د. نوري الوائلي
ما اكثر الشكوك في نفس الأنسان حول الخالق عز وجل وحول خلق الكون . ان السبب الأساسئ هو قصور الذهن البشري وقصور الأدرك والحواس وقلة المعرفة العلمية في الوقت الحاضر وجهد الشيطان الذي ليس له سلطان الا على الجاهلين والكافرين.
جهلاءُ دهري لم يعوا التفسيرا = وتوهّموا في شكّهم تبريرا
وتجرّعوا سوءَ الشكوك كأنّهم = في رملةٍ يتوجّسون غديرا
وتمضْمضوا كالظامئين بمرتعٍ = ماءَ المبازل مغسِلاً وعصيرا
فإذا بهم ساروا لكلّ رذيلةٍ = وتوسّدوا كاليائسين عسيرا
عجباً لمقتنع بأنّ وجودنا = من صدفةٍ جاءت به تحويرا
إنْ كان هذا الخلق منبع صدفةٍ = فالعدل أن ندنوا لها تكبيرا
بل تستحقُ بأنْ نمجّد قدرها = ولها نخرُّ مذلّةً وشكورا
إنْ كان خلق الكائنات بصدفةٍ = منْ أنشأ الأولى لها تسخيرا
كم صدفة يحتاجُ خلق خليّة = قد حيّرت في خلقها التفكيرا
كيف الجمال وسحره قد أينعا = من صدفةٍ لا تملك التقديرا
ألعقلُ دوماً حين يبحرُ حوله = لم يكتشفْ في الكائنات فطورا
حاولتُ في نفسي تخيّل خالقي = وحدودَ كونٍ رقعةً وعصورا
وسألتُ نفسي والوساوس ديدني = من كان من قبل الوجود ظهيرا
هل جاءَ من عدم فيفنى بعده = أو كان قبلاً أوّلاً وأخيرا
فإذا بعقلي بل كياني كلّه = كالطالبين من الدجى تنويرا
وشعرت أنّي لم يعدْ في ذاكري = إلّا شرودا فارغاً وقصورا
وتصاغرت نفسي كأنّ بروحها = بين الترائب لا تجيد زفيرا
إنْ متّ يومي والشكوك وساوسي = ماذا أحاورُ منكراً ونكيرا
لا للشكوك وإنْ يوسوس جاهداً = أبليسُ في قلبي دجى وشرورا
من عاش أعمى في الحياة ونائماً = يصحو على جرس الممات بصيرا
لن يلبس الإلحادَ إلّا جاهلاً = قد عاشَ في وهج الدليل ضريرا
من قال إنّ الخلق فعل طبيعةٍ = تبري العليلَ وتنشئ ألتأثيرا
أين الطبيعة من صغائر ذرّة = إنْ تنشطرْ تعلُ السماءَ سعيرا
هل جاء من بيض الدجاجة ثعلبٌ = أو يُعطنا رحم الغزال بعيرا
هلّا سألت النفسَ كيف توازنت = نسبُ الأناث مع الذكور دهورا
هذي الطبيعة إنّما قد خُلّقت = فيها الصفات تسايرُ التطويرا
ألعلمُ يثلجُ في الصدور أدلّةً = تعلو , وتبقى للعليم سفيرا
ألعلمُ ينبئنا بصدق حقيقةٍ = يحتاجُ خلق الكائنات قديرا
رغم العلوم فلا تزال سلالة = ترجو بصوت الملحدين زئيرا
لكنّ صوتهمو نعيقُ بهائم = ويجولُ فوق النائمين شخيرا
ونظرتُ حولي لم أجدْ في عالمي = إلّا جهولاً يهتدي وفقيرا
فعرفتُ أنّك للوجود ضرورة = ورأيتُ نورك في الوجود منيرا
ورأيتُ رحمتك الوجودَ تصوغه = ورأيتُ حلمك في النفوس مُجيرا
ورأيتك المولى , بخلقك منصف = ورأيتُ سترك للعباد مصيرا
وقهرتَ دونك بالفناء وأنّهم = منذ الولادة يحفرون قبورا
ولقد عرفتك عند كلّ خليقةٍ = فبها رأيتك مرشداً وأميرا
وعرفتُ أنّك للخلائق عروة = فالكلّ يجري مُحكماً وأسيرا
ورأيت من حولي نعيمك رافداً = للعالمين مودّةً ونشورا
ورزقت دون مُسائلٍ أو طالبٍ = ونشرت رزقكَ للوجود وفيرا
وخلقت بالحرفين كلّ خليقةٍ = من قبل أنْ كان الدّخان سديرا
وغفرت إلّا الشرك لم تغفرْ له = ووصفت نفسك للمسيء غفورا
ووجدتُ حولي كلّ شيء ناطقاً = قد خاب من عاش الدليل كفورا
ما كان خلقك للوجود لحاجةٍ = بل كان خلقك منّةً وطهورا
وإذا رأيت فهل رأيت تفاوتاً = في الكائنات وهل رأيت قصورا
وإذا عزمت بأن تبرهن ناقصاً = يرتدّ عزمك خاسئاً وحسيرا
إنْ كنت في شكٍ وقلبك حائر = فاسألْ لمعرفة الجواب خبيرا
ينبيك أن الخلق قدرة خالق = فاقَ الوجودَ مساحةً وحضورا
من عاشَ يلحدُ والنعيم يحفّه = نكرَ الجميل وقاحةً وفجورا
ورحمت خلقك رغم سوء فعالهم = وبعثت فيهم مرشداً وبشيرا
فإذا همو سيف يجاهر نسله = رسلَ السّماء ومن يقوم نذيرا
من ذا أكون ومن أكون لأدّعي = أنّ الزراعة لا تريد بذورا
فلتشهد الأكوان أبقى مسلماً = وموحداً , عرفَ الجليلَ فطورا
وإذا مَررتُ على المعاصي ساهياً = ستجيرني بمصيبةٍ تذكيرا
فصبرتُ فيها وأرتجوتك راضياً = فوجدتك الكافي بها ونصيرا
تبّاً لقلبي إنْ دعوتك موجساً = ألاّ تكون الى الضروع مجيرا
سلّمتُ أمري للعزيز وإنّني = بالغيب أؤمن واثقاً وقريرا
أنت البقاء وما سواك بخالدٍ = وعلوت خلقك قاهراً وكبيرا
لن يستمرّ الكون في ميزانه = إنْ كان يحوي للعزيز نظيرا
ألنارُ مثوى المشركين ودارهم = فبها أذيقوا خسّة وثبورا
سبحان من خلقَ الوجودَ وما له = ندّ ينازعه العُلا تدبيرا
سبحان مَنْ جمُّ العطاء يزيده = جوداً , فيغني عائلاً وفقيرا
سبحانه عمّا تغلغل في النفو= س من الشكوك تساؤلاً وغرورا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق