الاثنين، فبراير 08، 2010

لكم رفيقكم ولي رفيقٌ

غادة مخوُّل صليبا

كثيراً ما يحملني عيد الحب لغير وصفه بأنه تاريخ حصري لأسرار العاشقين. أجدهُ يوماً يحتضن الرحمة بين القلوب وكأنه لا يعرف الحّد الفاصل بين الثلج والنار. كلما اقتربت الذكرى يزداد حنيني لوطني أكثر فاكثر لأنني أشم فيه رائحة ترابه العطرة، خاصة وأنه في هذا اليوم الذي يفترض أن يكون يوم احتفال واحتفاء بالحب، اختطف الموت الغادر رجلاً عظيماً عرفه تاريخ لبنان والعرب. كان استشهاد الراحل رفيق الحريري كالرعّد الذي شقَّ عنان السماء حين قُتلَ بأفظع عملية تفجير مرّت على لبنان في زمن السِلم الأهليّ. فلا بد لي أن أقفَ لدهور من الصمت لأجل غيابه الحاضر في براءة الموت.

لم نعتد في لبنان والوطن العربّي أن نكتب إلا عن الرجل السياسي الذي يقطّع البلاد إرباً إرباً. لكنني أؤمن بقداسة ذكر حسنات موتانا. إذاً، أترككم لنقدكم وكما يحلو لكم بوصف رجالكم السياسيين. أما عن الإنسان الرفيق، الذي أحببتُ، كان ذاك الرجل العميق بشخصيته القريبة للجميع وبإتسامته التي لم تفارق محيّاه والتي ما زالت منطبعة في ذاكرة من أحبه لخيره. كان سيداً مشجعاً للعلم وللوفاق القوي لمختلف ارادات أطياف الشعب اللبناني وللمساهمة ببناء جيل مصقول على المحبة والمعرفة وبعيدٍ عن العنف لخدمة ازدهار الوطن الحديث، وتوطيد العلاقات بين جميع الفرقاء اللبنانيين والعرب والأجانب.

أما الفرق بين إنسانيته وسياسته فقد عبر عنه من خلال الدور الذي لعبه في فترة هامة وحساسة من تاريخ لبنان. لقد كان نادراً في فكره، وقادراً على انتهاج أدوار فريدة تنبع من إيمانه للتحدي والإصرار على النجاح مهما تعرقلت السبل للوصول إليه. كان معطاءاً ومخلصاً في كل محطاته الخيرية التي شارك بها آلام الكثيرين وانفرد بمجال انجازه الوطني عن الكثير من قادة العالم سواء في تخطيطه لإعمار لبنان أو في استشهاده الذي زلزل كياننا اللبناني وحريّته.

لا يهُّم كيف سيكون ١٤ شباط المقبل، وإذا كنّا سنتفق على الحب أو اللا حب، ولن أعُّد أرقام النفوس المؤيدة والمعارضة في مدار هذا الوطن. لقد رحل الرجل الكبير، تاركاً لجميع السياسيين خلافاتهم التي بقيت ولم يستكمل حلها وشجاراتهم التي شبوا وترعرعوا عليها ولا أدري ما سيفعلون بها، فالبلد لا زال على حاله. سأقبعُ هنا في ثورة أفكاري، لأذكر إنسانيته وأصنع من كلمتي ألفاظاً للعشاق الحقيقيين الذين تملاء الرأفة قلوبهم، فإن مرارة الموت أحياناً هي أقلُ من طعم الحياة دون قول الحق.

أقول رحمكَ الله يا أبا بهاء، وهكذا أتأمل صورته التي تُجَسد ما تبقى لنا منه وعينيه اللتين كان بهما وميض من الأمل.

مع ذكرى رحيله المؤلمة، لكم رفيقكم ولي "رفيقٌ" لم يغِب، وسلامٌ ووردة حمراء وعيد حب أبديّ.


ليست هناك تعليقات: