ربحان رمضان
وسواس قهري ألم به فسيطرت عليه فكرة أن يفتعل مشكلة ما ، مع شخص ما ، ربما يخفف من وطئ أسألته ًالفوضوية التي يطرحها على نفسه دائما والمتكررة دائما ً..
صور عنيفة تراود خياله ، جثث موتى.. دماء ، هراوات غليظة ، ثعابين ، رجال مخابرات تلاحقه في حله وترحاله ..
يحلم بكوابيس أحلام أشد قسوة ، فيفيق مذعورا ً وينام ثانية لينسى ..
جرب ذات مرة أن ينتحر غرقا ً ، ولكنه وبشكل ما تذكر ما قرأه في ملحمة جلجاميش عن الموت .. وجد أن "جلجاميش" اكتشف بعد وفاة حبيبه ورفيقه "آنكيدو" أنه سيلقى نفس المصير الرهيب .. الموت أو النوم الأبدي.. بما يعني أنه ســيموت هو بعده ، قهرا ً ..
عدل عن الفكرة كي لا يقضي على حبه الذي تركه في الوطن ..
أقلع عن فكرة الإنتحار غرقا ً ، ولكن ومع ازدياد الصغوط النفسية عليه بدأ يفكر بطريقة أخرى أسهل وأقرب إلى الموت .. وجد أنه من الأفضل الموت ســقوطا ً من فوق شجرة ، شجرة الخروب الباسقة الشامخة الواقفة عند باب بيته كالحارس عليه ..
خرج وفي نيته تسلقها ومن ثم القفز من أعلى ذروة منها على الأرض ..
توقف ، فكر قليلاً ، عاد إلى البيت لغسل يديه بالماء والصابون ، جففهما ..
ثم عاد فغسلهما ، ثم جففهما ثم عاد فغسلهما ..حتى زالت فكرة السقوط من أعلى الشجرة ...
نسى أنه فكر بالإنتحار .
لما خلد إلى سريره الواقع في وسط بيته أو بالأحرى غرفته (الأمر سيان) لأن بيته وفي كل الأحوال إنما هو غرفة في الطابق الثامن من أحد معسكرات اللجوء المنتشرة في الكثير من المدن والقرى الأوربية ، راودته فكرة خبيثة ، هي أن يتمادى مع زوجة جاره المقيم في البيت أو الغرفة المجاورة مما سيدفع بزوجها إلى ضربه ، وربما في هذه الحالة يؤدي ضربه إلى الموت ، وهكذا سيتخلص من نفسه دون عناء ..
ناقش الفكرة من ألفها إلى يائها ، فوجد (بعد الثالثة صباحا) أن الضرب سيؤدي به إلى السجن ، وربما الترحيل إلى حيث جاء ، علاوة على ذلك فإنه سيدفع غرامة مالية (محرزة) وهو الذي التحق بطائفة دينية تحرم شرب المسكرات والمنبهات كي لا ُيقدم لضيوفه إن زاروه في غرفته لا بيرة ولا قهوة ولا شاي .. "يحسبها بالمليم" هكذا كان رأي أكثرية الذين عرفوه أثناء دراسته العليا في مدينة دانغارا التابعة لمقاطعة كاتلون في جمهورية طاجيكستان السوفييتية ، حيث كان يعيش لدىعائلة قرغيزية نكر لها الجميل الذي قدمته السيدة آيتماتوف تلك العائلة الشهيرة لشهرة أحد أفرادها هو الكاتب القرغيزي الشهير جنكيزآيتماتوف .
خرج إفي ليلة ظلماء لى الشارع ليرى القمر .. وجده قد صدأ ..
رأى حوله الدنيا رمادية اللون ..
لا بيضاء ولا سوداء ، هي الدنيا ، مثله تماما ً كل يوم بلون ..!!
لابد أن يفعل شيئا ً ، وإلا سيموت قهرا ً كما ماتت ناقة خلف بن علي ..
لذلك قرر محاربة العشيرة والجيران ، وكل أصحاب الجاه الذين أغاظوه ودفعوه إلى مجاراة الشيوعيين وأصحاب الكتاب ..
صدأت الدنيا من حوله.. فأعلنها حرب على كل الناس ..
بدأ بأول من صادفه من بني عمه في بلاد الله خلف الحدود ..
(إخوة أعداء) ..
إخوة أعداء ..
لا عدو إلا الأخ الأكبر ..!!
وانفتق .. .. من الصياح ..
انفتق ..
انفتق ..
مسكين هذا المفتوق عن وطنه .. لم يعد له وطن !!
الأربعاء، سبتمبر 24، 2008
وسواس
Labels:
ربحان رمضان
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق