الأحد، يوليو 12، 2009

الإنسان ، ذلك السؤال الأبدي

عـادل عطيـة
adelattiaeg@yahoo.com


ماهي تطلعات الإنسان : حين ينظم أشعاراً ، أو : يغني ، أو : يرقص ، أو : يكتب قصة ، أو : يؤلف مقطوعة موسيقية ، أو : ينحت تمثالاً ؟
هل يخلق لنفسه جواً من الصحو والصفاء ، ينقله على أجنحة الأحلام ؟

وما الذي يجعله يزين بيته بالكماليات ، فيضع فيه اللوحات الزيتية ، والكتب ، والأزهار ، والبيانو ، بشكل يمثل جمال الفن المجرد ؟

هل هي لذة الحياة ، ومتعة إستعمال الألوان المختلفة ، ورؤية العالم كأنه مسرح كبير ؟

ولماذا نهمل رحلة إلى السوق لشراء حاجاتنا الضرورية ؛ لنذهب إلى نزهة خلوية نناجي بها أنفسنا ، مع إننا لا نكسب شيئاً مهماً في هذه النزهة ؟

هل لأن للأشياء البدائية والأساسية ، قدرة عظيمة على التأثير على القلب ؟

**

قد نتصور أننا نحتاج لعمال وبنائين وخياطين ، أكثر من حاجتنا من الشعراء والمصورين !

فالشاعر ، قد لا يقول إلا أشياء خيالية !

وقد لا تكون لمقطوعة الشعر معنى كمعظم الأشياء في الطبيعة !

ولا يفعل الرسام إلا أهراق الزيت على القماش !

ومع ذلك ، فالإنسانية لاتُقدّر باني " الأوتوستراد " ، مثلما تُقدّر : فيدياس ، ومايكل أنجلو ، اللذان تكاد تماثيلهنا تعرقل السير !

وهي لا تمجّد الحكام الذين يسنون القوانين والشرائع ، مثلما تمجد : جوته ، وشكسبير، اللذان يحدثاننا عن أشياء لم نرها ، وسوف لن تتحقق أبداً !

هل هو سحر العالم الذي سيظل نتخيله ، في أي شكل يكون ذلك ، والذي يتصل بنا عن طريق الصور المرئية ، التي لها من الجدة والقوة ، ما يجعلها تختطف خيالنا وتفرّ به ؟

هل هي محاولة إعادة صياغة العالم عن طريق : الأدب والفن ، وهي مكوًناته الذي يحلم المفكر بتفسيره ، بمقدار ما يحلم الأديب بتصويره ، والفنان بتجسيده ، والمرء بمعايشته ؟

هل لأن الإنسان ، يحاول أن يجد سبيلاً إلى الخلود ، يحاول أن يترك مولوداً يخلّد إسمه ، ونحن نحب الخلود ، ونقتفي أثره ؟

وماذا وراء مشهد رجل يحرث حقلاً ، أو : فتاة تملأ جرتها من العين ، أو : أم شابه مع طفلها ، أو : صياد يرتق شباكه ، أو : نور ينبعث من كوخ منعزل في ليلة ظلماء ، وهي نفسها أفضل مواضيع الشعراء والرسامين ، ومع أنها ليست بقدم الهضاب ولا تملك قدرتها على الإستمرار ، فهي تأسرنا أسراً جميلاً

هل لأنها : أكثر أهمية وفصاحة ؟

أم لأن الطبيعة مثيرة للإهتمام بسببنا نحن ؟

ذلك هو السؤال

وذلك هو الإنسان ، الذي قال عنه أندريه مالرو :

" ثمة شيء أبدي يبقي في الإنسان ،

" الإنسان الذي يفكر ،

" شيء اسميه شطره الإلهي ،

" ذلك هو قدرته على أن يضع نفسه بإستمرار موضع السؤال " !

ليست هناك تعليقات: