الخميس، ديسمبر 17، 2009

الكلمة الأخيرة على لسان النهاية

عــادل عطيــة



قبل أن يتوقف قلب الإنسان عن النبض ، يلفظ كلمته الأخيرة ..

وكأنها تختصار لسيرته .

وهنا ..

أقوال تفوّه بها بعض من العظماء والمشاهير عند ساعة وفاتهم ؛

لنكتشف من خلالها ، ملامح عن :

حياتهم ، وطباعهم ، وميولهم ، وصدق نظرتهم ، قبل أن تنغلق عيونهم إلى الأبد !

... ... ...

أول كلمة تستحق أن نذكرها ،

هي آخر كلمة نطق بها السيد المسيح على صليبه قبل أن يسلم الروح ،

مشيراً إلى تتمة النبوات فيه : " قد أكمل " !

ونعود إلى النبي داود وهو يقول لابنه سليمان عند وفاته :

" أنا منصرف في سبيل أهل الأرض ؛

فتشدد وكن رجلاً ،

واسلك في طريق الرب إلهك واحفظ رسومه ووصاياه " !

وقيل أن آخر كلمة قالها سليمان الحكيم عند موته ،

ما جاء في آخر كتاب الجامعة :

" اتق الله واحفظ وصاياه فإن هذا هو الإنسان كله " !

أما ألعازر الكاهن ،

لما عرض اصحابه أن يتظاهر بأكل اللحوم المحرمة ؛

لينجو من الموت ،

قال :

" لا يليق بسننا الرياء ،

فأجلب على شيخوختي الرجس والفضيحة ،

فإني ولو نجوت الآن من نكال البشر ،

لا أفر من ايدي القدير ،

لا في الحياة ولا بعد الممات " !

أما سمعان الشيخ ، فلما رأى يسوع ،

كوعد الروح القدس ،

ودع الحياة ، بقوله :

" الآن تطلق يارب عبدك بسلام ؛ فإن عيني قد أبصرتا خلاصك " !

وعندما كان اليهود يرجمون اسطفانوس الشهيد ،

قال : " يارب لا تقم عليهم هذه الخطيئة " !

ولما حكم على القديس اندراوس الرسول بالصلب ،

قبّل صليبه ، قائلاً : " رعاك الله أيها الصليب ،

ما أشهاك منذ رقيك المسيح ربي ،

فيقبل عليك حياتي من عليك مات فداء عني " !

وبينما وباء الطاعون يقترب من قلب بيركلس ،

قال لأصحابه الذين أتوا ليعودوه :

" أتعرفون أكبر خير صنعته في حياتي ؟.. أنني لم أدع أحداً من شعبي يحزن على قريب " !

وعلى سرير الموت ، قال أوغسطس الكبير :

" هل أحسنت تشخيص روايتي ؟ .. فإن سركم لعبي لدوري ، صفقوا " !

ولما اضطر نيرون إلى قتل نفسه ،

وكان يعد ذاته ماهراً بالفنون الجميلة لا سيما الموسيقى ، قال :

" أي رجل حاذق بالفنون سوف يخسره العالم بموتي " !

أما كسيسيان ، فقال وهو يطلب أن يوقفوه على سريره في النزع الأخير :

" يجب على الإمبراطور أن يموت واقفاً " !

أما مرقس أوريليوس ، فقال : " هيا على الشغل " !

وقال المأمون وقد واتته المنية بالقرب من طرسوس ،

عندما كان سائراً إلى محاربة ملك الروم :

" يا من لا يزول ملكه ارحم من يزول ملكه ، يا من لا يموت أرحم من يموت " !

وكان آخر كلام قاله كلوتير، أحد ملوك فرنسا :

" ما عسى أن يكون ملك السماء الجبار الذي يميت هكذا أعظم ملوك الأرض " !

وملك فرنسي آخر ، هو : كيرلس الكبير ، قال :

" إلهي إني استودع نفسي بين يديك " !

وآخر ما أوصى به الملك هزيكوس الثاني ، ابنه ..

وهو يتأرجح بين الحياة والموت في نهاية لعب المصارعة :

" يا بني إني أوصيك بالكنيسة ، وبشعبي " !

ولما شعر هزيكوس الرابع بظلال الموت ،

أرسل سيفه إلى ابنه الذي كان قد أنزله من تخت الملك ، قائلاً : " هذا كل ما ابقيته لي " !

ولما أصيب لويس التاسع بالطاعون قريباً من تونس ،

جعل يردد " أورشليم ، سنذهب إلى أورشليم 00

يارب أدخل في مقدسك ،

واسجد لك في هيكلك ،

واعترف لاسمك القدوس " !

وقال لويس الرابع عشر : " ما كنت لأظن أن الموت عذب هكذا " ! ،

ثم قال للحضور الذين كانوا يبكون على فراقه :

" ما لكم تبكون أتظنون بأني خالد ليس خالد إلا الله تعالى " !

وآخر ما تلفظ به لويس السادس عشر قبل قتله :

" إني أموت بريئاً من كل الآثام التي نسبت إلى زوراً ،

وأغفر لكل من سعى بقتلي ،

ويا ليت دمي لا يعود أبداً على فرنسا " !

و قال نابليون الكبير قبل موته :

" إني أموت في حجر كنيستي كما أني في حجرها ولدت قبل خمسين سنة " ! ،

وتوجه للطبيب انطوماركي ، وقال :

" أنتم معشر الأطباء تعودتم معالجة اللحم ، فلا ترون ماوراء اللحم ..

أما أنا فأعترف بخلود النفس " ! ،

أما شيشرون الخطيب الروماني ، فقال قبل أن يقطع رأسه : " يا علة العلل أرحمني " !

أما ابن سينا ،

فلما قوى عليه المرض الأخير ،

أهمل مداوة نفسه ، وقال :

" إن المدبر الذي كان يدبرني قد عجز عن التدبير ، والآن لا تنفع المعالجة " !

أما الشاعرالألماني جوته ، فقال على سرير رحيله :

" النور ! النور ! دائماً بلا نور " !

ويروى عن الفيلسوف الإنجليزي : هوب ،

أنه قال للذين كانوا محدقين بسرير موته :

" آه أيها الأصحاب أي قفزة سأقفزها من الدنيا إلى الأبدية " !

أما انيبال ، كبير القرطجنيين ،

فقال وهو يشرب السم ؛

لينجو من الرومانيين :

" فلنخلصن الرومان من الخوف الذي استحوذ عليهم من شيخ مثلي " !

أما يوليوس قيصر ،

فقد قال وهو يسقط ميتاً ،

بعدما رأى صديقه بين الذين تألبوا عليه ؛ ليغتالوه : " وأنت أيضاً يابروتوس " !

أما جستاف أدولف ، فقال وهو يموت في لتزن ،

بعد انتصاره على النمسويين : " لغيري الدنيا " !

وقال الوزير كولبر عند وفاته :

" لو كنت صنعت في خدمة ربي نصف ما صنعته لملكي ما كنت مرتاباً في خلاص نفسي .

أما الآن فلا أعلم إلى أين مصيري " !

ولما سيقت المادام رولان إلى الموت ، قالت صارخة :

" أيتها الحرية كم من إثم يقترفه البشر باسمك " !

ولما ضرب أحد هم ، الرئيس جرسيا مورنيو ، بمدية ..

صرخ قبل موته : " إن الله لا يموت " !

وكانت الكلمة الأخيرة ، التي فاه بها توم باين :

" آه اني على استعداد أن أدفع كل العوالم ،

لو اعطيتها ،

في سبيل سحب كتابي : عصر العقل ..

آه يارب ساعدني ،

يايسوع المسيح اعني .. كن معي .

انه الجحيم بعينه ان تتركني وحيدا " !

وتاليرات ، يصرخ على فراش الموت : " انني اقاسي ويلات اللعنة " !

وهمس ميرابو : " هيا إليّ بالمخدر ، حتى لا افكر في الابدية " !

أما فولتير ، فيصرخ صرخاته المرة :

" لقد هجرني الله والبشر وليس امامي سوى الجحيم ..

0ياسيدي المسيح .. يا يسوع المسيح " !

أما شارل التاسع ، فصرخ :

" يا للدماء ، يا للمذابح ، يا للمشورات الرديئة التي اتبعتها ، لقد ضعت إلى الابد " !

أما ياجودا ، أحد ضحايا ستالين ، فقال : " لابد وأن يكون هناك إله ؛ لأن آثامي حاقت بي " !

اما ياروسلافسكي ، الملحد ، فقد هتف على فراش موته أمام ستالين :

" احرقوا كل كتبي 0انظروا . أنه هنا ينتظرني 0احرقوا كل مؤلفاتي " !

،...،...،...

إن هذه الكلمات النهائية ، التي تفوه بها هؤلاء ، وغيرهم ...

يمكنها أن تكون هي نفسها موعظة الوداع التي ينطق بها عامنا هذا ، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة !

ليست هناك تعليقات: