الأربعاء، أبريل 04، 2007

التهديد بالطرد

بقلم : يوسف فضل

أحب صغيرتي الجملية اللذيذة والذكية هيا . فهي دائما تضعني على حافة اليقظة اللاإختيارية كلما تحدثت معي . أما قصتي معها اليوم أو لنقل قصتها معي أنها عادت من المدرسة وأثناء البحث ألاستخباراتي البيتي الدقيق في كتبها كما تقوم الرقابة العربية على الكتب . لكن بحثنا كان لمعرفة ما أخذته من الدروس وما هي الوظائف البيتية الواجب متابعتها وتحضيرها لدروس الغد . اكتشفنا أنها أحضرت معها عنصرا دخيلا لم نمنحها إياه سابقا هو عبارة عن قلم حبر ناشف على إحدى طرفية هيئة فراشة من قماش الكشكش الأزرق . فكان لا بد أن نعرف من أين جاء هذا القلم . والحمد لله انه قلم ظاهر وليس فيروس أو صور لعرب من ضحايا القوات الأمريكية الديمقراطية .
* : من أين لك هذا القلم ؟
هيا : أعطاني إياه صديقي رامي .
هذا الجواب غير مقنع لان رامي صغير وعمره أربعة سنوات . إذ أن الطفل لا يتنازل عن شيء محب له ويملكه لأنه في سن الطفولة التي لا تعرف الكرم . ولا بد أن والدته ستسأله عن سبب فقدانه القلم . فان التوقع المناسب أن ابنتي اقترضت القلم منه على سبيل الإعجاب بالقلم وأنها تريد أن تشبع حب التملك لديها وليس كما يقترض بعض الكتاب إنتاج غيرهم ولصقه باسمهم دون الإشارة إلى اسم المؤلف الأصلي صاحب الحقوق . وبما أن هيا في سن لا يسمح لها بمعرفة معنى السرقة المادية أو الفكرية أو الأدبية فإننا افترضنا حسن النية وابتعدنا عن وصف ما اقترضته أنه عمل سرقة . لأنها لا تقيم ولا تفرق بين المعاني المعنوية مثل الحلال والحرام .
* : أعيدي القلم لصديقك رامي غدا.
هيا : أنا بدي قلم بكتب ازرق .
* : سأشتري لك قلم مثله أو أحسن منه .
لم تنتهي القصة عندما أعادت هيا القلم لرامي . إذ أثناء عملي في الفترة المسائية جولتني زوجتي بمكالمة وما أن رددت حتى فوجئت بصوت هيا .
هيا : بابا أريد أن احكي معك .
* :تفضلي يا قردة
هيا : أنا مش قردة
* : شو أنت ؟
هيا : أنا بطة .
* : ليش بطة ؟
هيا : أنا حرة .
* : عليك ريش ؟
هيا : الريش في الكتاب .

استبعدت أن تكون هيا قد قرأت رواية " أنا حرة " للكاتب إحسان عبد القدوس وإنما ما بدر منها إما توارد أفكار مع الكاتب أو لتكرار سماعها كلمة الحرية العربية أو من مشاهدتنا لقناة الحرة الأمريكية .

* : ماذا تريدي بابا ؟
هيا : إذا اشتريت قلم تعال البيت .
* : سأشتري لك القلم .
هيا : إذا ما اشتريت القلم لا تأتي البيت
* : هل تريدي أن آتي للبيت ؟
هيا : اشتري القلم وتعال البيت بسرعة . سرعة .

وحيث أنني وعدتها بشراء القلم لسوف أبر بوعدي لها واشتري القلم وليس خوفا من تهديدها لي بالطرد وحرماني من المبيت في البيت بل لأني لا أسمح لنفسي أن أكون أبا كذابا.

*: هذا القلم الذي تريديه ؟
هيا : تعال أبوسك .

تحسست ومسحت بيدها الصغيرة على المنطقة التي تريد أن تطبع قبلتها عليها وتأكدت أنني حليق .
هيا : بابا أنت حالق ؟

طبعت قبلة الشكر السعيدة والمنبسطة على خدي ولتشجيعي على الاستمرار في تلبية طلبتها الشرائية
قالت : شكرا

أشياء صغيرة بسيطة في حياتنا تجلب لنا السعادة أليست متعة الأبوة والشعور بالرضا الجميل جزء من هذه الأشياء أوليست المتعة أيضا أن نصرف المال على من نحب ؟

editor@grenc.com

nfys001@yahoo.com

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

استاذ يوسف
اسعد بقراءتي لمواقفك الجميلة و الغنية بمعاني الحياة و قيمها و بذات الوقت ما تحمله من سخرية الحياة
اتمنى من الله يبارك عائلتك و تحياتي لأبنتك هيا
رشا أرنست

غير معرف يقول...

سيدتي رشا أرنست

شكرا لمرورك لا ادري هل تسخر الحياة منا اما نخفف وطأتها علينا ببعض الابتسامات

وصلت تحياتك لهيا

طيب الخير لك
يوسف فضل