ... تكررت إعترافات خاطئات اوقع بهن جورج هذا . هذه أخطأت مرة وتلك مرتين وأخرى ثلاث مرات والرابعة اسبوعين والبعض لشهر كامل .. حتى تجرأ الخوري وسأل احدى المعترفات ان كان الحديث عن جورج واحد أو أكثر من جورج. فلم يتلق جوابا شافيا.. فلعن المذكور ..
الفرق الوحيد بين الخاطئات كان في عدد المرات التي سلمن أنفسهن لجورج هذا ، وبناء عليه وضع أبونا تسعيرة وشروطا لا يقبل الله التوبة بدونها. فتلك التي أعطته مرتين عقابها اقل من التي أعطته ثلاثة مرات والتي أعطته أكثر عقابها أثقل ، طبعا الى جانب الجهد الذي يبذله ابونا لدى المخلص ووالده ، وتكرار صلاة أبانا .. والتبرع الذي صار يقرره ابونا حسب حجم الخطيئة.. حتى تعرف المخطئة بشاعة خطيئتها ولا تعود عليها مع جورج او غير جورج .
وبدأ صندوق الكنيسة يمتلئ. فأدخل أبونا للكنيسة مكبر صوت ليسهل على نفسه القيام بواجباته الدينية ، ثم أدخل مكيف هوائي ، لعله يجذب المزيد من المصلين في أيام الصيف الحارة. ثم أدخل مكيفا آخر في غرفته ، وأضاف غرفة صغيرة ،الى جانب غرفته .. حولها الى مكتبة وغرفة استقبال . ولكنه في وقت الاعتراف المحدد يكون جاهزا ، وهو يحسب كم امرأة أوقع جورج هذا الاسبوع ، وكم من المتوقع ان يدخل صندوق الكنيسة اليوم ، من أجل بقية المشاريع ، وتسديد الديون الباقية من مشاريع أبونا بعد ان فتحها ذلك المدعو جورج بوجه كنيسته .. ليسامحنا الله جميعا على زلات لساننا .
ولكن ما حدث ذلك اليوم ، بعد سنة من قصص الاعترافات عن خطايا الصبايا والنساء مع جورج ، فوجئ أبونا بشاب قوي الصوت ، يدخل غرفة الاعتراف .
- تفضل يا ابني ، ما هي خطاياك ؟
قال أبونا مستعجلا أن يتخلص منه ، ليتفرغ للصبايا والنساء اللواتي لمحهن بالانتظار .. وعندما طال صمت الشاب سأله :
- انت أيضا أخطأت مع جورج ؟
- ان لا أخطئ يا أبونا .. انا سبب تدفق الأموال على صندوق كنيستك .
- لم أفهم عليك ؟
- بل فهمت .. انا أسمي جورج ، وبالتأكيد تعرف عني أحسن مما أعرف عن نفسي ، وأقوم باعمال صالحة لك ولكنيستك ، مكيفات هواء ، مكبر صوت ، غرفة استقبال ... ولا يوم تخلو وجبتك من اللحوم أو الأسماك .. لم تعد تمتنع عن الزفر حتى في أيام الجمعة والمناسبات الدينية الملزمة .
- يا أبني.. سامحك الله ...
- اسمعني يا أبونا ولا تقاطعني ... اريد نصف الدخل من صندوق الكنيسة ، واذا لم تدفع لي لن أقترب من صبايا ونساء طائفتك ، سأنقل خدماتي لطوائف أخرى ... أو أنتقل لمدينة أخرى ... !!
• تعبير يطلق على الكاهن لدى الطوائف المسيحية .
نبيل عودة – كاتب وناقد واعلامي فلسطيني – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com
تمر الأيام على” أبونا*”رتيبة متشابهة .. أحيانا لدرجة الملل . ولكنه اعتاد ولم يعد يشكو من رتابة الأيام ، اعتادها لدرجة صار أي تغيير في نظام يومه مسالة نادرة .. حتى أنها تبعث القلق في نفسه !!
بعد انتهاء مراسيم الصلوات الصباحية ، يوجد أحيانا أكليل او عماد ، او ذكرى لميت ، وهذه مسائل لا تحدث كل يوم ،ولكنها من المسائل المتوقعة ... بعدها يذهب ابونا لخلوته في غرفته البسيطة الملحقة بالكنيسة ، يقرأ شيئا او يشاهد التلفزيون ، ثم يتناول غداءه ويستلقي ليستريح ساعة واحدة ، بعد ان يستيقظ يشرب فنجان قهوة مرة ، يستحم ، ليستعيد نشاطه ، خاصة في أيام الصيف القائظة.. ويعود الى كنيسته يفتح أبوابها لصلاة بعد الظهر ، ولاستقبال الزائرين والقادمين للإعتراف بخطاياهم ، ومع دخوله للكنيسة يُصلب على صدره ثلاثة مرات ، وينحني امام تمثال العذراء مريم وهي تحمل طفلها المسيح ،ويكرر "ابانا الذي في السموات ... " واذا لم يكن استفسار من أحد الزوار ، يذهب الى غرفة الاعتراف ، اذ بات يعرف ان المنتظرين جلوسا امام الهيكل ينتظرون ان يدخل الى غرفة الاعتراف ... وهو عادة لا ينظر الى وجوه المعترفين ليبقى على جهل بهويتهم فهذا يجعل حياته أكثر بساطة وأبعد عن التفكير بما يدور خلف أسوار كنيسته.ويتركز جهده في الدعوة الصادقة لربه ومخلصة يسوع المسيح ان يقبل توبة ابناء كنيسته ، مهما كانت الخطايا التي يقرون بارتكابها ثقيلة.. فالحياة صعبة ، ولا بد من مساعدتهم ليغفر لهم الله ذنوبهم ، ليواصلوا حياتهم معززين بالروح القدس والايمان بالمخلص ...
غرفة الاعتراف من قسمين ، بحيث لا يستطيع الكاهن ان يميز الشخص الجالس في القسم المخصص للخاطئين،مما يساعد على الحفاظ على سرية الاعتراف ،وسرية الشخص ، وحتى لو ميز أبونا أحدهم فصدره مقبرة للأسرار لا مفتاح لها الا بيد الرب وابنه المخلص .
لم يكن ابونا يتوقع أن تحدث مفاجآت غير عادية ، الأيام تمضي متشابهة . الاعترافات تكاد تكون حول مواضيع بسيطة : "غضبت وتفوهت بكلمات نابية ، شتمت شتيمة كفر ثقيلة ، لم اسمع كلام أمي ، تمردت على والدي ، اهنت زميلي بغير وجه حق .. أحببت وأخاف من الخطيئة ، نظرت الى عورة جارتنا وهي تصعد الدرج " حقا بعض الاعترافات عجيبة غريبة ،وفيها من الحامض للحلو ، ولكنها نادرة ، وكان غفران الرب للخاطئين لدى أبونا يمنح بسهولة ، والأهم ان يطلب التبرع للكنيسة ، اذ بدون هذا التبرع يعجز أبونا عن تسديد اثمان المياه والكهرباء ومواد التنظيف ، وأكلة السمك التي لا يفوتها أيام الجمعة .
وكالعادة جلس ذلك اليوم في كرسيه داخل غرفة الاعتراف .. وهو يكرر ربما للمرة الثالثة " أبانا الذي في السموات .. " .
دخل شخص عجوز ، عرف ذلك من صوته ، و نادرا ما يدخل أبناء هذا الجيل للإعتراف .. كان يبكي كطفل صغير من خطيئة ارتكبها . تحدث العجوز بكلام استصعب أبونا ان يربط بين أطرافه ..ليميز عن أي خطيئة يتحدث العجوز .ولكنه تعلم ان يكون طويل البال ، حتى لو لم يفهم سيعطي الحل : " تبرع ، صلّ والرب يسامحك " وسأل العجوز :
- هل سيسامحني الرب؟
- بالطبع يا ابني .. ربنا غفور لمن يطلب الصفح . أشعل بعض الشموع امام الهيكل وصلّ ابانا ثلاث مرات ، وتبرع للكنيسة بما تطيب به نفسك ، وعد الى بيتك مطمئنا ولا تنس ان تحضر كل يوم أحد الى الصلاة في الكنيسة .
بعد العجوز دخلت صبية يفوح عطرها من مسافة مائة متر.. عطرت جو غرفة الاعتراف...ولم تنتظر الصبية سؤال ابونا عن سبب مجيئها للإعتراف:
- يا أبونا أنا أخطأت ..
- وكيف أخطأت يا ابنتي ؟
- تعرفت على شاب اسمه جورج ، سلب عقلي .. عشقته ، وعدني بالزواج وكذب علي.
- ليسامحه الله .
- لا يا أبونا .. ليست هذه المشكلة..
- اذن ما هي يا ابنتي ؟
- اقترب مني كثيرا .. عانقني .. بل أكثر يا ابونا .. أعطيته نفسي مرة واحدة ..
- ليسامحه الله ..
- لا اريد ان يسامحه الله ... اريد ان يعاقبه .. لأنه تركني الى فتاة أخرى ..
- الله يعرف عمله يا ابنتي... وأنت ، الا تريدين ان يطهرك الله من خطيئتك ؟
- وهل الحب خطيئة يا أبونا ؟
- أجل .. الا اذا ارتبط الحب بقدسية الزواج في الكنيسة.
- هل انا خاطئة اذن ؟!
- أجل يا ابنتي .. كلنا نخطئ.
- وهل سيسامحني الله ؟
- اذا طلبت الصفح بصدق ، وصليت ابانا ثلاثة مرات ، وتبرعت للكنيسة ، وابتعدت عن جورج هذا ... سيصفح لك خطيئتك .
وهذا ما فعلته ، تبرعت بمائة دولار .. وصلت ابانا ، وأضاءت الشموع ، وركعت تبكي امام العذراء وطفلها ضياع حبها ... وطلبت منها ومن ابنها المسيح ان لا يصفحا عن جورج أبدا ، وقالت انها ستتبرع بمائة دولار أخرى شرط ان يعاقبا جورج عقابا شديدا .
ولكن قصة جورج لم تنته.
بعد اعتراف الصبية التي تبرعت بمائتي دولار ، مائة من أجل ان يسامحها الله ، والمائة الثانية من أجل ان يعاقب جورج ... تكررت إعترافات خاطئات اوقع بهن جورج هذا . هذه أخطأت مرة وتلك مرتين وأخرى ثلاث مرات والرابعة اسبوعين والبعض لشهر كامل .. حتى تجرأ الخوري وسأل احدى المعترفات ان كان الحديث عن جورج واحد أو أكثر من جورج. فلم يتلق جوابا شافيا.. فلعن المذكور ..
الفرق الوحيد بين الخاطئات كان في عدد المرات التي سلمن أنفسهن لجورج هذا ، وبناء عليه وضع أبونا تسعيرة وشروطا لا يقبل الله التوبة بدونها. فتلك التي أعطته مرتين عقابها اقل من التي أعطته ثلاثة مرات والتي أعطته أكثر عقابها أثقل ، طبعا الى جانب الجهد الذي يبذله ابونا لدى المخلص ووالده ، وتكرار صلاة أبانا .. والتبرع الذي صار يقرره ابونا حسب حجم الخطيئة.. حتى تعرف المخطئة بشاعة خطيئتها ولا تعود عليها مع جورج او غير جورج .
وبدأ صندوق الكنيسة يمتلئ. فأدخل أبونا للكنيسة مكبر صوت ليسهل على نفسه القيام بواجباته الدينية ، ثم أدخل مكيف هوائي ، لعله يجذب المزيد من المصلين في أيام الصيف الحارة. ثم أدخل مكيفا آخر في غرفته ، وأضاف غرفة صغيرة ،الى جانب غرفته .. حولها الى مكتبة وغرفة استقبال . ولكنه في وقت الاعتراف المحدد يكون جاهزا ، وهو يحسب كم امرأة أوقع جورج هذا الاسبوع ، وكم من المتوقع ان يدخل صندوق الكنيسة اليوم ، من أجل بقية المشاريع ، وتسديد الديون الباقية من مشاريع أبونا بعد ان فتحها ذلك المدعو جورج بوجه كنيسته .. ليسامحنا الله جميعا على زلات لساننا .
ولكن ما حدث ذلك اليوم ، بعد سنة من قصص الاعترافات عن خطايا الصبايا والنساء مع جورج ، فوجئ أبونا بشاب قوي الصوت ، يدخل غرفة الاعتراف .
- تفضل يا ابني ، ما هي خطاياك ؟
قال أبونا مستعجلا أن يتخلص منه ، ليتفرغ للصبايا والنساء اللواتي لمحهن بالانتظار .. وعندما طال صمت الشاب سأله :
- انت أيضا أخطأت مع جورج ؟
- ان لا أخطئ يا أبونا .. انا سبب تدفق الأموال على صندوق كنيستك .
- لم أفهم عليك ؟
- بل فهمت .. انا أسمي جورج ، وبالتأكيد تعرف عني أحسن مما أعرف عن نفسي ، وأقوم باعمال صالحة لك ولكنيستك ، مكيفات هواء ، مكبر صوت ، غرفة استقبال ... ولا يوم تخلو وجبتك من اللحوم أو الأسماك .. لم تعد تمتنع عن الزفر حتى في أيام الجمعة والمناسبات الدينية الملزمة .
- يا أبني.. سامحك الله ...
- اسمعني يا أبونا ولا تقاطعني ... اريد نصف الدخل من صندوق الكنيسة ، واذا لم تدفع لي لن أقترب من صبايا ونساء طائفتك ، سأنقل خدماتي لطوائف أخرى ... أو أنتقل لمدينة أخرى ... !!
• تعبير يطلق على الكاهن لدى الطوائف المسيحية .
نبيل عودة – كاتب وناقد واعلامي فلسطيني – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق