بقلم : إسحاق الشيخ يعقوب
– كاتب سعودي
موهبتهما الفنية تدفعانهما بوعي أو بدون وعي إلى الارتقاء بثقافة حس الأمة الجمالي وتحسين ذائقتها الإنسانية في تكريس الثقافة الجمالية في وجدانيتها ضد سيطرة القبح في حياتنا. إن مَلَكة الفنان وموهبته قد تخرج عن وعي انتمائه الطبقي وتحلق به إنسانيا خارج حدود الزاميته الأيدلوجية الطبقية..
موهبتهما الفنية تدفعانهما بوعي أو بدون وعي إلى الارتقاء بثقافة حس الأمة الجمالي وتحسين ذائقتها الإنسانية في تكريس الثقافة الجمالية في وجدانيتها ضد سيطرة القبح في حياتنا. إن مَلَكة الفنان وموهبته قد تخرج عن وعي انتمائه الطبقي وتحلق به إنسانيا خارج حدود الزاميته الأيدلوجية الطبقية..
فليس هناك سلطة باستطاعتها أن تجابه موهبة الفنان إذا أخذت لحظة تجليات طفرتها الإبداعية في الخروج على »تابو« المحرمات والممنوعات المتهالكة تحت مطارق الزمن.
إن ثروة الأوطان في فنانيها ومبدعيها ولا قيمة ولا نهضة ولا إنسانية لأوطان خالية الوفاض من وقع نشاط فنانيها وحدائهم للحياة.. إنهم الأكثر حرصا في تجليات مواهبهم الإبداعية على إزالة القبح عن وجه الوطن في أداء توثب فني فكاهي أنيق منقطع العذوبة في وجدانيتنا الوطنية.. وتراهما - القصبي والسدحان - في إيماءتي موهبتهما الفنية.. يحاولان بحذر إزالة القبح عن وجه الوطن.
انهما يرفضان بوعي عصري نمطية التقليدية البائدة التي تغلغل قبح تخلفها وكراهيتها وبغضاء ظلاميتها في النفوس وتضع عقولنا المجتمعية في قبضة نصوص بائدة قد توقف نبضها في الحياة وتجاوزها التاريخ منذ آلاف العقود.. واحسب أن السدحان والقصبي يقومان في مسلسل طاش ما طاش بترويض النفوس التي أنهكتها رثاثة ورتابة وبلادة نصوص القرون الوسطى المكرسة في فقه ظلام الإرهاب والتخلف الذي تتناقله ثقافتنا التعليمية والفقهية جيلا بعد جيل في ذهنية وحياة أبناء الوطن وكأنهما يطالبان مجتمعاتنا العربية برفع ذات الشعار التونسي الذي رفعه الحبيب بورقيبة في الخمسينات في الدعوة إلى »الجهاد الأكبر ضد التخلف« وقد قام على اثر ذلك بإغلاق جامعة الزيتونة لان تعاليمها التقليدية أصبحت بائدة ولم تعد ملائمة لروح العصر..
ومعلوم انه تم إعادة فتح جامعة الزيتونة كجامعة دينية بعد تحديثها وعقلنة برنامجها التعليمي في انفرادية حداثية وغير مسبوقة في العالم الإسلامي: بأخذ تدريس علوم السوسيولوجيا الدينية وتاريخ الأديان المقارن وتدريس كتاب فراس السواح: »مغامرات العقل الأول..
دراسة أسطورية وإعادة هيكلية التربية الدينية وتكريس النصوص التنويرية.. واستبعاد لاهوت أديان القرون الوسطى.. ولا ريب فان التجربة التونسية تجربة رائدة يمكن التأسيس على تجربتها لتصبح منطلقا لتحديث التعليم الديني نحو العصرنة وتجاوز برامج التعليم القروسطية ومناهج الظلام والتخلف.. إن الفن المسرحي أو السينمائي يضع المتلقي أمام ايماءات وإشارات تصدم أحاسيسه ومشاعره دون الأخذ به إلى شواطئ المباشرة في التفاصيل.. وهو ما يوحي به السدحان والقصبي في مسلسل طاش ما طاش الذي راح يتوجد المساعي الإنسانية في ضمير الأمة ويزيل عنها قبح نصوص الظلام والتخلف.. الضاربة جذور ثقافتها القروسطية في مجتمعاتنا الذكورية التي تسوم النساء سوم الإذلال والاضطهاد ولا تقيم وزناً لإنسانيتهن في الحياة..
وفي موقفٍ درامي في طاش ما طاش يعكس معاناة المرأة المكبلة حركة ارادتها الإنسانية برجلٍ مَحْرَم يكون رقيباً على سلوكها وفي حمايتها من الزيغ ورذائل الزلل وفق نص ما يراه فقه الظلام والتخلف كونها ناقصة عقل ودين.. وكان حوار مسلسل طاش ما طاش يدور بين إحدى المعلمات وسائق الحافلة عندما سألته عن مشاعر وأحاسيس زوجته الصماء البكماء.. كان جوابه أن مشاعرها لا تختلف عن مشاعركن فالصم والبكم عاهة اجتماعية تستبد بمشاعر وأحاسيس جميع نساء الوطن لان المرأة لا تطاع ولا احد يستمع إلى رأيها فالأفضل لها أن تكون صماء بكماء.. وعندما زفت إحدى المعلمات إلى زميلاتها بشرى الحصول على سيارة أجرة بمحرم تنقلهن من والى المدرسة..
توهمت إحداهن انه سمح للمرأة بقيادة السيارة.. وهو ما جسّد المعاناة الإنسانية بروح درامية فكاهية انتقادية تجاه لعنة التابو البغيض الذي يفترس كرامة المرأة.. إن الفنانين الثنائيين عبدالله السدحان وناصر القصبي يرمزان إلى مستقبل بهجة نهضة الوطن في ملكتيهما وموهبتيهما الفنية والمسرحية.. وانه من الوطنية بمكان أن تفتح امامهما أبواب الحرية في تكريس مواهبهما الوطنية والإنسانية.. وان يحظيا بعناية خاصة في الحماية والتشجيع ضد قمع وإقصاء وتكفير ملكاتهما الفنية التنويرية... وهو ما نراه ونسمعه من على منابر المساجد ومن دوائر الفتاوى الشرعية التي أبدت قلقها واستياءها واحتجاجها ضد مسلسلات طاش ما طاش في شخصي القصبي والسدحان ولا يمكن فهم موقف أية جهة مسؤولة في الصمت والسكوت على مثل هذه التهديدات العلنية في الإقصاء والتكفير والاستعداء على هدر دماء الآخرين دون أن يواجهوا بدرس عقاب لا ينسوه وهو اقل واجب وطني يمكن اتخاذه في حماية الكلمة والفكرة والإيماءة الفنية والمسرحية التي تنادي بإزالة قبح الظلامية من وجه الوطن.
هناك تعليق واحد:
احب ان اقول بأن مسلسل طاش ما طاش هو من افضل الأعمال الخليجية التي شاهدتهاوكان بودي التعرف على القصبي والسدحان من خلال قرآة الموقع الألكترونى لمسلسل طاش ما طاش ولكن كلما حاولت قرأة الموقع اجد انه قد دمر . صحيح امر عجيب عندما تقرا تعليقات المعتدين على الموقع تظن انهم فى حالة حرب ياأخي المسلسل يقدم انتقادات ذاتية لحالات يعاني منها المجتمع العربي وتعاني منها النساء بالذات والاّ المجتمع العربي مجتمع رجالي وبس ولا يحق لاحد بالكلام عن هذه الممارسات التي تسيء للمراة وتحرمها من اي حق انا كأمرأة عربية اشكر اللآخان القصبي والسدحان واقول بارك الله بكم وارجو لكم النجاح الدائم وحاولوا المحافظة على الموقع الالكتروني لطاش ما طاش لاني صار اكثر من سنةوانا لا استطيع دخول الموقع المهندسة عبير
إرسال تعليق