الجمعة، فبراير 12، 2010

عندما يصبح الرمز : تحريماً

عـادل عطيـة

ماهو موقفك ، إذا استوقفتك ، وقلت لك : لاتأكل التفاح ؛ لأن التفاحة ترمز إلى الخطيئة !

وقلت لك : لا تقتني الأرانب ؛ لأنها ترمز إلى الخبث ، والسرّية !

وبينما أنا أواصل اكتشافاتي الرمزية السلبية في الخليقة ، أراك ترمقني بإرتياب ، ثم تتركني ، وتمضي !

ولكني أُذكّرك أننا نعيش في مجتمع يمارس فعلياً هذه اللعبة ، التي لها دعاة ، ولها مؤمنين !

وما أصحاب اليمين إلا نموذجاً للذين يخلطون الرمز بالمرموز إليه ، ويقولون لك إن الاديان تقدس اليمين ، وتعتبره : رمز الحق ، والصواب ، والخير .. وتنبذ اليسار ، وتصفه : بالضلال ، والباطل ، والشر .. ألا نجد ذلك صراحة في القرآن ، فيتحدث عن " أصحاب اليمين " بأنهم أهل الجنة ، ثم يتحدث عن " أصحاب الشمال " وهم أهل النار ؟!...

وألا نجد في الانجيل ، ذلك الملك ، الذي يقول للذين عن يمينه : تعالوا يامن باركهم الله ، رثوا الملكوت الذي أعده لكم منذ تأسيس العالم ، ثم يقول للذين عن شماله : ابتعدوا عني يا ملاعين إلى النار الابدية المخصصة لابليس ، وأعوانه ؟!...

وهكذا يخلعون على اليمين وعلى اليسار تقوى الناس ، أو شرهم ، بدلاً من اعتبارهما رمزان للتمييز بين الفرقتين ، ومن ثم ينادون اتباعهم بأهمية الأكل باليمين ، والتختم باليمين ، ودخول الحمام باليمين ، حتى أخشى أن يكفّروا كل أعسر إلى أن يتوب ، ويثوب ، ويرجع ، فيكتب بيده اليمنى ! وأن يرغموا المدربين العسكريين ؛ لكي يشيروا إلى جنودهم ، قائلين : يمين .. يمين وليس : شمال .. يمين ! ، وأن يرفضوا مثلنا الرائع : " اليد لوحدها لا تصفق " بإقصائية وتحريم !

ألا يدركون ان الجهة قيمة نسبية ، ليست مطلقة أو جوهرية ، فالشيء الذي يقع في جهة اليمين بالنسبة إلىّ يقع في يسار الشخص الذي يواجهني ، فاليمين واليسار مجرد إشارات لاتجاه نسبيّ ، فلو سألتني عن عنوان بيتي وقلت لك إنه البيت الأيسر ، مثلاً ، فهذا لا معنى له أيسر بالنسبة لمن ؟ ، فالأيمن ، أو الأيسر ، ليس شيئاً معيناً بل مجرد تسمية دلالية ، أو جهة نسبية .. ليست جوهرية حتى تُبرّر وصم اليسار بالشر ، واليمين بالخير .

فهل نطلق العنان للتفكير المنطقي ، وغير المتعصب ، ولا نبعد كثيراً عن دماغنا الذي يتألف من نصفين كرويين ، ، فصه الأيسر هو النصف المهيمن في الغالبية العظمى من البشر ، حتى في أولئك الذين يستخدمون اليد اليسرى في الكتابة ، أم سنصرّ على تسليم القياد للنصف الأيمن من أدمغتنا ـ بدون جلطة ـ ونصبح بالتالي من " أصحاب اليمين " ؟!...



ليست هناك تعليقات: