الأربعاء، يناير 27، 2010

صــفــحـة جـديـدة

هـيـثـم الـبوسـعـيـدي

* إنجذاب تفكير الإنسان بشكل دائما إلى الاحداث المأساوية يؤدي إلى توسيع دائرة الألم في حياته لأن إستمرارية الحزن على الماضي يلعب دور في قتل الإرادة وتبديد للحياة الحاضرة، فما قيمة أن يتعلق تفكير ومشاعر المرء بحدث طواه الزمن ليزيد ألمه حرقة وقلبه لذعا؟

الحزن أمر مشروع وحالة نفسية يمر بها الإنسان، أما أن نعيش الالآم الماضي بكل تفاصيله وذكرياته فهذا معناه أننا سنخسر في النهاية الماضي والحاضر ونقع ضحايا لسلسلة من الأمراض الجسدية والعلل النفسية فهل هذا بالأمر الطبيعي والعادي.

كما أن كلمات اليأس والقنوط والإحباط التي تلوح دائما في أوقات الشدة والمحن قد تكون في ذات الوقت مدخل نحو اضعاف النفوس وتقهقر القلوب عن مجموعة من المفاهيم كالعزيمة والطموح والثقة، أما من يعقل الأمور فهو من يدرك أن الظروف الصعبة هي مجرد غربال لثقته في دينه وربه ونفسه من جانب ومن جانب آخر فإن الظروف الصعبة تقوده إلى السؤال الآتي: هل هو قادر فعلا على الإنتاج والبناء والنهوض من جديد أم الاستسلام في أولى حروبه مع الحياة ؟

والأهم من كل ذلك كيف يصنع الفرد من الظرف الصعب والوجع الدفين محفز له للاستمرارية والبقاء ومواصلة المسيرة وممارسة أنشطة الحياة بشكل طبيعي لأن الاحداث المريرة على إختلاف صورها واشكالها ليست نهاية العالم ولا نهاية الحياة، كما إن ذلك الفرد ليس الوحيد الذي يعاني من ظروف صعبة واحداث مريرة فهناك من تمتلأ حياتهم بأوجاع كثيرة وأسقام عديدة، فلماذا اليأس والحيرة؟ ولماذا كثرة السهاد والحزن الطويل؟ ولماذا فتح الأبواب لوساوس وأفكار الشيطان حتى تغزو عقولنا وقلوبنا؟

وأخيرا فإن لحظات الألم وأوقات المصائب تكشف حقيقة الانسان ومدى تمسكه بقناعاته ومعتقداته كما إنها تظهر قوة أو ضعف شخصيته، فكم نفوس ضعيفة هوت أمام الظروف الحرجة لترتكب بعد ذلك الأخطاء وتصر على ممارسة المعاصي.

أما الإنسان الواعي هو من يحكم لغة العقل والتي تتمثل في فحص ما وقع بعد فترة من حدوثه ودراسة تأثيراته وكيفية الإستفادة منه بطريقة ايجابية، بحيث يمثل هذا الموقف نقطة انطلاقة للأمام ومرحلة مهمة لتخطي عقبات والالآم الماضي والسير نحو مبدأ التغيير والإصلاح من خلال فتح صفحة جديدة في الحياة لنستغل ما حدث لفهم حقيقة الحياة، ولنتذكر ما حدث لا على سبيل استرجاع صور المعاناة واحاسيس الوجع وإنما على سبيل العظة والعبرة والامتحان.*

Haitham_sulieman2020@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: