رسالة الى مساعد وزير الداخلية صاحب السمو الملكي محمد بن نايف عبد العزيز آل سعود
صاحب السمو الملكي محمد بن نايف عبد العزيز آل سعود مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية وزارة الداخلية المملكة العربية السعودية صاحب السمو، أكتب إليكم بصدد ما جرى مؤخراً على يد المباحث من احتجازٍ واستجواب بحق الكاتبة السعودية وناشطة حقوق الإنسان المعروفة وجيهة الحويدر.
حيث قام رجال المباحث بمضايقتها واحتجازها في مدينة الخبر يوم 4 أغسطس/آب. ثم عادوا في 20 سبتمبر/أيلول فاحتجزوها ثانيةً في مقر المباحث بالخبر لاستجوابها، وأرغموها على توقيع تعهدٍ بالكف عن نشاطها في مجال حقوق الإنسان. وفي الحالتين، كان ما قامت به المباحث رداً على مطالبة الحويدر السلمية بحقوق المرأة في المملكة. إن مضايقة إحدى المواطنات بهذه الطريقة لمجرد تعبيرها عن رأيها خرقٌ لالتزامات المملكة العربية السعودية بموجب ما يقرره القانون الدولي من احترامٍ لحق حرية التعبير.
وكانت الحويدر قد أبلغت هيومن رايتس ووتش أنها قررت أن تنفذ احتجاجاً في الرابع من أغسطس/آب، الموافق للذكرى السنوية الأولى لتولي الملك عبد الله عرش المملكة، من أجل حقوق المرأة، وذلك بأن تقف في الشارع حاملةً لافتة كُتب عليها "أعطوا المرأة حقوقها".
وفي ذلك اليوم احتجزها لفترةٍ وجيزة رجال مباحث يرتدون الملابس المدنية بعد أن استدعتهم شرطة المرور. وقد أبلغتها المباحث أنها لا توافق على طريقتها في التعبير عن رأيها على الملأ. وفي العشرين من سبتمبر/أيلول، استدعتها المباحث من منزلها واحتجزتها في مقرها بالخبر مدة ست ساعات من أجل استجوابها. وذكرت الحويدر أن المباحث اتهمتها بمحاولة تنظيم مظاهرة غير قانونية.
وأكدت الحويدر لـ هيومن رايتس ووتش أنها كانت تعتزم فعلاً القيام باحتجاجٍ سلمي بصحبة مجموعةٍ من النساء في اليوم الوطني للمملكة الموافق 23 سبتمبر/أيلول، لكن نساء المجموعة أقلعن عن الفكرة خوفاً من انتقام عائلاتهن أو الحكومة منهن بسبب قيامهن باحتجاجٍ علني.
وكما تعرفون سموكم، فإن الحويدر عضوٌ في مجموعة "حقوق الإنسان أولاً" في المملكة العربية السعودية، وهي منظمة رفضت الحكومة الترخيص لها. وأثناء الاستجواب طلب رجال المباحث من الحويدر تقديم إجاباتٍ خطية على أسئلةٍ معدةٍ مسبقاً تتصل بكتاباتها على الإنترنت وبما تقوم به من نشاطات حقوق الإنسان. ومن أجل إخلاء سبيلها طلبوا منها توقيع تعهد بعدم المشاركة في أيّ نشاطٍ لحقوق الإنسان في المستقبل، بما في ذلك كتابة المقالات وتنظيم الاحتجاجات والتحدث إلى الصحفيين أو إلى المنظمات الأجنبية.
ولم يسلموها نسخةً عن هذا التعهد. كما هددتها المباحث أيضاً بفقدان عملها في شركة أرامكو إذا خرقت تعهدها. وعندما حاولت الحويدر، التي تعيش في البحرين مع ابنها البالغ 14 عاماً، أن تعود إلى البحرين عقب إطلاق سراحها أبلغها عناصر الحدود أن اسمها واردٌ في قائمة الممنوعين من السفر ولم يسمحوا لها بمغادرة المملكة. إلا أن من الواضح أن منع السفر ألغي يوم 28 سبتمبر/أيلول، وسُمح لها بالعودة إلى البحرين. ويساور هيومن رايتس ووتش قلق جديً بسبب الانتقاص من حق الحويدر في الاحتجاج السلمي، إضافةً إلى ما لحق بها من مضايقاتٍ غير قانونية واعتقالٍ تعسفي من جانب الشرطة السعودية.
إن ما تقوم به الشرطة السعودية ينتهك الحقوق المضمونة دولياً في حرية التعبير والتجمع السلمي. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يضمن لكل شخص حرية اعتناق ما يريد من آراء دون تدخل، وكذلك حرية البحث عن المعلومات والأفكار وتلقيها ومشاركتها مع الآخرين. ولكل شخص الحق في التعبير عن آرائه بحرية وفي التجمع والتنظيم السلميين. وكانت الحويدر عند اعتقالها تمارس على نحوٍ سلمي حقها في حرية التجمع والتعبير للاحتجاج من أجل حقوق المرأة. وبصرف النظر عن احتجاز الحويدر تعسفاً، وهو ما نناقشه لاحقاً، فقد تصرفت السلطات السعودية على نحوٍ غير صائب وخرجت عن صلاحياتها القانونية عند إصرارها على أن تكف الحويدر عن نشاطها في مجال حقوق الإنسان، وعندما أجبرتها على توقيع تعهدٍ بهذا المعنى.
كما خرجت السلطات عن صلاحياتها أيضاً عندما هددتها بخسارة وظيفتها. ويجدر بالذكر أن التمييز الشديد ضد النساء متواصلٌ في السعودية، في تناقضٍ صارخ مع ما تقضي به الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي انضمت إليها المملكة في 7 سبتمبر/أيلول 2000. فالتمييز موجودٌ على سبيل المثال في الوظائف العامة والخاصة، وفي قدرة المرأة على السفر، وحريتها في اتخاذ القرارات دون موافقةٍ من أولياء أمرها الذكور (زوجها عادةً، أو والدها، أو شقيقها).
وقد منعت الحكومة السعودية النساء أيضاً من الترشيح والتصويت في الانتخابات البلدية لعام 2005. وفضلاً عن ذلك، فإن ما تقوم به المباحث يخرق كلاً من المعايير السعودية والدولية التي تحظر الاعتقال التعسفي. وتنص المادة 2 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه "لا يجوز اعتقال أي شخص أو تفتيشه أو احتجازه أو حبسه إلا في الحالات التي ينص عليها القانون".
وتنص المادة 16 على أنه "يجب إبلاغ كل من يعتقل أو يحتجز بأسباب اعتقاله أو احتجازه على وجه السرعة". وليس من الجائز أبداً أن يستخدم النشاط السلمي في مجال حقوق الإنسان كمبررٍ للاعتقال. كما أن مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة والخاصة بالاحتجاز التعسفي أدرجت ضمن تعريفها للاعتقال التعسفي الحالات التي يكون فيها "التجريد من الحرية ناجماً عن ممارسة الحقوق والحريات التي تكفلها موادٌ [بعينها من] الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، مثل حرية التفكير والتعبير.
وندعوكم بصفتكم مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية إلى اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الخروقات الخطيرة التالية لكلٍّ من القانونين السعودي والدولي من قبل رجال المباحث التابعين لكم: أولاً، على أفراد المباحث وغيرهم من الموظفين الحكوميين أن يكفوا فوراً عن مضايقة وجيهة الحويدر، وأن يعتبروا جميع التعهدات الخاصة بنشاطاتها في المستقبل والتي يمكن أن تكون قدمتها أثناء احتجازها لاغيةً وباطلة، ويضمنوا حقها في السفر بحرية. ونهيب بكم إصدار أمر إلى الموظفين المعنيين بأن يتخذوا الخطوات اللازمة لذلك، مع تزويد الحويدر بنسخةٍ عن هذه التعليمات لتمكينها من الدفاع عن نفسها إذا تعرضت إلى انتهاكاتٍ مماثلة في المستقبل.
كما ندعوكم إلى التحقيق في حالات سوء تصرف الموظفين بما في ذلك تهديد الحويدر بخسارة وظيفتها، وإلى اتخاذ تدابير تأديبية عند الحاجة بحق أفراد المباحث المعنيين، وإلى تقديم نتائج هذه التحقيقات إلى القضاء إذا اقتضى الأمر. ثانياً، على المباحث أن تكف فوراً عن مضايقة ناشطي حقوق الإنسان. وندعوكم إلى توجيه أمر علني بهذا المعنى إلى المباحث. فلا يجوز أبداً السماح بالاعتقال والاحتجاز استناداً إلى كلامٍ يستبعد أن يثير عنفاً وشيكاً؛ ولا يحق أبداً لموظفي الحكومة مطالبة المواطنين بالتنازل عن حقوقهم في الكلام والاحتجاج كثمنٍ لإخلاء سبيلهم.
وعلى الحكومة أن تسمح لناشطي حقوق الإنسان المستقلين ومنظماتهم بمراقبة تطورات وضع حقوق الإنسان في المملكة وبالدعوة إلى التغييرات الملائمة في سياسات الحكومة. ويجب أن يتمكن هؤلاء من ممارسة هذه النشاطات بحريةٍ وهم موقنون بأن الشرطة لن تضايقهم أو تهددهم أو تخوفهم أو تسجنهم. ومن المؤكد أن عمل المباحث يقوم بدورٍ هام في حماية أمن وسلامة شعب المملكة العربية السعودية.
وكلنا أملٌ في أن تتمكنوا أيضاً من العمل على عدم قيام المباحث بتهديد حريات هذا الشعب وحقوقه المعترف بها دولياً.
مع خالص الاحترام
سارة ليا ويتسن
مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
هيومن رايتس ووتش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق