الخميس، فبراير 25، 2010

حلم مواطن عربي

محمد محمد علي جنيدي

أعترف بأنني مع الَّذين قالوا أنَّ العالم يحكمه قطب واحد وأقتنع بأنَّها الطَّامة الَّتي تقود العالم للهاوية، كما أعتقد أنَّ ظاهرة الإرهاب العالميَّة سببها الرئيسي هو غياب القطب الثَّاني، لأنَّ رد الفعل لا يمكن أن يختبىء ويخالف ناموس الطبيعة، إن هذا لن يحدث أبداً، فالصغير الَّذي تطوله أيادي الكبار ولا يجد من يحميه فهو دائماً ما يرى نفسه بين خيارين لا ثالث لهما – أحدهما – أن يتخلَّص من حياته ساعة اليأس على غرار عليَّ وعلى أعدائي ومن باب بيدي لا بيدي عمرو أو أن يكون - خياره الآخر – العمل تحت جنح الظَّلام لأنَّ النُّور حتماً سوف يُلقي به في قبضة من يستطيعون الفتك به.. أو هكذا يفكر دائماً ..

لذا أقول: أليس حريٌّ بنا أن نعمل حساب قانون لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوَّة ومضاد له في الاتجاه كما تعلمنا، كما أودُّ أخي القارىء أن تسمح لي بتوجيه كلمة في هذا الشَّأن للمتغطرسين الَّذين لجأوا إلى تلوين الحقائق وتحقير ردود الأفعال فأقول لهم يا أساتذة: والله لن يكون ردُّ الفعل إلَّا مساوٍ لأفعالكم مهما ضعف قدر صاحبه كما أنَّ هذا الأخير لا يمكن أن يخضع ويعيش طوعاً في جلبابكم وهو يحلم بالخلاص منكم أو ينتظر فيكم ساعة.. يا أساتذة : هل سمعتم أن الظُّلم قد أنجب محبَّة حقيقية وهو لم يلدْ إلّا سفاحاً ونفاقا.. وهل ورَّث اعتداؤكم يوماً ما تحت أيِّ مسمَّى أو مبرر أمناً وسلاماً لكم أو لنا وهو يأكلكم ويأكلنا كما تأكل النَّار الهشيم.

أعود إلى بعدٍ آخر ذي علاقة بموضوعنا وهو – بعد المصلحة – ولا شك بأنَّه القاطرة الَّتي تتحرك بها البشريَّة أُمما وأفراداً وأنَّنا جميعاً نركن إلى أين وكيف نصل إلى مصالحنا – هذه حقيقة – ولكنَّني أرى أن مشكلة المشاكل تكمن في رؤية أبعاد هذه المصالح الكثيرة والمتشابكة والمعقدة في كثيرٍ من الأمور ، فالَّذي يرى ويعتمد في تحقيق مصالحه على ( سياسة غطرسة القُّوة ) دون مراعاة مصالح الآخرين فهو قد ضمن لنفسه رد فعلٍ يعجل بانهيار جميع مصالحه ( على الأقل ) في المدى البعيد.. أليس كذالك ؟!

وهنا أودُّ أن أختتم مقالي بسؤال أطرحه على إدارة القطب الأعظم والأوحد الآن في هذا العالم والمتمثلة في إدارة سيادة الرئيس أوباما وأستسمحه السُّؤال فأنا لا أدَّعي البطولة كما أن لكلِّ مقامٍ مقال فأقول لسيادته: فخامة الرئيس وأنتم الأعظم قوة وعلماً وحضارة في هذا العالم الحائر، أودُّ لو أتساءل معكم، لماذا لا تَسْعَوْنَ إلى مُصالحة جادة وفاعلة بين العرب وإسرائيل على المستوى الشعبي يكون قوامها بناء الثِّقة بين الشَّعبين الجريحين وركائزها حوار الثَّقافات وفهم الواقع على أساس التَّعايش ونبذ الخلافات، نعلم جميعاً فخامة الرئيس أن رصيد التَّاريخ من أحداثٍ مؤسفة وقعت على الجانبين كانت ومازالت تُعمِّق أزمة الثِّقة بين الكيانين والَّتي نتطلع إلى زوالها ومازلت أستأذن فخامتكم بالسؤال: ألا تفكرون في أن تُساهم الشّعوب العربيَّة الشعب الإسرائيلي في رعاية مصالحكم بالمنطقة مساهمة طويلة الأمد تَتَّسِم بالصِّدق والشفافية، سيِّدي: إنَّ معادلة التَّعايش وحاجة الشَّعبين العربي والإسرائيلي إلى التَّطبيع الحقيقي أصبحت ملحة وضروريَّة وها نحن ننحاز إلى فهم واقعنا على أساس استحالة استمرار الحروب بالمنطقة إلى الأبد - ذلك - لأنه لا يتصوَّر أبداً أن يبيد طرف الطَّرف الآخر عن كاملة، هذا الفرض مستحيل وغير مقبول إنسانياً وأخلاقياً وعلى أي مستوى لكلِّ ذي عقلٍ سليم! ..

لهذا أرى وأنتهي إلى حقيقة أن قدر وواقع الحوار بين أطراف الأزمة أصبح مُلِحاً على الجميع وبالتَّالي فإنَّ خيار التَّطبيع أوشك أن يكون مفروضاً أكثر من أيِّ وقتٍ مضى لأنَّه مهما دارت بنا رحى الحروب سوف ينتهي بنا المطاف نحو فرض احترامه على الجميع - وهنا - فالسُّؤال يفرض نفسه على قوى الصِّراع، لماذا نترك الوقت يضيع بنا في حصد الخسائر فقط دون فائدة تُرجى.. وإلى متى نخطو إلى الخلف ونحن نستطيع أن نصنع شيئاً يُنقذ الأجيال القادمة!!

لا يبقى لي سيِّدي الرئيس في النِّهاية سوى أن أُأكدَّ مع فخامتكم على أهمِّية تتضافر جهود العالم في هذا الاتجاه وأنَّنا إذا ما أردنا لخيار التَّطبيع أن يُكتب له النَّجاح والاستمرار فلا مناص من مراعاة الثَّوابت الوطنيَّة أولاً وأخيراً ولا بديل عن التَّأكيد والسَّير قُدماً نحو محاولة استعادة الثِّقة المفقودة بين جميع أطراف النزاع وهكذا أرى سيِّدي الرَّئيس أنَّ بإمكانكم دائماً بل وتستطيعون بحنكتكم وثقلكم تفعيل دور الأُمم المتحدة بقدرٍ يدعو للتفاؤل ويراهن على إنماء الأمل لشعوب منطقتنا البائسة!

تستطيعون فخامة الرَّئيس فعل شيء ما يتناسب مع مقدراتكم وريادتكم – نعم – تستطيعون وضع الخطط والبرامج والسيناريوهات لتحقيق هذا الحلم الكبير - بل وتستطيعون- صياغة منظومة عمل كاملة يُساهم فيها علماء النَّفس والاجتماع ورجال الدِّين ورموز مجالس الشُّعوب لمراعاة البُعد الدِّيني والاجتماعي والإنساني ولضمان المباركة والمشاركة على المستوى الشعبي من الجانبين.

فخامة الرَّئيس: هذا قدركم وهذا رهانكم وأنا كمواطن عربي تغلبه الأُمنيات أقول لسيادتكم هاهي أحلامي أنثرها في فضاء بلدٍ أرجو أن يعيشَ مع كلِّ جيرانه في وطنٍ آمنٍ كبيرٍ


ليست هناك تعليقات: