الخميس، مارس 08، 2007

إلى الْمرأةِ في عيدِها


سعيد علم الدين
إهداءٌ مُتواضِعٌ إلى الْمرأةِ في عيدِها العالَمي
إِلى صديقتي الْمرأةِ .. إِلى نصفِنا الآخرْ
إلى من سُمي حقا بالْجنسِ اللطيفْ
واللطافةُ ذوقٌ .. والذوقُ فنٌ .. والفنُ إبداعْ
والإبداعُ تجربةٌ تتفجرُ في العقلِ حُمَمَ بُركان
وتخرجُ من بواطنِ النفسِ والأَعماقْ
وإنْ رافَقتْها رقيقةٌ حَسناءْ ، للمبدعِ الخلاقْ
أو شريكٌ ممتلئُ الذكاء ، للمبدِعَةِ بانطلاق
صارت شُهباً تَتراقصُ في الآفاقْ
أشعةً تخترقُ الْحواجزَ والأَبعاد
ينابيعَ بعطاءٍ .. فوارةً معطاء
قناديلَ تشتعلُ بلا انطفاء
طاقاتٍ ليس لَها انقطاع
..
وإلى الْمرأةِ ، سوسنةِ الدار
وعصفورةِ الْمجتمعِ الْمنطَلِقِ إلى العلاء
أًقدمُ هذا الإهداءْ
إن كانت أماً أو شقيقةً
زوجةً أو خليلةً
صديقةً أو عشيقةً
لا فرقَ عندي بين إنجيلا ونجلاءْ
ولا بين سُونيا وسَناء
لا فرق عندي بين سَمراء وشقراء
ولا بين سَوداءَ وبيضاء
فالْمرأةُ هي ستُّ البهاء
ربيعُ هذا الكونْ
فَراشةٌ مُلونةُ بألفِ لونٍ ولونْ
الرسمُ الراقي بالخطوطِ والفنون
وسرُّ هذا الجسدِ الرائعِ المكنون
جنةُ النعيمِ تتأوهُ نيرانَ الجحيمِ في قلب الجنونْ
هي الزهرةُ والعبيرْ .. هي النحلةُ والتفكيرْ
لسعةُ زنطيبة التي جعلت من سقراط فيلسوفاً كبيرا
فتجرعَ السمَّ عسلا لكي يبقى في الحقِّ أميرا
..
هي العسلُ الْمُصفَّى والشَّهدُ الكثيرْ
هي الغُنجُ والدَّلالْ .. هي السَّلةُ والغِلالْ
خَصرٌ رَقيقٌ وقدٌ مَيالْ
وخُصلاتُ شعرٍ ملساء
هَبطتْ بكبرياءٍ
من العلياءِ
على الأَكتافِ كالشَّلالْ
تَسقي عيونَ الظامِئيَن ماءاً زُلالا
وهنيئاً لِمنْ عَشِقَ وحبَّ
وشَربَ من النَّبعِ وغَبَّ
وعلى الْخدينِ والشفتينِ مالا
..
والنقابُ وما أدراك
تقاليدٌ قديمةٌ وعادات
جاءتنا من عهدِ ثمودٍ وعاد
ما نزلت في صحيفةٍ وكتاب
تَخْنِقُ الجسدَ والروحَ بالسَّواد
فيُظْلِمُ القلبَ ويسودُ الحداد
..
والحجاب مثل الضباب
يحجبُ نورَ الشمسِ عن الجمال
وإن سُيِّسَ !
دخله الأيديولوجي الدجال
وصار تجارةَ حرامٍ وحلالْ
لبيع القيمِ الإنسانية والأخلاقْ
وبلا مكيال
في سوق النخاسةِ والوبال
. .
والْمرأَةُ يا صاح!
فجرُ هذا الكونِ بالصَّباح
أغنيةٌ وموال
غزالٌ شاردٌ بين مروجِ الورود والخَيَال
يسعى إلى صيادٍ خيَّال
زانه العقلُ بالكمالْ
وبين الْخيَّالِ والغزالِ سَهمٌ طيار
إن أصاب !
لانت له القلوبُ وخرتِ الأَقدار
واستسلَمت قِمَمُ الْجبال
ونامَ الْجوابُ قريرَ العينِ
في حِضْنِ السؤالْ
..
والْجمالُ في هذا الكون القاحل
بدون الْمرأةِ سيدةُ الشمائل
وما وهبتها الطبيعةُ من مفاتن
أرضٌ يابسةٌ من عُشبٍ وخَضار
طبيعةٌ مهجورةُ النسْمةِ والظِّلال
هِضابٌ قمريةٌ ، عواصفُ وغُبار
..
والْمرأةُ واحةُ الْحياةِ وزينَتُها
والْحياةُ بدونِها صحراءٌ ورمالْ
بل هي الْحياةُ بِرُمَّتِها
بِحلاوتِها والْمَرارْ
..
وتحيةً وسلاماً لِمن ردد قال :
" بأنَّ وراءَ كلِّ عظيمٍ امرأةٌ "
ورغمَ نباهةِ هذا القولِ الفعَّال
إلا أنه ناقصُ الزُّبدَةِ والبَهار
وبِحاجةٍ ماسةٍ إلى الاكتمال
بالقولِ ثانيةً وتأكيدِ الْمُقال :
" بأن وراءَ كلِّ عظيمٍ امرأةٌ عظيمةٌ "
وبأن وراء سقراط كانت زنطيبة
..
والعلاقةُ بين الزوجين
ليست علاقةَ رئيسٍ ووزير
ورجلا يتمخترُ في بيته كالأَمير
يُلقي الأَوامرَ ويُحركُ الأَساطيل
وكأنه هنيبعل بنُ هَملقارَ الكبير
إنَّما العلاقة كلها تفاعلٌ وانتصار
على هذه الومضةِ القصيرةِ من الزمان
لَحظاتٌ وثوان
وكان الإنسانُ وما كان
تفاعلٌ وانتصار
يؤدي إلى الإلفةِ والاحترام
والتفاعل الجسدي والانسجام
والتكامل الروحي والوئام
بين امرِئٍ يُحبُ امرَأةً
من الرأسِ حتى الكعب
وإنسانةُ تَعشقُ إنساناً
من أعماقِ الروحِ والقلب
..
والْمرأة تبقى في أكثر الأحيان
في الظل والْخفاء
ترعى زوجَها بالدفءِ والحنان
تدفعهُ إلى النشاطِ والعطاء
وتُهيئُ له عُشَّ الغرام
تغمرُ أطفالَها بالْحبِ والأمان
وتقدمُ لَهم الرَّحمَ والطعام
وأحياناُ تظهرُ في الساحةِ والْميدان
فتعطرُ الْمدينةَ وتُحركُ الشِّراع
ويُهَلِّلُ لَها فَرِحاً
الْمكتَبُ والْمصْنعُ واليَراع
حيث يصبحُ للعمل عِطرٌ وقِوام
وللأَرضِ بدرٌ يبددُ العتمَةَ والظلام
وللكون شَمسٌ ، ساهرةٌ لا تنام
..
والْمجْتمعُ الذي يَحْجِبُ النساء
عن الْمشاركةِ في العملِ والبناء
والانطلاقِ إلى قممِ العلمِ والذكاء
ويرميها خلف سياجٍ
من تقاليد واهية بلهاء
ويُلفلِفُها لفاً حتى الاختناق
بستارٍ من الأَخلاقِ العوجاء
لَهو مجتمع مُغْمضُ العينين
أبكمُ الفمِ ، أصمُ الأُذنين
قعيدٌ لا يُراوحُ مكانَهُ معاق
أو مَشلولٌ يتكئُ على عكازتين
لياليهِ حالكَةٌ سوداء
طيورُهُ حزينةٌ خَرساء
لا تعرفُ الزقزقةَ والغِناء
ربيعُهُ خريفٌ وأنواء
شِتاؤهُ بَأسٌ وشَقاء
صيفهُ نحسٌ ناشفٌ
لا نَسمةَ عطرِ وهَواء
مَشاعِرهُ تتلظى في الْجمرِ
وتتمنى أن تغرقَ في الْماء
يَعلكُ أيامَهُ عَلكاً
سواءً بسواء
مقصوصُ الْجناحينِ
ولن يُحلقَ في الفضاء
..
وللمرأةِ صاحبةُ الْمدحِ والثناء
أقدم أشعاري هذه هديةَ وفاء
وعربونَ مَحبةٍ ، وشكرٍ وامتنان
لِما قدمته من خير لبني الإنسان
منذ ملايينِ السنينِ وحتى الآن
لعلي أصبت فيما قصدت
وإن أخطأت فمنها أعتذر
وكل عام وأنتن بألف خير !

ليست هناك تعليقات: