السبت، أغسطس 19، 2006

حوار مع الشاعرالشيلي لويس أرياس مانثو




أتواصل يوميّا مع شعراء لبنان وفلسطين والعراق
وما حدث في الشرق الأوسط كان فظيعا


أجراه جرمان لوباث فيلاسكاث
عربه عن الإسبانية يوسف رزوقة


أجرت مجلة "مافيستو كولومبيا هذه الأيام حوارا مع الشاعر الشيلي لويس أرياس مانثو ، مؤسس حركة شعراء العالم وأمينها العام وقد تناول الحوار بالمناسبة وإلى جانب المشاغل الأدبية، موقفه كمثقف من أمريكا اللاتينية من الحرب الدائرة في الشرق الأوسط ومن الاعتداء الإسرائيلي السافر على لبنان


لعلّ نقطة قوّة الشّاعر،و بالنّظر إلى دوره الوظيفيّ، تكمن في اختراقه الدّائم للحدود؟ سأله جرمان لوباث فالسكاث

ألياس مانثو :لا أدري إن كانت كذلك أم لا،فقط أقول إنها متناغمة مع تطلّعاته فالشاعر كائن استثنائيّ، له هبة تشكيل الكلمات فائقة الجمال ،كلمات تتجاوز المعنى الظاهر والسّافر بل وحده الشّاعر يكسو هذا المعنى بما يجعله قويّا،مشهديّا وجميلا
ولعلّ الضرورة تقتضي من الإنسان في عصرنا هذا أن يقول بالتّواصل مع الآخر عبر الحوار أمّا قرقعة المدافع فتحول دون هذا وبالتالي فنحن في حاجة أكيدة إلى صوت يهيمن على صليل الأسلحة والشاعر يعي هذا
إننا نعيش سياقا يشي بنهاية مرحلة الانحطاط وبانبعاث مرحلة جديدة يتموقع الشّاعر فيها ليلعب دورا فاعلا فالشّاعر لا ينبغي أن يظلّ متذيّلا بل عليه أن يذهب رأسا إلى الصّفّ الأماميّ فإذا امتنع فلأنّه ليس بشاعر حقيقيّ
إنّ هدفنا الّذي نصبو إليه هو أن نجمع الشّعراء من عموم أنحاء العالم حول حركتنا حتّى تصبح قوّة لافتة على أرض الواقع، تسهم بما لديها من ثقل في تحقيق توازن ما بكوكبنا هذا،بما من شأنه أن يحدث التّناغم مع الإنسان في مشروعه المستقبليّ وتحصينه ضدّ واقعه الرّديء

ج ل ف:هذا الحلف الشعريّ ، كيف تأسّس وهل استغرق وقتا كي يتبلور في هذه الصيغة من شعراء العالم؟
لقد صرحت مؤخّرا: أن شعراء العالم كحركة تجاوزت كلّ توقّعاتي إلى حدّ لم أتخيّله وذا ما حدا بي إلى تخصيص كلّ وقتي لهذا المشروع الذي يصبو إلى التّحقق كقوّة فاعلة في توازنات هذه الخارطة؟


أرياس مانثو :منذ سنوات خامرتني الفكرة لكنّها لم تتجسّد إلاّ في أكتوبر 2005 حيث أعلنت عن انطلاق هذه الحركة حركة شعراء العالم . كان ذلك بالضبط في 14 أكتوبر في الدّورة الحادية عشرة من مهرجان أمريكا اللاّتينيّة للشّعر في مدينة فالباريسو ، كنت السّاهر على هذه التّظاهرة ممّا زيّن لي طريق المغامرة على أنّها ليست حمقاء أو مستحيلة
تلاها " المانيفستو الكونيّ لشعراء العالم" الّذي رأى النّور، نهاية تلك السنة
لقد كان هدفي الأساس أن ينضمّ إلينا ، نهاية 2006، أربعمائة شاعر على الأقلّ ونحن الآن زهاء 1500 شاعر وقد ترجم "المانيفستو" إلى اثنتي عشرة لغة باعتبار العربية والعبرية
وإزاء هذا النّجاح، لا أملك إلاّ أن أتطلّع إلى المستقبل ، بمنتهى التفاؤل والثّقة.


ج ل ف : إذن وبالاحتكام إلى هذا السّياق، أيّ دور وظيفيّ و/أو ديبلوماسيّ يمكن أن يلعبه شعراء العالم إزاء لاإنسانيّة الوجود المجتمعيّ؟

أرياس مانثو :ما يهمّنا أوّلا أن نبلغ الهدف الأساس :التّحقّق كقوّة فاعلة وقادرة على التّأثير في المحيط العالميّ .يمكن القول إنّا نطمح إلى تفعيل نفوذ الكلمة على امتداد الخارطة ولعلّه من هنا ، سوّغنا فكرة تعيين شعراء سفراء ممثّلين لبلدانهم .
ومن ثمّة يكون لصوتنا صداه مخترقا بلاطات النفوذ الباردة ليطال أيضا الشارع ،حيت يتموقع الشّاعر.
علينا أن نكون فاعلين وقادرين على فرض صوتنا من أجل مجتمعنا في محاولة للنّهوض به ممّا هو فيم من تخبّط وانحطاط ويبدو أنّا مازلنا بمنأى عن هذه الخطوة التي تبدو بدورها مثاليّة لدى الكثيرين منّا ولكنّا سنراهن على ذلك.

ج ل ف:ما هي الرسالة المثلى لمبدع حداثيّ، ما؟

أرياس مانثو: أن ينخرط في صلب المجتمع ففي ذلك تغذية لروحه ونبذ للأنا .
إنّ أيّ موقع يتكوّن فيه المبدع هو ضرب من النّضال في الوقت الذي تشهد فيه كلّ الأطراف انحطاطا ما..
لقد خاب السّاسة بل هم جرفونا إلى هذه الحال القياميّة التي نحن فيها
يبدو أن تغييرا جذريّا لإعادة هيكلة العالم ضروريّ هو اليوم وفي هذه الحال
بمعنى آخر،يبدو أنّنا نعيش في حدود ما هو مسموح به ، على وشك اندلاع ثورة كونيّة حيث سيكون فيها للمبدع الحداثيّ دور حاسم.
لدى ماركس ، رأينا بوضوح كيف رسم خطا بيانيّا لتحليل المجتمع والسبل الكفيلة بالنهوض به وقد تمّ تنميطنا بناء على ذلك ، على امتداد القرن العشرين وهو منهج ما زال قابلا للتأويل ولكننا الآن نحن في أمسّ الحاجة إلى أكثر من هذا على خلفية أننا كلنا في ذات الشرنقة إزاء شموليّة هذا التّردي وعلى خلفية أن الإنسان قد انحسر دوره بصورة ملحوظة ككائن رئيس في المجتمع ليصبح الآن في مرتبة ثانية ولم يعد يهمّه إلاّ الغنم والمنفعة والأعمال وانعكاسها الإيجابي عليه وبالتالي فكل شيء بات ينتظمه هذا المنطق المصلحيّ وليس منطق الأهمّيّة وما منطق الأهمّيّة سوى المرآة العاكسة لقيمة التضحية والتي هي في نهاية المطاف منذورة وينبغي أن تكون كذلك دائما لخدمة الإنسان وسعادته وليس لتحقيق مردودية ما ، له ونحن ننسى أو نتناسى الهدف الذي من أجله نحن وجدنا وللمبدع أن يقوم بتذكيرنا وتوعيتنا بوخز روحنا النائمة.

ج ل ف :كشاعر ، ما هو موقفك من واقع الاستبداد والتحكم في فضاءات الحرب كما هو الحال في الشرق الأوسط؟

أرياس مانثو : في البدء ، كانت الحرب...منذ العصور الحالكة ، مع تنامي وعي الإنسان بكينونته، ونحن نتصارع مع بعضنا ولكن المعضلة اليوم أن طموح الإنسان بات محكوما بحصوله على أسلحة قادرة على إبادة الحياة من على هذا الكوكب في سويعات قليلة.
ما نراه في الشرق الأوسط هو مرحلة من مشروع "امبراطوريّة" ما، طموح جدا ومشؤوم يهدف إلى الاستحواذ على الموارد الطبيعية لهذه المنطقة .
كشاعر،أي ككائن يتفاعل مع الأشياء،لا يفوتني أن أشهد مدى فظاعة ما يجري : آلام رهيبة حيال كمّ هائل من الشراسة والذعر والكراهية .
لقد تسنى لي بحكم صفتي في "شعراء العالم" تواصل يوميّ مع شعراء يعيشون في لبنان وفي فلسطين وكذلك مع شعراء من العراق وهم كلهم أعضاء في هذه الحركة ، وكم كان حزينا ورهيبا أن تعلم ، من خلال شهاداتهم، مدى ما يعانون.
كما أن الأمر رهيب و منعش في آن : أن تتلقّى شهادات أو بريدا من شعراء يهود ، يعيشون في إسرائيل ولكنهم مناهضون لكل اعتداء صهيوني وامبريالي وهم يؤخذون بجريرة موقفهم هذا لسوء فهم أهل الذكر منهم،لهم .
هؤلاء الشعراء اليهود يردمون الفجوة الواسعة باعتبارهم مناضلين مستنيرين في عالم مدلهمّ وإني أخصّ بالإكبار اثنين منهم هما أرنستو كاهان و أندرس ألدوا

ج ل ف : ما القصيدة ، شاعرنا لويس أرياس مانثو؟

أرياس مانثو :هي عندي الأداة الأقصر للتعبير عن شيء ما كبير.وهي الشكل الأمثل لنقول بسرعة شيئا ما ، يحفّ بإحساس هائل يعتمل في الأعماق ليعكس ما بالروح
القصيدة لغة مذهلة تنبجس بمنتهى غموضها من النبع الذي لا يني يغذي وجدان الكائن و حياته وهذا ما نسميه إلهاما وهي أيضا شكل تواصليّ بين ما هو أرضيّ وما هو صوت عظيم هو صوت ما بين الحنايا
يمكن أن تكون للقصيدة سلطة كبيرة ، يمكن بموجبها لو أنها سخّرت لما هو بناء، أن تتحوّل إلى سلاح قويّ لمجابهة الرؤى السوداوية لهؤلا ء المجانبن الذين يتحكّمون في مصائرنا
ولعل هذا ما يدعو إليه مشروعنا الطموح : إرساء جيش من المناضلين،سلاحهم الكلمة التي تسعى في الأرض كأنّها شلاّل من المقاومة نحو كلّ من يقتل الحياة ومباهجها.
أنا واع بمدى خطورة هذا المشروع ولكن لنا الكثير وهناك شيء ما إلى جانب ألفي سنة.
تحضرنا أزمنة امبراطورية رومانية عندما دخل شابّ القدس وهو يلهج بالحب والسلام وكان سلاحه الكلمة وكلنا ندري كيف انتهت مغامرته .
ولذلك لا نعجب أن نتهم في وقت ما ن ومن كل الأطراف ، بأننا إرهابيون فكريا ولكنها تلك ضريبة هذا النضال، أيضا.

ليست هناك تعليقات: