السبت، أكتوبر 07، 2006

كفى خطابات ومهرجانات..


وليد قاطرجي
إن انخفاض مستوى الخطاب السياسي على الساحة اللبنانية كان منتظرا، ولم يفاجئ به المراقبين، وهؤلاء يتوقعون المزيد من التدني خلال الأيام القادمة، مما ينذر بتدهور الأوضاع على الصعيد السياسي والاجتماعي وربما الأمني، ويتساءل اللبنانيون عن جدوى الحوار الذي استمر أشهر بين جميع الأطراف الذين اقروا وأعلنوا مرارا وتكرارا للرأي العام اللبناني، بأنهم توصلوا إلى اتفاقات مهمة، خاصة بالمواضيع الأساسية المطروحة على المستوى الوطني والمثيرة للجدل منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري وخروج الأجهزة السورية، وتأكيدا لما كان يعلنه هؤلاء. فان إطلالة رئيس مجلس النواب أمام وسائل الإعلام عند انتهاء كل جلسة تؤكد ذلك وبشكل رسمي.

الواضح بأن معظم المتحاورين شاركوا في خداع وإفقار اللبنانيين، وهذا ليس بجديد على من قتل وذبح ونهب ورهن الوطن ومؤسساته عقود، وما يزال إلى يومنا هذا يتنقل من وصي اعتاد زمناً على تقبل أوامره وأهاناته وظلمه، وبين أوصياء كثر همهم الوحيد حماية إسرائيل، وهؤلاء جميعهم لو وجدوا في أماكن بعيدة عن المنطقة العربية لأعدموا الواحد تلو الأخر بأيد مناصريهم قبل أعدائهم وبمباركة دولية واسعة، بينما في بلادنا يزدادون شموخا وتسلطاً وتماديا في خداع من حولهم من الذين لا حول لهم ولا قوة ممن يعيشون على فتات ترمى لهم كالقطط على أعين وسمع العديد من مثقفي هذه المرحلة المنحطة التي يمر فيها الوطن، وبمباركة ودعم وتأييد من الإدارة الأمريكية وحلفاؤها الذين يباركون الديمقراطيات التي تنشأ في أنحاء المعمورة، بينما في بلادنا يباركون وجود اللصوص والمجرمين على رأس طوائفهم، لا بل يمنحونهم الألقاب الرنانة، ويقدمون لهم الدعم اللامحدود للاستمرار في ممارساتهم القذرة تجاه هذا الشعب المنهك منذ عقود.

إن الدعوات والمهرجانات والخطابات من هنا وهناك ما هي إلا جزء من مخطط كبير يهدف إلى تعميق الخلافات بين اللبنانيين وجعلهم منقسمون على أنفسهم أكثر فأكثر لمنعهم من بناء دولتهم المستقلة القوية القادرة على معالجة مشاكلها بنفسها، وإبقائها ضعيفة مرتهنة أثيرة الصراعات الطائفية، التي ستؤدي بها حتماً إلى محميات مهلهلة متقاتلة مشرعة للمتربصين بهذا الوطن، وهؤلاء يسعون بوضوح لتنفيذ مخططاتهم عبر بعض القوى من اجل ضمان أمن إسرائيل، ويبدو بان مختلف الأطراف تسير في هذا الاتجاه عمدا أو جهلا.

من هنا، فان بعض المواقف التي أعلنها قائد المقاومة السيد حسن نصرالله في مهرجان الانتصار الإلهي لا تخدم مصالح البلاد العليا، وهو الذي ارتبط بورقة تفاهم بمحض إرادته مع رجل الدولة الأول في لبنان العماد ميشال عون، والتي تضمنت التزاما صريحا بالعمل على حل جميع القضايا العالقة والمثيرة للجدل على الساحة اللبنانية من خلال الحوار والتعاون مع مختلف القوى.

كما أن كلام الحكيم سمير جعجع الذي لم يتثنى له ممارسة مهنته كطبيب لانشغاله في قيادة ميليشيا القوات اللبنانية التي شاركت بفعالية في هدم مؤسسات الدولة وإسقاطها، فالواضح بأنه يحاول استعادة دوره عبر استنهاض الغرائز الطائفية بمساعدة شركائه المحليين الآنيين التقسيمين من رجال دين وساسة، وبتغطية خارجية ملفتة تظهره وكأنه اللاعب الأساسي على الساحة المسيحية رغم حجمه التمثيلي الضعيف.

أما كلام زعيم المختارة وليد جنبلاط المتكرر. فأنه يندرج في نفس السياق مع ما يخطط له الحكيم، ويبدو أنه يمتلك القدرة على تمرير بعضا من أحلامه القديمة عبر حلفائه المستجدين، أما آخر المتحدثين في هذه الأيام. فهو ذاك الشاب الملقب بزعيم الأغلبية لمجرد انه يقرأ ما يكتب له من قبل مجموعة من المستزلمين الذين يحيطون به ويقال عنهم مستشارين وعلى رأسهم صحافي متمرس أصبح نائباً فيما بعد يجيد تزوير الحقائق وإطلاق الشائعات البغيضة، التي لا تمت إلى تاريخ شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري الذي عرف عنه سعة ورحابة صدره، التي لطالما كانت الدافع القوي الذي يجمع اللبنانيين لما فيه خير الوطن.

الواضح بان أغلب هؤلاء المتحاورين مخادعون لا نية لديهم في بناء الدولة والمؤسسات، بل أنهم يعملون بشراسة على تعزيز وجودهم السلطوي الميليشياوي عبر العديد من العناوين من اجل تمرير مشاريعهم التقسيمية المشبوهة.

ليست هناك تعليقات: