لا تُوجدُ طريقة مثلى لوهج الشاعريَّة أفضل من التجديد .؟!
حسين أحمد
عبدالله علي الاقزم - من مواليد (1970 "( القطيف " درس اللغة العربية ,كاتب وشاعر، يكتب لأجل الإنسانية ، يؤمن بالتفاعل مع الأخر ثقافيا وفكرياً برؤية شاعرية، وترتكز أدواته الكتابية على ما هو جديد وحداثوي،يقدم قصائده إلى المشهدية الثقافية بفرادة وتميز مدهشين، وتتميز كتاباته بنكهة " كيميائية " وهي خصوصية عبدالله الاقزم ،لان القصيدة لديه حالة إنسانية روحية يعيشها ما بين عشق وتصوف فيشرعها خلال فضاءات غير مؤطرة . من هنا كان لنا هذا الحوار مع الكاتب والشاعر عبدالله الاقزم .
يقول الشاعر عبدالله الاقزم :
- أنا لم أذهب إلى الشعربل هومن جاءني
- الشعر بحرٌ كبير يغسلُ الشاعرُ فيه قلبه
- لا تُوجدُ طريقة مثلى لوهج الشاعريَّة أفضل من التجديد
- أمَّا التفرُّد فلا أسعى إليه من خلال الأنا بل من خلال نحن
- أفضل الكتابة وأنا في حالة استرخاء تام ما بين النوم واليقظة
- الكون كلُّه قائم على لغة التجديد فإذا حاربنا هذه اللغة قتلنا الحياة
- أسلوبي يختلف عن نزار قبَّاني وهذا الكلام ليس من بنات أفكاري
نص الحوار
س1- من هو عبدالله علي الاقزم الإنسان أولا ,ومن ثم كيف كانت بداياته الأدبية , وكيف جاء إلى عالم الشعر والشعرية..؟
ج- عبدالله الأقزم الإنسان همُّهُ أن يتواصل مع الإنسان الآخر وأن يُدخل السعادة بقدر ما يستطيع إلى الناس والإنسانيَّة و الحياة .بدايتي الأدبيَّة بدأت شرارتها الأولى من جسد القصائد الحسينيِّة والمنابر التي تصدح بعشق محمَّدٍ و عترته الطاهرة في الأفراح و الأحزان. أنا لم أذهب إلى الشعر بل هو من جاءني و ظلَّ يُدمن في قرع ِ بابي باستمرار. كلَّما ابتعدتُ عنه عاد إليَّ ملتصقاً بظلِّي أكثر من أيِّ وقتٍ مضى. إنَّه قدري أن أصبح شاعراً و أنا سعيدٌ بهذا القدر فالشعر بحرٌ كبير يغسلُ الشاعرُ فيه قلبه والشعرُ الأفق الرَّحبُ للطيران و الذوبان على فم الورد الأحمر و مضاجعة رمال الشاطئ والارتقاء نحو معنى أجمل .
س 2 – لماذا على الشاعر أن يحدث أدواته الشعرية وطاقاته الفكرية ..؟!
ج- حتى يواكب نفسه ومحيطه وعالمه وزمانه وإلا فمصير شاعريَّته إلى التآكل و التلف و الضَّياع . لا تُوجدُ طريقة مثلى لوهج الشاعريَّة أفضل من التجديد و السعي إلى التجديد أو المحاولة إلى التجديد فالتجديد عنوان المبدعين الكبار والوقوف عند بيت العنكبوت من دون فكر خلاق سبيل الفاشلين المخضرمين . الكون كلُّه قائم على لغة التجديد فإذا حاربنا هذه اللغة قتلنا الحياة سواء عن قصدٍ أو من دون قصد .في محراب التجديد تستحقُّ الشمسُ أن تشرق من جديد .
س3- كيف كانت لحظة اكتمال القصيدة في داخل عبدالله الاقزم وهل فعلا حصلت ..؟؟!
ج- القصيدة في داخلي ليس لها لحظة للاكتمال و لم أشعر يوماً بهذه اللحظة و لا أريدُ أن َ أشعرَ بهذه اللحظة و الذي أشعرُهُ فقط هو أنَّ قصيدتي تتكامل مع قصائدي الأخرى و مع قصائد الشعراء . أنا و الشعراء جزيئات تتكامل فيما بينها أنا أؤمن بنظريَّة التكامُل مع الآخر فإذا أبدعتُ و تألَّقتُ فبفضل أقراني من الشعراء أبدعتُ و تألَّقتُ و بفضل وهجهم الشعري ارتقيتُ. أمَّا التفرُّد فلا أسعى إليه من خلال الأنا بل من خلال نحن من خلال الجمع إن أبدعَ أحدُنا فكلُّنا مبدعون و كلُّنا مَنْ فاز بهذا اللقب . فالأنانيَّة الإبداعيَّة في أغلب الأحيان مرضٌ خبيث يجبُ أن تُبتر جذوره من أعماق المحيط.
س 4 - ما تأثير " القطيف " في بلورة تجربة الشاعر عبدالله الاقزم ...؟ وما دور المكان في باطن الشاعر ..؟
ج- " القطيف " مدينتي مدينة العلماء و الأدباء و الفقهاء من ألقابها النجف الصغرى و هي كانت في يوم ٍ من الأيَّام تـُشبه مدينة النجف الكبرى مدينة أمير المؤمنين علي عليها السلام. القطيف هي أمِّي و مرضعتي الحنون . تحت نخيلها السَّمراء تفيَّأتُ و من عيونها شربتُ و في حدائقها لعبتُ و في حاراتها نظرتُ إلى السَّماء نظرة العاشق الولهان و في يديَّ كتاب الله و نهجُ البلاغة وإلى أرضها سجدتُ سجود العبد الشاكر لله تعالى. القطيف قلادة ذهبيَّة في جيد الخليج . جمالها الساحر أثرى تجربتي الشعريَّة.أمَّا المكان فهو عندي الإنسان و القيم و الفضائل. بحضور الجمال الإنساني و القيم الراقية يحضرُ المكان و باختفاء ذلك الجمال المقدَّس يختفي المكان أمامي.
س5- من قصائدك العامودية " المتناثرون ... المدارات " بدت لي إنهما تحملان نمطا خاصاً عن كل القصائد التي كتبها " عبدالله الاقزم " لذلك أقول هل هو انكسار روحي , أم هو تأسيس لمذهب المتناجي في كتابة القصيدة..؟
ج- قصيدة " المتناثرون " قصيدة خرجتْ من أعماق قلبي كتبتُها و الجراحاتُ ترسمُ صورها كتبتها والأحزان تنهض مع كلِّ حرفٍ من حروفها و روحي كانت تطيرُ بين نثارها و طوفان أوجاعها هي انكسارٌ كبيرٌ لروحي و شرخٌ دام ٍ لا يُريد أن يلتئم و هي مناجاة في تأسيس مذهب المتناجي. أمَّا قصيدة " مدارات " فهي تختلف عن قصيدتي المتناثرون في لغتها و في انسيابها و صورها الشعريَّة كانَ همِّي الأكبر في هذه القصيدة هو ابتكار صور فريدة من نوعها و قد وفقني الله كثيراً في هذا السعي بشهادة كثير من القراء والنقاد فهاتان القصيدتان منعطفان مهمَّان في حياتي الشعريَّة.و هناك قصائد أخرى شكَّلتْ محطَّات في الرسم البياني لهذا المشوار الطويل .
س6 ) - دعني هنا وستبقى حبي الأول ( هما قصيدتان اعتقد إنهما من نمط التفعيلة تعبران عن حالة بوح وهذيان طافح لدى الشاعر عبدالله الاقزم فماذا تقول ..؟
ج- ربَّما هذيان في" دعني هنا " و لكن لا ينطبق هذا مع القصيدة ستبقى حبِّيَ الأوَّل فهذه القصيدة جاءت عن وعي تام لماذا أكتب؟ و عمَّ أكتب؟ و فيمَ أكتب؟ عشتُ تجربة سمعتُها من ها هنا أو هناك فاختمرتْ الفكرة في عقلي و قلبي و روحي فأثمرت " ستبقى حبِّيَ الأوَّل " و كلُّ قصيدة حبٍّ جديدة أو في رحم الغيب هي حبِّي الأوَّل .
س7- نحس من خلال قراءة قصائدك انك تحت سطوة قصائد الشاعر نزار القباني هل هي صدفة أم هو تأثير غير مباشر أم هي خصوصية الشاعر عبدالله الاقزم , حبذا لو تعطينا فكرة عن هذه .. ؟
ج- لستُ تحتَ سطوة الشاعر الكبير نزار قبَّاني و الدليل أنني أمتلك بصمتي الخاصَّة بي فأسلوبي يختلف عن نزار قبَّاني و هذا الكلام ليس من بنات أفكاري بل من خلال شهادات أدباء و شعراء كبار و نقاد متمرِّسين. نعم هناك قصائد فيها صدى للشاعر الكبير نزار قباني فالصَّدى شيء و الوقوع تحت السَّطوة شيء آخر و هذه الجملة الأخيرة فيها الكثير من المبالغة. فلديَّ مئات القصائد التي لا تشبه نزار في شيء . سأعطيك أمثلة على ذلك قصيدتي " المتناثرون " و قصيدتي " الفولاذيَّة "و قصيدتي " قم يا عراق "و قصيدتي " بسملات على لسان أسئلة عاشقة "و قصيدتي "في محراب الجراح " .....إلخ كلُّها تشهدُ أنني أختلف عن شاعرنا الكبير نزار قبَّاني و أنني لا أقعُ تحت سطوته. متى ما شعرتُ يوماً ما أنني أقعُ تحت سطوة هذا النجم الكبير سأعتزل الشعر فوراً و أقدِّم استقالتي لجماهير الفنِّ الجميل .
س 8- هل الشاعر عبد الله الاقزم أسير طقوس محددة في الكتابة الشعرية أم يأتي إلى محراب القصيدة في غفوة من القدر ...؟
ج- ليس لي طقوسٌ وليس لي وقت محدَّدة للكتابة فأنا أكتبُ و لو كانت الظروف لا تسمحُ بالكتابة .أحياناً تنزلُ عليَّ الكتابة كالغيث المنهمر و أحياناً تتحوَّلُ إلى صحراء قاحلة. أكتب في لحظات الهدوء كما إنني أكتب في وسط الصخب والإزعاج ولكنني أفضل الكتابة وأنا في حالة استرخاء ٍ تام ما بين النوم واليقظة .
س 9 - تنفرد قصائدك بالعمق والإيحاء والجمال ،من جانب والوضوح والشفافية من جانب آخر, فما هي مصادر استلهامك الشعري ...؟
ج- المصدر الأوَّل هو الحياة و تجاربُ الناس والملهم الأكبر هو الأنثى و تاء التأنيث والعاطفة التي تسطع في عيون المحبِّين و العشاق.
س10- لقد أصدرت ديوانين هما( من أمطار العشق و خذني إلى معنى الهوى ) كيف كانت الرؤية النقدية لهما..؟
ج- الأوَّل بشكل ٍعام ٍ جيِّد ... أمَّا الثاني فقد حقق قفزة في المستوى واستشفيتُ الأمر من خلال أقراني الشعراء والأدباء الكبار .
س11- من مجاميعك التي لم ترى النور حتى الآن مثل: إلى أين يتجه النيزك ,الطريق إلى الجنة ,ستبقى حبي الأول ملتهبة , وللحب رياح شمالية ,خمس دقائق قبل وصول العاصفة ) هل لنا أن نعرف ما هي الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء عدم ظهورها إلى النور..؟؟
ج- السبب الأكبر هو أنني لم أجد المنتج والموزع فأنا المؤلف و أنا المنتج و أنا الموزع هذه الأدوار أتعبتني كثيراً في تجربتي مع ديواني من أمطار العشق والثاني خذني إلى معنى الهوى. المؤسسات الموجودة التي تتكفل بالإنتاج والتوزيع شروطها لا تعجبني.
س12- لقد اختيرت قصيدتك ( شقَّ السَّماءَ بنوره ) من أفضل القصائد التي قيلت في النبيِّ (ص) ووضعت بين كبار الشعراء العرب الذين قالوا في النبيِّ( ص) على مرِّ العصور ككعب بن زهير وأحمد شوقي والبوصيري, والسيد مصطفى جمال الدين و الدكتور الشيخ أحمد الوائلي... إلخ ما وقع هذا التصنيف على ذات عبد الله الاقزم ..
ج- لقد أبكاني كثيراً من أنا حتى أكون بين هؤلاء العمالقة. هذا التصنيف دفعني نحوَ الوهج الإبداعي أكثر وأكثر من ذي قبل و حمَّلني مسؤولية كبرى .
س13- بماذا تعلق على ما كتب عنك من هذه العبارات في وسائل الإعلام : ( إنه من أساطير الشعر العربي )- (شاعر الأنبياء) ..؟
ج- هي أوسمة لا أستحقها و لكن تضعني أمام أعباء كبيرة للتحدَّي و مواجهة الجبال مهما كانت في قساوتها وجبروتها والسعي الحثيث نحو القمَّة.و هي أجوبة مُزلزلة لكلِّ من حارب شعري بحسده الكبير
س 14- قيل في الشاعرعبدالله الاقزم كلام مفاداه : انه يذكِّرُنا بروائع الأولين وكأنَّ عنترة بن شدَّاد خرج لنا من غياهب التأريخ و من عبق الزمان الأوَّل لينشد لنا هذه الرائعة ..؟ ألا تعتقد بان قائل هذه العبارة وفي ظل الحداثة الشعرية يريد الإياب بعبدالله الاقزم إلى زمن الجاهلية .
ج- الرجوع إلى التراث ليس ضد الحداثة كم من نصٍّ قديم أكثر حداثة من أيِّ نصٍّ يكتبه الحداثيُّون. الحداثة مواصلة الماضي بالحاضر في لغة مبدعة مبتكرة متجدِّدة في كلِّ عصر,و هذه المقولة التي أوردتَها أنتَ هنا تفنِّدُ المزاعم التي تقول إنني تحت سطوة الشاعر الكبير نزار قبَّاني و تضربُ بهذه المزاعم عرض الحائط هذا إن بقي هناك حائط .
س15 – أفردت لك الكثير من المنابر ومن المواقع الأدبيِّة والثقافيِّة الالكترونية والورقية صفحاتها للكتابة فيها من الناحية الأخرى إلا ترى معي بان هذا النشر يستهلك طاقة الشاعر الروحية والفكرية إلى أن يصنف بشاعر المستهلك ,ماذا يقول عبدالله الاقزم في هذا الموضوع ..؟
ج- في العادة لا أكتب في الشهر إلا نصَّاً واحداً و أشترط على نفسي أن يكون النصُّ أهلاً للنشر و إلا حكمتُ عليه أن لا يُنشر و يظلَّ في الظلِّ أو أرميه إلى سلَّة المهملات.أو أنسفه في اليمِّ نسفاً أو أتركهُ قاعاً صفصفاً . هكذا أتعامل مع شعري. لا مجاملة و لا مُهادنة. يكونُ أولا يكون . فّإذا برز نصٌّ بين أصابعي و لمع و سطع فمكانه أن ُ يُنشرَ في المواقع الأدبيَّة و الثقافيَّة الإلكترونيَّة و الورقيَّة. بهذه الطريقة لا أستهلك نفسي و من يشترط عليَّ بنصٍّ غير منشور مِن قبل سأقول له مع السلامة, في أمان الله فقصائدي هي ملك لجميع القراء و من دون استثناء من أقصى الأرض إلى أقصاها .
س 16- إلى أي مدى استفاد الشاعر عبدالله الاقزم من الحركة النقدية في العالم العربي , وخاصة في تطوير أدواته الشعرية ولكن هل تقبل النقد أصلا ..؟!
ج- أقبل النقد إذا كان هادفاً بناءً و وجودي بين عمالقة الشعر أفادني كثيراً و أثراني و ساهم في تطوُّر شعري و ازدهاره .أمَّا الحركة النقديَّة في العالم العربي فهي في حالة جزر ٍ في الوقت الراهن . آملُ أن تنهضَ من سباتها العميق و تترك الجلوس بين المقابر لأنني أخشى عليها من موتٍ قادم ٍ قاتم .
س 17 - في نهاية هذا الحوار أرجو منك سيدي الكريم أن تحدثنا قليلا عن مشاريعك الأدبية الحالية منها والقادمة ..
ج- إن شاء الله ديواني الثالث " إلى أين يتجهُ النيزك" ؟؟؟ سيرى النور عن قريب.و هناك من الدواوين من ينتظرُ دوره في النشر. مشاريعي الأدبيَّة كثيرة و الأيَّام القادمة ستتكفل في إظهارها للناس لكلِّ الناس. في ختام المقابلة لا يسعني إلا أن أشكرك على هذا الحوار الجميل و أشكر القراء الكرام. لك و لهم أحلى الحبِّ و أحلاه. أخوكم المحب عبدالله علي الأقزم..
وفي الختام السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
Hisen65@gmail.com
حسين أحمد
عبدالله علي الاقزم - من مواليد (1970 "( القطيف " درس اللغة العربية ,كاتب وشاعر، يكتب لأجل الإنسانية ، يؤمن بالتفاعل مع الأخر ثقافيا وفكرياً برؤية شاعرية، وترتكز أدواته الكتابية على ما هو جديد وحداثوي،يقدم قصائده إلى المشهدية الثقافية بفرادة وتميز مدهشين، وتتميز كتاباته بنكهة " كيميائية " وهي خصوصية عبدالله الاقزم ،لان القصيدة لديه حالة إنسانية روحية يعيشها ما بين عشق وتصوف فيشرعها خلال فضاءات غير مؤطرة . من هنا كان لنا هذا الحوار مع الكاتب والشاعر عبدالله الاقزم .
يقول الشاعر عبدالله الاقزم :
- أنا لم أذهب إلى الشعربل هومن جاءني
- الشعر بحرٌ كبير يغسلُ الشاعرُ فيه قلبه
- لا تُوجدُ طريقة مثلى لوهج الشاعريَّة أفضل من التجديد
- أمَّا التفرُّد فلا أسعى إليه من خلال الأنا بل من خلال نحن
- أفضل الكتابة وأنا في حالة استرخاء تام ما بين النوم واليقظة
- الكون كلُّه قائم على لغة التجديد فإذا حاربنا هذه اللغة قتلنا الحياة
- أسلوبي يختلف عن نزار قبَّاني وهذا الكلام ليس من بنات أفكاري
نص الحوار
س1- من هو عبدالله علي الاقزم الإنسان أولا ,ومن ثم كيف كانت بداياته الأدبية , وكيف جاء إلى عالم الشعر والشعرية..؟
ج- عبدالله الأقزم الإنسان همُّهُ أن يتواصل مع الإنسان الآخر وأن يُدخل السعادة بقدر ما يستطيع إلى الناس والإنسانيَّة و الحياة .بدايتي الأدبيَّة بدأت شرارتها الأولى من جسد القصائد الحسينيِّة والمنابر التي تصدح بعشق محمَّدٍ و عترته الطاهرة في الأفراح و الأحزان. أنا لم أذهب إلى الشعر بل هو من جاءني و ظلَّ يُدمن في قرع ِ بابي باستمرار. كلَّما ابتعدتُ عنه عاد إليَّ ملتصقاً بظلِّي أكثر من أيِّ وقتٍ مضى. إنَّه قدري أن أصبح شاعراً و أنا سعيدٌ بهذا القدر فالشعر بحرٌ كبير يغسلُ الشاعرُ فيه قلبه والشعرُ الأفق الرَّحبُ للطيران و الذوبان على فم الورد الأحمر و مضاجعة رمال الشاطئ والارتقاء نحو معنى أجمل .
س 2 – لماذا على الشاعر أن يحدث أدواته الشعرية وطاقاته الفكرية ..؟!
ج- حتى يواكب نفسه ومحيطه وعالمه وزمانه وإلا فمصير شاعريَّته إلى التآكل و التلف و الضَّياع . لا تُوجدُ طريقة مثلى لوهج الشاعريَّة أفضل من التجديد و السعي إلى التجديد أو المحاولة إلى التجديد فالتجديد عنوان المبدعين الكبار والوقوف عند بيت العنكبوت من دون فكر خلاق سبيل الفاشلين المخضرمين . الكون كلُّه قائم على لغة التجديد فإذا حاربنا هذه اللغة قتلنا الحياة سواء عن قصدٍ أو من دون قصد .في محراب التجديد تستحقُّ الشمسُ أن تشرق من جديد .
س3- كيف كانت لحظة اكتمال القصيدة في داخل عبدالله الاقزم وهل فعلا حصلت ..؟؟!
ج- القصيدة في داخلي ليس لها لحظة للاكتمال و لم أشعر يوماً بهذه اللحظة و لا أريدُ أن َ أشعرَ بهذه اللحظة و الذي أشعرُهُ فقط هو أنَّ قصيدتي تتكامل مع قصائدي الأخرى و مع قصائد الشعراء . أنا و الشعراء جزيئات تتكامل فيما بينها أنا أؤمن بنظريَّة التكامُل مع الآخر فإذا أبدعتُ و تألَّقتُ فبفضل أقراني من الشعراء أبدعتُ و تألَّقتُ و بفضل وهجهم الشعري ارتقيتُ. أمَّا التفرُّد فلا أسعى إليه من خلال الأنا بل من خلال نحن من خلال الجمع إن أبدعَ أحدُنا فكلُّنا مبدعون و كلُّنا مَنْ فاز بهذا اللقب . فالأنانيَّة الإبداعيَّة في أغلب الأحيان مرضٌ خبيث يجبُ أن تُبتر جذوره من أعماق المحيط.
س 4 - ما تأثير " القطيف " في بلورة تجربة الشاعر عبدالله الاقزم ...؟ وما دور المكان في باطن الشاعر ..؟
ج- " القطيف " مدينتي مدينة العلماء و الأدباء و الفقهاء من ألقابها النجف الصغرى و هي كانت في يوم ٍ من الأيَّام تـُشبه مدينة النجف الكبرى مدينة أمير المؤمنين علي عليها السلام. القطيف هي أمِّي و مرضعتي الحنون . تحت نخيلها السَّمراء تفيَّأتُ و من عيونها شربتُ و في حدائقها لعبتُ و في حاراتها نظرتُ إلى السَّماء نظرة العاشق الولهان و في يديَّ كتاب الله و نهجُ البلاغة وإلى أرضها سجدتُ سجود العبد الشاكر لله تعالى. القطيف قلادة ذهبيَّة في جيد الخليج . جمالها الساحر أثرى تجربتي الشعريَّة.أمَّا المكان فهو عندي الإنسان و القيم و الفضائل. بحضور الجمال الإنساني و القيم الراقية يحضرُ المكان و باختفاء ذلك الجمال المقدَّس يختفي المكان أمامي.
س5- من قصائدك العامودية " المتناثرون ... المدارات " بدت لي إنهما تحملان نمطا خاصاً عن كل القصائد التي كتبها " عبدالله الاقزم " لذلك أقول هل هو انكسار روحي , أم هو تأسيس لمذهب المتناجي في كتابة القصيدة..؟
ج- قصيدة " المتناثرون " قصيدة خرجتْ من أعماق قلبي كتبتُها و الجراحاتُ ترسمُ صورها كتبتها والأحزان تنهض مع كلِّ حرفٍ من حروفها و روحي كانت تطيرُ بين نثارها و طوفان أوجاعها هي انكسارٌ كبيرٌ لروحي و شرخٌ دام ٍ لا يُريد أن يلتئم و هي مناجاة في تأسيس مذهب المتناجي. أمَّا قصيدة " مدارات " فهي تختلف عن قصيدتي المتناثرون في لغتها و في انسيابها و صورها الشعريَّة كانَ همِّي الأكبر في هذه القصيدة هو ابتكار صور فريدة من نوعها و قد وفقني الله كثيراً في هذا السعي بشهادة كثير من القراء والنقاد فهاتان القصيدتان منعطفان مهمَّان في حياتي الشعريَّة.و هناك قصائد أخرى شكَّلتْ محطَّات في الرسم البياني لهذا المشوار الطويل .
س6 ) - دعني هنا وستبقى حبي الأول ( هما قصيدتان اعتقد إنهما من نمط التفعيلة تعبران عن حالة بوح وهذيان طافح لدى الشاعر عبدالله الاقزم فماذا تقول ..؟
ج- ربَّما هذيان في" دعني هنا " و لكن لا ينطبق هذا مع القصيدة ستبقى حبِّيَ الأوَّل فهذه القصيدة جاءت عن وعي تام لماذا أكتب؟ و عمَّ أكتب؟ و فيمَ أكتب؟ عشتُ تجربة سمعتُها من ها هنا أو هناك فاختمرتْ الفكرة في عقلي و قلبي و روحي فأثمرت " ستبقى حبِّيَ الأوَّل " و كلُّ قصيدة حبٍّ جديدة أو في رحم الغيب هي حبِّي الأوَّل .
س7- نحس من خلال قراءة قصائدك انك تحت سطوة قصائد الشاعر نزار القباني هل هي صدفة أم هو تأثير غير مباشر أم هي خصوصية الشاعر عبدالله الاقزم , حبذا لو تعطينا فكرة عن هذه .. ؟
ج- لستُ تحتَ سطوة الشاعر الكبير نزار قبَّاني و الدليل أنني أمتلك بصمتي الخاصَّة بي فأسلوبي يختلف عن نزار قبَّاني و هذا الكلام ليس من بنات أفكاري بل من خلال شهادات أدباء و شعراء كبار و نقاد متمرِّسين. نعم هناك قصائد فيها صدى للشاعر الكبير نزار قباني فالصَّدى شيء و الوقوع تحت السَّطوة شيء آخر و هذه الجملة الأخيرة فيها الكثير من المبالغة. فلديَّ مئات القصائد التي لا تشبه نزار في شيء . سأعطيك أمثلة على ذلك قصيدتي " المتناثرون " و قصيدتي " الفولاذيَّة "و قصيدتي " قم يا عراق "و قصيدتي " بسملات على لسان أسئلة عاشقة "و قصيدتي "في محراب الجراح " .....إلخ كلُّها تشهدُ أنني أختلف عن شاعرنا الكبير نزار قبَّاني و أنني لا أقعُ تحت سطوته. متى ما شعرتُ يوماً ما أنني أقعُ تحت سطوة هذا النجم الكبير سأعتزل الشعر فوراً و أقدِّم استقالتي لجماهير الفنِّ الجميل .
س 8- هل الشاعر عبد الله الاقزم أسير طقوس محددة في الكتابة الشعرية أم يأتي إلى محراب القصيدة في غفوة من القدر ...؟
ج- ليس لي طقوسٌ وليس لي وقت محدَّدة للكتابة فأنا أكتبُ و لو كانت الظروف لا تسمحُ بالكتابة .أحياناً تنزلُ عليَّ الكتابة كالغيث المنهمر و أحياناً تتحوَّلُ إلى صحراء قاحلة. أكتب في لحظات الهدوء كما إنني أكتب في وسط الصخب والإزعاج ولكنني أفضل الكتابة وأنا في حالة استرخاء ٍ تام ما بين النوم واليقظة .
س 9 - تنفرد قصائدك بالعمق والإيحاء والجمال ،من جانب والوضوح والشفافية من جانب آخر, فما هي مصادر استلهامك الشعري ...؟
ج- المصدر الأوَّل هو الحياة و تجاربُ الناس والملهم الأكبر هو الأنثى و تاء التأنيث والعاطفة التي تسطع في عيون المحبِّين و العشاق.
س10- لقد أصدرت ديوانين هما( من أمطار العشق و خذني إلى معنى الهوى ) كيف كانت الرؤية النقدية لهما..؟
ج- الأوَّل بشكل ٍعام ٍ جيِّد ... أمَّا الثاني فقد حقق قفزة في المستوى واستشفيتُ الأمر من خلال أقراني الشعراء والأدباء الكبار .
س11- من مجاميعك التي لم ترى النور حتى الآن مثل: إلى أين يتجه النيزك ,الطريق إلى الجنة ,ستبقى حبي الأول ملتهبة , وللحب رياح شمالية ,خمس دقائق قبل وصول العاصفة ) هل لنا أن نعرف ما هي الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء عدم ظهورها إلى النور..؟؟
ج- السبب الأكبر هو أنني لم أجد المنتج والموزع فأنا المؤلف و أنا المنتج و أنا الموزع هذه الأدوار أتعبتني كثيراً في تجربتي مع ديواني من أمطار العشق والثاني خذني إلى معنى الهوى. المؤسسات الموجودة التي تتكفل بالإنتاج والتوزيع شروطها لا تعجبني.
س12- لقد اختيرت قصيدتك ( شقَّ السَّماءَ بنوره ) من أفضل القصائد التي قيلت في النبيِّ (ص) ووضعت بين كبار الشعراء العرب الذين قالوا في النبيِّ( ص) على مرِّ العصور ككعب بن زهير وأحمد شوقي والبوصيري, والسيد مصطفى جمال الدين و الدكتور الشيخ أحمد الوائلي... إلخ ما وقع هذا التصنيف على ذات عبد الله الاقزم ..
ج- لقد أبكاني كثيراً من أنا حتى أكون بين هؤلاء العمالقة. هذا التصنيف دفعني نحوَ الوهج الإبداعي أكثر وأكثر من ذي قبل و حمَّلني مسؤولية كبرى .
س13- بماذا تعلق على ما كتب عنك من هذه العبارات في وسائل الإعلام : ( إنه من أساطير الشعر العربي )- (شاعر الأنبياء) ..؟
ج- هي أوسمة لا أستحقها و لكن تضعني أمام أعباء كبيرة للتحدَّي و مواجهة الجبال مهما كانت في قساوتها وجبروتها والسعي الحثيث نحو القمَّة.و هي أجوبة مُزلزلة لكلِّ من حارب شعري بحسده الكبير
س 14- قيل في الشاعرعبدالله الاقزم كلام مفاداه : انه يذكِّرُنا بروائع الأولين وكأنَّ عنترة بن شدَّاد خرج لنا من غياهب التأريخ و من عبق الزمان الأوَّل لينشد لنا هذه الرائعة ..؟ ألا تعتقد بان قائل هذه العبارة وفي ظل الحداثة الشعرية يريد الإياب بعبدالله الاقزم إلى زمن الجاهلية .
ج- الرجوع إلى التراث ليس ضد الحداثة كم من نصٍّ قديم أكثر حداثة من أيِّ نصٍّ يكتبه الحداثيُّون. الحداثة مواصلة الماضي بالحاضر في لغة مبدعة مبتكرة متجدِّدة في كلِّ عصر,و هذه المقولة التي أوردتَها أنتَ هنا تفنِّدُ المزاعم التي تقول إنني تحت سطوة الشاعر الكبير نزار قبَّاني و تضربُ بهذه المزاعم عرض الحائط هذا إن بقي هناك حائط .
س15 – أفردت لك الكثير من المنابر ومن المواقع الأدبيِّة والثقافيِّة الالكترونية والورقية صفحاتها للكتابة فيها من الناحية الأخرى إلا ترى معي بان هذا النشر يستهلك طاقة الشاعر الروحية والفكرية إلى أن يصنف بشاعر المستهلك ,ماذا يقول عبدالله الاقزم في هذا الموضوع ..؟
ج- في العادة لا أكتب في الشهر إلا نصَّاً واحداً و أشترط على نفسي أن يكون النصُّ أهلاً للنشر و إلا حكمتُ عليه أن لا يُنشر و يظلَّ في الظلِّ أو أرميه إلى سلَّة المهملات.أو أنسفه في اليمِّ نسفاً أو أتركهُ قاعاً صفصفاً . هكذا أتعامل مع شعري. لا مجاملة و لا مُهادنة. يكونُ أولا يكون . فّإذا برز نصٌّ بين أصابعي و لمع و سطع فمكانه أن ُ يُنشرَ في المواقع الأدبيَّة و الثقافيَّة الإلكترونيَّة و الورقيَّة. بهذه الطريقة لا أستهلك نفسي و من يشترط عليَّ بنصٍّ غير منشور مِن قبل سأقول له مع السلامة, في أمان الله فقصائدي هي ملك لجميع القراء و من دون استثناء من أقصى الأرض إلى أقصاها .
س 16- إلى أي مدى استفاد الشاعر عبدالله الاقزم من الحركة النقدية في العالم العربي , وخاصة في تطوير أدواته الشعرية ولكن هل تقبل النقد أصلا ..؟!
ج- أقبل النقد إذا كان هادفاً بناءً و وجودي بين عمالقة الشعر أفادني كثيراً و أثراني و ساهم في تطوُّر شعري و ازدهاره .أمَّا الحركة النقديَّة في العالم العربي فهي في حالة جزر ٍ في الوقت الراهن . آملُ أن تنهضَ من سباتها العميق و تترك الجلوس بين المقابر لأنني أخشى عليها من موتٍ قادم ٍ قاتم .
س 17 - في نهاية هذا الحوار أرجو منك سيدي الكريم أن تحدثنا قليلا عن مشاريعك الأدبية الحالية منها والقادمة ..
ج- إن شاء الله ديواني الثالث " إلى أين يتجهُ النيزك" ؟؟؟ سيرى النور عن قريب.و هناك من الدواوين من ينتظرُ دوره في النشر. مشاريعي الأدبيَّة كثيرة و الأيَّام القادمة ستتكفل في إظهارها للناس لكلِّ الناس. في ختام المقابلة لا يسعني إلا أن أشكرك على هذا الحوار الجميل و أشكر القراء الكرام. لك و لهم أحلى الحبِّ و أحلاه. أخوكم المحب عبدالله علي الأقزم..
وفي الختام السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
Hisen65@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق