الأربعاء، يوليو 08، 2009

حديث الرجل الغريب

خالد ساحلي
وقال الرجُلُ لمّا أَيْنًعَ العُمْرُ
و أسْرَجَ خيلَ الوقتِ المُتَسَاِبِقِ
حًيْثُ أًنًاهُ يُنافسُ غُبَارَ العدمِ
تحت حوافر المجهولِ المُخَبَئِ
في مِعْطَفِ صُوف الغَيْبِ
ترتجفُ القلوبُ من برد القلوبِ
حين تنكشف سُوَءةُ الحريِر
قال الرجل:
كُنتُ كما الحََّبَةَ في يدِ القدر
تبذرني تنثرني زرعا
فأشتّدُ سُنْبُلة
أنحني مُجْبَرًا
بما حَمِلْتُ من ثِقل الأسئلة.
وقال الرجل:
كنتُ شعاعًا بمملكة الشمس
سفير الصباح
إلى حيث يكبس الخواء
على الجرح و الصراخ
أسير الفراغ
أفاوض الخراب
ابقرُ ظِلَهُ بسيف الخلاص
أستحيل مفاتيح ضياءْ
لأبواب الظلام الموصدة.
تفر العيون المغلقة
إلى جنة البياض؛
ارسم خط نور
افضح الهباءَ المنثورَ.
قال الرجل ولفظه ينزف حقيقة:
كنت القطرة في قلب المطر
أشتد هطولا على واحة خضراء
أتحرّقُ شوقا
للانسياب في جداول التراب
حيث الأصل والوطن
فَيَحِّلُ الربيع صافيا كما أنا
و العتاة صحراء
تمنحني كما العادة
عواصفها ورمالها
و الجفاف لأغور.
أعاود الهطول
متلألئا مع الشمس ندى
في انبعاث جديد
مرسلٌ من السماء كيما لا أموت.
أحيي اليَبَاسْ في قلوب البؤساء
تصير ورودا في حدائق الله
حين ترتوي من حوض المعجزة .

وقال الرجل:
كنت في الولادة تاج صراخٍ
مَنَحْتُنِي صَوْلجانًا وقيصرا
أتحدى الموت في الصمت
أغالب بسيف الله الذي لا يصدأ
غول الشقاء.
والكلابُ قطيعَ سِيَاجٍ نابحة
في لهاثها العظيم
تهز الأذناب بغرور
تَعُسُ طيور الخداع المفرّخة.
وكنت في الولادة شاطئا
تابعا لبحر الله
يمتحِنُنِي الماءُ بأمر الله
حين يأتي الأرض
ينقصها من أطرافها
يموت بعضها من كُلِهَا
تنفلق الحصا زاد الرمل
ويولد الشاطئ معطرٌ بالملح.
يحدّث ُالماء الرمل
والسفن تناجي المرافئ البعيدة.

قال الرجل ونظرته فتوحات:
كنت في الغابة فأسا معلّقة
و الذئاب تعوي
كانت الأشجار في كتفي
حيث يأتي المكر من ورائها
غدرا كأرنب
يحمل لقب دمنة
و الجبال تلتقي حينها
في تقابلها
شاهدة و مشهودة
تشتعل الكلمات نجوما
تصّعد إلى السماء
لا زالت نفخ من روح الله
ملائكة نور.
قال الرجل ومضى
في عير المستحيل.
في هودج الضوء مشى بيقين
على أقدام من ذهب.

ليست هناك تعليقات: