د. نوري الوائلي
بعد منتصف الليل حيث العيون نائمة لا تدري هل ترى ضياء الفجر ام لا , نادتني الممرضة طالبة المساعدة لان المريضة لم تعد تتنفس . فأسرعت لها فوجدتها قد فارقت الحياة عن عمر جاوز التسعين عاما. فوقفت عندها وتأملتها (جثة باردة , فاه مفتوح , عينان غائرتان) فسألتها وبعد الجواب تبللت خداي بالدموع
يا نارُ هل أمِن الردى لأنام = والعمرُ يغرزُ في الفؤاد سِهاما
هل أيقن القلبُ الشغولُ بأنّني = أصحو الصباحَ مُعافياً مقداما
يا نارُ من حولي الشباب وقد مضوا = بالنائبات ولم يروا أحلاما
ولقد رأيتُ من الزمان عجائباً = تبكي الرضيعَ وتنطقُ الأصناما
ووقفتُ عند الفجر فوق جنازةٍ = قد جاوزت في عمرها الأعواما
ماذا جنيتِ من الحياة وكم بها = عشت الدهورَ حلاوةً ووئاما
فأجابني الجسدُ المثلّجُ باكياً = لم أذكر الأفراحَ والأيّاما
كانت سويعات وقد نالتْ بها = منّي المواجعُ ذلّةً وظلاما
فترقرقت في العين دمعةُ نادمٍ = خافَ الوعيدَ وعايشَ الأوهاما
جهلٌ ولعبٌ أرتوي متفاخراً = فكأنني طفلٌ هوى الأحلاما
طفلٌ بجهلي والذنوب ضئيلها = كجبال صخر تبلغُ الأجراما
وركضتُ خلفَ لذائذٍ فعلوتها = فوجدتها بعد المنى أوهاما
قل الحياءُ فكيف مثلي يستحي = من خالق يدنو له إقداما
فنسيته ونسيت أنيّ مسلم = شهَدَ الشهادةَ موْثقا ولزاما
ياليت قلبي في المحارم صائماً = ويقولُ عند الملهيات سلاما
النارُ تأخذني بعدلك جازماً = تحوي القرارَ عدالةً وغراما
القلبُ فيها للطغات مقامع = والقعرُ يحتضنُ النّفاق زحاما
ما حال من ترك الصلاة إذا رأى = نارَ الجحيم نهايةً ومقاما
هل ينفعُ الصبرُ العصاةَ ولم يروا = في النار قطعاً للعذاب ختاما
ما حالهم وسط اللضى ونفوسهم = ترجو إذا ذكر الحميم حماما
ويقول ربّك للجحيم مسائلا =هلاّ ملئت من الجموع ركاما
فتقول ربي والحشود قوافل = زدني , فزاد وقودها أجساما
لكنّني أهفو لحلمك سيدي = فبهِ يطوف على الجّحيم سلاما
ان كان صبري للمواجع حاوياً = فأليم بعدك يلهبُ الآلاما
حالي ألاهي كالغريق مكتف = كيف النجاة وأبتغي الآثاما
من لي سواك من الذنوب مخلصاً = ويزيحُ من قلبي الجهول لثاما
هل يحرق الجسدَ السعيرُ وجبهتي = خرّت لوجهك سيدي إسلاما
أو أستباح الى العذاب ودمعتي = في النار تعلو صرخةً وندامى
لولاك ما عرف الطموحُ حبائلاً = لولاك ما ذاقَ الفؤادُ مراما
لولاك ما دخلَ الجنانَ موحدٌ = حتى وان بلغَ الكمالَ تماما
السبت، يناير 16، 2010
النار
Labels:
نوري الوائلي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق