عناق مواسي
تك .. تك.. تك ..
الساعة العاشرة ليلاً.. البيت نظيف ومرتب! الأولاد نائمون! وأضواء خافتة تحلق في فضاء البيت،وأصوات خفية تذوب في السكينة.
تذهب هذه المسكينة بعد يومٍ حافلٍ بالعملِ إلى سريرها، تغّط في نومٍ عميق... وما أن استسلمت إلى الأحلام الزاهية إذ تك.. تك.. تك.. رناتِ الساعة السادسة صباحاً تنزعها من أحلامها وخيالاتها..
تستيقظ، وتستيقظ مملكتها في استيقاظها، وتبرعم حينما تزرع قوتها وأثيرها في رده المنزل..
تبدأ عجلة الزمان بالدوران بشكل سريع، تلملم بقايا جسدها المتعب عن السرير،تغتسل،تحّضر الملابس، تحّضر وجبة الصباح، توقظ أطفالها،تطفئ الأضواء، تجهز الحقائب، تضع فتات الخبز للعصافير ثم توقظ زوجها...
تدور وتدور وتدور، من المطبخ إلى غرفة النوم، من غرفة النوم إلى الحمام، من الحمام إلى غرف الأولاد، توقظ الأولاد بالترتيب،تذهب إلى سرير بشار ثم إلى سرير مّيار، تتحّين الحليب قبل فورانه، ثم نوار وتنادي على شهريار ثم تحاول جاهدة أن توقظ زوجها مع رنين السابعة صباحاً، وبرنامج يوم جديد ينطلق من حنجرة المذيع الذي تفوح رائحته في أرجاء البيت، و"بكتب اسمك يا حبيبي على الحور العتيق" امتداد فيروزي لأجواء الصباح المتفتحة.
تك.. تك.. تك..
بعد صراع مع عقارب الساعة المتوحشة تلفظ أنفاس التعب وتستعد أخيرًا للخروج من البيت بعد طنينها في خلية هذا الصباح، ليفاجئها زوجها:
- قميصي جاهز؟
- نعم.
- قميص البولو، مكوي؟
- في الخزانة قمصان أخرى.
- أريد البولو!
- أنت تعرف أني اليوم مناوبة وعلّي التواجد مبكراً في عملي.
- لن أخرج من البيت قبل أن تكوي القميص!!
بقايا الكلمات العالقة ترددت قبل أن تخرج من حنجرتها الصامتة لتذهب بسرعة لتلّبي طلب زوجها قبل أن تشتعل نار المشاحنات، تحرقها فتتركها رماد..
ثم يخرجون من البيت..
- يا الهي! ما هذا؟
قلت لكَ ألف مرة لا تشرب في السيارة وبدون إذني!
ثم ترجع إلى البيت لتغير ملابس طفلها الصغير المبللة بالعصير..
وتمضي العقارب في مسارها نحو دائرية الحياة المفعمة بالانجاز دون توقف أو تباطؤ أو تهاون في المضي قدماً ودون أن تتفهم هذه الاشتباكات الصباحية ...
تك.. تك..
يخرجون!
- يا ربي! متى سأصل إلى عملي طالما هذه الشاحنة تعترض طريقي!
وانفجرت عقارب قلبها الموقوتة ألماً.. وتطايرت مشاعر الانتظار وتناثرت مقاييس الصبر والتّحمل...
سبع دقائق أخرى تعيق تقدمها في هذا الصباح..
يمشون في الطريق ليعترض سبيلهم سيلٌ جارف من المارّة والسيارات والأمطار الهاطلة من السماء تزيد من بريق الأضواء المنعكسة على الشوارع، وتألق عقارب الساعة أكثر فأكثر.. والكل في عجلةٍ من أمره.. يتسابقون إلى العمل.
تك.. تك.. تك.. تك.. تك..
الساعة الثامنة إلا خمس دقائق..
الدموع الحارة امتزجت مع حبات المطر الباردة، وسقطن جميعاً نحو الأخاديد..
- المفروض أن تكوني في تمام السابعة والنصف في العمل..
ودخلت غرفة الصف..
كلمات المدير تترك دوياً في آذانها ليطرب قلبها حسرة الدوران في دائرة الصباح المترامية الأطراف...
وما زال اليوم في أوله...
باقة الغربية
تك .. تك.. تك ..
الساعة العاشرة ليلاً.. البيت نظيف ومرتب! الأولاد نائمون! وأضواء خافتة تحلق في فضاء البيت،وأصوات خفية تذوب في السكينة.
تذهب هذه المسكينة بعد يومٍ حافلٍ بالعملِ إلى سريرها، تغّط في نومٍ عميق... وما أن استسلمت إلى الأحلام الزاهية إذ تك.. تك.. تك.. رناتِ الساعة السادسة صباحاً تنزعها من أحلامها وخيالاتها..
تستيقظ، وتستيقظ مملكتها في استيقاظها، وتبرعم حينما تزرع قوتها وأثيرها في رده المنزل..
تبدأ عجلة الزمان بالدوران بشكل سريع، تلملم بقايا جسدها المتعب عن السرير،تغتسل،تحّضر الملابس، تحّضر وجبة الصباح، توقظ أطفالها،تطفئ الأضواء، تجهز الحقائب، تضع فتات الخبز للعصافير ثم توقظ زوجها...
تدور وتدور وتدور، من المطبخ إلى غرفة النوم، من غرفة النوم إلى الحمام، من الحمام إلى غرف الأولاد، توقظ الأولاد بالترتيب،تذهب إلى سرير بشار ثم إلى سرير مّيار، تتحّين الحليب قبل فورانه، ثم نوار وتنادي على شهريار ثم تحاول جاهدة أن توقظ زوجها مع رنين السابعة صباحاً، وبرنامج يوم جديد ينطلق من حنجرة المذيع الذي تفوح رائحته في أرجاء البيت، و"بكتب اسمك يا حبيبي على الحور العتيق" امتداد فيروزي لأجواء الصباح المتفتحة.
تك.. تك.. تك..
بعد صراع مع عقارب الساعة المتوحشة تلفظ أنفاس التعب وتستعد أخيرًا للخروج من البيت بعد طنينها في خلية هذا الصباح، ليفاجئها زوجها:
- قميصي جاهز؟
- نعم.
- قميص البولو، مكوي؟
- في الخزانة قمصان أخرى.
- أريد البولو!
- أنت تعرف أني اليوم مناوبة وعلّي التواجد مبكراً في عملي.
- لن أخرج من البيت قبل أن تكوي القميص!!
بقايا الكلمات العالقة ترددت قبل أن تخرج من حنجرتها الصامتة لتذهب بسرعة لتلّبي طلب زوجها قبل أن تشتعل نار المشاحنات، تحرقها فتتركها رماد..
ثم يخرجون من البيت..
- يا الهي! ما هذا؟
قلت لكَ ألف مرة لا تشرب في السيارة وبدون إذني!
ثم ترجع إلى البيت لتغير ملابس طفلها الصغير المبللة بالعصير..
وتمضي العقارب في مسارها نحو دائرية الحياة المفعمة بالانجاز دون توقف أو تباطؤ أو تهاون في المضي قدماً ودون أن تتفهم هذه الاشتباكات الصباحية ...
تك.. تك..
يخرجون!
- يا ربي! متى سأصل إلى عملي طالما هذه الشاحنة تعترض طريقي!
وانفجرت عقارب قلبها الموقوتة ألماً.. وتطايرت مشاعر الانتظار وتناثرت مقاييس الصبر والتّحمل...
سبع دقائق أخرى تعيق تقدمها في هذا الصباح..
يمشون في الطريق ليعترض سبيلهم سيلٌ جارف من المارّة والسيارات والأمطار الهاطلة من السماء تزيد من بريق الأضواء المنعكسة على الشوارع، وتألق عقارب الساعة أكثر فأكثر.. والكل في عجلةٍ من أمره.. يتسابقون إلى العمل.
تك.. تك.. تك.. تك.. تك..
الساعة الثامنة إلا خمس دقائق..
الدموع الحارة امتزجت مع حبات المطر الباردة، وسقطن جميعاً نحو الأخاديد..
- المفروض أن تكوني في تمام السابعة والنصف في العمل..
ودخلت غرفة الصف..
كلمات المدير تترك دوياً في آذانها ليطرب قلبها حسرة الدوران في دائرة الصباح المترامية الأطراف...
وما زال اليوم في أوله...
باقة الغربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق