شوقي مسلماني
تعلّمَ زهرةً وغرسَ وردة
إلى سركون بولص
لم أصدِّقْ أنّ هذه الصورة هي للشاعر العراقي سركون بولص. إنّه متهدِّم كمَن بلغَ مِنَ العمْرِ عتيّا، وعهدي به، ومِنْ خِلال صوَر له في مواقع ألكترونيّة وصحف، ممتلئاً، عفيّاً. وأمعنتُ النظرَ بالصورة، ولأنّي لم أعرفْ مِنْ مواليد أي سنة هو سركون خمّنتُ أنّه تجاوزَ المئة حولاً، وأنّي بهذه الصورة قد ضبطتُه. ثمّ بعدَ فترة رأيتُ صورة أخرى له، والأصحّ أنْ أقول: شبحه. ثمّ علِمتُ أنّه في حرَج صحِّي. إذاً حقّاً لم يغشّني سركون بولص. ولأنّي على غير دراية بما يلمّ به، ألحقّ أقول، لم أجزمْ أنّ موعِدَ غيبتِه قد أزفّ. وقبلَ يومين مِنْ يومِ المفاجأة أخبرني الصديق الشاعر وديع سعادة أنّه سيتّصِل بسركون في ألمانيا. واتّصلَ، وحضر سركون. كان صوتُه عريض، إنّما منخور بالتعب. وردّاً على سؤال ما كان يجب أن يوجّه له قال: "لا أريد صلة بأي نظام عربي". وقصدَ السلطة في بلده على رأس قائمة القطيعة. والحقّ أقول، ورغم وجومي، لم يخطر ببالي أنِّي بعدَ يومين سأتذكر أنّها كانت المرّة الأولى أسمع فيها صوت صاحب "الوصول إلى مدينة أين" وما مِنْ أمل بسماعِه مرّة ثانية بعدَ أنْ بلغَ أخيراً مدينة "أين" ذاتها. وقلتُ للصديق وديع وقد صمتَ "الخطّ" بين أستراليا وألمانيا: "علينا البدء بالتحضير للقاء على إسم سركون وشِعرِه". لم أقلْ شيئاً آخَر. أوّل مرّة سمعتُ باسم سركون بولص كان مِنَ الشاعِر صاحب "واحِد مِنْ هؤلاء" جاد الحاج.
**
أوراقُكَ مِنْ كتاب
يأتي الأطفالُ إليه
مِنْ كلِّ أطرافِ مدينة "أين".
**
ومِنْ مسافة إلى مسافة
منذ وعيتَ أيُّها المسكوب مِنْ ضوعِ الفجر
وفي كلّ مسافة تتعلّم زهرةً وتَغرس وردة
والطريق صعود بلا نهاية
وتحتَ سماء لا ترحم
حتى توقّفَ الجسم عن اللِّحاق تماماً.
**
الأفق خطّ واحد وهذا هو البحر
وهذه هي الطيور وهذا هو الذي
يجب أنْ يعيش مئة بالمئة.
**
لا حاجة لهذه الجروح
لا لهذه الفوضى الدامية.
**
الخرافة كثيفة
إلى حدود انعدام الرؤية
إلى حدود تمزيق شبكةِ الأمان.
**
أُخِذَ القرار
حتى كلّ هذا الموت الرهيب.
أُخِذَ قبلَ أنْ تعي هذه التي تُحاك.
**
الأنبل هو أللاّ تكون حدود بين البلدان
الأنبل هو الفضاءاتُ الواحدة
الأرواح الواحدة
أمم العالم الواحد.
**
مثل ما لا بدّ أنتَ أيُّها الجمرة تحصي
وتحمل جبلاً على ظهرك.
**
المحلّ رفيع
يستحقّ الوفاء
نحنُ فيه جميعاً.
**
أولى أللاّ يقع الذي يحلّق عالياً
أولى أن يحلِّقَ عالياً دائماً.
**
ممّا لا شكّ فيه أنّ قلباً ينبض
لا شيء يستطيع أنْ يمنعَ صوتاً يُريد.
Shawki1@optusnet.com.au
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق