خالد الأسمر
ماهر الخيرفي كتابه "عصافير كوبري قصر النيل" يرتل أناشيد عشق قديم، عُتّقَ في خوابي الحروف المطليّة بالذهب التي ترعشُ حواسك كلها، فتشهق الملائكة لتراتيل الأبداع، وتسمع موسيقى أثيرية حالمة آتية من جنات ملونة.
تطل علينا القصيدة الأولى " شهقة الأحلام" متدفقة كشلال من المشاعر الدافئة، كنفخة من مزامير داوود، يصعد الكلام الطيب والصلوات لتلف المدينة بأكملها، فهو يتجسد بها ويتوحد مع أسرار المكان، يغلفه بقشرة الحب ويطويه بين صفحات يديه بتؤدة لأجيال لم تره بعد.
هذه القصيدة تحمل بين طياتها كل مواضيع العشق والآصالة والعودة الى الجذور والحس الروحاني الشفاف:
أقيم لأجلها شهراُ من الصلوات/ توضئنا بنور الكون والسموات / تلوّن وجهَه الجنات.
عندما يفاجئك فعل الكتابة في هذا العمل بصدق المشاعر ووصفه لحغرافيا الحب ، ففي قصيدة " قاهرة الهوى" يختزل بكلمات موجزة حالة من الحب لا يمكن كنه أبعادها الا شاعر معاصر يختزن الذاكرة االجماعية للمكان والموروثات الحضارية، كما قال "كارل يونغ" ، فقاهرة الهوى هي عاصمة الشرق وحالها حاله المدينة المثالية التي تجسد الشرق بكل الوانه ونتاقضاته وجراحه وعنفوانه: يتمدد النيل بي حتى تزيف التعب /والرمال أشتعال لهب / ،
ثم يقلب الشاعر بين أصابعه الأزمنة والأمكنة والتشخيصات في تعريف حداثي وما بعد الحداثي.
فمن النفحة الرسولية الواضحة في هذا المقطع : كيف يؤد في الدجى الكسيح/ أحصنة ـشعل صدر الريح/ تتشظى كرماح الذهب/ . يليه مقطع آخر يجسد لفتة فرعونية : هذا القلب يزحف كالأفاعي في ظهيرات القيظ/ في الأعالي موتى برقصة فنتوا قرص الشمس/ كي يأتي المطر/ ألن يأتي المطر/ .
ولكن كل هذا التجريد يتشكل كلوحة متداخلة الألوان/ وفي المقطع الأخير تتساقط الكلمات كلوعة ودعاء من صدر صوقي يرجو القرب واللقاء/ ما حيلة النيران قي الأعين الحالكة؟ ما حيلة الأرواح في الأضلع الشائكة/ من ثم يقفل قصيدته من خلال سوريالية فذة، وكأننا أمام لوحة ل ل "ماجريت" وذلك حين يقول: عين هوت من كحلها/ رحمة بالعاشقين الغلابة/
هذة القدرة المميزة على التنويع في النص الواحد وخلق اجواء ومناخات حارة وباردة سوريالية وواقعية هي لشهادة على تفوق الحس الشعري من حيث ثقافانه المتعددة وصبغته الانسانية بشقيها المحلي والعالمي.
وفي نفس السياق الأسطوري الصوفي السوريالي، يخوض الشاعر كل هذ المضامير في قصيدته: " لم أقل يوما" ، فالشاعر يضرب في أعماق التاريخ يستمد منه عبره ليلقي الضوء على حقيقة ساطعة الوضوح وهي أن الأنسان الشرقي هو شجرة أصيلة، جذورها إيمانية وحدانية وأغصانها رسولية عالمية/، هذا المدّ الصوفي يظهر بوضوح في هذه القصيدة: لم أقل يوما / أنا ومن بعدي الطوفان / نذرتني في رحمها / للريح والمدائن/. فمع أن الحياة اهدت الشاعر جسورأ وجنائن وريحاً، الأ أنه بعين الشرقي الراضي بقدرِه يتقبل الحياة بحلوّها ومرّها، ويهديها جسورا وجنائن وعطاءات، يهبها للمدينة الحبيبة وقمرها: كم مددت اليد الوردة/ وهدب الأقحوان...ومضيت.
ويستمر السياق السوريالي الصوفي في قصيدة "كوبري قصر النيل"، هنا يصل الشاعر لحالة من الإنجذاب والتجاذب بين المكان والأشخاص والطقوس التي تصقل من الداخل والخارج:
في مغاور القلب/ أضرمت الشموع وبكيت/ كي لا تكذّبني السّماء/.
ولكن بعد ان يغلق الشاعر بوابات الشك ويوصد مزلاج الظن، حينها يقذف النور في القلب وتنهار القيود التي تمنعنا من الوصول للفردوس المرجوة ، فكل شيء يجب ان يفنى من مخيلة الشاعر ليشع النور في القلب:
أغلقت الفردوس ابوابها...ينهار/ ولكن حين يلتقي الحبيب بالمحبوب: يدانا المتشابكتان/ ما تبقّى من هذه الدنيا/ حمامة/ وغمامة/ ذائبة.
أما في قصيدة "أغمض عينيك"، فإنّ ما يلفت انتباهنا هو نظرية وحدة الوجود كما نادى بها ابن عربي وغيره، والتي تجد أصداء لها في بعض التنظير العلمي الحديث الذي يقر بأن الوقت شيء نسبي وبأننا كلنا مكونون من طاقة حيويه مؤثرة ومتأثرة بحقل الطاقة لدى الأخرين، كما جاء في كتاب روندا بيرن " السر" ، وهذا ما أعتقد بأن الشاعر يؤطره في قصيدة: " أغمض عينيك"، حين ينشد: أغمض عينيك / قل الكون لنا/ سترى كيف تولد مني/ ومنك أولد أنا منك .
وهذه النسبية تطال الحياة والأِشياء وتسود كل القصيدة: أغمض عينيك/ وانفخ بمزمارك/ سترى كم المدائن هشَّة/ والناس حطام/ وملوك الدنيا/ اشلاء عظام.
وفي حين يتوقف االعلم عند هذا الحد من الغيبيات،فإن الشاعر يعود الى مسبّب الأسباب، الذي بدونه لا وجود للموجود، لهذا النور الأزلي الذي يزيد وينقص من الأِشياء كما يشاء: أغمض عينيك/ وقل ربي زدني عشقأ.
في القصيده التالية يختلط ألأسلوب ما بعد الحداثي مع التراث وألأصالة، في دعوة صريحة للحب الشمولي الذي يلغي العدم: وكثيرٌ منك / نخطو سرَّ السّماء/ ندرك أنَّ الموتَ عدمٌ/ والحياة خالدة.
ونفس الشيء يتكرر بالنسبة لنسبية الأشياء، فكل شيء محسوس يتشكّل في داخلنا فقط، ومن الصعب جدأ لأي شخص أن يدرك عمق مآسينا وأفراحنا من منظوره الشخصي، ذا يقول الشاعر: لا تصدق ظلي/... لا تصدّق خطاي...
السيرورة الموسيقية تستولي على الأحاسيس فتسري في أجسادنا اصداء البدء الأول، نشعر بشعر ماهرالخير باللمسة الأولى والقبلة الأولى/ وشم أول زهرة تفتحت على وجه المعمورة، فما يتبقى شيء من هذة الدنيا، الكل يجري في فلك الحياة سريعاً، مضيئأ، متوهجاً راعشاً للوداعات واللقاءات، للصدفة للمشيئة الى الليالي البيضاء والنجمة الزرقاء، وما ضلّ الشاعر وما طغى بل نظر وتفكر كمن يرى الأحداث المستقبلية واضحة جلية: قل للحارس أن يفتح الأبواب/ وليدخل العابرون والغاوون والغرباء.
فطوبى للغرباء، فكم المدائن هشة ،لأننا نحن من نحيك ثوب واقعها ونسيج أغانيها وتسابيح مآذنها.
فعندما تسقط ملامحنا من على الجدران كما الملصقات، وتصفر، فهل نستطيع إذن أن نصدق دموع النهر والبخور والبلور والغمام ؟ أم أن كل هذا كان سرابا؟ كل الأحلام العابرة، كل مقاهي الذاكرة، كل العشاق الغرباء يضحون غباراً... فيا لعمق المآساة التي عرف أسرارها شاعرنا، فهو من العارفين بأن بيروت وباريس والقاهرة وكل المدائن ليست ألأ زنابق متوهجة في تلافيف الذاكرة التي تضيئها بألوانها وتعابيرها وخمائلها كلوحة سريالية ل "سلفادور دالي "المعروفة حيث يصوّر الزمن الهارب كساعة مائعة، فالوقت كذلك عند الشاعر فهو مزيج سحري من الحمرة والدكنة، ولكنه أعظم من التفسير، كما هوعالم الشاعر الذي يضيف على المدينة تهويمات النفس وخلجات المحب، وهل هناك شيء أعظم من الحب الشمولي الذي من خلاله نرى الأشياء على حقيقتها ؟
فكل اللقاءات تعازي، وما يأتي العزاء والرحمة الأ من الله، هنا ماهر الخير يخوض تجربة الحب مثل "حافظ" وغيره من المتصوفة، فليت الألوان كافية أو اللغات تكفي، لكنه هذا الحب، فاللوحة لن تكتمل الأ بالقرب والوصول والتغريد خارج السرب ، حزين هو هذا القلب يدرك تماما أن الأمنيات زائلة. فالشاعر المحب يتلو البحر جرحه، نزيفه بنفسجي علوي، فالعاشق في حاله أميراً لا يموت، يتلقى الفيضان الشعري من عيون الحبيب الذي تغفو الملائكة من حوله، فالمدينة كلها تردد أناشيد الحبيب ، كل دروبها وأزقتها، كل الأمهات الحزانى، كل الكباري ... فما من شيء إلا يصلي ويسجد ،حتى القلب والسمع والبصر، وكل ما يجمع الأضداد و كل الفراقات وكل حقول التوليب هو الله.
وما يلفت انتباه القارىء فهو هذاالبعد الروحاني العالي الوتيرة، وكأننا نري من خلال عشقه للقاهرة حب "حافظ " ل "شمس تبريز"، وإشراقات ابن عربي من خلال التوحد بالمحبوب. فذكر الجنة يتردد مرارا من خلال عدة قصائد وما أظن الشاعر من خلال رحلته الذاتية إلا باحثا عن التسامي والوصول الى ما أبعد من عالم المحسوسات والمادة، فالروح تسطع بقوة من خلال الموسيقى الشعرية الرقراقة كشلال عشق نوراني.
وتتوالى قصائد الشاعرفي الحب والفراق وعذابات الأنتظارت واللقاءات التي لا تكتمل مثل لوحة سوريالية تكاد تبهر الأبصار، لو وجد ما يكفي من الألوان، من الكلمات، من المشاعر، من الضوء والظلمة: " ليت ألألوان كافية لنكمل اللوحة" . ولعل اللوحة لن تكنمل أبدأ ليمارس الشاعر شطحاته الأدبية وشوقه الى المزيد من الألم والعذابات ليتقد آتون الشعر.
وهكذا يستحضر الشاعر كل المورثات الثقافية ليبني بها جسور القاهرة وقبابها وأعيادها... الى الغائيات النفسانية والتشخصات الرمزية، بدلالاتها العميقة" لعينييك .../ يزور الفلب الحُسين.../ ويسجد العمرَ كله.
وتتجسد هذه الرمزيه ضاربةٍ جذورها في الشرق والغرب .
ففي قصيده "جرح النيل" ، نقف أمام لفتة ذو بعد روحاني مؤثر وكأننا نقرأ سطوراً جديدة ل "غابريال غارسيا ماركيز"، ويقول الشاعر الخير: والشمس كرة ثلج أحمر/ كلّما التقينا/ أفاضت المدينة/ بالدماء. وفي قصيدة "شمس لا تغيب" ، تحضرنا الصور القرآنية العرفانية " وجه الله بننا/ شمسٌ لا تغيب / ...حتى الموت بيينا حقل توليب...
ولعل ما يقصده الشاعر هو الفناء العرفاني للقاء الحبيب بتجرد من كل الأِشياء الدنيوية، ليعبرالى عوالم أخرى لم تطأها أقدام الشعراء من فبل:
" كأتما النهر معبر لجنات الآخرة /... تصافح عاشقان/ تلاشى الكون/ تلاشيا/ وبكت الألهة.
أما في قصيدة " ليت الألوان كافية" ، فهي عبارة عن لوحة تشكيلية تذكرنا بإنطباعية الرسّام "مونيه" ولوحاته المائية التي تصور الضوء خلال أوقات معينة من النهار، ولكن لوحة الخير لم تكمتل بسب كل المآسي الشخصية وألانسانية التي يمر بها الأنسان العربي من حرمان أقتصادي وسياسي وأجتماعي وفي مواجهة الأنكماش الداخلي والعولمة، لن تكتمل الصورة سوف تبقى مائية متلاشية بدون ملامح واضحة.
ويتوالى رذاذ ألآسى في قصيدة "نزيف بنفسجي" في تأملات صوفية معاصرة، حيث اللغة تبوح ولا تبوح: دمع المحار حبرٌ لآلآف الحكايا/ والموج سِلّم موسيقي/ تصعده الأرواح العاشقة/ والآلهة...مما يذكرنا بقصص التراث من ألف ليلة وليلة والقصص القرآنية، حيث ايام الله ألف
سنة مما نعد، فالقوانين الطبيعية لا تطبق على أهل العلم والكشوفات، فالحبيب يرى بعين المحب ويصبح أذنه التي يسمع بها، وعينيه التي يرى بهما، وقلبه قد صدق الرؤيا، وكلنا على دراية
بأهمية القلب في الخطاب الديني، من حديث الرسول حين يقول: " في القلب مضغة لو فسدت فسد الجسد كله". فالشاعر يجول في فضاءات العلم الديني ويغرف من التراث كله حين يقول: تأتي الريح من آخر الدنيا/ تنفخ بالأموات فتحيا/والمقابر روض من رياض الجنة.
ويتجلى بوضوح هذا المخزون الهائل للحضارة العربية الأسلامية من خلال مجموع القصائد التالية أيضأ: فالقلب أيضاً هو جرح النيل يشق المدينة نصفين: نصف أنت\ونصف ظلك\
فلعبة الموارة والظلال وكل هذه الأستعارات لم تلد من فراغ بل تنم عن ثفافة وأصالة واعية مندعة تغرف من بحر كل التيارات الحديثة شكللا وأسلوبا بدون أن تقطع صلاته مع الجذور
ومما يثير العجب أن الشاعر الذي أمضى حوالي عقد من الزمن كطالب علم في الغرب\أن يكون على دارية كاملة بشعر المتصوفة وأقكارهم\ ففي قصيدة " شمس لا تغيب" يمكننا تحسس هذا البعد وان نلمسها ملمس اليد وان كان ثوب القصيدة حر معاصر الأ ان روح الشرق وقصائد "شمس تبريز" لحاقظ تظهر واضحة حلية : وجه اللة بيننا/ شمس لا تغيب.../.
ومن ثم الإتحاد بالمحبوب: سيجمعنا المضجع الأخير/ . وكذلك فكرة الرقص والدوران الصوفي والعلو والأرتقاء والصعود الى الجنة: أدخل أبيض القلب/أبيض الجبين/ وأرقص منتصف الليل/ رقصة الأرواح العاشقة.
ولكن ما يلفت انتباه القارىء هو عدم نسيان الشاعر للحياة العادية اليومية وللعذابات الوجودية التي تغرق فيه هذة المدينة العربية العتيقة : في الحارة القديمة / وجوهٌ تذوب مثل الطلاء/
على شبابيك الخشب/. فالشاعر لا يعالج الموضوع الروحي الأ لأدراكه لمعق الماساة وعلمه بان كل شيء زائل، مؤقت، آني، ولا يدوم... لاشيء يسطع فوق الفراق والعجز والألم والموت الا التسليم الكامل بالقدرة الإلهية التي تدبركل شيء : عيناك وحي جلي/ أفهم حق الكون الجميل/
سرٌّ مباح/ أفهم حق الكون الجميل/ إن رفَّت جفناك/ أرى كم الشوق عميق/ لفنائي بك/
وفنائك بي.
ثم قوله: لقاؤنا ذبيحة معبد لحظة العبادة/ فراقنا/ صدى خفافيش الهياكل المهجورة.
فبهذا تأكيد أنه لا يوجد شيء يشفي هذا الجرح المتأصل غير الحب: ما بيننا حب كبير / سنخبر للعالم الكثير/ لامنفى للعصافير/. ثم قوله : هذي الجدران أوراقٌ متناثرة/ هاتِ يدك/ يزف الأفق عرسه/ للشفق تارة/ للغسق تارة/ ويحيا الحبّ مراراً.
وبناء لذلك علينا ان نتذكر دائما النفخة الأولى التي وهبت آدم الحياة، وهي النفخة النورانية المانحة للحب والحياة ويتطرق الشاعر لهذا في قصيدة تذكر: تذكر/ كان الجسد قصباً/ مسّدته بعينيك /نفخت به الريح/ فترنح/ .
وينهي الشاعر قصيدته الأخيرة في الحلول بالمحب والتجسّد به، وبالمكان، فالظاهر هو الباطن،والباطن هو الظاهر، لا فرق: ما كنت أعرف أن " الهضبة الحمراء " متحرّكة/ كلّما
فتحت عينيك / تنهّدت ضاحكة/ أو أغمضتهما/ حلّت السكينة/ ما كنت أعرف من أنفاسك طيبُ رائحة/ تحتل المدينة/ ولمستك تحت جلدي رازحة.
ومن ثم الإتحاد والفناء بالمحبوب فلا وداع : كباري القاهرة/
ممرات ضيّقة/ لصعودنا غيمة معلَّقة/ لقاؤنا كان أجمل من مأتم الآلهة/ وذرفنا دموعاً تكفي آ لافَ اليتامى/ والنيل أعماه البكاء/ فأضلًَّ مجراه/ ولم يكن وداعاً.
وهكذا الكلام الطيب ينهال ابتهالات لأيام وليال، عبقها لآلىء وعقيق شعري مزيجه الحب المطلق، لذي يحيينا ويميتنا، ثم يميتناا ويحيينا مرارا وتكرارا. وما بين أفول ، كما تدور الفصول، يبقى أريجنا فواحاً كريحانة حمراء فوق سفح هذا العالم المتحول، المتغيير الألوان والأشكال.
وبعدسته الشعريه الدقيقة يلتقط الشاعر ماهر الخير الضوء والكلمة وإنعكاساتهما على مرايا الروح التواقه الى العلي والرقي من خلال سحر البيان.
شعر الخير غدير منه نغترف، ماؤه عال نقي يسقينا شهداً تدلى رقراقا.
أخضر شجره، وترامت أغصان الحور فوق صفيحة الماء، تلونها الشمس المارقه
البارقة، والنجم هوى على مسراه ولاح في الآفاق، فثار الوحي وصار الناس قيام سواسية في دين الحب على مدار الأيام.
ماهر الخيرفي كتابه "عصافير كوبري قصر النيل" يرتل أناشيد عشق قديم، عُتّقَ في خوابي الحروف المطليّة بالذهب التي ترعشُ حواسك كلها، فتشهق الملائكة لتراتيل الأبداع، وتسمع موسيقى أثيرية حالمة آتية من جنات ملونة.
تطل علينا القصيدة الأولى " شهقة الأحلام" متدفقة كشلال من المشاعر الدافئة، كنفخة من مزامير داوود، يصعد الكلام الطيب والصلوات لتلف المدينة بأكملها، فهو يتجسد بها ويتوحد مع أسرار المكان، يغلفه بقشرة الحب ويطويه بين صفحات يديه بتؤدة لأجيال لم تره بعد.
هذه القصيدة تحمل بين طياتها كل مواضيع العشق والآصالة والعودة الى الجذور والحس الروحاني الشفاف:
أقيم لأجلها شهراُ من الصلوات/ توضئنا بنور الكون والسموات / تلوّن وجهَه الجنات.
عندما يفاجئك فعل الكتابة في هذا العمل بصدق المشاعر ووصفه لحغرافيا الحب ، ففي قصيدة " قاهرة الهوى" يختزل بكلمات موجزة حالة من الحب لا يمكن كنه أبعادها الا شاعر معاصر يختزن الذاكرة االجماعية للمكان والموروثات الحضارية، كما قال "كارل يونغ" ، فقاهرة الهوى هي عاصمة الشرق وحالها حاله المدينة المثالية التي تجسد الشرق بكل الوانه ونتاقضاته وجراحه وعنفوانه: يتمدد النيل بي حتى تزيف التعب /والرمال أشتعال لهب / ،
ثم يقلب الشاعر بين أصابعه الأزمنة والأمكنة والتشخيصات في تعريف حداثي وما بعد الحداثي.
فمن النفحة الرسولية الواضحة في هذا المقطع : كيف يؤد في الدجى الكسيح/ أحصنة ـشعل صدر الريح/ تتشظى كرماح الذهب/ . يليه مقطع آخر يجسد لفتة فرعونية : هذا القلب يزحف كالأفاعي في ظهيرات القيظ/ في الأعالي موتى برقصة فنتوا قرص الشمس/ كي يأتي المطر/ ألن يأتي المطر/ .
ولكن كل هذا التجريد يتشكل كلوحة متداخلة الألوان/ وفي المقطع الأخير تتساقط الكلمات كلوعة ودعاء من صدر صوقي يرجو القرب واللقاء/ ما حيلة النيران قي الأعين الحالكة؟ ما حيلة الأرواح في الأضلع الشائكة/ من ثم يقفل قصيدته من خلال سوريالية فذة، وكأننا أمام لوحة ل ل "ماجريت" وذلك حين يقول: عين هوت من كحلها/ رحمة بالعاشقين الغلابة/
هذة القدرة المميزة على التنويع في النص الواحد وخلق اجواء ومناخات حارة وباردة سوريالية وواقعية هي لشهادة على تفوق الحس الشعري من حيث ثقافانه المتعددة وصبغته الانسانية بشقيها المحلي والعالمي.
وفي نفس السياق الأسطوري الصوفي السوريالي، يخوض الشاعر كل هذ المضامير في قصيدته: " لم أقل يوما" ، فالشاعر يضرب في أعماق التاريخ يستمد منه عبره ليلقي الضوء على حقيقة ساطعة الوضوح وهي أن الأنسان الشرقي هو شجرة أصيلة، جذورها إيمانية وحدانية وأغصانها رسولية عالمية/، هذا المدّ الصوفي يظهر بوضوح في هذه القصيدة: لم أقل يوما / أنا ومن بعدي الطوفان / نذرتني في رحمها / للريح والمدائن/. فمع أن الحياة اهدت الشاعر جسورأ وجنائن وريحاً، الأ أنه بعين الشرقي الراضي بقدرِه يتقبل الحياة بحلوّها ومرّها، ويهديها جسورا وجنائن وعطاءات، يهبها للمدينة الحبيبة وقمرها: كم مددت اليد الوردة/ وهدب الأقحوان...ومضيت.
ويستمر السياق السوريالي الصوفي في قصيدة "كوبري قصر النيل"، هنا يصل الشاعر لحالة من الإنجذاب والتجاذب بين المكان والأشخاص والطقوس التي تصقل من الداخل والخارج:
في مغاور القلب/ أضرمت الشموع وبكيت/ كي لا تكذّبني السّماء/.
ولكن بعد ان يغلق الشاعر بوابات الشك ويوصد مزلاج الظن، حينها يقذف النور في القلب وتنهار القيود التي تمنعنا من الوصول للفردوس المرجوة ، فكل شيء يجب ان يفنى من مخيلة الشاعر ليشع النور في القلب:
أغلقت الفردوس ابوابها...ينهار/ ولكن حين يلتقي الحبيب بالمحبوب: يدانا المتشابكتان/ ما تبقّى من هذه الدنيا/ حمامة/ وغمامة/ ذائبة.
أما في قصيدة "أغمض عينيك"، فإنّ ما يلفت انتباهنا هو نظرية وحدة الوجود كما نادى بها ابن عربي وغيره، والتي تجد أصداء لها في بعض التنظير العلمي الحديث الذي يقر بأن الوقت شيء نسبي وبأننا كلنا مكونون من طاقة حيويه مؤثرة ومتأثرة بحقل الطاقة لدى الأخرين، كما جاء في كتاب روندا بيرن " السر" ، وهذا ما أعتقد بأن الشاعر يؤطره في قصيدة: " أغمض عينيك"، حين ينشد: أغمض عينيك / قل الكون لنا/ سترى كيف تولد مني/ ومنك أولد أنا منك .
وهذه النسبية تطال الحياة والأِشياء وتسود كل القصيدة: أغمض عينيك/ وانفخ بمزمارك/ سترى كم المدائن هشَّة/ والناس حطام/ وملوك الدنيا/ اشلاء عظام.
وفي حين يتوقف االعلم عند هذا الحد من الغيبيات،فإن الشاعر يعود الى مسبّب الأسباب، الذي بدونه لا وجود للموجود، لهذا النور الأزلي الذي يزيد وينقص من الأِشياء كما يشاء: أغمض عينيك/ وقل ربي زدني عشقأ.
في القصيده التالية يختلط ألأسلوب ما بعد الحداثي مع التراث وألأصالة، في دعوة صريحة للحب الشمولي الذي يلغي العدم: وكثيرٌ منك / نخطو سرَّ السّماء/ ندرك أنَّ الموتَ عدمٌ/ والحياة خالدة.
ونفس الشيء يتكرر بالنسبة لنسبية الأشياء، فكل شيء محسوس يتشكّل في داخلنا فقط، ومن الصعب جدأ لأي شخص أن يدرك عمق مآسينا وأفراحنا من منظوره الشخصي، ذا يقول الشاعر: لا تصدق ظلي/... لا تصدّق خطاي...
السيرورة الموسيقية تستولي على الأحاسيس فتسري في أجسادنا اصداء البدء الأول، نشعر بشعر ماهرالخير باللمسة الأولى والقبلة الأولى/ وشم أول زهرة تفتحت على وجه المعمورة، فما يتبقى شيء من هذة الدنيا، الكل يجري في فلك الحياة سريعاً، مضيئأ، متوهجاً راعشاً للوداعات واللقاءات، للصدفة للمشيئة الى الليالي البيضاء والنجمة الزرقاء، وما ضلّ الشاعر وما طغى بل نظر وتفكر كمن يرى الأحداث المستقبلية واضحة جلية: قل للحارس أن يفتح الأبواب/ وليدخل العابرون والغاوون والغرباء.
فطوبى للغرباء، فكم المدائن هشة ،لأننا نحن من نحيك ثوب واقعها ونسيج أغانيها وتسابيح مآذنها.
فعندما تسقط ملامحنا من على الجدران كما الملصقات، وتصفر، فهل نستطيع إذن أن نصدق دموع النهر والبخور والبلور والغمام ؟ أم أن كل هذا كان سرابا؟ كل الأحلام العابرة، كل مقاهي الذاكرة، كل العشاق الغرباء يضحون غباراً... فيا لعمق المآساة التي عرف أسرارها شاعرنا، فهو من العارفين بأن بيروت وباريس والقاهرة وكل المدائن ليست ألأ زنابق متوهجة في تلافيف الذاكرة التي تضيئها بألوانها وتعابيرها وخمائلها كلوحة سريالية ل "سلفادور دالي "المعروفة حيث يصوّر الزمن الهارب كساعة مائعة، فالوقت كذلك عند الشاعر فهو مزيج سحري من الحمرة والدكنة، ولكنه أعظم من التفسير، كما هوعالم الشاعر الذي يضيف على المدينة تهويمات النفس وخلجات المحب، وهل هناك شيء أعظم من الحب الشمولي الذي من خلاله نرى الأشياء على حقيقتها ؟
فكل اللقاءات تعازي، وما يأتي العزاء والرحمة الأ من الله، هنا ماهر الخير يخوض تجربة الحب مثل "حافظ" وغيره من المتصوفة، فليت الألوان كافية أو اللغات تكفي، لكنه هذا الحب، فاللوحة لن تكتمل الأ بالقرب والوصول والتغريد خارج السرب ، حزين هو هذا القلب يدرك تماما أن الأمنيات زائلة. فالشاعر المحب يتلو البحر جرحه، نزيفه بنفسجي علوي، فالعاشق في حاله أميراً لا يموت، يتلقى الفيضان الشعري من عيون الحبيب الذي تغفو الملائكة من حوله، فالمدينة كلها تردد أناشيد الحبيب ، كل دروبها وأزقتها، كل الأمهات الحزانى، كل الكباري ... فما من شيء إلا يصلي ويسجد ،حتى القلب والسمع والبصر، وكل ما يجمع الأضداد و كل الفراقات وكل حقول التوليب هو الله.
وما يلفت انتباه القارىء فهو هذاالبعد الروحاني العالي الوتيرة، وكأننا نري من خلال عشقه للقاهرة حب "حافظ " ل "شمس تبريز"، وإشراقات ابن عربي من خلال التوحد بالمحبوب. فذكر الجنة يتردد مرارا من خلال عدة قصائد وما أظن الشاعر من خلال رحلته الذاتية إلا باحثا عن التسامي والوصول الى ما أبعد من عالم المحسوسات والمادة، فالروح تسطع بقوة من خلال الموسيقى الشعرية الرقراقة كشلال عشق نوراني.
وتتوالى قصائد الشاعرفي الحب والفراق وعذابات الأنتظارت واللقاءات التي لا تكتمل مثل لوحة سوريالية تكاد تبهر الأبصار، لو وجد ما يكفي من الألوان، من الكلمات، من المشاعر، من الضوء والظلمة: " ليت ألألوان كافية لنكمل اللوحة" . ولعل اللوحة لن تكنمل أبدأ ليمارس الشاعر شطحاته الأدبية وشوقه الى المزيد من الألم والعذابات ليتقد آتون الشعر.
وهكذا يستحضر الشاعر كل المورثات الثقافية ليبني بها جسور القاهرة وقبابها وأعيادها... الى الغائيات النفسانية والتشخصات الرمزية، بدلالاتها العميقة" لعينييك .../ يزور الفلب الحُسين.../ ويسجد العمرَ كله.
وتتجسد هذه الرمزيه ضاربةٍ جذورها في الشرق والغرب .
ففي قصيده "جرح النيل" ، نقف أمام لفتة ذو بعد روحاني مؤثر وكأننا نقرأ سطوراً جديدة ل "غابريال غارسيا ماركيز"، ويقول الشاعر الخير: والشمس كرة ثلج أحمر/ كلّما التقينا/ أفاضت المدينة/ بالدماء. وفي قصيدة "شمس لا تغيب" ، تحضرنا الصور القرآنية العرفانية " وجه الله بننا/ شمسٌ لا تغيب / ...حتى الموت بيينا حقل توليب...
ولعل ما يقصده الشاعر هو الفناء العرفاني للقاء الحبيب بتجرد من كل الأِشياء الدنيوية، ليعبرالى عوالم أخرى لم تطأها أقدام الشعراء من فبل:
" كأتما النهر معبر لجنات الآخرة /... تصافح عاشقان/ تلاشى الكون/ تلاشيا/ وبكت الألهة.
أما في قصيدة " ليت الألوان كافية" ، فهي عبارة عن لوحة تشكيلية تذكرنا بإنطباعية الرسّام "مونيه" ولوحاته المائية التي تصور الضوء خلال أوقات معينة من النهار، ولكن لوحة الخير لم تكمتل بسب كل المآسي الشخصية وألانسانية التي يمر بها الأنسان العربي من حرمان أقتصادي وسياسي وأجتماعي وفي مواجهة الأنكماش الداخلي والعولمة، لن تكتمل الصورة سوف تبقى مائية متلاشية بدون ملامح واضحة.
ويتوالى رذاذ ألآسى في قصيدة "نزيف بنفسجي" في تأملات صوفية معاصرة، حيث اللغة تبوح ولا تبوح: دمع المحار حبرٌ لآلآف الحكايا/ والموج سِلّم موسيقي/ تصعده الأرواح العاشقة/ والآلهة...مما يذكرنا بقصص التراث من ألف ليلة وليلة والقصص القرآنية، حيث ايام الله ألف
سنة مما نعد، فالقوانين الطبيعية لا تطبق على أهل العلم والكشوفات، فالحبيب يرى بعين المحب ويصبح أذنه التي يسمع بها، وعينيه التي يرى بهما، وقلبه قد صدق الرؤيا، وكلنا على دراية
بأهمية القلب في الخطاب الديني، من حديث الرسول حين يقول: " في القلب مضغة لو فسدت فسد الجسد كله". فالشاعر يجول في فضاءات العلم الديني ويغرف من التراث كله حين يقول: تأتي الريح من آخر الدنيا/ تنفخ بالأموات فتحيا/والمقابر روض من رياض الجنة.
ويتجلى بوضوح هذا المخزون الهائل للحضارة العربية الأسلامية من خلال مجموع القصائد التالية أيضأ: فالقلب أيضاً هو جرح النيل يشق المدينة نصفين: نصف أنت\ونصف ظلك\
فلعبة الموارة والظلال وكل هذه الأستعارات لم تلد من فراغ بل تنم عن ثفافة وأصالة واعية مندعة تغرف من بحر كل التيارات الحديثة شكللا وأسلوبا بدون أن تقطع صلاته مع الجذور
ومما يثير العجب أن الشاعر الذي أمضى حوالي عقد من الزمن كطالب علم في الغرب\أن يكون على دارية كاملة بشعر المتصوفة وأقكارهم\ ففي قصيدة " شمس لا تغيب" يمكننا تحسس هذا البعد وان نلمسها ملمس اليد وان كان ثوب القصيدة حر معاصر الأ ان روح الشرق وقصائد "شمس تبريز" لحاقظ تظهر واضحة حلية : وجه اللة بيننا/ شمس لا تغيب.../.
ومن ثم الإتحاد بالمحبوب: سيجمعنا المضجع الأخير/ . وكذلك فكرة الرقص والدوران الصوفي والعلو والأرتقاء والصعود الى الجنة: أدخل أبيض القلب/أبيض الجبين/ وأرقص منتصف الليل/ رقصة الأرواح العاشقة.
ولكن ما يلفت انتباه القارىء هو عدم نسيان الشاعر للحياة العادية اليومية وللعذابات الوجودية التي تغرق فيه هذة المدينة العربية العتيقة : في الحارة القديمة / وجوهٌ تذوب مثل الطلاء/
على شبابيك الخشب/. فالشاعر لا يعالج الموضوع الروحي الأ لأدراكه لمعق الماساة وعلمه بان كل شيء زائل، مؤقت، آني، ولا يدوم... لاشيء يسطع فوق الفراق والعجز والألم والموت الا التسليم الكامل بالقدرة الإلهية التي تدبركل شيء : عيناك وحي جلي/ أفهم حق الكون الجميل/
سرٌّ مباح/ أفهم حق الكون الجميل/ إن رفَّت جفناك/ أرى كم الشوق عميق/ لفنائي بك/
وفنائك بي.
ثم قوله: لقاؤنا ذبيحة معبد لحظة العبادة/ فراقنا/ صدى خفافيش الهياكل المهجورة.
فبهذا تأكيد أنه لا يوجد شيء يشفي هذا الجرح المتأصل غير الحب: ما بيننا حب كبير / سنخبر للعالم الكثير/ لامنفى للعصافير/. ثم قوله : هذي الجدران أوراقٌ متناثرة/ هاتِ يدك/ يزف الأفق عرسه/ للشفق تارة/ للغسق تارة/ ويحيا الحبّ مراراً.
وبناء لذلك علينا ان نتذكر دائما النفخة الأولى التي وهبت آدم الحياة، وهي النفخة النورانية المانحة للحب والحياة ويتطرق الشاعر لهذا في قصيدة تذكر: تذكر/ كان الجسد قصباً/ مسّدته بعينيك /نفخت به الريح/ فترنح/ .
وينهي الشاعر قصيدته الأخيرة في الحلول بالمحب والتجسّد به، وبالمكان، فالظاهر هو الباطن،والباطن هو الظاهر، لا فرق: ما كنت أعرف أن " الهضبة الحمراء " متحرّكة/ كلّما
فتحت عينيك / تنهّدت ضاحكة/ أو أغمضتهما/ حلّت السكينة/ ما كنت أعرف من أنفاسك طيبُ رائحة/ تحتل المدينة/ ولمستك تحت جلدي رازحة.
ومن ثم الإتحاد والفناء بالمحبوب فلا وداع : كباري القاهرة/
ممرات ضيّقة/ لصعودنا غيمة معلَّقة/ لقاؤنا كان أجمل من مأتم الآلهة/ وذرفنا دموعاً تكفي آ لافَ اليتامى/ والنيل أعماه البكاء/ فأضلًَّ مجراه/ ولم يكن وداعاً.
وهكذا الكلام الطيب ينهال ابتهالات لأيام وليال، عبقها لآلىء وعقيق شعري مزيجه الحب المطلق، لذي يحيينا ويميتنا، ثم يميتناا ويحيينا مرارا وتكرارا. وما بين أفول ، كما تدور الفصول، يبقى أريجنا فواحاً كريحانة حمراء فوق سفح هذا العالم المتحول، المتغيير الألوان والأشكال.
وبعدسته الشعريه الدقيقة يلتقط الشاعر ماهر الخير الضوء والكلمة وإنعكاساتهما على مرايا الروح التواقه الى العلي والرقي من خلال سحر البيان.
شعر الخير غدير منه نغترف، ماؤه عال نقي يسقينا شهداً تدلى رقراقا.
أخضر شجره، وترامت أغصان الحور فوق صفيحة الماء، تلونها الشمس المارقه
البارقة، والنجم هوى على مسراه ولاح في الآفاق، فثار الوحي وصار الناس قيام سواسية في دين الحب على مدار الأيام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق