السبت، مارس 31، 2007

رموز الاعلام والفكر والمجتمع فى صالون وحفل عشاء د جيلان حمزة

د جيلان حمزة تتنفس بحب الناس وتعقد صالونها شهريا
القاهرة اشرف ياسين
تصوير احمد العربي

كعادتها كل شهرا فتحت د . جيلان حمزة استاذة الجامعة والمؤلفة الشهيرة والمبدعة الاصيلة فيلتها الخاصة لاستقبال الاهل والاحباب والزملاء والمعارف وكل عشاق الفكر والثقافة وعلى نسمات حب الناس عاشت د جيلان وتعيش كل يوم ومن ثم وفى لقاء ضم رموز الفكر والثقافة والمجتمع فى مصر اقامت الاعلامية المتميزة الشهيرة دكتورة جيلان حمزة حفل عشاء لضيوفها على هامشه عقد ما هو اشبة بالصالون الثقافي وضم ضيوفها من رموز الاعلاميين ونجوم المجتمع والفكر والثقافة منهم السفير الفلسطينى بالقاهرة منذر الدجانى وحرمة ودكتور صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومى للشباب ود علاء ريدة وشريف الشوباشي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الاسبق والاعلامية حياة عبدون والاعلامية وجدان حمزة والشاعرتين نور وسهام نصار ود عبد البديع عبد الله والمستشار محمد ابو زيد وحرمة المحامية اللامعة ريتا بدر الدين ومن خلال الصالون الثقافي تمت مناقشة احدث واهم واخطر القضايا الاجتماعية والثقافية والاعلامية على الساحة المصرية والعربية وعقب الصالون حفل عشاء اعدتة الاعلامية جيلان حمزة لضيوفها بفيلتها بالمعادى والمعروف ان لدكتورة جيلان دور واضح فى تنشيط الحركة الثقافية فى مصر والعالم العربي والعالم ولقد اثرت الحياة الثقافية بعديد من المؤلفات الهامة واحدثها كتاب علاقة مستحيلة" وتناولت فية هموم الفكر المعاصر تحت مسميات عديدة، كانت رحلة شاقة ومجهدة وممتعة، استطاعت فيها أن تحلق بنا من خلال التحليل العلمي للفكر الإنساني، خاصة عندما يترك العنان لنفسه لنطلق ويبحث ويدرس ويتأمل، وكم نحن في حاجة شديدة إلي أعمال الفكر، خاصة الفكر الشاب

الخميس، مارس 29، 2007

الأزهر يصف ما ورد في "سقوط الإله" لنوال السعداوي بأنه "كفر صريح"


القاهرة - السيد زايد

العربية نت
اطلعت "العربية.نت" على حيثيات مصادرة الأزهر بمصر لمسرحية د. نوال السعداوي "سقوط الإله في اجتماع القمة"، إضافة إلى تقرير مجمع البحوث عن الرواية وأسباب المصادرة.
ويذكر أعضاء لجنة الشئون القانونية بمشيخة الأزهر أنهم قاموا في وقت سابق بإعداد مذكرة قانونية ضد د. نوال السعداوي وأرسلوها للنائب العام مطالبين فيها بالتحقيق الفوري فى كل ما نسبته الكاتبة للذات الإلهية ولأشخاص الرسل.
ووجه الأزهر اتهامات للسعداوي بأنها "أهانت الذات الإلهية، وسبت الأنبياء وتهكمت عليهم مع تصوير الشخصيات في مسرحيتها بصورة أقل ما توصف به هو أنه كفر صريح"، الأمر الذي أحدث جدلا واسعا بين علماء الدين والمثقفين.
واستند المجمع في مصادرته للرواية إلى "حرمة تجسيد الذات الإلهية والأنبياء في مسلسلات أو روايات أدبية"، حيث تتضمن شخصيات المسرحية "الإله سبحانه وتعالى ثم سيدنا إبراهيم وسيدنا موسى وسيدنا عيسى وسيدنا محمد والسيدة حواء والسيدة مريم العذراء، ثم إبليس".
جدير بالذكر انه تم إعدام 3 آلاف نسخة من الرواية محل الجدل كانت معدة للبيع في الأسواق.
وتقيم د. نوال السعداوي حاليا في بروكسل ببلجيكا بعد أن تركت مصر خوفاً من اتهامات بالكفر والردة مما أثارته روايتها وتهديدات بالقتل على يد متطرفين.

شعب الله المختار
وأما النصوص التي اعترض مجمع البحوث الاسلامية في الأزهر عليها، فتمثلت "بحوار دار بين سيدنا موسى وسيدنا عيسى عليهما السلام لمقابلة الرب الأعلى يخبره فيه موسي إن الله خصه وبني إسرائيل بطرق الاتصال بالله لأنهم شعبه المختار".
ومن ضمن ما اعترض عليه المجمع أيضا "حوار على لسان حواء مع إبليس تقول فيه أنا حواء بلحمها ودمها وأمي ولدتني فى الحقل وكانت تزرع حين أحست بآلام الولادة فما هذه القصة المغلوطة عن زوجي آدم، والذي ولدني من ضلعه".
وكذلك مما اعترض عليه المجمع "حوار لسيدنا إبراهيم مع الإله سبحانه يعترف فيه بأنه فعل في حياته كثيرا من المظالم.. ووصفها سيدنا محمد بأنه رجل بدوى يطالب بترشيح نبي جديد لإنقاذ البشرية مما أصابها، ورشح لهذا المنصب زوجته خديجة ورفض عيسى وإبليس".

"خوفاً" من السادات
وتبدأ مسرحية نوال السعداوي تبدأ بمقدمة تؤكد فيها أنها كتبت هذه المسرحية عام 1981 ،ثم أحرقتها، خوفا من الرئيس السادات.
ثم أعادت كتابتها بعد ذهابها لأمريكا وشاهدت الطلبة هناك يؤدون قصة مشابهة لها على المسرح، فاقتنعت بإعادة الكتابة والنشر.

"تشبيه" الإله بـ"البشر"
ومن بين النصوص أيضا الواردة في المسرحية والتي اعتمد عليها الأزهر لمطالبته بمصادرتها "وصف الكاتبة الإله بصفات البشر العاديين حيث قالت إنه شيخ وقور جدا فى الستين من عمره شعره أبيض لحيته طويلة بيضاء ملابسه واسعة بيضاء لا يتحرك من مكانه إلا قليلا الذي يشبه كرسي العرش".
كما استند الأزهر على "وصفها سيدنا موسى بأنه نبي يهودي يظهر على خشبة المسرح داخل ملابس كاهن يهودي قصير القامة ويبلغ من العمر 50 عاما لا يبتسم إلا نادرا".
وإضافة إلى ذلك، أشار الأزهر إلى " وصفها سيدنا عيسى بصورته التي تنشر له فى الكنائس وهو شاب وسيم شعره طويل ولحيته طويلة وثوبه فضفاض، وقدماه حافيتان وقالت في خضم الحديث أنه "ابن الله" بحسب حيثيات المصادرة.
كما تحدث في حيثيات مطالبته بمصادرة المسرحية " عن حديثها عن سيدنا محمد حيث إنه شيخ سعودي طويل القامة عريض الكتفين سمح الوجه، يرتدى خفا مثل البدو، يتحدث بصوت هادئ وقور تعلو ملامحه ابتسامة.. كما وصفت سيدنا إبراهيم وصفته بأنه أبو الأنبياء يظهر كرجل عجوز فى السبعين من العمر، ويرتدى ملابس البدو الرحل ويبدو عليه الإعياء والضجر.. ورضوان حارس الجنة بأن له صفات السكرتير الخاص لشخصية كبيرة .. وعن حواء أنها امرأة شابة ممشوقة الجسم وسمحة الوجه خطواتها رشيقة ترتدي ثوبا واسعا طويلا شعرها أسود غزير تلفه حول رأسها على شكل ضفيرتين، حافية القدمين صوتها عذب فيه رقة وقوة.. والسيدة مريم العذراء تظهر على المسرح مثل صورتها بالكنائس".

نوال .. ثوب قصير" حتى الركبتين"
وعن نفسها تحدثت نوال السعداوى بأنها "بنت الله" ووصفت نفسها بأنها فتاة فى الثانية عشرة من عمرها تشبه حواء كأنما هي ابنتها إلا أن شعرها مقصوص وفى قدميها حذاء يشبه أحذية راقصات الباليه، تمشى بخفة ورشاقة ترقص أحيانا، وترتدي ثوبا قصيرا حتى الركبتين.
وعن إبليس قالت: إنه شاب فى الثلاثين شديد الوسامة والجاذبية خمري اللون شعره أسود غزير ويرتدى قميصا ملونا وسروالا واسعا ويمشى على الأرض بخفة ورشاقة وفى قدميه حذاء من الجلد المطاط بدون كعب، صوته جميل جدا قد يتغنى أحيانا ويعزف على آلة موسيقة تشبه العود.
ومن جملة النصوص الأخرى في المسرحية التي أفرجها عنها الأزهر في رسالته للإدعاء العام ومطالبته على أساسها بمنع المسرحية، قولها " قدم إبليس استقالته للإله لأنه قرف من المهنة التي وضعه فيها الرب.. أما الإله فإنه فيقول يا رضوان لم أعد راغبا فى البقاء إلى أبد الآبدين، لقد مللت الخلود والوحدة والانعزال عن الناس فى السماوات العلى لأكثر من خمسة آلاف عام لأفرض عليكم عبادتي وأنا مجرد فكرة فى الخيال... ويقول الإله عترف أنني قد تحيزت للرجال دون النساء. لقد آن الأوان لأن أظهر على حقيقتي وأعلن استقالتي من منصبي".

يا اسم كلّ الأسماء

الهام ناصر


تتساءلُ أساورُ الحِنّاء الحبيسة
عن /
راقِصها
....
أودعتُُك في قفص العينِ
وفرشتُ لكَ رموشي غطاءً
حفظتُكَ بين قضبانِها
ليلاً ونهاراً
حُلماً مُثقلاً
بالبكاء
يا اسم كلّ الأسماء
تتمشّى دون توقّف
بين جمهورِ أثوابي
تنتقي لي الأضعف
لفرسانِك
تُقفِلُ فم زجاجة عطري
ليسقِطَ فمُكَ
رذاذاً
في جواهر الإناء
تشنقُ الكلماتِ
في بحيرةِ الأشواق
فيزدادُ إصغاؤها
اتساعاً
تسدلُ الحواسُ بصرها
فوق وسائد الجسدِ النائمة ...
فتزهرُ الأيادي
نحيبَ حنينٍ
بلا انتـــهاء

عن التطبيع الثقافي ومضامينه غير الثقافية


اشكالية لقاء وتفاعل الثقافات بين مجتمعات في عداء سياسي وقومي
· ثقافة الدولة المتفوقة اقتصاديا وعسكريا تتصرف كثقافة متفوقة ومستعلية وقادرة على السيطرة ، وهذا في صميم رفض الثقافة العربية التطبيع مع الثقافة الاسرائيلية *

بقلم : نبيل عودة

طرح ويطرح بتواصل ، موضوع الحضارات والثقافات وقضايا التطبيع الثقافي بين الشعوب ، وتحديدا بين العرب واليهود ، بين الثقافة العربية والثقافة الاسرائيلية .
هذه النقاشات وصلت أحيانا لمستوى من الحدة تجاوزت حدود الحوار الى مستوى القاء الاتهامات بين المتحاورين ، ولا ارى في ذلك أمرا غريبا ، فالنقاش يتجاوز المفهوم الفكري المجرد الى قضايا أكثر عمقا وخطورة بالنسبة للمجتمعات العربية وآفاقها المستقبلية .
ضمن الرؤى السائدة ، كانت رؤية ان اللقاء بين الحضارات او الثقافات ، هو لقاء ممكن ، بينما اللقاء بين المصالح السياسية هو الصعب والمعقد . وحدثت لقاءات سياسية واتفاقات سياسية ، لبعضها كان أثرا سلبيا على الموقف السياسي العربي ـ مثل اللقاء والأتفاق الاسرائيلي المصري ، الذي أخرج مصر من المواجهة وحولها الى وسيط ، أحيانا لا قيمة ولا وزن لوساطتها ولمواقفها السياسية ... بل وأكثر من ذلك ،لم يعد لمصر دورا عربيا في أخطر قضية عربية . وقد يكون تحييد مصر سبب مباشر وحاسم في اعاقة بناء استراتيجيات العالم العربي الاقتصادية والعلمية والثقافية والسياسية ، حول قضايا عربية بالغة الأهمية والتأثير على تطور العالم العربي .. ودولية تمتد الى قلب العالم العربي ، وقد تكون مأساة العراق وواقع لبنان وما يحيط به من مخاطر ، واستمرار المأساة الفلسطينية ، وظهور الاسلام الجهادي ، هو نتيجة غياب فعل سياسي عربي مؤثر وقادر على التعامل مع الواقع الدولي والعربي .
اللقاءات والاتفاقات السياسية لم تنجح في التأثير ، كما يظهر حتى اليوم ...على أخطر قوة عربية في المواجهة – الثقافة العربية .
الثقافة وقفت بمعارضة كل الاتفاقات ، ومثقفو النظام لم يفلحوا في تحقيق تحول ثقافي الى جانب سياسة التطبيع السياسية للنظام المصري ، وفيما بعد الاردني وأنظمة أخرى مارست التطبيع السياسي بالخفاء او بالعراء .
البعض رأى ان خوف العالم العربي / الشعوب العربية ، والأصح القول ممثلي الثقافة العربية ... من التطبيع الثقافي مع اسرائيل ، هو خوف مبالغ فيه ، ولا قاعدة منطقية له ، وأن الثقافة العربية تملك أدوات متينة ، وتشكل قاعدة مثالية للتفاهم وحل الاشكالات الباقية والصعبة ، خاصة وأن الثقافة العربية ذات جذور عميقة في الأرض ووراءها تاريخ عظيم وواسع وممتد من الانجازات التي لا يمكن هزيمتها بالمواجهة مع ثقافات اخرى ، وبالأساس مع الثقافة الاسرائيلية التي لا تزال ناشئة وبلا جذور عميقة . واستنتج البعض ان التطبيع الثقافي يجب ان يخيف الاسرائيليين الذين يضغطون ويتحمسون للتطبيع ، ويرون فيه قاعدة من القواعد الأساسية وألأكثر أهمية للتطبيع الشامل في الشرق الاوسط ، ولجعل التطبيع السياسي حقيقة قابلة للتعايش في الشرق العربي ، تتسابق اليها سائر الدول العربية ، وألأهم ان قبول اسرائيل ثقافيا سيعزز حقيقتها الشرق اوسطية .
هذا الموضوع اثار اهتمام أوساط واسعة من الأدباء وأصحاب الفكر والرأي ... ولكن الكثيرين مع الأسف تحدثوا من منطلق سياسي عام أو عاطفي أو ديني .. وما زال الموضوع يحتل حيزا من الكتابات والحوار في العالم العربي ... ومراجعة لما ينشر تشير الى ان اكثرية المواقف انطلقت من قناعات سياسية ودينية وعاطفية ، وتفتقد للرؤية المتكاملة الموضوعية ، ولأي منطق فكري يمكن اعتماده كقاعدة للتعامل مع طروحات التطبيع التي تروجها بعض الاوساط السياسية والثقافية المرتبطة بانظمة عربية متحمسة للتطبيع .
رؤيتي ان الموقف من التطبيع في اطار الاتفاقات المذلة ، والظروف السائدة في الشرق الاوسط ، لا يترك مجالا آخر غير الرفض . . خوفا من ان تتحول ثقافة الأقوى اقتصاديا وعسكريا وعلميا الى الثقافة السائدة والمسيطرة والمقررة .
هذه وجهة نظر .. يمكن تطويرها أوالأضافة اليها ، او رفضها ومعارضتها . الموضوغ بالغ الأهمية والتركيب ، ومليء بالتداخلات المتناقضة والمتماثلة ، مما برز حتى اليوم في كتابات الرافضين للتطبيع . وما استغربه هو غياب اصحاب الشأن من سائر ذوي الاختصاصات الأكاديمية والفكرية من الخوض في هذا النقاش ،من منطلقات رؤية علمية للمخاطر أو الايجابيات ، اذا وجدت ايجابيات ...
الثقافة ليست وقفا على الابداع الروحي فقط .. الثقافة تشمل كل الابداع المادي للمجتمع ، وقد يكون خطر التطبيع اعظم شأنا على الجانب المادي في الثقافة – أي الانتاج الأقتصادي والتطور العلمي والاجتماعي للمجتمعات العربية ... بتحويل العالم العربي الى سوق للانتاج الاسرائيلي المادي ، واضيف اني أرى ملامح سلبية في الاقتصاد والتطور الاجتماعي والعلمي في العالم العربي كلة وفي مصر على وجه الخصوص ، بدأت تفرض نفسها ، ربما نتيجة للتطبيع السياسي بين مصر واسرائيل ، او بتأثير لا يجوز الاستخفاف به للتطبيع ، واضيف ان تأثير هذا التطور السلبي سيطول ، أو طال بنسب معينة ، الفكر والابداع الثقافي المادي والروحي .
ان موضوع الحضارة بحد ذاته هو مادة واسعة للغاية ، وهناك تضارب في مفاهيمنا الحديثة عن الحضارة ، ولكني اطرح وجهة نظري بتعميم ، وانا على قناعة ان الحضارة في جذورها هي " المدنية " وتشمل كما اوضحت وأكرر مجموعة الانجازات المادية والروحية ، وهناك دمج دائم بين مفهوم الحضارة والثقافة . ومع ذلك نجد أن المعنى السائد في المجتمعات الدمقراطية الغربية عن الحضارة هو كونها انجازات المجتمع المادية والتكنلوجية ولا يشملون الثقافة بتعريفهم ، ويستعملون اصطلاح الثقافة للدلالة على القيم الروحية فقط – أي الابداع الادبي والفني والأخلاق والدين .. لذلك من المهم ان نفهم ان صيغة صراع الحضارات تعني في المفاهيم الغربية الصراع بين التقدم الاجتماعي ، العلمي ، الاقتصادي والتكنلوجي العاصف ، وبين مجتمعات متخلفة بمراحل تاريخية مخيفة عن ركب التطور ، وتعيش على هامش نظام العولمة – على هامش الحضارة ، وبدل المساهمة الحضارية ، تنشأ ثقافة روحية تبريرية متمسكة بالماضوية كطريق آخر في مواجهة المجتمعات الغربية المتطورة – هي ثقافة العجز ، تقود الى العدائية والخوف وكل الظواهر المقلقة التي نشهدها في العالم العربي اساسا ودول اخرى تسودها نفس الثقافة .، وتنعكس عالميا في صور بشعة من الدموية المنفلتة .
البروفسور ادوارد سعيد ، في كتابه العظيم " الثقافة والامبريالية "ربط بين التطور المادي والتكنلوجي للنظام الرأسمالي – الامبريالي وبين تطور الثقافة .. ورؤيته الهامة كانت ان الثقافة كلها هجينة ، وبمقدار هجينتها يكون ثراؤها . أي من الصعب الحديث عن ثقافة مجردة مستقلة نشأت خارج الحضارات .اذا كان هذا صحيحا تجاه الثقافة ، فهو أكثر صحة تجاه الحضارة .. التي هي نتاج اؤلئك الذين اوجدوا الثقافة لتشكل مرآتهم الحضارية، لذا ليس بالصدفة ، كما يستنتج ... ان تطور الرواية ( الثقافة ) الانجليزية والفرنسية بهذا الشكل الواسع ارتبط مع نشؤ الامبراطوريتين القديمتين ، انكلترا وفرنسا ، بينما في امريكا بدأ التطور الروائي ( الثقافي ) مع بداية تطور الامبريالية الامريكية في القرن العشرين ( ونفس الملامح يمكن ان نشاهدها في تطور الثقافة السوفياتية بعد ثورة اكتوبر ) .. هذا يعني امرا هاما ، بأن للثقافة دورها الاعلامي الشامل الداعم لدولها .. نفس الدور تلعبه ايضا الثقافة الاسرائيلية .. وفي جذر هذا الدور اظهار بدائية الاعداء وتخلفهم واظهار انسانية الاحتلال – الاستعمار ، والحضارة التي يبشرون بها الشعوب المستعمرة والمتخلفة ... بالطبع ليس بلا ثمن ، والنموذج الاسرائيلي قد يكون اقرب وابرز في اظهار " انسانيتة " !! وليس مستهجنا ان الخطاب السياسي الاسرائيلي له تغطية "حضارية " في الغرب .. والبكاء العر بي على التاريخ والأطلال غير مفهوم وممل !!
رفض العرب للتطبيع الثقافي مع اسرائيل يجب ان يكون في جذوره تشخيص صحيح لحالة الضعف والوهن السياسي والاقتصادي والمدني / الحضاري والثقافي الذي يميز الحالة العربية غير القابلة للتغيير في ظل انظمة قبلية وطائفية.
الظن ان الحضارة العربية ، الضاربة جذورها بالارض والتاريخ هي قوة للثقافة العربية ، هو مجرد وهم ، ليس فقط لحالة الغربة بين الانسان العربي وثقافته ، انما لاستفحال الجهل والبؤس الاقتصادي والعلمي والتكنلوجي والتخلف في التعليم . ان الفجوة الثقافية بين اسرائيل الصغيرة والعالم العربي آخذة بالاتساع .. يكفي ان اعطي نموذج صغير .. بعض الكتب في اسرائيل يباع منها اكثر من مائة وعشرين الف نسخة . هل يستطيع احد ان يشير الى كتاب عربي يوزع اكثر من ربع هذا الرقم ؟! واكرر ما سجلته سابقا في احد مقالاتي ، ميزانية ابحاث معهد واحد في اسرائيل ( معهد وايزمان ) تصل الى ملياري دولار سنويا .. ولا اتحدث عن معهد التخنيون والجامعات الأخرى .. بينما كل الجامعات العربية لا تتعدى ميزانياتها ، من المحيط الى الخليج .. ثمانمائة مليون دولار. قبل أشهر قليلة قرأت في الأهرام المصرية خبرا مزعجا .. بأن ميزانية فريق للبحث العلمي في جامعة القاهرة يصل الى 365 جنية مصري في العام الواحد ، اي جنيه واحد كل يوم ...فهل سنلحق بالركب الحضاري لاسرائيل حتى يستطيع العالم العربي ان يطبع ثقافته معها ، أو بمفهوم آخر .. حتى يستطيع مواجهة الاستعمار الثقافي الاسرائيلي .. ليس بالأدب فقط ، انما بانتاج الخيرات المادية والنهضة العلمية والفكرية ، وبناء مجتمع الرفاه ، حتى يستطيع ايجاد تغطية حضارية لخطابه السياسي في المحافل الدولية ؟!
قديما رأى العلامة العربي ابن خلدون ما هو صحيح حتى اليوم ، قال : " لغة الأمة الغالبة – غالبة ، ولغة الأمة المغلوبة - مغلوبة " . وأكثر من ذلك : اللغة العبرية اليوم أكثر طواعية من اللغة العربية ومليئة بالاصطلاحات المعاصرة التي اصبحت شائعة الاستعمال في العبرية ، بينما في لغتنا العربية نستصعب ايجاد البديل العربي للاصطلاح ، كما جاء في دراسة للدكتور سليمان جبران المحاضر في قسم اللغة العربية في جامعة تل – ابيب عن التجديد في اللغة العربية ، وان الترجمة من الانكليزية الى العبرية اسهل بكثير من الترجمة من الانكليزية الى العربية ، الى جانب ان تطور اللغة العبرية في المائة سنة الاخيرة تجاوز تطور اللغة العربية . وآمل ان استعرض هذه الدراسة الهامة في مقال آخر .. لما تتسم به الدراسة من أهمية حول التجديد والتقييد في اللغة العربية المعاصرة. ولكنتي اضيف اني كمواطن في اسرائيل ومدير انتاج في الصناعات المعدنية ،اجد سهولة اكبر في استعمال اللغة العبرية في كل ما يتعلق بالعلوم والتقنية واصطلاحات العمل .. وحتى العمال البسطاء يجدون سهولة في فهم اصطلاحات العمل العبرية ، ولو حاولت تعريبها ، وقد حاولت فعلا ذلك ، لما فهموا ما اريد منهم . واريد ان اذكر امرا هاما ومعبرا .. حاولت قراءة كتاب "الاستشراق " لادوارد سعيد بالعربية ، وترجمه كما أذكر البروفسور كمال ابوديب .. فعجزت عن فهم لغة المترجم ، ولحسن حظي وجدت ترجمة عبرية رائعة للكتاب ، واضحة ودقيقة . نفس المشكلة واجهتني مع " الثقافة والامبريالية " لنفس المترجم .. فهل يتوقع أحد ان يجد قراء عرب لهذه اللغة غير الميسرة ؟! هل يتوقع احد ان يؤثر الفكر المتنور لادوارد سعيد على المجتمعات العربية بلغة من الصعب ان يفهمها حتى المثقفين العرب ؟؟
وأضيف ان المثقفين العرب في اسرائيل قرأوا ادوارد سعيد اما باللغة الانكليزية او العبرية ، واعرف عددا منهم فشلوا في قراءة الاستشراق بترجمته العربية ، ويهمني ان اعرف ردود فعل قراء الكتاب بالعربية .
كيف نطبع مع من سبقونا في تطوير لغتهم ايضا ؟
ما أخافه ان يفرض التطبيع نفسه قبل نجاح العرب في خلق توازن مدني / حضاري . ولن استهجن ، في هذا الواقع المتردي والعاجز ان تواجه الحضارة العربية ما هو اسوأ من كارثة فلسطين ثقافيا وحضاريا .
نبيل عودة – كاتب واعلامي فلسطيني – الناصرة
mostkbel@netvision.net.il

الأربعاء، مارس 28، 2007

الزبال



قصة قصيرة
بقلم عيسى القنصل
كان الشارعُ فارغاً الا من بقايا فلول ِ الظلمة ِ الهاربة ِ امام اقدام اول
خيوط الفجر ِ .. وجميع الحوانيت ِ مطبْقة ُ افواهها في صمت هادى ِ ..فرداء الهدؤ
يغطى طولَ الشارع لا يقطعُه سوى صريرُ عجلات ِ لعربة ٍ حديديه تظهرُ خلفهــــا
بين الفينة ِ والاخرى قامة ُ (ابى غازى ) ..اذ كان ينحنى بين أونة واخرى يلتقــــــط ُ
بعض النفايات ِ والنى كان يجمعُها فى مكنسته الخشنْه الطويله ..ثم يسكبهُا بكل ِ هدؤ
وصبر ِ فى قلب ِ لبعربة الحديدية .. ثم يدفعُها امامه قليلا قليلا ليستأنف عملهُ وتنظيفه.
كان الصوت ُ الوحيد ُ فى الشارع صوتُ مكنسته ِ الخشنة ِ والذى اجفلْ
اكثرَ من قطة ِ اوكلب ِ ضال كان يبحثُ في بقايا النفايات عن طعام ما ...قبل َ ان يسمعَ
يناديه ((صباح َ الخير ِ يا ابا غازى .. اترك المكنسة َ قليلا ً .. وهيّا تناول معى كوبـاً
من الشاى )).
اسند عصا المكنسة الى العربةِ ومسح يديّه بسرواله الازرق الممزق وســارَ
نحو الصوتِ مُجُهْدَ الاجفان ِ والجسد ِ
ــ صباح َ الخير ِ يا ابا هانى ...
ــاهلا بك ..أجلس قليلا واسترح ْ ..لقد تاخرتَ اليوم عن موعدك ِ ..اكنتَ نائماً ً ام انك؟
وابتسم ابو هانى ابتسامة َ ذات معنى ..غير ان ابا غازى لم يلتفت اليه ِ انما اصدر مـن
صدرهِ تنهيدةَ حارة وقال : نائماََ َ؟ ايحقُ لامثالنا النوم َ يا اخى .. سامحك الله يا اخـى
لقد كانت ام غازى متوعكةً ً طوال الليل ..لم تنم ْ لحظة َ واحده ..وانشغلت ُ انا بها وفــى الاطفال ..وها انا مرهقُالاجفان ِ والاعصاب ِ ..آه من هذه الحياة .
قال ابو هانى وهو يقدمُ له كوباَ من الشاى ..ليكن ْ الله فى عونك ِ ..اصبر ..
ـــ وهو خير معين ..لا عزاءُ لنا غير صبرنا .
وانقضت لحظات ُ من السهوم ِ على ابى غازى وهو يرتشفُ فنجان الشاى الساخنِ
زحفت خلالها اقدامُ الصباح ِ الى اعماق الشارع ِ فانتبه من غفلتهِ وافرغَ َ بقية الفنجان فى فمه ِ وامسك المكنسة َ ليجرد بها بقية الشارع .
كان طويلُ القامة ِ نحيفُها ..لم يكنْ دميم الشكل ِ او زريّه ْ ..انما تدلُ تجاعيد ُ وجهــــهِ
عن قصة حزن ٍ حديثة ُ التكوين ِ..هو ليس بقديم ِ فى هذا الشارع ِ انما هو حديثُ حداثةُ
جعلتهُ يبدو نشيطا ً ونظيفا ً فى عمله ِ .. فاحبهُ كل تجار الشارع ِ .. اشفقوا على حالته ِ
وتحبب لهم ..فنال َ بعض َ عطاياهم .. فهو اب ُ لعائلة ِ بها حفنة ُ من الصغار ِ تتصارخ
افواههم كلما اطل َ على البيتِ فيوزع ُ عليهم ما جلبه لهم من فواكه او خضروات ......
وتذرف ُ عيناه ُ الدمعة َ اثر الدمعة ِ وهو يراهم يبتسمون بعد الشبع ..ثم يَلْهوْن َ ويلعبون
غيرَ حافلين بالم الكبار ِ وتعبهم .
كم َ فكر فى ترك هذه المهنة ِ والتى ما ظن يوما ً انه سيعمل ُ بها ..(( ولكن ما افعــلُ
امام جوع َ اطفالى ..ان الجوع َ اكبر ُ حجما ً من صرخة ِ كبريائه ))ز
الكل ُ فى الشارع ِ يعرفُ صمته ..ويلمح ُ حزنه ُ الدائم واطراقه ُ الابدى نحو الارض
كأنهُ يخجلُ من النظر فى وجه الغير . .. وثمة ُ دمعة ُ او اكثر مزروعةُ فى ثبات ِ على
أعلى وجنتيه ِ ..كأنها وشم ُ ابدى لا خلاص منه .. تستطيع ُ ان تراها عليه وهو يطلب ُ
منك اجرتهُ الاسبوعيّه ..انهُ ينتظر ُ هبتك ِ واحسانك ِ اليه بصبر وصمت حزين .ومهما
اتعبتهُ فى العمل فانت سامع ُ منه دعواته الحاره لك ..غائرَ العينين من سهره ِ الدائـــم
..يختزنُ كل َ احزان َ العالم فى نظراته ِيمكث طوال النهار فى الشارع التجارى ..صامتا ًينام ُ لحظات طويله على مكنسته ِ والكلُ يحترم ُ تعبه .....استطاع ابو
هانى صاحب المقهى ان يكسر صمته ُ ويزاملهُ.
ــ ما اسرع َ محبةَ َ البسطاءِ لبعضهم ..بعضا .
كان ابو غازى يجلس ُ الى المقهى كلما جال بخاطره كوبا ً من الشاى ..لم يحاول
ابو هانى ان ياخذَ َ منه قرشا َ ..والمقهى يبقى دائما فى نظافة ٍ مقبوله . يجلس ُ فى المقهى يتلمل ُ اللاعبين ..( الله ُ كم هم سعداء هولاء القوم .لا تعب ُ طوال الليل يلعبون الورق َ وطاولا ت الزهر ِ .. لا بد انهم اغنيا ء ترى هل يتاحُ
لى ان اشاركهم اللعب َ مرة ً واحدة ً ؟.. كأن يتاملهم ويتمنى فى قرارة ِ نفســـــــه
ان يجلس معهم لاعبا ً مرة واحدة لكى يشعر َ بلذة ِ ماضيه ..ان يجلس َ الى طاولة ِ
ما ..يصفق ُ فى يديه ِ ويطلب ُ شايا ً او اركيلة َ كما كان يفعلُ ايام زمان فى (اريحا)..كان فى ماضيه ِ احسن َ حالا ً منهم جميعا ً ..(( كنتُ اشفق ُ على المساكين ..امنحنهم ُ بعض َ العطاء ..( واريحا ) شاهدةُ على ذلك .. هى ليست بعيدة عنه ُ لو اغلق َ عينيه لاستراح فى بيتهِ هناك ..وسار فى شوارعها الفارعة
الطويلة ِ ..واسند ابو غازى رأسه على عصى مكنسته .......
كان متجرهُ المتجول ُ يسيرُ دائما امامه على عجلات اربع ..يدفعهُ من شارع ِالى
اخر واضعا فوقهُ اصنافاً من السندويشات ِ والمرطبات ..يربح ُ كل يومً مبلغا ً مـن
المال ِ يرضى بساطته ُ يسكنُ فى بيتِ بسيط عادى فى (اريحا)..وكم كان يشعـــرُ
في السعادة ِ حين يرى تدفق ُ الطالبات والطلاب حول عربتهِ كل ُيريدُ رغيفــــــا
او زجاجة كولا ..لم يكن يبخلُ عليهم بالرغيف .. فهو كريمُ يكتفى بالربحِ القليــلِ
..في الصباح الباكر يذهب ُ الى الفرن القريب من بيته ِ ياخذ ُ منه أرغفتــــــــــه
ثم يعرج ُ على
سوق ِ الخضار ِ يبتاع ُ البطاطا والبندوره ..وياخذُ من ام غازى
عجنة الفلافل ..ــــأواه ما كان انشطَ امُّ غازى في تحضير الحمّصِ ِ.. واعدادهُ
للفلافل ..ويسرع فى تحضير عربته ِ وينحدر بها من شارع لآخر ..يعرفُ مواعيد
الاستراحات فى اكثرَ من مدرسة ِ ..يحاولُ ان يجمع َ اكثر من واحدة ِ فالحياة ُ
تتكاثف مطالبهُا لا بدَ من مضاعفة ربحـه ِ ..غازى سيدخل ُ المدرسة ..ومنــــى
الطفلة ُ الجديده بحاجة ِ الى حليب ِ...و ..و..وصورُ لماضيّه تتوارد على ذهنه وهو ممسكُ بعصل مكنسته ِ باصرار وقوة ....
انه يرى كل شىء اكثر واشد وضوحاً ..شوارع اريحا .. المدرسة الثانويه ...وجوهُ
العديد من الطلاب والطالبات ِ (قصر هشام) ..الاشجار الطويلة ..لقد حاول فـــــى
اريحا أن يسير َ مع التطور ِ قليلا قليلا .. وحين خطرت على باله ِ فكرة َ انشا ء
مطعم َ صغيرا َ كانت ام غازى أشدّ حماسة َ منهُ .. باعت له بقيةَ َ ما تحمل ُ من مصاغِِ ِ .. واستدان بعض َ النقود .. وفتح محلا َ بسيطا َ فى مخيم ِ (عقبة جبر ) قرباحدى المدارس ..وبسرعة ِ لم يتوقعها اصبح صاحب مطعم حقيقى ..توسعت
اعماله .. واصبح مطَعَمُه مكانا ً للطلاب والعمال ِ البسطاء .. كان سعيدا ًجداًفى
هذه الحياة الجديده ..وحين اعاد لزوجته ِ مصاغها واعاد للناس الدّين َ ..نمـــــت
أزهار سعادته .. واكتسى غازى بالملابس الجديده .. وهللت (منى ) لعطايـــــا
ابيها المتزايده ..
وقبل ان يكتمل َ البدرُ فى سماءِ سعادته ِ..واذ به مجردُ من كل رداء .. طحنتهُ
نكبة ُ حزيران كحبة ِ قمح ٍ وحيدة ٍ تحت رحى الطاحون ..
كم كان غبياً ككل ابناْ ء جيله ِ ..ما فكّر فى المخّيم الا مكاناً للرزق ِ وليس مكاناً
فيه بشرُ شردتهمُ حرب ُ ما .. ابدا َ لم يفكر يوما في سبب اقامته ِ فى هذا المخيـم
ابداً لم يفكرُ يوما فى زواله او نقله لمكان اخر ..كان همّه ان يكون المعلم َ الوحيد
وان يبحث َ عن مكان رزقهِ فيه .
وداسته ُ الحرب ُ فاذا به يهرب ُ مع الهاربين حمل ما استطاع حمله ُ على عربتهِ
القديوم والتى كان يتجول ُفيها فى شوارع اريحا ..وحمل اولاده ُ وهرب .ولم يجد
عملا سوى عاملا للتنظيفات ِ فى احد الاسواق التجاريه فى عمان .. فالعمل عادى
بلا مهارةِ .. وان كان يطعّنُ فى كرامته ِ ولكنها اصوات ُ اطفاله الجائعة تسحــق ُ
كل كبريائه ِ وتجبُرهُ على اغلاق عيونهِ ... اواه ما اقسى الحقيقةُ حين استلم َ العربة َ الحديديه من (امانة العاصمة ) .. نفس ُ ماضيه يدور ُ ..عربةُ يدور بها من
شارع لاخر لكنه كان بالامس يعطى الناس شيئا ً .. واليوم يجمع من الارض نفاياتهم.... اواه ما اقساك ِ ايتها النكبة ..
ــــ ابا غازى .. ابا غازى ..أراك اليوم على غير عادتك ِ ز قالها ابو هانى وهو
يعطيه ِ كوبا ً اخراً من الشاى ..رشفهُ سريعا ً .. ادرك ان موعد عطايا التجـار
قد اقترب َفلملم بقية الاوساخ .. وركن قليلا يراقب ُ الناس ..وخطرت بباله فكرة ُ
((لماذا لا اعود ُ الى مهنتى الاولى :: ما الفرق ُ بين ماضيه ِ وحاضره ِ .. العربةُ
واحدة ُ وان اختلفت محتوياتها ؟بالامس كنت اعطى ..واليوم ُ اجمع بقاياهم ....
كنت ُ اعطيهم ُ ثم يجمع ُ غيرى ما يلقونه ُ على الارض ِ .. واليوم حولتنى النكبةُ
الى عامل تنظيفات لاجمع َ بقاياهم من الشوارع . حرمتنى النكبة ُ من نعمة العطاء
... لا ..لا المدارس ُ كثيرة ُ وسأجوب ُ مرة اخرى .. وبلا شعور راى نفسه يصيحُ
((ساندويش ..ساندويش .. فلافل ))
وفى المساءِ عندما عاد الى البيت ..كان اول ما قاله ُ لزوجته ِ (( ام ُ غازى....يا
ام ُ غازى ..كيف انت ِ والحمص ُ وعجينة ُ الفلافل ..لقد قررت ُ ان اعود الـــــــى
مهنتى الاولى ... تبسمت ام غازى فى حزن ِ صامت ٍ وتراكضت فى عروقهــــــا
الحماسة ُ والحب ُ والعزاءُ ..شعرت بان يديها قد استراحت بما فيها الكفايـــــــــــة
قالت له (( ولكّن الادوات .. )) اجابها ابو غازى بفخر ِ (( في زوايا هذا العالــم
المزدحم توجدُ بعض الطيبة ِ فى قلوب الناس .. لقد تبرع لي السوق ُ بمعظم مــــا
اريد ..أهم شىء الان العربه . سوف اصلحُها انها بحاجة الى عجلا ت .. بعض من الادهان ..ساصًلحها انا حياتنا بالامس .. والحلم ُ للغد .
ولم يسمع ابو غازى وهو مشغول ُ باصلاح عجلات عربته القديمه ..نشرة َ الاخبارِ ِ حين تضمنت ْ قرارا ً لوزير الصحة ِ بمنع بائعى العربات المتجولة من
ممارسة اعمالهم اعتبارا ً من الغد لاسباب صحيّه .

سريدا تحلق بين الغيوم




زياد جيوسي

كان صباحا جديدا من صباحيات أواخر آذار بدايات لربيع جديد، رذاذ من الأمطار يتساقط ناعما من سماء رام الله، كان زمان رام الله يخط سفرا جديدا في رواية الوجد والموت، كان الندى يتألق حياة على هدبي سريدا، كانت عيناك الحنونة حائرة عندما صحوت من نومك فزعة، على انطلاقات النار وسقوط القذائف بكثافة الأمطار، فالاجتياح قد بدأ وقوات الغزو تجتاح المدينة الآمنة، فتنشر الموت في سمائها، وتغلق دروبها وأزقتها بالمباني المدمرة، وتعتم نهارها الجديد بالدخان والحرائق...
في ذلك الصباح من يوم الجمعة، التاسع والعشرين من آذار لعام ألفين واثنين، صحوت يا سريدا من حلم جميل كنت فيه ملاكا للحب، تحفك ملائكة من نور تزرع سوسنات الربيع في شعرك، وتزين منديلك بنجمات تقطفها من السماء، تتعمد بالندى المنثور على أهدابك، تفرش لك الياسمين في دربك، تغني لك أغنيات فل وسوسن، تبحر بك في بحر مياهه من نور، أمواجه عشق مخضب برائحة الوطن..
في ذلك الصباح تحطم قوس قزح على أبواب المدينة وهجرت العصافير سماءها، فلم تزر نافذتك لتلقي عليك تحية الصباح، وانكسفت الشمس وراء الغيوم والدخان فلم تورد وجنتيك بنور الذهب، وتبخر عطر الرياحين والأزهار من حديقتك فلم يتبق هناك إلا رائحة الدخان والحرائق، فقفزت من سريرك على أصوات الدبابات العملاقة تجتاح المدينة، وآليات تزرع الموت والدمار، قذائف تخترق الجدران فتدمر المنازل وتقتل الحياة، اطلاقات تحصد كل شيء فتحيل المدينة الجميلة إلى خرائب وأطلال...
كان ربيعك الثالث والعشرون داميا ذلك الصباح، ولم يكن يوم الجمعة ذاك كما منيت نفسك يوما للتمتع بالراحة مع قليل من دفء أشعة الشمس تتسلل من نافذتك، من بين غيوم تنقشع أحيانا، وقليلا من عطر ياسمين متضمخ برائحة البحر القادمة من الغرب، من خلف التلال القريبة، لم يكن كما تمنيت وأنت التي لم تعرف إلا ألم الاحتلال وقهر الحواجز، وخنق الروح في منع التجول..
كان صباحك داميا والحيرة ترتسم في عينيك أمام حجم الهجمة الجديدة، كان هناك ألف سؤال وسؤال يرتسم على شفاه الصمت، ألم يجثم على الصدور، عزلة عن العالم تحت القذائف والنيران تزيد من الألم، فلا نور ولا كهرباء وهواجس تجتاح الصدور، ترى ما أخبارالأحبة الآن ؟؟ ما أخبار الأهل والأصدقاء والجيران الجنب ؟؟ كيف السبيل للاطمئنان والهمسة محرومة من التحليق في سماء المدينة من كثافة النيران...
سؤال يليه سؤال يتبعه ألف سؤال...وأرواح الشهداء تتتالى سربا بعد سرب في سماء المدينة، أنات الجرحى وتأوهاتهم تملأ الأزقة لا تجد من مغيث، فالدمار والموت سيد الموقف والنيران تصطاد كل من يحاول الحركة، وسؤال ما زال يتردد على شفاهك يا سريدا....ما يمكننا أن نفعل ؟
آه يا سريدا..كنت رغم الموت والدمار تفكرين بالحياة، تحلمين بعصافير وزهور، أطفال ملائكة، فجر أجمل لمدينة تعشقينها، سارت أصابعك في مفارق شعرك، وابتسامة حب وأمل وحياة ترتسم على شفتيك..
في تلك اللحظات أحاطتك الملائكة أضاءت بداخلك النور، امتلأت غرفتك بتغريد الطيور، عزفت موسيقى الرحيل، كان ثرى الوطن العاشق الوحيد يفتح لك ذراعيه لاحتضانك.. في تلك اللحظة المشبعة بالحب ورائحة الوطن، اخترقت تلك الرصاصة الغادرة صدرك لتعلن زفافك بعرس الشهادة فأنساب شلال دمك مسك وعنبر، وأغمضت عينيك الدعجاء على آخر مشهد في الوطن فصمتت أغاريد الطيور، وعزفت الملائكة ترانيم المحبة وضمك ثرى الوطن بين ذراعيه عروسا له تزفها الملائكة في عرس الشهادة..
آه يا سريدا... لقد أحببت الوطن وعشقتيه، أحبك فعانقتيه زرعت الدفء في قلبه، فتوج رأسك بإكليل من الحب وهامتك الجميلة بزهور من العشق، وزفك إليه بمواكب من الملائكة وتغاريد الطيور، وغمرك سوسنا وياسمينا وشقائق نعمان، وحنى كفيك بترابه المتضمخ بعرق الأجداد وزيت الزيتون...
آه يا سريدا...ستبقى ذكراك في قلوب الذين أحبوك وكل من عايشوك، ستبقين عطرا مشبعا برائحة الزيتون واللوز الأخضر، سو سنة لا تجف، قطرات ندى تخو ضر القلوب...
وان تألمنا لفراقك فما يخفف الوطأة على الصدور المتعبة، انك لم تغادري إلا لمحبوبك الوطن بثوب زفاف متضمخ بدم الشهادة، فقد عشقتيه فأحبك وأنتظر تيه فلبى نداء ك، فأخذك من بيننا لزواج أبدي غنت به الملائكة، وقادته بمواكب من نور الشمس وضياء القمر، يزهر لنا من ذكراك ياسمينا وسوا سن...
أما نحن....فيزورنا طيفك دوما حبا وعشقا، شذا متضمخا برائحة ربيع آخر، نحلم كما حلمت بنهار أجمل، وطن أحلى، شعب بلا قيود، بعيدا عن خرائب الموت وجنون العاصفة...


رام الله \ فلسطين
29\3\2004

* في ذكرى استشهاد عروس فلسطين سريدا أبو غربية.

الثلاثاء، مارس 27، 2007

في حضرة كائن

الهام ناصر

يقتات شِعري على كائن

تخثّرت صورته في صديقي
الكأس يصاحبه في ثلجهِ

يستحم بماء الخمرِ

وريقِ الشفاه/

أيا كائناً ينهض منه حناني و... المرأة

يعانق الأسرار المختبئة

يوشوش في ثناياها

يحرّك نداء الأعماقِ

يستدرجهُ لغيبوبةٍ تشرب من ماء اللّذة

فــ / تشبّ النار ........

في حضرة الكائن /

تنطفئ الأنوار الخائفة من نورهِ

لتتكسر الظلال إلا من ظلّه

يرتديني شِعْرا أكتُبه

يا جسدي فيك معركتُه

و/ حكمةُ الامتلاءِ بروحهِ

تلهث مصحّحةَ الوجع

لتهدأ الشمعة من ملاحقتها

لفوضى الجسد

رسالة الى ........


رشا أرنست


هذه رسالـة عاجلة لك
من طفل يـَكادُ يـُمسك بالقلمِ
يـَسكن أقصى الشمال
و أقصى الجنوب
بقلبهِ يـُولـد حب للحيـاة
و يتجدد يوماً بعد يوم
في حضن وطنه الغائب

أيها العالم و ما فيك من سواعد للموت و الدمار
ألا ترى شيئاً في طفولتنا باقي ؟
في براءتنا أو لـُعـبـُنـا
أقولها و يـَقـولهـَا مـَعـي
مَن بـَقــَى من أصحابي و أولاد الجيران
لم تـَعـد عـالمـنـا
فقد سئـمـنـا الدمـار

لم تـَعـد تـُخـيـفـَنـَا يـا عالـم بلا هويـة
عالم أخفى الإنسانية
عالم تحت أقدامنا دمرنا
عالم فوق رؤوسنا كسرنا

سأصرخُ لأني لم يـَبـقـى لي إلا الصراخ
لم يـَبـقـى لي بعد أبي و أمي و عصفوري إلا الصراخ
لم يـَبـقـى إلا صراخي و الفراق
فـقـدتُ الحبّ و البيت و الأشجار

و ماذا بعد يا عالمي ؟
أتظن أنني سأستسلم لبغضك و نارك ؟
أتظن أنني سأنحني لطغيانك ؟
أتظن أنى بضعف طفل قد جبلتني أمي ؟

سأريـك ماذا يـَفـعـل طفل قـُتـل فيّ
سأريك كيف يـَكـون طفل اغتالته البشرية

سأدوسك بقدميّ بكل عزم موروث في جسدي النحيل
سأمـزقُ صورتـكَ في عينيّ
سأكون في ضميرك ذنب لا يـُغـفـر
و في جسدك جرح لا يـُشـفـى

سأكون عارٌ عليـكَ انك ذبحـتـنـي
انك جوعتني و رميتني و اغتلت طفولتي كأني لم أكن

سأكون ماضي في تاريخك محفور بالإثم
و حاضر يـُغـرزُ بأرضـك كل اسم
لأطفال مثلي قـَتـلـتـهـم
سأكون تاريخ اسود بكتابك لا يـَـزول

سأمشي حتى يراني الكل
و يـَشـهـدوا أن ظلمك فــاق الحــدّ
و أن العدل استشهد على باب مدينتي
و الحق ذاق الذل

لستُ واثق ٌ ممن سـَيـرونـنـي
فشاهدتهم باطلة إن تركوني
فأغلبهم بائعون للكلام و الأشعار
مروجون الحرب ليل و نهار
بائعون الزيف و الأحقاد
يـٌناصرون الموت و يشوهون الحياة

لكني سأحـفـرُ مـَقـبـرتـي
و سأسعـدُ أني شهـيـد طفولـة ماتت من قـَبـلـي
و بوجـهـكَ يـا عالـــم بـلا عـنـوان
ســأغلــق قبـــــري


26 / 3 / 2007 م

دفاعا عن ربيع الثقافة.. دفاعاً عن ثقافة الحب والحياة


بمبادرة من المنتدى الثقافي اللبناني في فرنسا وقع المثقفون العرب من شعراء وكتاب وفنانين وباحثين وأكاديميين وإعلاميين البيان التالي:

مرة أخرى يظهر وجه العدوان بكل ظلاميته في حرب ماضوية تستهدف اليوم "ربيع الثقافة" في البحرين ومفاهيم الحب وحرية التعبير ومسارات الثقافة والفن التي يمثلها هنا مارسيل خليفة وقاسم حداد.

هذا الهجوم الظلامي على ربيع الثقافة في البحرين ليس إلا امتداداً لمحاكمة مارسيل خليفة قبل سنوات في بيروت ولكل عمليات القمع والاعتداءات التي تعرض لها الكتاب والمثقفون العرب في أكثر من عاصمة عربية.

هذه التيارات الأصولوية الظلامية لا تبني مستقبلاً أو ثقافة ولا تحرر أرضاً أو إنساناً ولا تنبئ بربيع أو حب. وحدها الحرية، وتحديداً حرية التعبير والإبداع بتنوعها واختلافاتها وثرائها هي الرافعة لبناء المستقبل وضمان ثقافة الحياة وتحرير المرأة ولمكافحة الفقر والجهل والمرض والأمية والتخلف والفساد والتسلط والعدوان وقمع الأنظمة واغتصاب الأرض.

التحية لمؤسسات المجتمع المدني البحرينية التي وقفت تدافع عن الحرية والحب، التحية لربيع الثقافة في البحرين ولكل ربيع في العالم العربي،
التحية لمارسيل خليفة وقاسم حداد.

يمكنك إضافة توقيعك على العنوان الالكتروني التالي:
www.jehat.com

الموقعون


نبيل أبو شقرا
أدونيس
يوسف عبدلكي
ميرا برانس
نظير حمد
نبيل بيهم
مرام المصري
منير الشعراني
عبد اللطيف اللعبي
أتيل عدنان
عيسى مخلوف
هيلين جرجس
وليد شميط
صبحي حديدي
رفيف فتوح
عبدالله نعمان
خالدة سعيد
جيرار خوري
ظافر نور الدين
نايلة عبد الخالق
نبيل الأظن
أحمد القديدي
ريمون حولي
جان بيير دحداح
محمد مخلوف
برهان غليون
بشرى استنبولي
بشارة طربية
علي ناصر الدين
عائشة أرناؤوط
فينوس خوري غطا
خليل النعيمي
سيمون فتال
العفيف الأخضر
أسامة أبو ذياب
عصام سعد
غسان حلبي
ندى عبود
شوقي أمين
فادي عبدالله
كاظم جهاد
أحمد أبو دهمان
باتريك لاما
جولي القرى
سمير عطية
ندى أبي زيد
هالة الأمين
المعطي قبّال
هنا الصمدي
هاجر فرتيس

الاثنين، مارس 26، 2007

الدرجات...


قصة


بقلم : نبيل عودة

- " ليرحمنا الله جميعا، خسارتك يا رافع .. وحياة والدك انزلني قرب الدرج.. آه هنا .. يلعن الموت وايامه، ما تشوف الا الخير يا ابني . كم ادفع لك ؟.. الحمدلله على كل شيء. تفضل يا ابني ,, يرحم الله امواتك . ما عاد قد ما مضى ، اين كنا واين اصبحنا ؟ المرض يهد الحيل .. انها مشيئته ، يختار من يشاء .. ولا نطلب الا رحمته . لماذا الباب يستعصي على الفتح ؟ .. آه ، ما عاد في اليد حيل ، يخلف غليك ويسلم ايديك .. وان شاء الله ما تشوف يوم اسود . هالبلاد من يوم ما تشرد اهلها ما عاد فيها خير .. أيوة .. راح الشباب وما عاد في البدن حيل .. ارحمنا يا رب .. ارحمنا وخلصنا .. وارفق بحالنا "
نزلت من سيارة الاجرة ووقفت تتأمل الدرج الممتد امامها الى الاعلى ، بشيء من الحيرة والاسى .
كانت شمس آب تشوي شيا . أمسكت بدرابزين الدرج والتفتت حولها تبحث عن مساعدة . كيف ستعلو كل هذه الدرجات لوحدها ؟!.. قالت لنفسها " ما في اليد حيلة " .. بحثت عن نسمة هواء تلطف بها عن نفسها من هذة الشمس الملتهبة . فتحت فمها واخذت نفسا عميقا حاولت به ان تبرد عن جسدها الممتلئة طياته بالعرق المتفصد الحار .. وبشيء من الاستسلام لامر مفروغ منه ، صممت على الصعود تاركة امرها لمن في يده الحل والربط..

الدرجة الاولى

على مهلك يا محروسة .. اطلعي درجة درجة .. صحتك على قدها .. كل شيء ولا تعب القلب .. ها .. خذي نفس ولطلعي .. عبئي صدرك بالهواء .. على راحتك .. من يوم ما شفناهم ما شفنا الراحة. انتبهي انتبهي .. تنفسي بعمق .. بعمق شديد . العجلة من الشيطان ، الله يلعنك يا عزرائيل ، ما بتتعب لا من طلوع دراج ولا من نزول دراج . طالع خفيف ونازل مليان . نازل فاضي وطالع حامل . لا هم لك الا الطيبين . خذ عنا اولاد السوء .. يا ربي ابعده عنا .. انت الغفور الرحيم .. انت الجبار المتمكن .. اشملنا بمحبتك ورحمتك يا عالما بالاسرار .هبنا من لدنك قوة . خذ اولاد الحرام .. ذهب الخير يوم جاءوا . خذي نفسك وعلى مهلك .. ايوه ..

الدرجة الثانية

الطبيب قال لك نزلي وزنك .. وانت يا محروسة بطنك فابركة .. ماكينة شغالة ليل نهار . يقبر الطب واللي اخترعوه .. هل نعيش بالحرمان حتى نرضي الطب والاطباء ؟ حتى لذة الاكل يستكثرونها علينا بعد ان فقدنا لذة الشباب . أيام زمان عاشوا فوق الميت سنة، وما عرفوا مرضا .. كانوا يطحنون الصخر ولا يشكون من الم الاضراس. لا يعرفون اوجاع المعدة ولا عسر الهضم . احترعوا الدواء ومرمروا اجسامنا وحياتنا به . حياة والدك كان ينطح جرة عسل وعمره ما قال شبعت .. ولا قال أخ .
عسل ايام زمان كان عسلا .. واليوم يا حسرة صار سكرا !!
من يوم ما شفناهم راح الخير .. الدنيا ما عاد فيها خير .. دوسي على عزرائيل .. ها..

الدرجة الثالثة

( مرمر زماني يا زماني مرمر )
عزرائيل مرمر ايامنا .. جاء بركابهم وقعد .. يصول ويجول دون وجل من حساب . هل صارت رقابنا رهن اشارته ؟
آه يا ام رافع يا مسكينة .. ماذا اقول لك ؟!
جئنا للتعزية .. حياة زفت . الموت دابك نهش بالبشر . شباب مثل ليرات الذهب يخطفها عزرائيل في غمضة عين . ماذا ستقولين لامه المسكينة ؟.. اعتمدي على الله يا ام رافع ..يا نحس ابعد عنا .. تفو على عزرائيل .. تفو عليه اعمى البصر والبصيرة .. هناك من هم احق بالموت والحرق . مرمروا ايامنا ولاد الحرام .
مصيبتك لا تحتمل يا ام رافع ... يا عاقلة، يا خدومة ، يا كريمة . تفو على عزرائيل .. الف تفو عليه وعلى ايامه .
على مهلك .. خذي نفسك .. ونفسا آخر اكثر عمقا يا محروسة . املأي صدرك بالهواء . . وعلى راحتك ..
اصعدي ، ايوه .. الله معك ..

الدرجة الرابعة

مات الخاير وترك اطفالا مثل العيدان الخضراء . القلب قتله .. قاتل الله الامراض .. عرض وطول ووجه مدور مثل القمر .. كل ام كانت تطمع بعريس مثله لابنتها .لا ينفع اللطم يا ام رافع .. اولاده صغار وبحاجة اليك .. دنيا لا تخضع الا للقوي .. وبعدنا عم نقول مشيئة الله ؟ هل مشيئته حقا تيتم اولاده وهم اطفال بحاجة الى رعايته ؟ ترميل زوجته وهي صبية بحاجة الى صدر يحميها ؟ ونقول الموت حق ؟ طز في هيك حق . حياة لا تسوى .. آه يا صدري .. قال مشيئة الله ؟ يلعن الدرج واللي يحبوه .يقطع النفس ويوجع القلب . . والواحد ما عاد فيه مروة .. يا ساتر .. كله من الاكل اللي يخترعوه .. خيار على شجر .. وبندورة على شجر ، كثير وقليل الخير ، لا يقوي جسما ولا يمنع مرضا .. ولا يقاوم موتا .. والهم والغم دافق ..

الدرجة الخامسة

وقفت برهة تلتقط انفاسها .. وصدرها يعلو ويهبط ارهاقا ، وعرقها يسح مالئا طيات لحمها المتثاقلة .
أخذت انفاسا سريعة متلاحقة، محركة الهواء امام وجهها بيدها .
تأملت ما تبقى من درجات امامها ، وهزت رأسها برثاء وعجز وحيرة ، وعلى محياها ارتسمت خطوط عابسة . ارتاح صدرها قليلا وهدأ تنفسها .. تأملت ما تبقى من درجات بحيرة . شدت قبضتها على الدرابزين حتى لا تفقد توازنها ويحدت ما يخيفها .. ليت احدا يعينها .. حتى هذه الامنية تستعصي بلحظة الشدة .. اخذت امرها بيدها . وصعدت .

الدرجة السادسة

الدرج طويل يا محروسة . ابنك قال لك " ارتاحي يا يما ما بيعتب عليك احد " . الطبيب امرك بالراحة ... ولكن الواجب مقدس وله حرمته .. جيل اليوم لا يعرف الواجب الا من خلال مصالحه .. النقود اكلت الاخلاق . كثيرة وما لها قيمة ..أيام الليرة العسملي كانت الليرة تنطح بقرة ، وليرة اليوم ما بتكفي ركبة حمار ... غيروا شكلها مرات . قطعوها ووصلوها وغيروا اسمها .. يرحمها الله .. ما عدت اميز بين الاوراق . كلها بلا قيمة . هي احق بالموت من شباب اليوم . لن يأسف عليها احد .. والأخلاق صارت زي الليرة .. تقلصت مع تقلصها .. قال ما بيعتب غليك أحد ؟ انت حر .. المواساة في الموت يا ابني ولا الاشتراك بالافراح . الله يساعدك يا ام رافع .. زوجك تركك صغيرة .. قتلوه الانكليز .. جاء النحس بركابهم .. خرجوا وما خرج .. عدوى لا فكاك منها .. وابنك يقتله عزرائيل النحس ، ولا يشفق على شبابه ، دنيا مقلوبة .
شعرت ببعض الارهاق فتمهلت تلتقط بعض الهواء .

الدرجة السابعة

بلغت نصف الدرج ولم تسمع لا حس ولا نس .. اهذه دار ميت ؟ !
ما الحكاية ؟ ولماذا هذا الصمت ؟!
نظرت الى الدرجات المتبقية امامها بألم وحيرة وقالت لنفسها : " يسكنون في العلالي من أجل وجع القلب "

الدرجة الثامنة

لا ترهقي نفسك يا محروسة .. حافظي على اعصابك .. وعلى مهلك .. حتى الباب مغلق ؟ ما الحكاية يا عالم ؟ ! ولا تبدو حركة في الساحة ..؟ ربما بكرت في القدوم ؟ .. ولكن انت مثل امه .. ارضعته مع ابنتك الكبرى .. ولولا ذلك لتزوجها .. الدنيا اسرار ، لا يعلم بالغيب الا صاحب الغيب نفسه . حتى قدماك تصبحان ثقيلتين . ارطال اللحم تضغطهما تحتها . قال خففي وزنك قال .. على آخر العمر ، دنيا ما بتسوى ، ركض وشقا والكل واصل للجورة .. صار الناس يترحموا على زمان الترللي بعد ما ذاقوا الامرين من حكام اليوم .كانت الدنيا بخير .. فانقلبت . رحمتك يا عالما بالغيب .. ها ...

الدرجة التاسعة

ها.. ركض وشقا والكل واصل للجورة..ما بيدوم غير عزرائيل ووجع القلب ونجار التوابيت . لماذا هذا الصمت والميت شاب ، تمزق اللوعة عليه القلوب ؟!
يا غراب البين .. ها .. هاه .. اف من هذا الحم وقلة الهواء .. ارتاحي لا تسرعي للموت برجليك . خذي نفسك وعلى مهلك .. تمسكي بالدرابزين .. اصعدي على راحتك .. لا احد وراك بعصى .. سوى عزرائيل ، لا احد وراك .. سنتين لم تزوري ام رافع .. منذ انتقلت لهذه الانحاء .، كادت تنقطع معرفة وجيرة عشرين سنة .عمر يمضي بغمضة عين . امس كان الاولاد يرضعون مع بعض .. دنيا !!

الدرجة العاشرة

( جينا الدار نسأل ع الحبايب )
( لقينا الدار بتبكي ع اللي غايب )
ارتاح من شرهم ، قلوبهم مثل الحجر .. ضرب الخناجر ولا حكم النذل . لولا انه الموت لقلت زاح الهم عن اكتافه . من يوم ما شفناهم والشباب يموتون بسبب وبلا سبب . حتى الامراض كثرت . شيء نعرفه وشيء لا نعرفه . جابوا الامراض عشان يشغلوا الاطباء .. رحمتك يا رب .. رحمتك وقوتك .
هانت .. بقي درجتين وتصبحين في الدار .. لا ترهقي روحك بالبكاء ، مع ان المرحوم بمقام ابنك .اللوعة في الصدر تنشف الريق وتغم البال . احترسي .. قلبك مهزوز ووراك عيلة .. بنتين مثل زرين قرنفل .. والعرسان كثار .. الله يبعث منهم من يشاء ومتى يشاء . نصيبهم بيده .. يرحم من يشاء ويهب من يشاء . ترحم بنا وابعد عنا النحس يا رب . تفو على عزرائيل .. درجتين لا غير ..

الدرجة الحادية عشرة

البيت هادئ كأنه مسكون .. الفأر بدأ يلعب بعبك .. ما هذه الحكاية ؟! انت في حلم ام في علم ..؟ لا حس ولا نس ؟ لا صوت ولا صراخ ..؟ لا بكاء ولا لطم ..؟ والميت مثل ليرة الذهب ..وام رافع ست من ناح ولطم ؟ فكيف والفقيد فلذة كبدها ؟؟
ولكن يا للعجب .. لا سمع ولا حركة ؟!
توكلي . . خذي نفسك .. والله معك ..

الدرجة الثانية عشرة

بقيت درجة والانفاس تقطعت .. خذي نفسك يا محروسة .. الخبر وراء الباب المغلق. عبئي صدرك وعلى مهلك .. عبئي صدرك هواء، أثمن شيء ببلاش .. اياك من المغلاة بقدرتك .. انا مثل اختك يا ام رافع .. ورافع ابني .. رضع حليبي يوم رماك المرض .. عمر يركض ويتركنا نلهث .. الحياة تهجرنا وتتركنا خرائب .. يا حسرة على ايام زمان .. وأكل زمان .. ما ذهب من عمر لا يعود .. حتى الارض خطفوها اولاد الحرام .. يا غراب البين .. يا غراب الشؤم .. تفو على عزرائيل .. يحرمنا من الفرح في آخر عمرنا .. كمان عزرائيل مع القوي .. تفو على عزرائيل ..

الدرجة الثالثة عشرة

الثالثة عشرة .. والأخيرة ،الحمد لله .. عدتهم بالتمام والكمال . رقم منحوس . من يوم آدم وهذا الرقم منحوس .. ما له نصيب .. لو نقصوها درجة..؟ او زادوها درجة ..؟ جئت اشاطرك حزنك يا ام رافع . آه من لوعتي .. كيف القاها وماذا اقول لها ؟.. كيف اطيب خاطرها بهذه المصيبة ؟ تحلي بالصبر .. هل عاد فينا صبر حتى نتحلى به ؟! طرقت الباب وهي تلهث منهكة مقطوعة الانفاس من التعب والحر واللوعة وصعود الدرج ...
أطلت بعد برهة فتاة صغيرة ، وقفت قبالتها صامتة تتأملها ، هل هي ابنة المرحوم ؟ اين قلبك يا عزرائيل ؟ نظرت للفتاة الصامتة والتي لا يبدو عليها امر خاص ..كأن الميت ليس والدها ؟ نظرت من الباب المفتوح الى الساحة امام البيت .. فلم ترى ما يشد نظرها او يشير الى وجود ميت . ما الخبر ؟!.. لا يبدو كبيت ميت ؟!
استولت عليها الحيرة وثار قلقها مما هي فيه .. او يكون الميت قد عاد الى الحياة ؟! سألت الفتاة وكأنها تسأل نفسها :
- بيت ام رافع يا عيوني ؟
ثقتها تقول ان هذا هو البيت ، لا يمكن ان تصعد كل هذه الدرجات هكذا لوجه الله .. ولكن الفتاة رغم صغر سنها .. الا انها ، كما يبدو ، فهمت المراد .. فها هي تتحمس وتطل نحو البيت على الجهة الاخرى من الشارع ، وتقول مشيرة اليه بيدها :
- الدرج المقابل يا خالتي !!

نبيل عودة –
mostkbel@netvision.net.il

عُرسُ شرّها

الهام ناصر

كيف تدور الطواحين
والريحُ مصلوبةُ في اتجاهِ انعكاسي نحو الأرض ,
و العشبُ شدّ شعرَه من جنونِ تصاعُدِ الماءِ جرياً نحو السماء....!!
لبستْ الجاذبية ثوبها
و رحلتْ في نزهةٍ تجمع من جديدٍ قبائلـَها .
تركتْ خلفها جنوناً يتعاطفُ
و الاضطراب على حدودِ
عَبَرَ الجسرُ أجسادَ الناس
نفضَ الصخّرُ فقاعاتِ النهرِ عن جسده
وتيتّم السمكُ و الصيّاد

...دائرةٌ ببابٍ يفتحُ ثقبه " بميعاد "

و حاملة المفتاحِ في جمجمتها تتسعُ الأفكار
راقدٌة جنبَ غرابها في العُشّ
تقبضُ الأحلام من رحمِ الملائكة
تحقنُ الهواء بثرثرة نعيقها
و تبصق على نفسها
استعداداً للامتلاء
" فتنةٌ " غازلت دروبَ المآذنِ و الكنائسِ

و علا شأنُها في سماءٍ بلا نجوم
و صحفٍ بلا عيون
و أحواضٍ يسبحُ فيها الشرّ
قادمةٍ نحو " الشّرقِ "
تتدلى من أواني الطهي ..
.طعاماً و من النوافذ...
قمراً
و تعلِّق قرطَها في أذن الجدران
يا كلُّ " يحيا "
أغلقوا الأفواه عن مضغها..
أخيطوا القلوب " بغرزة " إيمانٍ متينة
وأغمضوا الحواس عن تنفّسها..

الأحد، مارس 25، 2007

الكتاب

الدكتور نوري الوائلي
مؤسسة الوائلي للعلوم
نيويورك

كتابُ الحق ِ قد أشفى مُعابا ً *** بك َ الأرواحُ قد ملكتْ طبابا

علوتَ عاليا ً كالنجم ِ سحرا *** زهوت َ ضاويا ً تعلو القبابا

حويت َ كل َّ سر ٍ في سطور ٍ *** لك َ الأذهانُ قد خشعتْ مهابا

فلن يعلوكَ بالقدر ِ كتاب ٌ *** ولا الثقلان مثلك قد اجابا

فأنت َ كامل ٌ في كل ّ حرف ٍ *** تحديت َ الخلائق َ لا عُجابا

بك التاريخ ُ والأحداث ُ تروي *** جهادا ً من ثناياك استطابا

وتحوي خيرَ دستور ٍ بناه *** اله ٌ قادر ٌ حكم َ الحسابا

فلن يحلو لسمعي غيرُ صوت *** بترتيل ٍ يرتلك َ احتسابا

وتنهمرُ الدموع ُ كفيض غيث *** اذا سمع َ الفؤاد ُ لك أستجابا

أهُيم بعالم ٍيسمو بروحي *** الى الملكوت ِ شوقا واقترابا

فلا تبقي بنفسي من ضلال ٍ *** فسطر ٌ منك يُلهمني الجوابا

فأشدو في القراءة ِ كل ّ يوم ٍ *** فرؤيا منك تمنحني الثوابا

فنفسي تعشقُ الترتيلَ طوعا ً*** ومنه تشرب ُ العسل َ المذابا
********

كتابُ الحق ِ منهاج ٌ حفيظ ٌ*** فتصلحَ للزمان ِ رُبا ً وزابا

جعلتَ الخلق والأيمان شرطا ً *** لكلّ مسلم ٍ طلب َ المئابا

حويت َالكونَ أسرارا ً وَخَلقا ً *** وعلم ٌ فيك قد بهرَ اللبابا

فعقلُ الخلق يسجدُ في خشوع ٍ *** وتنهمرُ الدموعُ حِما ً عتابا

اذا قرئت حرُوف ٌ منك َ جهرا *** بتدبير ٍ وفكر ٍ قد أصابا

فكل ّ حروفك َالعُظمى بحور ٌ *** وأسرار ٌ حوت حُجبا صِعابا

فلا عذر لنا أن جاء ليل ٌ *** ولم نقرأ أيا هادي الصوابا

فأنتَ المؤنسُ المُعطي يقينا *** وأنت الخل ُّ تستبق ُالصِحابا

وخيرُ مُصاحب ٍ للمرء ِ صِدقا ً*** كتاب ٌ زاح َ عن درب ٍ ضبابا


*******

تهيج ُ نوازعي ألما ً وذعرا ً *** وضاق الصدرُ خوفا ًواكتأبا

اذا ذكرتْ بك النيران ُ دارا ً *** لمن ترك َ الفرائض َ والمثابا

وتبتسمُ العيون ُ مع الثنايا *** ويعلو الحمد ُ أنفسنا غِلابا

اذا ذكرَ الجنان ُ ولطف ُ رب ٍ *** لمن حفظ َ الديانة احتسابا

ولن يعلو بدنيانا كتاب ٌ *** على الفرقان خيرا ً أو خطابا

ففيك دلائل ُ التوحيد شمس ٌ *** تزيل ُ ظلمة ً تحوي سرابا

حويت َ فواتحا ً للعلم تهدي *** لك العلماءُ قد خضعت رقابا

لقد أعجزت من أفنى حياة ً *** بعلم ِ الضاد ِ شرحا ً واصطحابا

فلم تترك ْ صغيرا ً أو كبيرا ً *** بك الثقلان قد عرفوا الصوابا

عوالم ُ كوننا رُسمت بسطر ٍ *** وجسم الناس قد حويَ الترابا

يساورني أمان ٌ حين تعلو *** بأذني ذاكرا ً ربا ً وهابا

سطورك َ تجعل الغفلان يقظا ً *** فترتعدُ الفرائص ُ اضطرابا

ولن يلهو بلهو ٍ الا عاص ٍ*** وينشغل ُ المنافق ُاجتنابا

اذا قرئتْ سطور ٌ منك يوما ً *** وعانقت َ المسامع َ والسحابا

ويبقى صامت ٌ للذكر ِ عقل ٌ *** لعبد ٍ مؤمن ٍ خاف َ العقابا

أيا فرقان َ ربي كن شفيعا ً *** لنا يوما نريد ُبه الثوابا

الى المقاوم العراقي البطل


مريم الراوى
وكما القناديل تعلقت قطرات العرق البلوري على جبهته الممتده من السماء الى اعماق الجرح,تصارع البقاء والخلود على ناصية الحلم,لتولد من جديد فكرة في عيون الغد, وحكاية كفاح تتجدد عند بداية كل صرخة تأتي من بلاد الورد والجوري..
ذلك العملاق المرهق,لازال يناضل لاجلنا,
لم يبرح عمره ارض المعركة ولاساحات الفداء,
نام في العراء,
وتخطى الاه,
صلى لعيون الأرض مع الشهداء,
ضحى لأجلنا هذا البطل,
هو وجميع الرفاق....
لازلت متيمة به,
وبي شوق حد الجنون لأرسم الكون له قبلة على الجبين والعين....
يقتلني الحنين اليه ويرميني في دوامة الهيام والذكرى,فأصبح رغماً عني اسيرة فؤاده وكفه وعينيه..
ارنم له مع كل جرح صلوات للقديس الذي رحل ملء غصته وألمه,انشد له كما الاطفال انشودة العودة والرجوع..يطالعني بوجهه الباسم.. سليل النور معي!,رفيق الوطن,ومعشوقي الاوحد يطالعني!!, فيالحظي وبهجتي, فأدرك حينها اني مع عليين..
اذا من حقها الحروف ان تتراقص على سطور التيه وتتمايل كالسنابل حين يلامسها الربيع بمحبة وود..ومن حقا ايضا الروح ان تنادي المروج والربوع والمزارع,ليتغنى العصفور عند كل ضحكة وبسمه..
أنتظرني اذاً,,,
همهمت الروح مع نفسها محدثةً عناقيد الهوى التي تركت القمر يبكي وحيداً في اعقاب الامل.
انتظرني قليلاً, لترى دموعي زاحفة على جدائل الشمس,ماشيةً على حبال غسيل العمر..
انتظر قليلاً وتمهل, لازال في العمر فسحة للبكاء والنحيب..
ياعزيزي اني اناديك همساً مجنوناً, وصهيلا متكسراً على ضفاف السكون.
اهديك ,سبع نجمات بضيائهن, وعينين, وقلم,
اهديك,البحر النائم في عيون السماء,
اهديك, الجمر المتقد في افئدة الاطفال الحالمين بالاتي من الايام,
اهديك كل مااملك من قصائد وذكريات وفرح وبسمات وحزن ودموع..
واهدني انت الوطن,كما كان ,وكما كان له مقدرا ان يكون..
يكون جلجامش فيه الحارس عند اسوار المدينة المنكوبه,
واوتنابشتم,حكيمنا الذي علمنا الخلود والغد,
وحامورابي,حيث الوطن دستور لايخطئ والانسان,كما الرب دمه مبجل,
ومن خلل النور يأتينا نبوخذنصر,حاملاً رايات العودة,والنصر القادم....
هذا هو الوطن الذي اذكر,
حضارة العقل ومدن حرية,
انسان يؤمن بالأرض,
نافذة صوب الغد,
حكايات, وقصص, ومزهرية..
اعد لي وطني ايها الغالي,
قبل ان يخبو الضئ في عيوني
اعد لي وطني قبل ان اكون رماداً,
وملامح انسان تغرب هنا يوماً..
اعد لي وطني, ليكون لي شاهدة هنالك,
تحدث المارين عن عاشقة تعانق حبيبها الان,
والان هي لها الحياة, وبداية اولى فصول الخلود..
,,,,

تراشق غرور

الهام ناصر
قال لي لحظةَ تيه:
ما أجمل الكتابة والكأس بين يديكِ
يتدلى منه الناس
والعالم
والفوضى… ...
الكأس الأول لكِ سيدتي
والكأس الثاني
أهرّب منه العالم
كي أنقذ منكِ الشفتين
ويصمت
...وأسمع غروري دلعًا
بينَ الرشفاتِ
ثم.... يمضي يحاورُالعينين
يحق لكِ أن تغترّي
ألست تملكين شِعرا ..؟
وشَعرأً
يتدلى فيه السحر
إلى الخصرالراقص بالقتل؟
ألستِ واسعة العينين
يتعسل فيهما النحل ولا يؤذيهما؟
ويصمت
...لبستُ خمرتهُأ
تابع غزلي من كأسِ مترنّح
نحوَ الفتنةِ..
يشدو غروري..
يسحب ذاته إلى ذاتي..
يفك قميصا احتوى الملذّاتِ…
يكوّر فمه حول الصغيرِ الأشقرِ
مناديا بريقا في العمقِ
أن ارعدي…!
حان لغروركِ أن ينتهي
أما مَغرورٍ أرعنِ

مطار



قصة بقلم : نبيل عودة

mostkbel@netvision.net.il
(1)افقت لتوي من غفوة عابرة, تثأبت وتلفت حولي مستنجدا خيرا من الملامح المتناقضة للمسافرين.مددت عيني طولا وسحبتهما عرضا, ويقيني يقول لي أن لا شيء جديد بعد, حشد من الخلائق عبرتهم بنظراتي المتحررة للتو من اسر النعاس وسلطانه.. وحرت اين استقر بنظراتي.

( 2)مددت أطرافي بقوة وتشنج, محاولا أن اصل لأبعد مما أستطيع, وأنا لا أدري ان كان ما يمر بي هو نوع من القلق ام الزهق لطول الانتظار.كان الزمن يمر بطيئا مثقلا بالهواجس. وقد جفت ينابيع افكاري او كادت من معاناة الانتظار, الذي يبدو ان لا نهاية له.للحظات تتجلى لي رؤى غريبة, فانفضها غير قانع, ومن حيث لا أدري, كان يتسرب لنفسي اكتئاب شديد, فأحاول التخلص منه بالتنقيب عن فكرة جديدة, تأخذني لاجوائها فأخوض لجة التأمل, فينشط فكري وينشغل, حتى نرى ما يكون من أمر هذا التعويق في وصول الطائرة.

ولكن اكتئابي وهواجسي كانت اقوى من رغبتي, فلم أعد أطيق صبرا لما أنا به فأخذت ابحث عن الصغيرين بعيني, دون أن أتحمس لمغادرة مقعدي الدافىء.للحظة مرت في فكري آخر أحداث الطيران. نفضت الفكرة من دماغي عندما لمحت الصغيرين يلهوان بسعادة, يجران عربة الحقائب, احدهما يدفع والآخر يركب, وتكاد قاعة الانتظار الفسيحة لا تتسع لسعادتهما المنفلتة, غير عابئين بما يدور من هواجس وأفكار, يصدمان الخلائق بالعربة, ويتابعان شيطنتهما دون حساب لانس أو جن.

(3)في المحادثة التلفونية قبل ايام, أخبرتني ان طائرتها ستصل الساعة الثالثة والربع بعد الظهر, حسب توقيتنا المحلي . في اليوم نفسه اتصلت مرتين مع استعلامات المطار للتأكد من عدم حصول تغيير في موعد وصول الطائرة.قبل خمسة ساعات غادرت البيت برفقة الصغيرين,اللذين لم يتنازلا عن مرافقتي رغم كل الاغراءات ومحاولة البرطلة لابقائهما في البيت .حسبت الف حساب لشيطنتهما وعبثهما .

في الساعة الأولى لوصولنا لحقتهما وحثثتهما على الهدؤ.وعدتهما بعشرات الهدايا الرائعة التي ستجلبها "ماما" اذا كانا طيعين لا يعذبان ويسمعان الكلام , والا لا شىء, يعودان كما جاءا بلا هدايا , وربما بلا "ماما" التي سترى شقونتهما وتعذيبهما لي من الطائرة, وتعود من حيث أتت. هذه الانذارات والتهديدات لم تنفع الا للحظات , عاد بعدها كل شيء الى أصوله الشيطانية. ركضت ورائهما من زاوية الى اخرى, مخبئا وجهي كلما صدما شخصا بعربة الحقائب المنطلقين بها على سجيتهما , متمردين على الأصول متحررين من الضغوط..منفلتين .. ثائرين.

- خزيتوني .. ماما اتصلت من الطائرة تقول انها لن تجيء .. وسترجع مع كل الهدايا .. مع الدب ومع القرد ومع سنوبي ومع ليلى الحمرا ..استمعا لي بصبر . نظرا بعيني بعض .. وأخذت ملامح ضحكة ترتسم على شفاههما , ثم انفجرت ضحكاتهما التي لا تعرف حدود الوجل واطار المنطق .

جلجلت وصدحت بسعادة منفلتة من قلقي المبالغ وحساسيتي المفرطة لتصرفهما التي هي عين المنطق كما يريان . لعنت الاولاد والذي يخلفهم , واستسلمت امام اصرارهما ساحبا نفسي نحو شاشة الاستعلامات , للتأكد من جديد بان الموعد المقرر لوصول الطائرة لا يزال بلا تغيير .

(4)الهيت نفسي بتأمل وجوه المسافرين وما تبوح به من تعابير. ملامح الوجوه تكاد تفصح عما في النفوس . تتجلى تعابيرها المتناقضة بين الوجل والسعادة . بعض الملامح هادئة ومستقرة ,ومن تعابير وجوههم تعرف ان الطيران صار روتينا في حياتهم .في رحلتي الاولى بالطائرة أصابني الوجل ساعة قبل الصعود الى الطائرة , وما انفك عني الا بعد هبوطها بساعة او اكثر , واليوم انا اكثر قوة , او ربما اكثر استسلاما .. السفر بالطائرة علمني ان اواجه المجهول بشجاعة .. او ربما بلا مبالاة . بحثت عن الصغيرين بعيني , فلمحتهما في آخر القاعة , يتبادلان ركوب عربة الشنطات .. نظرت الى ساعتي مستعجلا تقدم الوقت , انتهاء الانتظار , انتهاء المعاناة من تصرفات الصغيرين .

(5)أيقنت بيني وبين نفسي اني بالغت في تقدير الوقت , فخرجت ساعتين أبكر مما يجب , وهذه نتيجة تسرعي احصدها مع شيطانين. حاولت العودة لتأمل تناقض الوجوة وملامحها متفاوتة التعابير,. ضحكة خافتة جذبت أنظاري , فرأيت عناقا مستفحلا بين فتى وفتاة, يكاد الفتى يفترسها برغبة مفضوحة, وهي مستسلمة ضاحكة كالعصافير , لا هم ولا غم .. أحاول أن أتذكر أيام فتوتي , والساعات الرومانتيكية , وأقارنها بالحالة التي أمامي . ظلال لابتسامة تريح قسماتي المتوترة من الانتظار الطويل وشقونة الصغيرين . بمرارة غير مفهومة أغطس في مقعد مريح.

يمضي الوقت بطيئا. تشدني السيقان الوقعة في مستوى النظر فأطلق لعيني العنان . هل يليق بي أن أتأمل اللحم المكشوف؟ نشب عراك بين نظراتي المنطلقة على سجيتها , وراء ما انجلى من جمال التكوين وأسس البناء , وبين ما يعرف مجازا بالأخلاق ,الذي يشجب ما انا فيه من متعة النظر مع سبق الاصرار لما يسمى مفاتن النساء. رفضت فكرة ان يكون ما اراه عورات يجب سترها . بعض الملابس تضيق عن استيعاب هذا العاج المتلأليء الوهاج.

لوهلة يخيل لي ان بعض السيقان ولشدة فتنتها , تكاد تخرج من داخل التنانير . انتظرت ولم يحدث. ربما الملل مما انا فيه يدفعني للعودة الى سني المراهقة وتأمل السيقان ومفاتنها. بدأ بالي يخلو شيئا فشيئا .أفكاري تخلو من الصراع وانا امارس على سجيتي اكتشاف عالم النساء الكامن في الطبقات المنخفضة .. وبعدها لا أدري كيف .. أخذتني غفوة سلطانية تحت ظلالها .

(6)نظرت لساعتي فجفلت , اذ أن الوقت الموعود لوصول الطائرة مر بأكثر من نصف ساعة . هل أكون قد غفوت ساعة ونصف الساعة ؟ نفضت عني بقايا النعاس ووقفت ابحث عن الصغيرين .. فلم أجدهما .أسرعت اجتاز القاعة من أولها الى آخرها , من يمينها الى شمالها . بحثت عنهما بكل انتباه ودقة , ولكن لا أثر لهما .تسارعت نبضات قلبي بعض الشيء.. وأنا حائر في مكان وجودهما. أتكون امهما قد وصلت واهتدت اليهما ؟ ولكنهما يعرفان اين غفوت ؟ خرجت من القاعة ملهوفا للبحث عن العفريتين , فاطمأنت نفسي حين لمحتهما يتشيطنان خارج القاعة , غير عابئين بما يدور حولهما . بشرتهما بان الطائرة وصلت , وانطلقنا لباب الاستقبال.

(7)كان الزحام شديدا وبالكاد نرى الممر.

_ ارفعني لأرى.أمرني الصغير.. فامتثلت للأمر غير القابل للرفض.- ارفعني انا ايضا.أصرت الصغيرة وألحت مهددة بالبكاء.أنزلته ورفعتها.

- أخ ..حبست صرخة ألم , حين تلقيت ضربة ببوز حذاء الصغير في ساقي اليمنى , وأمرا لا يقبل الجدل:- ارفعني.توترت اعصابي وكززت على اسناني غاضبا:

- لماذا لم تبيقيا في البيت؟حملت الاثنين بشيء من الصعوبة والجهد الزائد.- مرحبا.حيا اخته وهو مرفوع.- مرحبا .ردت عليه منفلتة من الضحك.- كفى حركة . لا أستطيع حملكما أكثر.صممت بعصبية وأنزلتهما على الأرض. فواصلا التعشبق بعنقي , ولم أستطيع منهما فكاكا الا بجهد وضربتين على القفا .

( 8)مر الوقت وخرج عشرات الأشخاص دون أن أرى أثرا لزوجتي.بدأت النرفزة من طول الانتظار تفعل فعلها في نفسي غير المطمئنة, المرهقة من الانتظار والأولاد..استفسرت من أحد المسافرين ان كانت الطائرة التي وصل فيها قادمة من حيث تجيء زوجتي . فأجاب بالسلب. حرت قليلا وازداد شعوري بالارهاق وصارت روحي في حلقي . أكاد أشعر بالاختناق, ولا أعصاب لي لمواصلة ارضاء الصغيرين.هل تحضر ام لا تحضر ؟

شاشة ألاستعلامات لاتشمل رقم الطائرة المنتظرة فيما تبقى من طائرات . تركت الصغيرين وذهبت أتأمل مرة أخرى شاشة التلفزيون ... وعبثا بحثت بعيني . موعد هبوطها حان منذ أكثر من ساعة. .. ساعة غفوت , هل غفوتي هي السبب في عدم وصولها ؟ربما غفوتي لا تحسب في مقياس الزمن ؟

استعدت في ذاكرتي للتأكد , تارخ اليوم وموقعه من أيام الأسبوع , استذكرت استعلاماتي التلفونية مع المطار قبل خروجي من البيت, وحين وصلت بعد سفرة استغرقت ساعتين . قرأت رقم الطائرة وموعد هبوطها غير النهائي . ثم عدل الموعد بربع ساعة . . وأصبح موعد هبوطها نهائيا . أمر محير . هل غفوت لأكثر من من ساعة ؟ لأكثر من يوم ؟

هدأ الصغيران , اللذان لحقاني , من عبوسي الظاهر وعصبيتي الواضحة . التزما الصمت . هل يستوعبان ما يدور ؟ يستجليان أفكاري؟ هل لمسا ما يعتمل في خلدي ؟ هل يفهمان جوهر الموقف ؟ يقدران خطورته ؟نظرت حولي مضطربا قلقا . ولت الوجوه والسيقان . ضاعت ألألوان . , واحتقن وجهي .. واستفحلت حيرتي .صمت الصغيران بكآبة غير مفهومة فأثارا شفقتي . أمرتهما بانتظاري على مقعد قريب وعدم التحرك . . فجلسا منصاعين . نظرت اليهما مرة أخرى , ولم أستطيع الا ان أنحني لأقبلهما هامسا :- ماما تأخرت , سأذهب لأعرف السبب . فاهمين ؟ هز الصغير رأسه بموافقة وتسليم . أما الصغيرة فعبست , وطأطأت رأسها .. وبانت الدموع في مقلتيها :

- أريد ماما .- الآن ستجيء .. لا تبكي . سرت.. ركضت .. لا أدري .. نحو مكتب الاستعلامات والقهر يمزقني .. والحيرة تفعل فعلها . .. تزيدني نرفزة وعصبية .. هل فعلتها وتأخرت أم يخبيء لي القدر مفاجأة ؟

( 9 )زحام شديد أمام مكتب الاستعلامات , وثلاث موظفات جميلات مشغولات بالرد على عدة هواتف , واعطاء الاجابات للحشد الكبير .. بعد سؤال واستفسار عابر مع عدد من المحتشدين امام مكتب الاستعلامات , تبين لي انهم بانتظار الطائرة نفسها ... وأن شيئا غير مفهوم قد حدث .

خف همي قليلا لوهلة . وازداد قلقي أضعافا .سألت شخص بقربي :- هل وصلت الطائرة ؟- السؤال هل أقلعت ؟ أجاب وغرق في صمته .- هذا ما نحاول ان نفهمه .. أجاب آخر دون أن أوجه له السؤال . قلت وكأني أكتشف شيئا جديدا :- وما المشكلة في معرفة ذلك ؟.. حين يعطون الموعد النهائي لهبوط الطائرة .. معنى ذلك انه أقلعت وأقامت الاتصال مع برج المراقبة ..؟- ربما..- ربما ؟ - هذا مانحاول ان نفهمه منذ أكثر من ساعة .- لماذا لايعطون الجواب ؟ - لا أعرف .- هل خطفت الطائرة ؟ - أفضل من سبب آخر . - أي سبب ؟

- مثلا سقوطها.. ؟؟

- سقوطها ..؟؟!!لا لن يحدث ذلك . .. الصغيرين وأنا ؟ .. أبدا .. هذا صعب على التصديق .قالت موظفة جميلة محاولة أن يصل صوتها للجميع :

- حتى الآن لا ندري شيئا . الطائرة قد تكون عادت للمطار الذي انطلقت منه . أو هبطت لسبب أو آخر في مطار آخر . أرجو الهدؤ والاطمئنان .. سنعلمكم بكل ما يصلنا من معلومات

عن أي هدؤ واطمئنان تتحدثين ؟ انفجر أحد المحتشدين فأسكته الحشد : - ما ذنبها .. هي موظفة ؟؟- لماذا لا يخبروننا .. لماذا يتسترون ؟؟صرخ آخر .وقفت صامتا اسمع ما يدور من حوار وصراخ وتعليقات وهمومي تتكاثر . . وأنا في حيرة من أمري .مرت لحظات ثقيلة . . والكل غارق في تأملاته وتأويلاته . لم أعد اطيق الصبر والصمت والتأويل .. تركت الحشد وذهبت أطمئن على الصغيرين .

( 10 )أخذت الصغيرين شبه النائمين الى داخل القاعة , أجلستهما على مقعدين , وتركتهما يغرقان في نومهما الهاديء .كان الوقت يمر مثقلا بالهواجس , والقلق الطاريء يتحول الى خوف حقيقي من حادث مفجع . طلبت محادثة خارجية من البدالة الدولية , تحدثت مع أقاربي فأكدوا ان زوجتي سافرت بالطائرة في الوقت المحدد حسب البرنامج , وحسب ما يقدرون , يجب ان تكون قد وصلت . قطعت المكالمة تاركهم لحيرتهم وكأن سكين جزار ماهر قطعتني نصفين من وسطي . كآبة دافقة ملأتني . مرارة شديدة تتسرب لأعماقي . اتجهت نحو مكتب الاستعلامات .. كانت الوجوه مرهقة وتبدو عليها ملامح معاناة شديدة . بعض النساء أطلقن العنان لدموعهن , مما زاد شعور المرارة في نفوسنا , واشتد خوفنا من حادث لا ندري قدره .- في أخبار العاشرة لم يذكروا شيئا ...! ايقنت ان الحديث يدور عن طائرتنا . رفض فكرة حادث مأساوي كانت تتأصل في نفسي . ترى هل ينفع ذلك ؟ هل له أثر فيما حدث بالفعل .. أو قد يحدث ؟هل من خبر جديد يزيل الكرب من نفوسنا ؟ هل من كلمة تزيل قلقنا ؟ قلت لجاري محاولا أن أنفس بعض همومي :- الطائرة أقلعت .. الطيار أقام اتصاله مع برج المراقبة .. ثم انقطع الاتصال .. ولا يدرون السبب أين المنطق ؟

لم ينصت لي أو أنصت .. لا أدري . قال مخاطبا نفسه :- كيف أستطيع أن أعيش بدونها ؟ واستأنف صمته الممتد كما يبدو . .. ونظراته المكسورة تبحث عن بارقة أمل .. ثم تسقط فوق الأرض .وقفت مذهولا للحظات .. تأملته وأيقنت أن في ألأمر سرا , تصارعت في رأسي عشرات الأفكار المؤلمة .

حرت فيما أستطيع فعله . رفضت الفكرة الرهيبة التي يقودني اليها تفكيري . نظرت لوجوه الموظفات الجميلات , اختيار ملائم لوضع غير ملائم . حاولت أن استقريء ما تخفيه ثغورهن المصبوغة بالأحمر , وما تخبأه عيونهن البراقة وما يكمن وراء هدوئهن المبالغ لحد التصنع . عواصف من القلق . اشتد شعوري بالعطش الذي يلازمني منذ ساعة دون ان أعيه. لم تكن لي رغبة في شيء . . ولا حتى بقطرة ماء . تحركت حاملا ذهولي وحيرتي , وقفت أمام براد الماء , ضغطت بأصبعي .. ارتفع نافور الماء , انحنيت , رطبت فمي ولساني .. ولم أستطع أن أبلع الماء .

تركت البراد وتوجهت الى الصغيرين , شاعرا بالألم . حاولت أن افكر بشيء لا أدري ما هو . تأملت في نقطة غير مدركة , وجلست , أخذت الصغيرين في حضني , ضممتهما بقوة , تنشقت رائحة الطفولة ودفئها , وزجرت دمعة كادت أن تفلت , وانتفضت كالملسوع . فتحت عيني .. فركتهما لازالة الغباش والأشكال السريالية للوجوه .. اتضحت المعالم والصور .. تذكرت الصغيرين , وانتصبت متثائبا مذهولا .. مطلقا نظراتي في أرجاء القاعة بحثا عنهما ...

نبيل عودة – كاتب , ناقد وصحفي فلسطيني – الناصرة

بائع الكعك



قصة عيسى القنصل
دخان ُ السيجارة يتصاعد ُ فى حلقات ٍ دائريه متلاحقة ٍ فى سماء الغرفه , تصدرُ من انفى حلقة ً صغيره ثم تكبر ُ مبتعدة ً عنى لتنفجرَ فى سمـــــاء
الغرفة وتلحق بها اخرى فى سلسلة ٍ لذ لى مراقبتها , تصعد تارة هادئة
متموجةً وطوراً يندفعُ سهم سريع ُ من الدخان خلالها .. وثمة مذياع يبكى
باغنية ٍ هادئة ٍ حزينة ٍ تحملنى بين نغماتها ..عبر حلقات الدخان وعبر بحر
الصمت الى الماضى الى ساحة المهد فى مدينة بيت لحم .
شريطُ من الذكريات يمر فى مخيلتى فارى وجه نهيل ..ذلك الوجه الاسمر
الناعم والعيون العسليّه الدافئه الساهمة دوما ً وقصة حب طاهرةٍ معها ,ثم
وجه ُ وليد ذلك الصديق المرح الذى كان يسكبُ دائماً فوق جراحى بلســــم
الامل والمحبه ليدفع فى اعماقى روح الصراع نحو الافضل .. والف الف
وجه ووجه .. ومن خلال تدافق الصور وتوافدها تبرز ُ صورته تنمو وتكبر
اكبر من غيرها ليبقى اقوى من النسيان والموت .
كان يثف ُ دائما ً امام مكتبة( ابو تيسير الخليلى ) فى ثغر شارع ( بولس السادس) المطل ُ والملتحمُ فى ساحة المهد..عيناه متعلقتان بالفضاء المنبسطِ
امامه ُ على التلال والوهاد الشرقيّه ..يعتمرُ الكوفيه َ ذات اللون الاخضر الباهت والتى ام ارها يوما ً تغيرت من مكانها وكانهُ ينام ُ ويصحو بها ..يضعُ
امامهُ طرحةً ً خشبية َ يتكدسُ فوقها اطارات ُ من الكعك الساخن ..كان رجلا ً
نحيف القامة مدُيدها عظام ُ وجهه بارزةُ فى ضعف ٍ تلمح فيه ظلال الفقر ِوالفاقة..كنت ُ المحه ُ فى موقفة دائما ً واقفا ً فى صمتٍ كصمت شحرى الميلاد العجوز الساكنة ُ منذ امد بعيد امام مخفر مدينة بيت لحم فى ساحة المهد.
تعودتُ , ان اتناول َ منهُ كعكةً ساخنة ً صباح كل يوم وانا فى طريقى الى
سوق الخضره ..او الى شارع (راس افطيس) لبعض اعمالى ..حتى اصبح
مع الوقت لى مظهراً ً من مظاهر المدينة كشجرة الميلاد او منظر الاجانب
فى توافدهم اليومى لكنيسة المهد . وكم طاب لى الوقوف قرب صيدلية (حنظل ) اراقب شارع ( بولس السادس ) فى تعرجه الضيق تتموج فيه مواكب الناس
وارى باب المهد ... واراه ايضاً ألمح كوفيتهُ الخضراء الباهته فادرك ُ على التو ان بعضا ً من الكعك لا يزال موجودا ً على طرحته ِ وان بائع الكعك لا
يزال يحدقُ فى الافق الشرقى فى كل سهوم .
ومن خلال التعود اليومى عليه اصبحت صديقاً له ُ..ولعلنى تجاسرتُ اكثر َ من مرة ٍ فافتعلت ُ عدم توفر النقود معى .. فلم يحفل ْ كثيراً انما قال لى ( على
حسابك الكعك كله)..شعرت ُ بعدها بالطبية والبساطة ِ معهُ .. واصبح َ وجهاً
احبُ ان اراه ُ كل يوم ..وجها ً اُحدُثُ اصحابى واحبابى عنه .مما اثار َ دهشة
البعض ِ وتعجبهم لان بيت لحم كانت مدينة ً حافلة نوعاً بالهو وحياة الشباب
وكلُ له صديقة ُ ..اما انا فعلاقةُ مع بائع كعك مسكين لامر ُ يثير الدهشة فى
نظرهم واكثرَ من سؤال ؟؟؟
كنت قد وفدتُ الى مدينة (بيت لحم ) منذ سنة ٍ موظفا ً فى احد فنادقها ...وهى
مدينةُ صغيرة ُ بسيطةُ ينام ُ فى اعماقها اكبر ُ تاريخ ونبع ُ دين سماوى ...لا تزالُ قديمة ً نوعا ً ما فى انمطة البناء وفى بعض شوارعها واقواسها الحجريه
..ثم كانت علاقتى مع نهيل احدى الروابط التى جذبتنى اليها الى درجة كبيره
احببتُ فيها البسطاء لصدق ايمانهم ..ولم امارس الكراهية لاحد ففى هذه
المدينة يجب ان تموت ُ الكراهيه ...احببتُ بيت لحم الى درجة محبة المؤمنين
بها وبدأت احس ُ انها مدينتى ولا غير سواها ..ووددتُ احيانا لو انشطرُ الى
نصفين امشى الىاخر شارع {راس افطيس) بنصف ..بالنصف الاخر الـــى
اخر شارع (بولس السادس ) ثم اكتمل هناك عند (سينما الامل) .
حدثت ُ مرة بائع الكعك عن حبى لها ..فقال لى (( هل انت من هنا ) قلت (لا)قال ((اذن لن تحبها الى درجة تنسى بعدها حبك للاصل الذى عشت به وانحدرت َمنه )) قلت لماذا (( لشىء بسيط لاننى حتى هذه الحظه لم انــس
مدينتى الاولى ..يافا .. لقد خرجت منها بذكرى مولمة لقد فقدت كل شىء..
امى وابى وكل ما كان لى من مال وجاه ..ولم احمل معى سوى هذه الكوفيّة
التى تراها على رأسى و لي املُ بالعودة ....
لم يكن حزيناً ذلك الحزن القاتل ..ولم يكن سعيداً تلك السعادة ةالتى تلمح ُظلالها على وجوه السعداء ..بل كان يؤمن ُ بغرابةٍ تامه ان لليوم وجهان ..
صباحه ُ ومسائه ُ .. ولعل هذه فلسفته التى لخصها لى ذات يوم ((بانــــه
ينتظرُ فجر نهاره بعد ان طال ليله ).
ذات يوم ٍ لمحتُ الى جانبه ابنه ..وهو طفلُ لم يتجاوز السابعة من عمـره
. كان يرتعدُ من البرد تحت اسماله الباليه ..تعلقت عيناه فى يدى وانا ابتاع
كعكتى اليوميه .. وكأنه يحصى فى ذهنه ِ كم تبقى من كعكات والده لكــى

يعود َ الى البيت هرباً من برد الصباح . اشفقت ُ عليّه وسألته عن اسمــــه
قال محمد ,
ـــ اتذهب الى المدرسه يا محمد .
ـــنعم ,,قالها بصوت خافت ٍ مرتجف .
ولا ادرى لماذا شعرت ُ بالحزن العميق عليه ..احساس ُ عنيف دفعنـــى
للفندق ثم عدتُ اليه ببعض الملابس والتى حاول والده ردها بعنف ..لكن محمد كان قد امسكها بشى ء من الفرح قلت ُ لوالده (( انا لست محسنـاً
انما هديه لمحمد .
أعرف اننى طعنتُ الوالد َ بما فعلت ْ لكننى شعرت ُ بالدف ِ وانا ارى الطفل
يبتسم .. ومن تلك الحادثة ِ تعلق الطفل ُ بى واصبحنا اصدقاء .
كان الاصدقاءُ في (بيت لحم ) يسخرون من صداقتى معه ُ .. ولكم كانت دهشتهم ُ عندما علموا بزياتى له فى مخيم الدهيشه عندما ضربتة سيارة ُ
ذات يوم والزمته الفراش ...وعندما حدثت (نهيل) عن تلك الزياره .. تبسمت
ولكن فى غرابة . وطوال مدة مرضه ..كان ابنه الاكبر يبيع الكعك فترة
بعد الظهر بعد انتهاء دوام المدرسه .
وقد علمت ُ بان ام محمد كانت تقوم ُ بعجن الكعك وترسله الى فرنٍ قريب
ويبقى محمد بجانيه اخيه يصرخُ ((كعك .. كعك .. ) حتى يعودُ بثمنه كاملا
الى البيت .
وعندما عاد ابو محمد بعد الشفاء لاحظت ُ انه استقدم كرسياً لالم فى ساقـــه
لله كم كان هادئا ً فى المه ..فى غضبه .. وتسامحه على السائق الذى ضربه,
كنتُ فى ذلك الوقت ادرس ُ فى جامعة (دمشق )وعندما ارتحلت عن بيت لحم في ايار ذلك العام .. كان اول من ودعت ُ وجه نهيل الغارق بالدموع ..
ووجه (وليد )الغارق بالدعاء ..واذكر ُ كم شدُ على يدى (ابو محمد) بكل حبٍ
وطيبة ..وهو يدعو لى بالنجاح والعودة السالمة .وتعلق بى محمدُ وهو يريدُ
هدية ً من الشام .
ودّعت ُ بيت لحم َ واشعة ُ الشمس ِ الصيفيه تزرع ُ فى الاعماق ِ اسياطاً
تجلدنُى بالحزن .. كنت ُ اشعرُ بشعور ِ حاد من الحزن والغربه .. ولعــــــل
هذا الشعور الحقيقى للحزن قد تولّد فى اعماقى وقلبى قبيل ارتحالى باسابيع
وكم كنت ُ اودُ لو احمل ُ معى كل َ حجارة بيت لحم واهلها ..شجرة الميلاد
..عيون نهيل العسليه ..وابو محمد . لا ادرى لماذا حزنتُ ذلك اليوم كثيرا
كثيرا ..كان الطريق من بيت لحم الى عمان كـأنه ذراع بيت لحم يلاحقنى
بكل لهفة لكى اعود واعانق الوجوه كلها مرة اخرى ...
ومن عمان ...نزلت ُ الى جامعة دمشق .
دمشق ٌ اغنية ٌ حب ٍ فى خاطرى منذ زمن ٍ بعيد . .. وعندما دخلتها مساء
ذلك اليوم ..ارتميت ٌ فى احضان شوارعها حتى ساعة ُ متاخرة من الليل ...
وكان بيتى الجديد قريبا ً من الجامعه . .. وبدأت الدراسه الجاده .
وبدأت تلوح فى الافق بصورة مفاجئة بوادر القلق السياسى ..لم اكن اهتم ُ
بالسياسه ..فلم اكترث لكل اخبار الجرائد والناس .. لكننى كنت ُ احس ُ بشىٍ
غير عادى يجرى بين الطلبه والناس ..وسرعان ُ ما وقعت الحرب ُ دون ان
احس َ بعنف قدومها ..ومانت مفاجاة لى يوم سمعت ُ دوى المدافع فلب (دمشق
رباه ما جرى ..اهكذا وبكل سرعة . وقرأت على وجوه الطلبة فى الجامعة وفى خوذ الجنود معنى الحرب . ولكنها لم تدم ْ طويلا ..ولعل مأساتنا الحزيرانيه كانت اسرع نهايه من توقعنا الحماسى ُلها ..
وضاعت بيت لحم .. واصبحت مغتربا عنها ..تهتُ فى شوارع الشام كثيرا ..
وفى شوارع عمان ..والسوالٌ يعوى فى داخلى ((ماذا جرى لهم في بيت لحم)
الازدحام ُ المرعب الخانق ُ فى شوارع عمان ..بعد النكسه يوْلدُ فى الاعماق نوعية ً حادة من الحزن والتشرد .
عانيت ُ مع الناس ..اذهلتنى المفاجاة ..بدات ُ اصحو على واقعى ..على عمق
معنى الهزيمة ..ولعلنى ارتحت قليلا لسلامة نهيل ووليد .. غير اننى كنت حزينا ً لافتقادى بيت لحم تلك الارضيّه التى فوقها تولدت محبتى للعالم .
وتخرجت من الجامعة بعد اربع سنوات ..وحصلت ُ على وظيفة فى عمـــان
واصبحتُ مع الايام مواطناً عربياً عاديّاً اسمع ُ الاخبار ..اتذكر ُ واتنهدُ ...
وذات يوم وبينما كنت ُ فى زيارة لزميل لى فى مدينة (الزرقاء) فوجئت ُ
بالكوفية الخضراء الباهته تقف امامى فى كبرياء فى موقف للسيارات العامه
لم اصدق ما ارى ..وحين اقتربت ُ من تلك الكوفيه ..وجدته شابا ً يافعا ً .. لم
يعرفنى اول الامر ..لقد كان محمد وسرعان ما تعارفنّا اصبح طويلا يقارب
طول والده طولا .. قلت (( كيف انت كيف الوالد وما الاخبار )
وعمت ُ منهُ الموجع الحزين ..
لقد مات والده ..عندما حدثت الهرب ..هرب من ْ هرب بعد الهزيمة ..رفض
والده الهرب بل اصّر للذهاب الى يافا ..لكّنه عاد مقتولا بعد ان اوصى ابنه
محمد بالمحافظة على كوفيتُه الخضراء ان لم يعد اليهم .. وقال لى محمد لقد
فقدنا كل شىء مرة اخرى ,, البت الصغير ..ووالدى وامى امرة عجوز مرهقة ..وانحدرت من عيونه دمعة عندما شجعته ..
وسمعت صوته يصيح ((كعك ..كعك ..)فادركت انه ُ لم يفقد امله بالحياة ..والعودة ذات يوم ..الى يافا وبيت لحم بالكوفية الخضراء ,

السبت، مارس 24، 2007

بلبل الحب

مفيد نبزو
محردة

يا بلبلَ الحبِّ إنَّ الحبَّ أشجاني

واسيتَ قلبي وقد خفَّفتَ أحزاني

أنت المعطِّرُ قلباً ذابَ من ألمٍ

أنت المكحِّلُ بالأنوارِ أجفاني

أنت المغرِّدُ للآمالِ في طربٍ

وأنت تطفئُ بالألحانِ نيراني

أصغيتُ لما عرفتُ الصوتَ أمنيتي

لما وجدتُ بهذا الصوتِ سلواني

حتَّى وقفتُ وذكرى الحبِّ تغمرني

أشكو إليك الهوى شوقي وحرماني

يا بلبلَ الحبِّ إني في الهوى غردٌ

أما سمعتَ بحقِّ الله ألحاني

للحبِّ عندي أحاسيسٌ وعاطفةٌ

والحبُّ عاش بأعماقي ووجداني

فارحمْ فؤادي ولا تبخلْ بأغنيةٍ

خضراء فيها أرى زهراً ببستاني

يابلبلَ الحبِّ هذا الحبُّ أعبدهُ

للَّهِ , والحبِّ بعد اللهِ إيماني

**

سلي الحسون


سلي الحسون يا سمراء عنِّي

لمن غنيت أحلى ما أغنِّي

سلي الحسون واصغي كيف يشدو

فإن غناءه السحريَّ منِّي

أليس اللحن من أشجان قلبي

إذا ما الحزن لوَّنه التمنِّي؟

ملائكة الهوى والسحر حارت

وجنَّت من هوى سحري وفنِّي

وها هي تي عذارى الشعر سكرى

على قدٍّ يذوب مع التثنِّي

سلي الحسون يا سمراء إني

بقدسية الهوى ما خاب ظنِّي

أنا من علَّمَ الحسون شعراً

ولم يبلغْ ربيع الورد سنِّي

أنا من ذاب في عينيكِ سحراً

أحنُّ على عذاب القلب حنِّي

أنا من ينشدُ الحبَّ احتراقاً

أنا من جنَّ فا حترقي وجنِّي
**
مبروك
أخي الحبيب شربل
مبروك ليلى عيدها
ويا رب تبقى تزيدها
أهديتها حبر العيون
ورصَّعتْ ماس بجيدها
بين الوعي وبين الجنون
صارت أميرة متوجة
وشربل أميرا وسيدها

الجمعة، مارس 23، 2007

صلاة الجماعة

الهام ناصر
في غمزة أصابعي
قراءة لصوت العطِر
يشدّك نحو الكهفِ
بغيبوبة أهلهِ
يُسدل ستارةَ العينِ
نحوهُمرشِيٌّ بأفخمِ نداء
ما العطرُ سوى مزيجُ شوقٍ وصداه

...زيت يبلّلُ كهف الإبطِ
ينشر فيه رائحةَ المِسك
يقدّم للمارّين
دعوةَ مجانيّة
للشمّ
.....
كهفُ
يحمل من كنوزِ العطورِ
ممّا تشتهي الأنوف
من دلال أنثوي
على بابه نهرٌ من سحرِ
يهدي الضرير دونَ قائدٍ
ويجرّد العقل من سِرّهِ
......إبطٌ /تكاثفت فيه غيومُ الشوّقِ
فأمطر ماءً أخرسَ
تكلّمَ بلُغةِ الأنفاسِ
بصوتٍ
يفكُّ حجابَ العيونِ
من عصمةِ الرهبنة
تتزاحمُ حولهُ أسنانُ لامعةٌ
وتؤمُّ الحواسَّ
لصلاة الجماعة
**