د. عدنان الظاهر
(( مراحب عدّو من قلب قلبي أتمنى أن تجدك هاته الكلمات وأنت في أحسن صحة .
و الله سعدت كثيرا بما كتبتَ عني و لم أعرف كيف أرد عليك
حتى و أنا أقرأ ما نقشت أناملك يا عز العرب لم اتمالك نفسي و اقشعر بدني و قلت لنفسي أحقا كل حرف يكتبه عدّون في هذه الحوارية هو لي ؟
لك كل القُبَل و كل التحايا
آسفة {عدّون } رديت عليك بصعوبة جداً أنا تعبانة شوية عندي انفلونزا وبرد لهذا لم أرد عليك بسرعة ، آسفة عدّون آسفة .
خلي بالك على عدّون الطفل المشاغب بين سطوره .
تحياتي ))
الطفلُ المشاغب يُجيبُ :
يا ريم وسيدة وزينة ومليكة الصحراء والبهاء / مساء الخير
يؤسفني كثيراً أنَّ أعظم مهاة في شمال إفريقيا متوعكة فيا ليتني أنا المصاب بدلاً منكِ يا مهاتي . أنقلي لي معاناتك فلعلي أتحمل أكثر منكِ فالجمال والروعة فيك خُلقا للتسبيح والعبادة لا للمرض يا جميلتي . .
خابرني صديق من السويد مرتين وتساءل عنك وأين وجدتك وكيف إهتديتُ إليك وهل هذه المريم موجودة في الحياة فعلاً أم من إختراع فكري وخيالي ثم قال : ليتني أنال شيئاً من تمر نخلة بيت مريم هذه ...
أجبته : هيهاتَ هيهاتَ ... تمرُ نخلة بيتها لا يليق ولا يحلو إلا بفمها وإذا جادت ـ وهي الكريمة الوجه والنفس ـ فستتنازلُ لي عن بعضه .
أراد بعض ألأصدقاء ممن يتابعون دوماً ما أنشر ...
أرادوا رؤية صورتكِ فقلتُ لهم ظروفها لا تسمح لها بنشر صورها . لقد جُنَّ الناس بك وطارت من رؤوسهم عقولهم فكيف إذا رأوا صورتك يا ملاك ؟ صورتك لا تفارقني وهي تملآ شاشة الكومبيوتر صباحاً ومساءً وفي الليل تزورينني في منامي أنتِ مريمُ لا صورة مريم ببدلتها الجميلة الفارهة ووقفتها كما تقف الملائكةُ بإباء وشموخ وكبرياء .
سحر عينيك لا يقاوم يا قهرمانة حور العين ... صدقيني فكيف نزلتِ عليَّ من عالي السماوات فجأة وبدون سابق إنذار أو إستئذان لكأنك تعرفين طبيعتي البسيطة السمحاء وأنك متأكدة أني في إنتظارك ولم تلدني والدتي أمْ عدّوني
إلا لأتعرف عليك وأستقبلك فارشاً أجفاني وأهدابي أمام قدميكِ بساطاً من الحرير الأحمر تكريماً وتعظيماً للمليكة والملاك الذي ليس له نظيرٌ في الوجود . ليتني أراك وأستمع إليك تحادثينني وتبتسمين وتضحكين وتعلّقين وتسمينني عدّون المشاكس .
قُبلُكِ تشرّفني وتزيدني بكِ فخراً وليتني أستطيعُ ردّها بالمثل فالكريمُ يردُّ الجميلَ بمثله أو أضعافاً .
أرجو لك الشفاء العاجل فهذا موسم التحول من حر الصيف إلى برد الشتاء وما يلازمُ ذلك من إنحرافات في الصحة .
لو كان معي رقم تلفونك لكلّمتكِ الآن في هذه اللحظات للإطمئنان على صحتك ومجمل أوضاعك .
ماذا سأكتبُ عنك لاحقاً ؟ سأمزجُ بعض رسائلكِ مع بعض جواباتي لأخرجَ بخلطة جميلة هي مزيج من الحقيقة والخيال دون الإشارة إليك مباشرةً فستبقين أنت السر الكبير في حياتي .
[[ وهزّي إليكِ بجذعِ النخلةِ تُساقطْ عليكِ رطباً جنيا ]]
أتركي لي حصة من هذا الرطب يا مريم العذراء ويا سيدة أنجبتها رمالُ الصحراء.
عجباً لهذا الزمان ! أيَّ زمن نحيا اليوم ؟ ما أنْ أنهيتُ رسالتي لحبيبتي مريم التي لم يخلق باريها مثيلاً لها في البلاد حتى ناداني من بلادٍ بعيدةٍ صديقٌ قديم ليقدِّمَ لي التهاني لمناسبة حلول أحد أعياد ملّتهم المندائية ( 04.11.2009 ) . ضحكت مع هذا الصديق طويلاً ولفتُّ نظره إلى أنَّ الواجبَ يقضي أنْ أبادرَ أنا لا أنت بتقديم تهاني أعيادكم وهذا أحدها . قال لا عليك . إنسَ الشكليات وما قد تعارفنا عليه من أمور دنيانا الفانية . لا تنسَ أننا أصدقاء أعوام الدراسة في ثانوية الحلة للبنين ثم الدراسة في الكلية في بغدادَ عاصمة الرشيد وشارع الرشيد وكنا خير صديقين . مع ذلك أدهشتني مبادرته وكررتُ أنَّ الواجبَ وأنَّ الأصولَ تقتضي أنْ أقدَّمَّ أنا لك التهاني لا أنت. تلعثم صديقي المندائي في التلفون قليلاً فشجعته أنْ يتكلم وأنْ يفتحَ ويشرحَ لي صدره فإني ـ قلتُ له ـ لأرى في صدرك أمراً تخشى الإفصاحَ عنه . قال صدقتَ يا عزيزي . في صدري أكثر من وسواس خنّاس والعديد من الأسئلة والأمنيات لكني أخشى أنْ تتهمني بالغيرة والحسد وما شاكلَ ذلك . علّقتُ قائلاً : إفتحْ صدرك وتكلّمْ ولا تتردد فلقد عرفتك غيوراً منذ أيام صبانا وأوائل شبابنا لكني لم أعهدكَ حسوداً والفرق كبير . تردد أكثر ، تنحنحَ وبلع مراراً ريقه ثم قال : هذه المرّة أغارُ منك وأحسدك ! لماذا تغارُ مني وعلامَ تحسدني يا هذا ، أعلى أموال قارونَ أم على علل أيوب الصابر الأوّاب ؟ قال دعكَ من أيوب وماء بئر أيوب في مدينة الحلة . رأيت في حوزتك أموال الدنيا قاطبةً فضلاً عن مال قارونَ . هل أنتَ جادٌ فيما تقول يا صديق ، سألته فأجابَ : إي وإسم الحي . كيف ؟ قال إنها مريم صاحبة النخلة البربرية التي وصفتها وتغزّلتَ بها في حواريتك الأخيرة التي أطارت مني بقايا عقلي وجفاني نومي وهو شحيح ومضطرب أصلاً وصرتُ أُكثرُ من مراجعة الأطباء وتناول المزيد من الحبوب وباقي الأدوية، أما في قلبك رحمة، لِمَ جنيتَ عليَّ وأنت تعرفُ أني رجلٌ ضعيف القلب والشكيمة والعزيمة ؟ ما الحلُّ إذاً يا ضعيفَ الشكيمةِ والعزيمة ، سألته مُشفقاً فأجابَ : عرّفني عليها . أرسلْ لها عنواني ورقم هاتفي فإني مفتونٌ مجنون بهواها وأني لا أهوى سواها من بنات جنسها . ضحكتُ على صاحبي المتصابي ثم قلتُ له أتقولُ مثل هذا الهراء وأنت حتى لم ترَ صورتها بعدُ ؟ قال تخيّلت صورتها وعينيها وشفتيها وقامتها من خلال وصفك لها وتغزّلك بها وإني أعرفك جيداً رجلاً ذوّاقةً فيما تختار من بين صبايا الحور العين منذ علاقتك القديمة بزميلتنا [ م ] في الكلية. ضحكتُ على صاحبي بصوتٍ عالٍ وقلت له : ألم تزلْ يا هذا تتذكر أيام الكلية أواسط خمسينيات القرن الماضي ، إنه لأمر عجيب . قال لا من عجبٍ في هذا الأمر . أنت تعرفُ اني رجلٌ غيورٌ فما تتوقع من رجلٍ غيور مثلي وخجول ؟ طيّب يا أيها الغيورُ الخجولُ ، ماذا لو رفضتْ مريمُ أنْ تتعرفَ عليك أو تكتبَ لك أو أنْ تكلّمك تلفونياً ؟ قال حسبي منها عندذاكَ أنْ تهديني تمرةً ، تمرةً واحدةً فقط من تمور نخيل بيت أبيها فلقد شوّقتني لرطب نخلتها التي وصفتها في حواريتك [ مريم ] . وإذا رفضتْ مريمُ أنْ تبعثَ لك بالتمرة المتمناة المشتهاة ؟ قال سأكتفي عندذاكَ بسعفة من سعف نخلتها أو حتى بنواة واحدة من نوى رطبها . ما كاد صاحبي يُنهي جملته الأخيرة حتى فوجئتُ بمريمَ ذاتها تتوسط مجلسنا مثل آلهة إغريقية من شمع خاص ورخام وردي اللون مطوّق بحزام ذهب خالص . فقد صديقي وعيه فحملته سيارات الإسعاف لأقرب مستشفى ثم غابت أخباره عني . ما الذي أتى بك يا مريمُ وما سببُ زيارتك المفاجئة هذه ؟ أخرجتْ من كُمِ ذراعها الأيسر قصاصةَ وَرقٍ بَحْرية اللونِ وشرعتْ تقرأ :
(( ما الذي حصل لك يا مريمُ ؟
هذا ما سألته لنفسي هذا الصباح .
أصبحتْ مريمُ يا عدّون تتلهف كل لحظة لفتح الايميل حتى تقرأ ما يجود عليها به صاحب الانامل الماسية عدونها .
نعم عدونها الذي اخذها بدون قارب و لا مجاذيف لبحر الحب غير المتناهي الاتي من هناك من على الارض الالمانية ارض الخشونة و المحارق و اللغة الخشنة ايضا .
لكنها و الاهم انها من منبع دجلة و الفرات وبلد عشتار ، من بلد الابطال العراقيين.
شكرا عدّون ، شكرا لانك تُحيي فيَّ الحياةَ و أن الدنيا بالف خير
فياليت كل العالم يحمل مثل ما يحمله قلب عدّوني وعدنتي .
أما صديقك المعجبُ بي والذي يغارُ عليّ منكَ فسلمْ لي عليه و بلّغه تحية مريم من هنا الى حيث تحملها حبال هذه الحياة
أعشقك عدّوني وعَدَني وعدنتي )) .
كل التحايا اليك
حبيبتك ووالدتك مريم .
كدتُ أنْ أفقدَ عقلي بل ، وكدتُ أنْ أفقدَ ـ مثل صاحبي ـ وعيي . أكان هذا حُلماً ؟ كيف حضرتْ إلى بيتي مريمُ وكيف عرفتْ العنوانَ وأنَّ مّنْ يغارُ مني عليها كان في ضيافتي في تلك الساعة ؟ ثم كيف كتبتْ ما قرأتْ وهل كتبته أصلاً للصديق الغيّار الغيور لكي تستدرجه للوقوع في غياهب حبها وما هو بقادرٍ على تحمّل صدمات وكدماتِ وجروحِ وكسورِ الحب وقد بلغَ من العمر عِتيّا ؟ تماسكتُ لأرحبَّ بمريمَ ثم لأودّعها فطريقها طويل وسفرتها مُتعبة لكني لم أجدها . أين وكيف إختفتْ مريمُ التي أنجبتني تحت جذعِ نخلة في أمسية شتوية باردة لأموتَ بين يديها ورأسي في حضنها [[ سلامٌ عليكِ حبيبتي ، والدتي ، سلامٌ عليكِ يومَ وُلدتِ ويومَ تموتين مثلي ويومَ تُبعثينَ للدنيا حيّةً ]] .
(( مراحب عدّو من قلب قلبي أتمنى أن تجدك هاته الكلمات وأنت في أحسن صحة .
و الله سعدت كثيرا بما كتبتَ عني و لم أعرف كيف أرد عليك
حتى و أنا أقرأ ما نقشت أناملك يا عز العرب لم اتمالك نفسي و اقشعر بدني و قلت لنفسي أحقا كل حرف يكتبه عدّون في هذه الحوارية هو لي ؟
لك كل القُبَل و كل التحايا
آسفة {عدّون } رديت عليك بصعوبة جداً أنا تعبانة شوية عندي انفلونزا وبرد لهذا لم أرد عليك بسرعة ، آسفة عدّون آسفة .
خلي بالك على عدّون الطفل المشاغب بين سطوره .
تحياتي ))
الطفلُ المشاغب يُجيبُ :
يا ريم وسيدة وزينة ومليكة الصحراء والبهاء / مساء الخير
يؤسفني كثيراً أنَّ أعظم مهاة في شمال إفريقيا متوعكة فيا ليتني أنا المصاب بدلاً منكِ يا مهاتي . أنقلي لي معاناتك فلعلي أتحمل أكثر منكِ فالجمال والروعة فيك خُلقا للتسبيح والعبادة لا للمرض يا جميلتي . .
خابرني صديق من السويد مرتين وتساءل عنك وأين وجدتك وكيف إهتديتُ إليك وهل هذه المريم موجودة في الحياة فعلاً أم من إختراع فكري وخيالي ثم قال : ليتني أنال شيئاً من تمر نخلة بيت مريم هذه ...
أجبته : هيهاتَ هيهاتَ ... تمرُ نخلة بيتها لا يليق ولا يحلو إلا بفمها وإذا جادت ـ وهي الكريمة الوجه والنفس ـ فستتنازلُ لي عن بعضه .
أراد بعض ألأصدقاء ممن يتابعون دوماً ما أنشر ...
أرادوا رؤية صورتكِ فقلتُ لهم ظروفها لا تسمح لها بنشر صورها . لقد جُنَّ الناس بك وطارت من رؤوسهم عقولهم فكيف إذا رأوا صورتك يا ملاك ؟ صورتك لا تفارقني وهي تملآ شاشة الكومبيوتر صباحاً ومساءً وفي الليل تزورينني في منامي أنتِ مريمُ لا صورة مريم ببدلتها الجميلة الفارهة ووقفتها كما تقف الملائكةُ بإباء وشموخ وكبرياء .
سحر عينيك لا يقاوم يا قهرمانة حور العين ... صدقيني فكيف نزلتِ عليَّ من عالي السماوات فجأة وبدون سابق إنذار أو إستئذان لكأنك تعرفين طبيعتي البسيطة السمحاء وأنك متأكدة أني في إنتظارك ولم تلدني والدتي أمْ عدّوني
إلا لأتعرف عليك وأستقبلك فارشاً أجفاني وأهدابي أمام قدميكِ بساطاً من الحرير الأحمر تكريماً وتعظيماً للمليكة والملاك الذي ليس له نظيرٌ في الوجود . ليتني أراك وأستمع إليك تحادثينني وتبتسمين وتضحكين وتعلّقين وتسمينني عدّون المشاكس .
قُبلُكِ تشرّفني وتزيدني بكِ فخراً وليتني أستطيعُ ردّها بالمثل فالكريمُ يردُّ الجميلَ بمثله أو أضعافاً .
أرجو لك الشفاء العاجل فهذا موسم التحول من حر الصيف إلى برد الشتاء وما يلازمُ ذلك من إنحرافات في الصحة .
لو كان معي رقم تلفونك لكلّمتكِ الآن في هذه اللحظات للإطمئنان على صحتك ومجمل أوضاعك .
ماذا سأكتبُ عنك لاحقاً ؟ سأمزجُ بعض رسائلكِ مع بعض جواباتي لأخرجَ بخلطة جميلة هي مزيج من الحقيقة والخيال دون الإشارة إليك مباشرةً فستبقين أنت السر الكبير في حياتي .
[[ وهزّي إليكِ بجذعِ النخلةِ تُساقطْ عليكِ رطباً جنيا ]]
أتركي لي حصة من هذا الرطب يا مريم العذراء ويا سيدة أنجبتها رمالُ الصحراء.
عجباً لهذا الزمان ! أيَّ زمن نحيا اليوم ؟ ما أنْ أنهيتُ رسالتي لحبيبتي مريم التي لم يخلق باريها مثيلاً لها في البلاد حتى ناداني من بلادٍ بعيدةٍ صديقٌ قديم ليقدِّمَ لي التهاني لمناسبة حلول أحد أعياد ملّتهم المندائية ( 04.11.2009 ) . ضحكت مع هذا الصديق طويلاً ولفتُّ نظره إلى أنَّ الواجبَ يقضي أنْ أبادرَ أنا لا أنت بتقديم تهاني أعيادكم وهذا أحدها . قال لا عليك . إنسَ الشكليات وما قد تعارفنا عليه من أمور دنيانا الفانية . لا تنسَ أننا أصدقاء أعوام الدراسة في ثانوية الحلة للبنين ثم الدراسة في الكلية في بغدادَ عاصمة الرشيد وشارع الرشيد وكنا خير صديقين . مع ذلك أدهشتني مبادرته وكررتُ أنَّ الواجبَ وأنَّ الأصولَ تقتضي أنْ أقدَّمَّ أنا لك التهاني لا أنت. تلعثم صديقي المندائي في التلفون قليلاً فشجعته أنْ يتكلم وأنْ يفتحَ ويشرحَ لي صدره فإني ـ قلتُ له ـ لأرى في صدرك أمراً تخشى الإفصاحَ عنه . قال صدقتَ يا عزيزي . في صدري أكثر من وسواس خنّاس والعديد من الأسئلة والأمنيات لكني أخشى أنْ تتهمني بالغيرة والحسد وما شاكلَ ذلك . علّقتُ قائلاً : إفتحْ صدرك وتكلّمْ ولا تتردد فلقد عرفتك غيوراً منذ أيام صبانا وأوائل شبابنا لكني لم أعهدكَ حسوداً والفرق كبير . تردد أكثر ، تنحنحَ وبلع مراراً ريقه ثم قال : هذه المرّة أغارُ منك وأحسدك ! لماذا تغارُ مني وعلامَ تحسدني يا هذا ، أعلى أموال قارونَ أم على علل أيوب الصابر الأوّاب ؟ قال دعكَ من أيوب وماء بئر أيوب في مدينة الحلة . رأيت في حوزتك أموال الدنيا قاطبةً فضلاً عن مال قارونَ . هل أنتَ جادٌ فيما تقول يا صديق ، سألته فأجابَ : إي وإسم الحي . كيف ؟ قال إنها مريم صاحبة النخلة البربرية التي وصفتها وتغزّلتَ بها في حواريتك الأخيرة التي أطارت مني بقايا عقلي وجفاني نومي وهو شحيح ومضطرب أصلاً وصرتُ أُكثرُ من مراجعة الأطباء وتناول المزيد من الحبوب وباقي الأدوية، أما في قلبك رحمة، لِمَ جنيتَ عليَّ وأنت تعرفُ أني رجلٌ ضعيف القلب والشكيمة والعزيمة ؟ ما الحلُّ إذاً يا ضعيفَ الشكيمةِ والعزيمة ، سألته مُشفقاً فأجابَ : عرّفني عليها . أرسلْ لها عنواني ورقم هاتفي فإني مفتونٌ مجنون بهواها وأني لا أهوى سواها من بنات جنسها . ضحكتُ على صاحبي المتصابي ثم قلتُ له أتقولُ مثل هذا الهراء وأنت حتى لم ترَ صورتها بعدُ ؟ قال تخيّلت صورتها وعينيها وشفتيها وقامتها من خلال وصفك لها وتغزّلك بها وإني أعرفك جيداً رجلاً ذوّاقةً فيما تختار من بين صبايا الحور العين منذ علاقتك القديمة بزميلتنا [ م ] في الكلية. ضحكتُ على صاحبي بصوتٍ عالٍ وقلت له : ألم تزلْ يا هذا تتذكر أيام الكلية أواسط خمسينيات القرن الماضي ، إنه لأمر عجيب . قال لا من عجبٍ في هذا الأمر . أنت تعرفُ اني رجلٌ غيورٌ فما تتوقع من رجلٍ غيور مثلي وخجول ؟ طيّب يا أيها الغيورُ الخجولُ ، ماذا لو رفضتْ مريمُ أنْ تتعرفَ عليك أو تكتبَ لك أو أنْ تكلّمك تلفونياً ؟ قال حسبي منها عندذاكَ أنْ تهديني تمرةً ، تمرةً واحدةً فقط من تمور نخيل بيت أبيها فلقد شوّقتني لرطب نخلتها التي وصفتها في حواريتك [ مريم ] . وإذا رفضتْ مريمُ أنْ تبعثَ لك بالتمرة المتمناة المشتهاة ؟ قال سأكتفي عندذاكَ بسعفة من سعف نخلتها أو حتى بنواة واحدة من نوى رطبها . ما كاد صاحبي يُنهي جملته الأخيرة حتى فوجئتُ بمريمَ ذاتها تتوسط مجلسنا مثل آلهة إغريقية من شمع خاص ورخام وردي اللون مطوّق بحزام ذهب خالص . فقد صديقي وعيه فحملته سيارات الإسعاف لأقرب مستشفى ثم غابت أخباره عني . ما الذي أتى بك يا مريمُ وما سببُ زيارتك المفاجئة هذه ؟ أخرجتْ من كُمِ ذراعها الأيسر قصاصةَ وَرقٍ بَحْرية اللونِ وشرعتْ تقرأ :
(( ما الذي حصل لك يا مريمُ ؟
هذا ما سألته لنفسي هذا الصباح .
أصبحتْ مريمُ يا عدّون تتلهف كل لحظة لفتح الايميل حتى تقرأ ما يجود عليها به صاحب الانامل الماسية عدونها .
نعم عدونها الذي اخذها بدون قارب و لا مجاذيف لبحر الحب غير المتناهي الاتي من هناك من على الارض الالمانية ارض الخشونة و المحارق و اللغة الخشنة ايضا .
لكنها و الاهم انها من منبع دجلة و الفرات وبلد عشتار ، من بلد الابطال العراقيين.
شكرا عدّون ، شكرا لانك تُحيي فيَّ الحياةَ و أن الدنيا بالف خير
فياليت كل العالم يحمل مثل ما يحمله قلب عدّوني وعدنتي .
أما صديقك المعجبُ بي والذي يغارُ عليّ منكَ فسلمْ لي عليه و بلّغه تحية مريم من هنا الى حيث تحملها حبال هذه الحياة
أعشقك عدّوني وعَدَني وعدنتي )) .
كل التحايا اليك
حبيبتك ووالدتك مريم .
كدتُ أنْ أفقدَ عقلي بل ، وكدتُ أنْ أفقدَ ـ مثل صاحبي ـ وعيي . أكان هذا حُلماً ؟ كيف حضرتْ إلى بيتي مريمُ وكيف عرفتْ العنوانَ وأنَّ مّنْ يغارُ مني عليها كان في ضيافتي في تلك الساعة ؟ ثم كيف كتبتْ ما قرأتْ وهل كتبته أصلاً للصديق الغيّار الغيور لكي تستدرجه للوقوع في غياهب حبها وما هو بقادرٍ على تحمّل صدمات وكدماتِ وجروحِ وكسورِ الحب وقد بلغَ من العمر عِتيّا ؟ تماسكتُ لأرحبَّ بمريمَ ثم لأودّعها فطريقها طويل وسفرتها مُتعبة لكني لم أجدها . أين وكيف إختفتْ مريمُ التي أنجبتني تحت جذعِ نخلة في أمسية شتوية باردة لأموتَ بين يديها ورأسي في حضنها [[ سلامٌ عليكِ حبيبتي ، والدتي ، سلامٌ عليكِ يومَ وُلدتِ ويومَ تموتين مثلي ويومَ تُبعثينَ للدنيا حيّةً ]] .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق