أشرف الخريبي
القط الذي كان أليفا عندنا في البيت هاج مرة واستلذ البقاء علي وجه ابنتي الوحيدة
كان يداعبها ثم يفاجئها بأظافره الحادة علي عينيها فصارت تفزع في الليل وتضرب وجهها بعنف كأنه لم يزل يسكن هناك. تصرخ بخوف هائل ويرتج كل جسدها الصغير أحضرت لها الطبيب فاتهمته بأنه القط ولكنه غير جلده إلي البياض..
ابنتي التي أحبها تعاني من الألم ولا تنام ولا تهدأ ولكنها تستكين في أجفاني دوما وطيلة الليل في صراخ لا يمل التعب ولا يعرف السكون.رغم الإرهاق البادي علي جسدها النحيل..
ولكنها في النهاية ماتت.
نعم ماتت من الحسرة.
القط الذي كان أليفا عندنا في البيت..نام في أحضان زوجتي،وأحس بالدفء فاستكان ومدد قدميه وتمطي في هدوء علي فخذيها العريضتين.كنت غائبا وقتها عن البيت..
القط أخذ يمد فمه في هدوء يتسرب بخفة إلي صدرها ثم انه انثني بجسده اللولبي إلي ثدييها.حتى أمسك بالحلمات والتقطها وبدأ يسحب منها، يشد في نهم من ذلك الحليب الصافي وزوجتي في رضا تام.شعرت امرأتي كأنه القط ابنتي وأبقت عينيها مغمضتين لفترة طويلة. كان القط قد انتهي من كل شيء.
عندما مدت يدها لتتحسس البنت التي ماتت اكتشفت شعره الكثيف، فتحت مقلتيها في فزع.. لكنها لم تستطع..كان كل شيء في البيت هادئا والأضواء مطفأة الأبواب مغلقة ونحن في منتصف الليل تقريبا.لم تستطع..تحسست بيديها يديها وصدرها وقدميها، توقف لسانها عن النطق إلا من حرف علة لا يمنح شيئا.كانت أفاقتها تعني إغماءة طويلة.هرولت إلي السلالم دون وعي
وسقطت ..سقطت من الفزع وراحت في غيبوبة طويلة.
جاء الطبيب يرتدي نفس البالطو الأبيض في ردهة المستشفي كان في عينيه نفس الحسرة والألم،ونفس التشخيص يحمله في يده.وباليد الأخرى يخبط علي كتفي.
القط الذي كان أليفا عندنا في البيت يرفع ذيله لأعلي ويتمطى حين يراني
ثم يقف علي قدميه الخلفيتين مستعدا لالتقاط ما في عينيّ من آلم وأنا لا أستطيع النظر في عيونه الطولية.كانت صورة زفافنا معلقة علي الجدار المقابل،
سحبت الكرسي المتهالك وتهالكت عليه.كنت بمفردي معه في البيت ولا أستطيع الغياب.لم يكن أمامي سوي كسرة من خبز ناشف. وبقايا من تعبي في مواجهة ذلك القط الكبير الذي يسكن معي ليل نهار.
الأحد، سبتمبر 21، 2008
حارس الليل
Labels:
أشرف الخريبي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق