الجمعة، سبتمبر 05، 2008

عندما نصنع الخير

عـادل عطيــة

عندما ولدت ، كان الموت قد غيّب بسنوات : جدتى لأبى
ولكن جدتى لأمى كانت قادرة على العطاء بسخاء :
عنها
وعن نظيرتها التى لم ارها
فكانت حكاياتها لى بخيال اثنتين !
وعندما دق الجرس الاخير فى عمرها ،
رحلت هى الاخرى إلى بيتها السماوى
ولكن الحياة لا تزال نبع لا ينضب
وأصبحت وسائل الاعلام بمثابة كوكبة من الجدات
قد يكن غريبات ،
ويفتقدن عاطفة صلات القربى
ولكن بالتأكيد تربطهن ذات القصص ، التى تحكى عن :
الشاطر حسن
و الغول ، و ابو رجل مسلوخة ، والعسكرى قاسى القلب
- وان كانت بمسميات معاصرة !
وكالعادة لا تموت الاسئلة
وتبقى كما هى ، وإنما تتغير الاجابات
ما مغزى أن يحاول فتى مسيحى انقاذ صديقه المسلم من الغرق ، فيغرقان معاً ؟!
وما مغزى أن تحاول فتاة صغيرة مسلمة انقاذ صديقتها المسيحية من الغرق ، فتغرقان معاً ؟!
ما مغزى أن يسرع شخص لا تعرفه ،
ولا يعرفك
إلى نجدتك من حادث على الطريق ،
وقد يتيرع لك بدمه ،
دون أن يسأل عن اسمك ،
وعن ديانتك ؟!
**
وبالمقابل :
ما مغزى أن يسرق احدهم محلاً للذهب يمتلكه مسيحى ،
بعد أن يقتله
ويعلل قيامه بذلك امام النيابة ، بأن :
" زهق روح المسيحى جهاد ، وسلبه امواله حلال " ؟!
وما مغزى أن يعلن وزيراً للصحة ، بأنه لا يجوز نقل اعضاء من جسد قبطى لمسلم ؟!
وما مغزى أن يطلب الاستاذ الجامعى ،
من الطالب الذى يمتحنه ،
أن يذكر اسمه حتى الاخير ؛
ليعرف ديانته
- ان لم يكن يسأله عن ديانته مباشرة إذا تعذّر عليه الامر
ثم يعاقبه على مسيحيته ، بكلمة : " راسب " ؟!
**
ان الذين يقومون باعمال الرحمة ، والشجاعة ، والنبل المتميّز من اجل الآخر ،
تحركهم واحدة من اثنتين ، أو كليهما :
00 ايمانهم بأنهم جزء حميم من عائلة العالم ،
حيث رحم الحنان ، وينبوع المحبة
وتلك هى الفطرة الربانية ، التى تحرك قلبهم بالحنو والرحمة
انتماءهم إلى دين سماوى ،
يدعو مؤمنيه إلى الشفقة ،
وألا يبقى أحداً لا مبالياً امام الانسان المتألم ،
أو الذى يقع ضحية من هو أقوى منه
أما الذين ينشرون عوائد حياة تائهة موجهة بالكلية إلى الامور السيئة ،
فيتكلمون على الذين يخالفونهم العقيدة ،
بالاكاذيب التى تبدو وكأنها حقائق
ويضعون بذرة عزلة زائدة بين الناس
ويسعون بكل قدرتهم إلى قهر هؤلاء الذين يمارسون : " تحويل الخد الآخر " ،
لدرجة أنهم يصنعون لهم حالة :
يصبح فيها العذاب وكأنه عذاب عقيم ، تذهب فيه دموع الالم هدراً !
هؤلاء الاشرار ، هم الذين خانوا الامانة مرتين :
خانوا فطرتهم السليمة الطاهرة النقية ،
التى جبلها الله عليهم
إذ نخروا فسادا فيها ، حتى صارت مهيئة للتعاليم الشيطانية
وخانوا ايمانهم ، إذ جعلوا من دينهم مصدراً : للخوف ، والرعب ، والهلع
**
فليتكاتف مجهود المؤمنين الحقيقيين المشترك ؛
ليحركوا الضمائر ،
ليفهم الناس :
بأنه لا يمكن لايمان سماوى أن يفسد الفطرة الربانية
أو يسعى الى نزعها
بل يتسامى بها ،
ويعلو
وأنه ليس من الممكن العيش بفرح دون الآخر السعيد
لعلهم بذلك :
يتمكنون من تفكيك ثقافة التطرف ، وصراع الاديان ، والحضارات
والتصدى للتصرفات المدمرة ولكل ردات الفعل العنيفة
فنحن راكبون دراجتنا الانسانية
فإما أن نستمر سائرين
وإلاّ إذا توقفنا سقطنا !

adelattiaeg@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: