محمد محمد على جنيدي
عندما يطبق الفقر ويجهز على أنفاس أمة فهو أمر مهين لا شك فيه - ولكن - ربما تجد في ثقافة أبنائها واتساع مداركهم ملاذاً أو طوق نجاة يأخذ بيدها من غرقها فينعش آمالها في إعادة البناء من جديد - ولكن أيضاً - سوف يكون الأمر أكثر خيبة وتعاسة إذا ما كان السواد الأعظم من شباب هذه الأمة قد انصرفوا عن علمائها ورموزها وانحصرت اهتماماتهم في توافه الأمور وصغائرها, فلا رغبة في علم, ولا سعي وراء معرفة, ولا تواصل بين أجيال - هنا - يحق لأي مهتم بقضايا هذه الأمة أن يتنبأ بسقوطها بين ليلة وضحاها هذا من جهة..
ولكنني أتساءل من جهةٍ أخرى عن تصور أحوال هذه الأمة إذا ما أطبقت عليها الأمراض الفتاكة من كل صوب وهي الفقيرة المعدمة المتخلفة عن القوافل الحضارية المحيطة بها ولعياذ بالله.
وهنا يكمن- بيت القصيد - ذلك لأن أي متابع لقضايا ومقدرات هذه الأمة التعسة يستطيع بغير جهد يذكر أن يجزم بتوقع سقوطها فوراً.
هذا هو الذي يقولوا عنه ويسمونه - بمثلث الرعب – والذي يتشكل محيطه من قاعدة الفقر وضلعي المرض والجهل، وكلنا يعرف كم قامت من أجل تفاديه أو القضاء عليه ثورات العديد من الأمم.
وعلى الرغم من وجود أسقف كثيرة تضغط علينا والمتمثلة في التوجهات الإعلامية التي توحي برقي النظم التعليمية وتعددها وتعلن دائماً عن وفرة المشاريع الاستثمارية وتنوعها وتروج من جانب آخر عن منظومة صحية عالمية فاعلة نمضي قدماً نحو تحقيقها!!.. على الرغم من كل هذا إلا أن - الحقيقة الساطعة - دائماً أن المواطن في بلادنا لا يشعر بمصداقية كل ما تسلط عليه الأضواء ويعلم جيداً كل ما يلامس الواقع كما يعلم كل ما يحاول أن يخفيه الزيف الصارخ.
ولإحقاق الحق ومن أجل خلق حلولاً عملية لأهم قضايا الأمة فلنعترف بالإخفاقات المتكررة في منظومة الرعاية الصحية ويكفي أن نعلم أن الكثير من مرضانا ربما يفتك بهم المرض وهم في طريق الحصول على دوائهم، ولننظر أيضاً بعين الواقع إلى شبابنا وهم يملأون المقاهي والملاهي والطرقات بغير عمل جاد ومثمر يفي بالحد الأدنى من متطلبات حياتهم اليومية! ولنسأل أنفسنا عن أبنائنا الطلبة كيف يستوعب الواحد منهم دروسه وينتفع من مناهجه الدراسية وهو قابع في فصل أشبه بمعلب التونة أو السردين
إن رؤية الخطأ بحجمه الطبيعي واختيار البديل الأمثل لمواجهته لهو أقصر الطرق نحو تصحيحه
وإنني أعتقد أن الحل المنهجي لمعظم قضايا أمتنا نجده في الضغط على قاعدة مثلث الرعب السالف ذكره والذي يتمثل في ضلع الفقر وأتصور عن يقين مدروس أن - من هنا - نستطيع الإفلات من ضلعي المثلث الآخرين وقد سبق تمثيلهما بالمرض والجهل
لا ريب - أن مثلثاً كهذا بغير قاعدة نستطيع الهروب منه سيكون أفضل حالاً من أن تطبق علينا أضلاعه الثلاثة في آنٍ واحد
ولكن – كيما يكتب لأفكارنا النجاح ونصبح أمة أكثر تفاؤلاً ونبدأ مسيرة الإصلاح بحزمٍ وفاعلية .. يبقى لنا أن نسأل القادرين عمن يشارك الفقراء همومهم وكأنه منهم!!
أرى أنه السؤال الأكثر حيوية في موضوعنا وأدعو كل من صلحت نواياه من الأغنياء وكل ذي سعةٍ وفضل أن يشاركنا الإجابة على تساؤلنا إذا أراد بأمته وبنفسه خيراً.
الخميس، نوفمبر 26، 2009
مثلث بغير قاعدة
Labels:
محمد جنيدي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق