الثلاثاء، يناير 05، 2010

لا أعرفه



غادة م. صليبا
حلّت عليّ ليلة زارني فيها حلمٌ لا أذكره إلا سابحاً في يقظتي. ظهر به طيف وُلِدَ في الأرض وعانق السماء وتموّج صوته مرتفعاً فوق العالم. رهنتُ المسافات وعمق صلاتي بأن لا يعود مرة جديدة لكنه تسلّل القدر وخطف مُهجَ لغتي الصامتة. إيماني المضطرب به يقودني لتحويل مخاوفي إلى وجود لا يتناسى ذكر ماضيه وحاضره والمجهول.

كنت قد غرستُ هذا الإنسان مثل كروم الآلهة التي وضعت لها تربة مخصبة بطيب البخور ولكنني حطمتُ جميع أصنام الوثنية ووجدته رجلاً لا يحّد ولا يقاس إلى أبعد أصقاع في الكوّن الملبّد بشفقٍ بعيد عن الأفق الحقيقي. كانت مصادفة بأن يأتي إليّ وحدي، حافياً على رقعة الظلام ومعه أيقونة لقديس وسبحة راهبة وأسماء الله الحسنى. إعتمدتُ على حسيّة روحي ومن أين ستبدأ مفرداتي لأصف هذا الكائن الحيّ. إنه يأتي كالصاعقة ويذهب تاركاً ملامحه البشرية تتفوق في مخيلتي وصورة أقداره في نزف حروفي.

أعتقدُ، صدقاً، بأنه إنسان جميل وله قلب من صنع الملائكة، كما يمكنه أن يكون كالهواء المنتعش بقطرات رذاذ المطر ولا يستطيع قراءة سرابه. يبقى مسافراً مع أمله بأن النبوءة تبدو في معتقداته صادقة وواضحة وربما يحدث تغيير في التاريخ ويصبح له عناوين لكتب جديدة.

هو، قد لمس زهرتي ولم يقطفها، إبتسامته المرتجفة رقصت على نغم ترتيلتي قبل النوم، أجل، شعرتُ بالأبدية التي لم أقرأ عنها إلا في قداسة إنجيلي وطُهر قرآني وكأني وجدتُ منشداً لحزني وضيقتي يُمَنطِقُني بحريّة السكون. وضع يده العارية على عالمي وحوّله إلى روحانية وجدانية أجهلُ التعامل معها. لا أشُّم رائحة الغرائز هنا، فأنا وهو خائفان من صفة الخيال.

هو، ليس له مكان أو زمان، رجل من عصر لم يأتِ بعد، يرمم حلمي وينام في إحساسي ويتشبّت الصحو في رائحة قهوتي الداكنة واللذيذة بمرارتها، أرتشفه ببطء ولا أعرفه، متسائلة مع النسيم : هل سيبقى الغائب المتكلم في اللازورد؟ أم سيعود "لرشده"؟

أنا، حقاً أهديه وردتي.

ليست هناك تعليقات: