سناء لهب و زياد جيوسي
نص مشترك تذوب فيه الحروف والكلمات
في الصباح لا أمتلك إلا أن أقول لك سيدتي التي لم أعرفها بعد.. صباحك أجمل.. وفي صباح معطر بمثلك لا تمتلك عيناي إلا أن تشرق سناء، أقتحم عليك ساعتك الصباحية الوحيدة التي تمتلكيها مع قهوتك، مغادرة سريرك الدافئ الذي سيكرهك لأنك تركتيه وحيدا، إلا من بقايا عبق عناق ونوم ليلي، فيضج ألما وهو يشعر بوحدته بعد ساعات دافئة، فيئن بوحدته وأنت تجلسين إلى حاسوبك تتفقدين علبتك البريدية وتقرأين هذيان لمجنون عاقل أو لنقل عاقل مجنون، يقتحم لحظات صفاء بومضات تظهر أو لا تظهر لاحقا، فيلتقيك على شاطئ رقمي يسوده الجنون كما هو عالم المجرات التي تلتقي كما التقت مجراتنا ذات يوم في جنون رحلة فضائية، في سماء أطياف متمردة لم تر النور بعد، فما زلت أخنقها لعلها تولد مع عودة طيف أنتظره ذات يوم، والأطياف لا تعود يا صديقتي فهي طاقة من نور تتجه باتجاه واحد سابرة أعماق الكون المجهول حتى تتلاشى.. يقولون أن الطاقة لا تتلاشى وقد تعود بشكل آخر وتجسيد آخر لكنها تحمل في طياتها عبق المتحول، فتقولين: مسكين ذلك الإنسان الذي لا يجد ما يعذبه..!!
ترى أنبحث عن العذاب ونستمرئه؟ أم هي نشوة صباح أو أخطاء إملائية في مسيرة القدر المجنون، نرتكبها مع فنجان قهوة صباحي أو كوب من الشاي المطعم بنكهة النعناع.. زارني بالأمس صديق شاب ألتقيه لأول مرة شخصيا، شاعر رقيق المشاعر كبير الحجم.. أقول له.. لا شيء يشبهك.. فيسارع إلى آلة تصوير يحملها ويصور حوض نعناعي، كم جاء من أحبة وصوروا هذا الحوض الذي يرافق وحدتي، ترى ما الذي يجعلهم يصرون على تصويره ويقولون أنهم يرون فيه الكثير، لكن لا أحد يرى فيه ألمي المزروع بين أوراقه، ودمعاتي التي ترويه في كل صباح بعد نزف وحدة الليل، هو رفيق وحدتي وصاحب النكهة في كوب الشاي الأخضر المر، الذي أحتسيه بلا سكر في كل صباح، حتى لا أغير من طعم المر في حلقي، فيمكنني من نزف صباحي يأخذ أشكالا عدة، بين صباح وإبحار بين حروف، وترنيمة حزن وأطياف متمردة حتى على روحي وقلمي.
أكتب بنـزف داخلي مجنون ولا أجيد الاحتراف أو الكتابة عند الطلب، صديق أجمل ما فيه جنونه، فاجئني ذات صباح وأنا أنزف بين صفحات كتاب، فقرأ بعض من نزفي، وفي لحظة جنون أو غباء، أبلغ صاحبة النص ففاجأتني باتصالات لحوحة، تستعجل الولادة قبل اكتمال المخاض، فأغلقت فوهة بركاني المجنون فتوقفت الحمم عن الخروج، فلم أتمكن من إضافة حرف واحد، وما زال ما كتبته مركونا في أحد الزوايا المعتمة فضاع تعبي، فلحظات الجنون والنـزف إن جاء ما يطفئها تتحول إلى بركان خامد.. فما البركان بدون حمم تتفجر..؟؟، الكتابة هي جنون اللحظة التي تسلبني يقظتي، وان وضعت روحي بين أكوام من الجليد يتوقف نزفها.
تقولين لي: تعودنا يا غريب على وحدة الليل ونزفه، فتفجري بداخلي بركانا فأنزف وحدي وأنت تنـزفين وحدك بصمت، فكل منا له نزفه الخاص الذي يجتاحه وحده، نعم أنا الغريب يا توأم الألم والوحدة.. الغريب الذي امتشق بوجهه كل أمراء الواحة سيوفهم، من أجل المليكة التي أهدت نفسها إليه معبقة بعبق حرش صنوبري، وزنابق برية مجنونة تبحث عن سنديان، فكانت أسطورة مجنونة معتقة بخمر يحمل في كينونته كل تلاوين الزمان، فخطفوها وتركوه وحيدا على الشاطئ المهجور، تبكي معه حوريات البحر، وتعزف له على القيثارات المكسورة لحنا حزينا مغرق بطعم ملح البحر، بعد أن أغرق قاربه وفقد القدرة على الإبحار من جديد، يصرخ على حروف ضاعت، فيرتد إليه رجع الصدى فما من مجيب.. أيا هذه المرأة من أين لك كل هذه القدرة على إثارة النـزف الذي يشابه نزفك ونكأ الجراح التي تشابه جراحك وتفجير فوهة البركان.
تعريني بزمنك من كل الأقنعة التي تخفي ندبات الزمن على وجهي، فيلد الزمان منا اثنين في مكانين مختلفين ونزفين مختلفين، يتسرب البنفسج من جراحهم، فتدفعين الجرح والهذيان من ذاكرة مشروخة بسيف حاد ارتوى من دمي، إلى نزف أمطار من أصابعي تمطرها سحابة ملونة، بلون الدم وطعم الدم ورائحة الدم وجنون الدم، فأتذوق جرح البعد والمسافات والقهر، فأهذي في رحاب معبدك المجنون جنونا آخر، يخرجني من جاذبية الزمان والمكان.
تماما كما الأسطورة يا غريب، أو حتما كما نحن أو ربما كما الجميع، لا نستطيع أن نكون قمحا يطحن الحياة رغيفا يستعطف طول الترحال.
مزنر أنا بالألم.. مزنر أنا بالحصار والحكاية التي لا تريد أن تنتهي، فيعلوا الجدار وتضيق بيوت المدينة العتيقة على صدري، أهرب إلى اللامكان، فكل الطرق مغلقة بالحواجز تحرسها بنادق وحراب مسمومة، فنصرخ معا:
ملعون هذا الذي قد استباحنا.
ملعون من يحاول قتل الروح فينا.
ملعون.. ملعون..
يا غريب: باتت برية الحزن باذخة البعثرة في مدن الموت وانحلال الكون.. وصار جناح الرمح يذبح شاطئ الوطن، فنحزن في ثوب العصافير وتوافينا المنية.. وكم تحرسنا جراحنا ولا تنفك عن النباح، وكم جسد موت يستباح؟؟
اشهد أني أتممت رسالتي بأسئلة ترسلنا طعنة للسماء..
فأصرخ وحدي وتصرخين وحدك ويرتد لكل منا رجع صوته وحده.
نص مشترك تذوب فيه الحروف والكلمات
في الصباح لا أمتلك إلا أن أقول لك سيدتي التي لم أعرفها بعد.. صباحك أجمل.. وفي صباح معطر بمثلك لا تمتلك عيناي إلا أن تشرق سناء، أقتحم عليك ساعتك الصباحية الوحيدة التي تمتلكيها مع قهوتك، مغادرة سريرك الدافئ الذي سيكرهك لأنك تركتيه وحيدا، إلا من بقايا عبق عناق ونوم ليلي، فيضج ألما وهو يشعر بوحدته بعد ساعات دافئة، فيئن بوحدته وأنت تجلسين إلى حاسوبك تتفقدين علبتك البريدية وتقرأين هذيان لمجنون عاقل أو لنقل عاقل مجنون، يقتحم لحظات صفاء بومضات تظهر أو لا تظهر لاحقا، فيلتقيك على شاطئ رقمي يسوده الجنون كما هو عالم المجرات التي تلتقي كما التقت مجراتنا ذات يوم في جنون رحلة فضائية، في سماء أطياف متمردة لم تر النور بعد، فما زلت أخنقها لعلها تولد مع عودة طيف أنتظره ذات يوم، والأطياف لا تعود يا صديقتي فهي طاقة من نور تتجه باتجاه واحد سابرة أعماق الكون المجهول حتى تتلاشى.. يقولون أن الطاقة لا تتلاشى وقد تعود بشكل آخر وتجسيد آخر لكنها تحمل في طياتها عبق المتحول، فتقولين: مسكين ذلك الإنسان الذي لا يجد ما يعذبه..!!
ترى أنبحث عن العذاب ونستمرئه؟ أم هي نشوة صباح أو أخطاء إملائية في مسيرة القدر المجنون، نرتكبها مع فنجان قهوة صباحي أو كوب من الشاي المطعم بنكهة النعناع.. زارني بالأمس صديق شاب ألتقيه لأول مرة شخصيا، شاعر رقيق المشاعر كبير الحجم.. أقول له.. لا شيء يشبهك.. فيسارع إلى آلة تصوير يحملها ويصور حوض نعناعي، كم جاء من أحبة وصوروا هذا الحوض الذي يرافق وحدتي، ترى ما الذي يجعلهم يصرون على تصويره ويقولون أنهم يرون فيه الكثير، لكن لا أحد يرى فيه ألمي المزروع بين أوراقه، ودمعاتي التي ترويه في كل صباح بعد نزف وحدة الليل، هو رفيق وحدتي وصاحب النكهة في كوب الشاي الأخضر المر، الذي أحتسيه بلا سكر في كل صباح، حتى لا أغير من طعم المر في حلقي، فيمكنني من نزف صباحي يأخذ أشكالا عدة، بين صباح وإبحار بين حروف، وترنيمة حزن وأطياف متمردة حتى على روحي وقلمي.
أكتب بنـزف داخلي مجنون ولا أجيد الاحتراف أو الكتابة عند الطلب، صديق أجمل ما فيه جنونه، فاجئني ذات صباح وأنا أنزف بين صفحات كتاب، فقرأ بعض من نزفي، وفي لحظة جنون أو غباء، أبلغ صاحبة النص ففاجأتني باتصالات لحوحة، تستعجل الولادة قبل اكتمال المخاض، فأغلقت فوهة بركاني المجنون فتوقفت الحمم عن الخروج، فلم أتمكن من إضافة حرف واحد، وما زال ما كتبته مركونا في أحد الزوايا المعتمة فضاع تعبي، فلحظات الجنون والنـزف إن جاء ما يطفئها تتحول إلى بركان خامد.. فما البركان بدون حمم تتفجر..؟؟، الكتابة هي جنون اللحظة التي تسلبني يقظتي، وان وضعت روحي بين أكوام من الجليد يتوقف نزفها.
تقولين لي: تعودنا يا غريب على وحدة الليل ونزفه، فتفجري بداخلي بركانا فأنزف وحدي وأنت تنـزفين وحدك بصمت، فكل منا له نزفه الخاص الذي يجتاحه وحده، نعم أنا الغريب يا توأم الألم والوحدة.. الغريب الذي امتشق بوجهه كل أمراء الواحة سيوفهم، من أجل المليكة التي أهدت نفسها إليه معبقة بعبق حرش صنوبري، وزنابق برية مجنونة تبحث عن سنديان، فكانت أسطورة مجنونة معتقة بخمر يحمل في كينونته كل تلاوين الزمان، فخطفوها وتركوه وحيدا على الشاطئ المهجور، تبكي معه حوريات البحر، وتعزف له على القيثارات المكسورة لحنا حزينا مغرق بطعم ملح البحر، بعد أن أغرق قاربه وفقد القدرة على الإبحار من جديد، يصرخ على حروف ضاعت، فيرتد إليه رجع الصدى فما من مجيب.. أيا هذه المرأة من أين لك كل هذه القدرة على إثارة النـزف الذي يشابه نزفك ونكأ الجراح التي تشابه جراحك وتفجير فوهة البركان.
تعريني بزمنك من كل الأقنعة التي تخفي ندبات الزمن على وجهي، فيلد الزمان منا اثنين في مكانين مختلفين ونزفين مختلفين، يتسرب البنفسج من جراحهم، فتدفعين الجرح والهذيان من ذاكرة مشروخة بسيف حاد ارتوى من دمي، إلى نزف أمطار من أصابعي تمطرها سحابة ملونة، بلون الدم وطعم الدم ورائحة الدم وجنون الدم، فأتذوق جرح البعد والمسافات والقهر، فأهذي في رحاب معبدك المجنون جنونا آخر، يخرجني من جاذبية الزمان والمكان.
تماما كما الأسطورة يا غريب، أو حتما كما نحن أو ربما كما الجميع، لا نستطيع أن نكون قمحا يطحن الحياة رغيفا يستعطف طول الترحال.
مزنر أنا بالألم.. مزنر أنا بالحصار والحكاية التي لا تريد أن تنتهي، فيعلوا الجدار وتضيق بيوت المدينة العتيقة على صدري، أهرب إلى اللامكان، فكل الطرق مغلقة بالحواجز تحرسها بنادق وحراب مسمومة، فنصرخ معا:
ملعون هذا الذي قد استباحنا.
ملعون من يحاول قتل الروح فينا.
ملعون.. ملعون..
يا غريب: باتت برية الحزن باذخة البعثرة في مدن الموت وانحلال الكون.. وصار جناح الرمح يذبح شاطئ الوطن، فنحزن في ثوب العصافير وتوافينا المنية.. وكم تحرسنا جراحنا ولا تنفك عن النباح، وكم جسد موت يستباح؟؟
اشهد أني أتممت رسالتي بأسئلة ترسلنا طعنة للسماء..
فأصرخ وحدي وتصرخين وحدك ويرتد لكل منا رجع صوته وحده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق