عيسى القنصل
منذ اسبوعين وانا اتجول فى شوارع مادبا . واطرق الابواب على الجيران والاصحاب اطلب شيئا لا زلت اشتهيه واحبه من هناك . وقفت فى اعلى منحدر شارع حارتنا ورايت بيت ( الخزوز ) وطلبت كاس ماء من يد الطبيب عماد فرحب بى واسقانى وانحدرت الى اسفل الشارع حيث زرت بيت المومنه الصابرة (امل الضباعين ) ام هيثم وقبلت يدها اطلب منها ان تصلى لاجلى هذا اليوم قليلا
وشعرت بابرة الممرضة وهى تسحب الدم منى وانا ملقى هنا فى احدى غرف المستشفى لكننى ل لم اشعر فى الالم لاننى رايت ام هيثم تحضر لى كاس ماء باردة مع ابتسامة الشجاعة والصبر ..
مشيت فى شارع الشهيد نوريس اليعقوب يا الهى من تحس بلاختناق فى هذه الشاره زحمة فوق العادة وسيارات صغيره على كل جانب من جوانب الطريق ..ورايت نفسى ادخل بيت ( ام شوقى السلايطة ) لتحكى لى برقة صوتها بعض الحكايا عن امى رحمها الله ..لا زلت اذكر حين دخلنا بيتهم لاول مرة طالبين يد ابنتهم الى صديق العمر والطفولع عماد ..
وقبل ان اجلس فى صالون بيتهم المطل على ضوضاء الشارع التجارى شعرت بصوت ممرضه تطلب منى ان افتح فمى لقياس الحرارة وشعرت بها تلف ذراعى لمعرفة ضغط الدم فى جسدى
اعرف انهم فى اهتمام دائم بى ولكن اتركونى اتجول فى مدينتى قليلا
ذهبت الى كنسية اللاتين جلست لوحدى على كرسى الصلاة وتذكرت طفولتى فى مدارس اللاتين بين قدسية الاب جورج سابا وصرامة التعليم من الاستاذ فواد العلامات رحمهم الله .. كانت طفوله فقر وبساطة ولعب فى تراب الحارة والركض من (صيرة الى صيرة ) .. وقبل ان اجلس فى بهو المدرسة القديمة جاءت ممرضة لتاخذ المزيد من معى لمعرفة كم خسرت من دماء اثر النزيف الحاد الذى احضرنى الى هنا
نزلت من ساحة الكنيسة ورايت مركز الشرطة القديم لعله من اقدم مبانى مادبا وبجانبه بيت خالتى المرحومه ام هانى الفرح اواه ما اطيب هذه الانسانية المقدسه والتى رغم مركزها الاجتماعى والمالى لم تتخلى ابدا عن ارتباطها بنا وعطفها على امى والتى كانت تعانى طوال عمرها من مرض فى عيونها لم يعد احد يسكن فى هذه القلعة الاثرية سوى طفل من اطفالها فقد بنى كل من ابنائها بيتا له وتزوج وارتحل ..واثناء نزولى من ذلك الدرج الحجرى القديم سمعت صوت اذان المسجد يدعو الناس الى الصلاة فعرجت الة منطقه المسجد اراقب الايمان كيف يتطور وينمو وكيف فى لحظة واحده يقف الشارى والمشرى والغنى والفقير والجاهل والمتعلم امام يدى الله يطلب الرحمة
لا ادرى هل انتهت الصلاة ام لا حيث دخل غرفتى الجراح فى وجهها الباسم وكانت فى الغرفة ابنتى وابنى عصام واعلن لنا فى كل بساطة وهدؤ انه نتيجة الفحوصات اننى مصاب فى داء السرطان فى الامعاء وبدأ يشرح لنا كيف سيجرى العمليه وانه سوف يحدد لى الاثنين القادم موعدى للدخول الى امعائى وطرد هذا المحتل المتدخل فى جسدى انا
الرعب الانسانى فى نطق هذا المرض يجعلك تتحول من عاصفة امل الى زوبعة خوف ولمجرد ان تتصور انك ملقى على طاولة العمليات بلا قدرة حتى للصلاة بالرحمة ولا طلب ان تلمس يد زوجتك للمرة الاخيره تجعلك تعود للايمان
ورايتنى والدكتور لا يزال يشرح لاطفالى ما الذى سيحدث ومتى ازور قبر امى فى مقبرة اللاتين القديمة اطلب منه ان يسامحنى ان اخطئت فى حقه او حق اخوتى وزحفت على ركبتى من هناك الى قبر امى فى المقبرة الجديده لاطلب منها شمعة باسمى امام مذبح العذارء لشفائى وجفلت حين سمعت صوت امى لا تخف يا ابو عصام ان العذراء ستحميك
لا ادرى متى الطبيب الغرفة ولكننى حين عدت من زيارة مقبرة ابى وامى شعرت فى انهاك جسدى وتعب لكنه ليس خوفا ..
لا ادرى ما هو اليوم وما هو التاريخ لكننى ارى غرفتى مليئة بالاصدقاء من هنا هيوستن ورايت الدمعة الصامته فى عيون ام عصام زوجتى والدهشه المرتسمة على وجهى ابنى والخوف المتراكض على وجه وعيون ابنتى ايفيث
سمعت صرير عجلات نقالة المرضى تنقلنى من غرفتى الى غرفة العمليات وقالوا شد من عزيمتك فساره حفيدتك الاولى قادمة مع ابنتك نسرين لرويتك ...
لمدة اربع او خمس ساعات كنت بعيدا عن كل شى حتى الحلم والخيال ومحاولة التذكر كلها تنتهى حين تضع الممرضة فى يديك هذا الدواء الى ينقلك من احساسك بما حولك الى دنيا بعيده عن كل ما واقعى ومملوس ولا ادرى من رايت اول وجه بعد العمليه او اول صوت لكننى اعلم ان اهلى هنا فى هيوستن واهلى فى مادبا كانوا معى
حين يرجعك المك وخوفك من مجريات الحياه المتلاحقك الى نقطة واحد ه وانتماء واحد ..حين ترجعك الحقيقة من عالم الصراع والركض وراء لقمة العيش الى صورة واحده وحقيقة واحده تحس بها ترى لحظتها انك لا زلت تعيش ماضيك وتعيش بلدك
اردت ان اعود للتجوال فى شارع العشاق والذى اطلقت انا عليه هذا اللقب قبا اربعين عاما وان ازور ساحة البلديه لاشتم رائحة الكنافة واسمع قهقهة صديق العمر والحياة عماد كرادشة وان اذهب لزيارة بيت اختى ام مهند او بيت اختى الضلحكة دوما ام راكان لكن اقدامى واذرعى مقيده بحبال وانابيب لادويه كثيرة وكلما دخلت الى شارع ذكرة ترجعنى ممرضة من ممرضات هذا المستشفى الامريكى الى واقع الالم فى ابرة ووخزة ولا ادلاة كم ابرة اخترقت جسدى منذ دخولى المستشفى الى الان
فاعذرينى يا مادبا ان لم اتجول فى شوارعك كلها او لم كل كل الاحبه هناك ولكننى حين اعود اريد ان اشرب كاس شاى فى بيت من بيوت العلامات او اتناول لقمة هريسه مع ابن من ابناء الطوال لكننى الان انا فى الم فى جنبى ولا استطيع السير كثيرا فسوف اعود الى فراشى
منذ اسبوعين وانا اتجول فى شوارع مادبا . واطرق الابواب على الجيران والاصحاب اطلب شيئا لا زلت اشتهيه واحبه من هناك . وقفت فى اعلى منحدر شارع حارتنا ورايت بيت ( الخزوز ) وطلبت كاس ماء من يد الطبيب عماد فرحب بى واسقانى وانحدرت الى اسفل الشارع حيث زرت بيت المومنه الصابرة (امل الضباعين ) ام هيثم وقبلت يدها اطلب منها ان تصلى لاجلى هذا اليوم قليلا
وشعرت بابرة الممرضة وهى تسحب الدم منى وانا ملقى هنا فى احدى غرف المستشفى لكننى ل لم اشعر فى الالم لاننى رايت ام هيثم تحضر لى كاس ماء باردة مع ابتسامة الشجاعة والصبر ..
مشيت فى شارع الشهيد نوريس اليعقوب يا الهى من تحس بلاختناق فى هذه الشاره زحمة فوق العادة وسيارات صغيره على كل جانب من جوانب الطريق ..ورايت نفسى ادخل بيت ( ام شوقى السلايطة ) لتحكى لى برقة صوتها بعض الحكايا عن امى رحمها الله ..لا زلت اذكر حين دخلنا بيتهم لاول مرة طالبين يد ابنتهم الى صديق العمر والطفولع عماد ..
وقبل ان اجلس فى صالون بيتهم المطل على ضوضاء الشارع التجارى شعرت بصوت ممرضه تطلب منى ان افتح فمى لقياس الحرارة وشعرت بها تلف ذراعى لمعرفة ضغط الدم فى جسدى
اعرف انهم فى اهتمام دائم بى ولكن اتركونى اتجول فى مدينتى قليلا
ذهبت الى كنسية اللاتين جلست لوحدى على كرسى الصلاة وتذكرت طفولتى فى مدارس اللاتين بين قدسية الاب جورج سابا وصرامة التعليم من الاستاذ فواد العلامات رحمهم الله .. كانت طفوله فقر وبساطة ولعب فى تراب الحارة والركض من (صيرة الى صيرة ) .. وقبل ان اجلس فى بهو المدرسة القديمة جاءت ممرضة لتاخذ المزيد من معى لمعرفة كم خسرت من دماء اثر النزيف الحاد الذى احضرنى الى هنا
نزلت من ساحة الكنيسة ورايت مركز الشرطة القديم لعله من اقدم مبانى مادبا وبجانبه بيت خالتى المرحومه ام هانى الفرح اواه ما اطيب هذه الانسانية المقدسه والتى رغم مركزها الاجتماعى والمالى لم تتخلى ابدا عن ارتباطها بنا وعطفها على امى والتى كانت تعانى طوال عمرها من مرض فى عيونها لم يعد احد يسكن فى هذه القلعة الاثرية سوى طفل من اطفالها فقد بنى كل من ابنائها بيتا له وتزوج وارتحل ..واثناء نزولى من ذلك الدرج الحجرى القديم سمعت صوت اذان المسجد يدعو الناس الى الصلاة فعرجت الة منطقه المسجد اراقب الايمان كيف يتطور وينمو وكيف فى لحظة واحده يقف الشارى والمشرى والغنى والفقير والجاهل والمتعلم امام يدى الله يطلب الرحمة
لا ادرى هل انتهت الصلاة ام لا حيث دخل غرفتى الجراح فى وجهها الباسم وكانت فى الغرفة ابنتى وابنى عصام واعلن لنا فى كل بساطة وهدؤ انه نتيجة الفحوصات اننى مصاب فى داء السرطان فى الامعاء وبدأ يشرح لنا كيف سيجرى العمليه وانه سوف يحدد لى الاثنين القادم موعدى للدخول الى امعائى وطرد هذا المحتل المتدخل فى جسدى انا
الرعب الانسانى فى نطق هذا المرض يجعلك تتحول من عاصفة امل الى زوبعة خوف ولمجرد ان تتصور انك ملقى على طاولة العمليات بلا قدرة حتى للصلاة بالرحمة ولا طلب ان تلمس يد زوجتك للمرة الاخيره تجعلك تعود للايمان
ورايتنى والدكتور لا يزال يشرح لاطفالى ما الذى سيحدث ومتى ازور قبر امى فى مقبرة اللاتين القديمة اطلب منه ان يسامحنى ان اخطئت فى حقه او حق اخوتى وزحفت على ركبتى من هناك الى قبر امى فى المقبرة الجديده لاطلب منها شمعة باسمى امام مذبح العذارء لشفائى وجفلت حين سمعت صوت امى لا تخف يا ابو عصام ان العذراء ستحميك
لا ادرى متى الطبيب الغرفة ولكننى حين عدت من زيارة مقبرة ابى وامى شعرت فى انهاك جسدى وتعب لكنه ليس خوفا ..
لا ادرى ما هو اليوم وما هو التاريخ لكننى ارى غرفتى مليئة بالاصدقاء من هنا هيوستن ورايت الدمعة الصامته فى عيون ام عصام زوجتى والدهشه المرتسمة على وجهى ابنى والخوف المتراكض على وجه وعيون ابنتى ايفيث
سمعت صرير عجلات نقالة المرضى تنقلنى من غرفتى الى غرفة العمليات وقالوا شد من عزيمتك فساره حفيدتك الاولى قادمة مع ابنتك نسرين لرويتك ...
لمدة اربع او خمس ساعات كنت بعيدا عن كل شى حتى الحلم والخيال ومحاولة التذكر كلها تنتهى حين تضع الممرضة فى يديك هذا الدواء الى ينقلك من احساسك بما حولك الى دنيا بعيده عن كل ما واقعى ومملوس ولا ادرى من رايت اول وجه بعد العمليه او اول صوت لكننى اعلم ان اهلى هنا فى هيوستن واهلى فى مادبا كانوا معى
حين يرجعك المك وخوفك من مجريات الحياه المتلاحقك الى نقطة واحد ه وانتماء واحد ..حين ترجعك الحقيقة من عالم الصراع والركض وراء لقمة العيش الى صورة واحده وحقيقة واحده تحس بها ترى لحظتها انك لا زلت تعيش ماضيك وتعيش بلدك
اردت ان اعود للتجوال فى شارع العشاق والذى اطلقت انا عليه هذا اللقب قبا اربعين عاما وان ازور ساحة البلديه لاشتم رائحة الكنافة واسمع قهقهة صديق العمر والحياة عماد كرادشة وان اذهب لزيارة بيت اختى ام مهند او بيت اختى الضلحكة دوما ام راكان لكن اقدامى واذرعى مقيده بحبال وانابيب لادويه كثيرة وكلما دخلت الى شارع ذكرة ترجعنى ممرضة من ممرضات هذا المستشفى الامريكى الى واقع الالم فى ابرة ووخزة ولا ادلاة كم ابرة اخترقت جسدى منذ دخولى المستشفى الى الان
فاعذرينى يا مادبا ان لم اتجول فى شوارعك كلها او لم كل كل الاحبه هناك ولكننى حين اعود اريد ان اشرب كاس شاى فى بيت من بيوت العلامات او اتناول لقمة هريسه مع ابن من ابناء الطوال لكننى الان انا فى الم فى جنبى ولا استطيع السير كثيرا فسوف اعود الى فراشى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق