الاثنين، سبتمبر 17، 2007

نزوة ممنوعة من التجوال



حسن عبدالرزاق
دروب

ارتديت ملابسي السميكة وغادرت الدار التي لا تحتوي سواي.

شتاء بارد في ليل الشارع ، وهدوء ، وشيطان اليف سوف يصطحب مراهقتي المشتعلة ويمضي بها الى بيوت الحي الثري ، حيث النساء المنتظرات ازواجا يسهرون الان مع القمار وبنات الليل.

شارعا شارعا سنجوب الحي الخالي من حراس الليل المزعجين ، ونتلصص انا والشيطان من خلال اسيجة الحدائق الواطئة ،او النوافذ نصف المغلقة ، او اعالي الابواب ، لعلنا نعثر على امراة اشتعل جسدها بالشهوة فتنادينا وندخل.
*
مضينا بمسير رومانسي متجاوزين الشوارع الفقيرة التي انحدرت منها .. شوارع العيون الحقيرة التي تراقب بعضها البعض من خلف شبابيك الفضول ، واقتربنا من احد جسور المدينة الفاصل بيننا وبين رائحة الاناث الثريات.

لم اكن مهتما بالقمر ، فانا ما خرجت لاغني على حبيبة في الخيال ، وكان البرد وحده يكفيني .. البرد ذو الليل المخالط باضوية خفيفة تضيع تحتها ملامحي ، ولهذا تجاوزت المسافات مخدرا بلذة الجنس المتحفز تحت ملابسي السميكة ، وبسببه ( الخدر طبعا ) ، قفزت ذعرا حين فاجاتني من الامام كلمة (قف) ومعها بندقية موجهة الى صدري من احد الجنود الشبان الذين يرتدون بدلات امريكية الطراز :

- الى اين ذاهب؟

- ……….

- لماذا لاترد؟

- ………

هل انت اخرس .. لماذا لاتتكلم؟

صعب كان الكلام . اذ لا عذر قد هياته هذه المرة مثلما كنت افعل في المرات السابقة مع حراس الليل ، ولا توقع من هذا النوع وضعته في حسابي حين غامرت بالخروج في الساعة الحادية عشر ليلا.

- الم تعلم ان التجوال محظور الان؟

- ……….

- ارفع ذراعيك الى الاعلى واستدر.

استسلمت للامر واستدرت ، ومنحت جسدي لجندي اخر كي يفتش كل زاوية فيه ، ثم مضيت منصاعا الى غرفة خشبية نصبت بالقرب من بداية الجسر ، ووقفت امام ضابطها غير الملتحي.

- الى اين ذاهب؟

- ……..

- الا تعلم ان التجوال ممنوع؟

اعلم . ولكن نساء الاثرياء المهملات اللواتي هجمن على رجولتي في هذا الليل جعلنني انسى في لحظتها كل امر.

كدت ارد عليه بالجواب اعلاه ، بيد ان الخجل اخرسني وتركني مثار ريبة للضابط ، فنادى هذا على احد رجاله وطلب منه ان ياخذني بالسيارة الى احد المعتقلات.

وسط تلك الغرفة كان لابد لي من تكبد اقل الخسائر رغم صعوبة ثمنها . ان ذلك افضل لي من تهمة مرعبة ستلتصق بي وتحرمني مما تبقى لي من شتاءات قادمة اعيش بها حرا ، فاستسمحت الضابط ان نكون انا وهو لوحدنا حتى اعلمه بالسر.
*
لم يضحك الرجل في البدء حين اعلمته بامري ، لكنه فعل ذلك بعد بضع اسئلة عن حياتي كان اولها

- هل انت متزوج؟

وكان من حقه بعد ذلك ان يجمع رجاله الشبان ويحولوني الى نكتة يتسلون بها في ذلك الزمهرير ، اذ ليس باستطاعتهم ان يستوعبوا رؤية رجل اعزب اخرجته الخمرة لكي يبحث عن فرصة نسائية كما كان يفعل سابقا وهو يعلم ان عمره الان قد بلغ السابعة والخمسين.

ليست هناك تعليقات: