الأحد، يناير 04، 2009

لو كان لي



جمانة حداد
النهار

لو كان لي القمر والزيتون، القدس وغزة والجليل، لو كان لي الشمس والبحر وتلاميذ عيسى المسيح، لو كان لي المسجد الأقصى وكنيسة المهد، لأسريتُ تحت جنح الأعجوبة لأشقّ بحر الدم، بعصا كالتي في يد النبيّ، وأُوقف هذا القتل.
لو كان لي شعر محمود درويش لقلت لهؤلاء "عابرون في كلام عابر".
لو كان لي أن أقرع الأجراس، لقرعتُ جرس القيامة لينهض قبر الضمير من قبره.
لو كان لي الزيت، زيتُ جبل الزيتون تحديداً، لجعلتُ هذا الزيت ينطق عنّي بالنور الذي يضيء ليل القنديل، ولمسحتُ به ما يجب أن يُمسَح ليكون شفاءٌ كالذي يشفى به الأعمى من عمائه.
لو كان لي أن أترأس جيشاً لترأستُ هذا الجيش وذهبتُ به الى بحر غزة ليردم بحر الدم ببحره ويشلّ يد القتل ويغرّب شمس المأساة وقمرها وباقي كواكبها.
لو كان لي شعر محمود درويش، عصا موسى، وكبش ابرهيم الخليل، لافتديتكَ أيها الشعب بالكبش، بالعصا، وبالشعر الذي يأمر بشعر المعجزات.
أيها الدم، أيها الجائع الى ذاتك، أيها القاتلون، أيها العالم، أيتها الأرض المجنونة بالأحمر القاني، أوقِفوا فيلم الرؤيا.
لو كان لي أن أكون "كليمةً" لكلّمتكَ يا ربّ. ولسألتكَ، أيها العارف، أن تُرفَع يدُ السكّين عن العنق. أن لا يموت الأطفال، ولا النساء الأمهات العذارى، ولا الشيوخ، ولا الفتية الأغرار. ولسألتك أن تكون الأرض لأهلها، أن يكون العرس لأهله، وأن يسكت عرس الدم.
ولو كان لي أن أسألكَ أيضاً وأيضاً أيها العارف، لسألتكَ أن تصفع العالم على خدّه.
بل يحتاج هذا العالم الهمجي الى أكثر من صفع. الى أكثر، بمرائيه وتجّاره وباعة ضميره.
ولو كان لي أن أفعل أكثر يا ربّ لفعلتُ. لناديتكَ أكثر وأعمق. أكثر وأعمق يا ربّ. لتكون لنا أعجوبةٌ واحدة ترفع الموت عنا. هنا في لبنان. وفي غزة الآن خصوصاً، وفي سائر فلسطين.
joumana.haddad@annahar.com.lb


ليست هناك تعليقات: