الأحد، يناير 03، 2010

رسالة من المنفى



محمود كعوش


صرخة ألم من غريب في بلد عجيب !!!


لا لا
أنا لستُ هناكَ
لا...لستُ هناكْ
لَمْ أعُدْ هناكْ
كنتُ هناكْ
لَكِنَني الآنَ هُنا
هنا...في عالمٍ مَقِيتٍٍ
كئيبٍ حزينْْ
لا رِقَةَ فيهِ ولا رأفَةَ
ولا حنينْ

في عالمٍ غارقٍ بالهمومِ
والوجومِ والسأمْ
يخنقه الضجرُ
مِلْؤهُ الْمَلَلْ
لا هَدَفٌ فيهِ ولا أملْ
ولا مبتدأٌ أو خَبَرْ
يضجُّ بالصراخِ
والعويلِ
والألمْ
يَزْخَرُ بالأنينْ

*****
**
*****

إنيَ الآنَ هنا
في عالمِ السرابْ
والغُرْبَةِ والغُرابْ
ألتهمُ الترابَ
وألثمُ الحَجَرْ
َأطيلُ السَهَرْ
والعَزْفَ على الوترْ
وأمْدَحُ الْقَمَرْ
وأغفو على وَخْز الأبَرْ
ِ
والليلُ في غُرْبَتي طويلٌ
ثقيلٌ
يأكلُ النهارْ
يَمْلأهُ ظُلْمَةً وظَلامْ
يُفْقِدَهُ الوقارْ
يَلْعَنَهُ...وَيَلْعَنَهُ
يَلْعَنُ حتى ذَرَةَ التُرابِ
ويلعنُ الحجرْ
والشجرً والبشرْ

*****
**
*****

كنتُ قبلَ الآنَ هناكْ
كنتُ هناكَ
في رُبًى بلدتي
معْ أهلِ قريتي
وفوقَ ثَرى ضيعتي
حيثُ مَجْدي ومُنْيَتي
ومَجْدُ أمجادِ عِزتي

كنتُ هناكَ
في ميرونتي
حيثُ دانتي...ودُرتي
وبني جِلْدَتي
وحيثُ هويتي
ومَرْقَدُ عَنْزَتي
وَوُجْهَةُ قِبْلَتي

*****


كنتُ قبلَ الآنَ هناكْ
أُعللُ النفسَ بالآمالِ
وألتمسُ الشفاءْ
وأنشدُ الهناءْ
وأعِفُ عَنْ ذرفُ الدموعِ
ونزفُ الآلمْ
وزرعُ النحيبِ
والصراخِ والعويلْ

كنتُ قَبْلَ الآنَ هناكْ
أُعللُ النفسَ بالرجاءْ
وأنشدُ العَلاءْ
ودربيَ الطويلِ
يُعانقُ الصدىْ
يُعانقُ الأصيلْْْْْْْْْْْْ
بشوقِ العليلْ
لا صَوْتَ غَيْرَ شَدْوِ الحبيبِْ
البعيدِ...القريبِ الجميلْ

*****
**
*****

وها أنا الآنَ هنا
لَمْ أعُدْ هناكْ
إني هنا
اَحْتَضِنُ الوسادةْ
وَألزمُ السريرَ بلا سَعَادةْ
في عالمٍ غيرَ عالمي
في بيتيَ الكبيرِ...الكبيرْ
يا ليتهُ صغيرٌ صغيرْ

لا خيار ولا اختيارْ
لا بُدَّ أنْ أحْتَضِنَ الوسادةَ
وَألزمَ السريرْ
وألتَهِمَ الترابَ وأَلْثُمَ الحجرْ
وفي كِياني يَعْصِفُ الضَّمِيرْ
في خِضَمِ الضَجَةِ والضجيجْ
حيتُ يهمسُ ويهمسُ
ثمَ يَعلو صادحاً صوتُ المصيرْ

*****
**
*****

ها أنا الآنَ هنا يا عالم الكروشْ
يا عالمَ الطغاةِ في دنيا الفحوشْ
ويا صخب النقر على الدفوفِ
في وادي الوحوشْ
إنيَ الآنَ هنا....حيث أنا هنا
لكني لا لا وألفُ مليونَ لا
ولا
لَنْ أَلْتَهمَ الترابَ بَعْدَ اليومِ
ولَنْ أَلْثُمَ الحجرْ
في عالمٍ خبيثٍ مُريبٍ
غريبٍ عجيبْ
يَسْتَخِفُ بالعاقلِ
وَيَقْتَصُ مِنَ الأديبِ والنجيبِ
وَيَخْذُلُ الحبيبْ


ليست هناك تعليقات: