الاثنين، أغسطس 07، 2006

رباه رحماك وإرأف بشعبك الوادع


بقلم الأب/سيمون عسَّاف
لست في مجال عرض يتناول السياسيين في لبنان وإنما في صدد الكلام عن الحرب وما بعدها التي يكون طويل الروح الناجي من أوزارها.
ماذا عن وضع الحزازات والنعرات التناحرية بين السنة والشيعة الذين باتا على طرفي نقيض والتباين ملحوظ للعين المجردة؟
لا اذكيها ها فتنة معاذ الله ولكن قياسا لِما يجري في العراق دليل على ويل الساحة المرعب وبرهان على هول الساعة المخزي.
إن الباب مفتوح على أسوأ الاحتمالات بين أبناء لبنان المُصاب.
من منطلق إيماني بمسيح مخلص حنون أدعو إلى وقف النار والدمار ونشرا لأمان والسلام في الشرق الأوسط وفي العالم الواسع. ولكني كإنسان معني بأهل وثقافة مشرقية أتساءل ماذا يقول الضمير للسماء عن حريق أطفال طهر أبرياء وخراب بيوت أناس عزَّل وسقوط ضحايا ذنبها إنها موجودة في ميادين النزاع؟
إن الحرب قذرة ومجرمة بحق الإنسان بصرف النظر عمن هو المسؤول.
شخصياً لست لا مع إسرائيل ولا مع حزب الله من حيث منطق القتل الجزار ولعبة الموت البشعة. صحيح أن الصغار غالباً ما يكونوا وقوداً تلتهمها مصالح الكبار.
ترى لو كان هناك مكان لقراءة كتب الرب الناهية عن الشر والمنكر ولو كان هناك رجوع إلى التأمل بمصير البشرية التي تتمخض لولادات حضارية تنتج مجتمعات راقية، أكان لشلال الدم المأساوي هذا أن يسقي أرض الأحياء ويقيتها من لحم الآدميين؟
ليت شُرعة حقوق الإنسان من خلال الوجدان الدولي فكرت برسالتها التي من اجلها وُجِدت فصدَّرت القمح بثمن الأسلحة وبعثت بمعلمين للهدي والإشعاع عوض أن تسكت على تدريب مقاتلين يجيدون فن القتل والإعدام.
هل أمر الله باختراع آلات مبيدة لا تُبقي حيث تحل على أثر كائن حيّ؟
لماذا الغلبة دائما لقوى الثأر والانتقام وما معنى التسامح والمغفرة وأين استيعاب الأضعف من جانب الأقوى؟
أسئلة ترسم استفهامنا حول ما يجري في وطن الحب والحسن والحرف والجمال.
كيف ومتى مرة من دون المِرار سيلوح الزيتون ويبسم الغار في معاقل أرز جباله والأودية مقادس ومعابد؟
غريب لبنان في تكوينه وفي موقعه وفي شعبه، انه منذ عرف الله حتى اللحظة لم يطمئن أو يرسو على حال لا بل محسود منكود مجلود.
تتوالى الغزوات جحافل وتتعاقب الطغاة قوافل ويطمع الفاتحون مواكب ثم ينكفيء كل العابرين تاركين خلفهم نفايا أشباح وبقايا ذكريات تشير إلى البربرية التي تقشعر منها الأبدان وتنفر منها الآذان وتستسمجها الأذهان.
نعم يخجل التاريخ مما سطر عن ماضٍ فجيع وحاضر وجيع ومستقبل نجيع في بلد تتعايش فيه اثنيات قذفها التناتش والظُلم والجَوْر فاستمرت من دون أن تستقر.
إثنيات فرزتها معارك الدين وصراع السياسة واستبداد الحاكمين فنزلت رقعة الأمان لترتع تحت ظل رواد أحرار عقيدة وقواد عقيدة حرية هم أجداد لنا ميامين نحتوا الصخور وطحنوا ترابها ليزرعوه ويعتاشوا بعرق الجبين ودم العصب.
ولولا حضور الجدود لما كان لبنان ولولا لبنان لما كانت هذه الاثنيات لتستظل فيه السديم وتفترش فيه الاديم.
واليوم نحن على مفترق وتقاطع ومنعطف والنيران ترمد معالم المدنية والعمران وتحصد الأرزاق والأعناق فنتكبد الخسائر الجسيمة إضافة إلى المشقات والمعاناة حتى لبنان ككيان أصبح في دائرة خطرا لفناء أو البقاء.
ِذا يجب يغيير السلوك عند الأفراد والمجتمعات والتعاطي بأسلوب عصري لا تسخر من مضامينه أجيالنا.
ما كان لبنان هذا الوطن الصغير ولا آونة وطن حرب بل وطن سلام وكان جنة فحولوه جهنماً.
قناعة من يقيني أناشد الأسرة الدولية وذوي الإرادات الطيبة والنيات الحسنة مسترحماً مستصرخاً كل مؤمن بعدالة السماء وبالدينونة وبالآخرة بذل أقصى المساعي للوصول إلى رفع رايات الحب والاحترام ونبذ الأحقاد والتباغض وإعادة السلام إلى وطن السلام.
رباه رحماك إرأف بشعبك الوادع وقُد إلى القيامة والخلاص لبنان الحبيب المفتدى وندِّ على أرواح الراحلين شآبيب النعم واسكب آلاء البركات فأنت وحدك للمستغيث السميع المجيب .

ليست هناك تعليقات: