الأربعاء، يناير 09، 2008

لوجه الله، مزيدا من الهجرة


نجوى عبد البر

مساؤكم خير.. هكذا أبدأ حديثى معكم، وما أحسن أن نبدأ عامنا الهجرى ومن قبله كان الميلادى الجديد بأمنية الخير للجميع ، ما أجمل أن نؤمن جميعا ً بأننا نولد ونتواجد فى الدنيا أبرياء لا حول لنا ولا قوة ، لا نملك من أمرنا شيئاً، لا نملك المال ولا الجاه ، ولكن نملك إنسانيتنا، والتى تتشكل وتتلون وتتحور حسب غابات الحياة التى نجتازها.
قد تلد الأرحام ما قد يكون بعد ذلك صالحا أو طالحا ، مسامحا ، كريما أو خلاف ذلك ، الناس فى الدنيا يمشون فى طريقين لا يلتقيان أبدا ً ، طريق الخير وطريق الشر ، طريق الاستقامة أو طريق الندامة ، و ما تلد أرحام النساء إلا الابرياء و من ثم يشكلون أنفسهم بعد ذلك وفقا لما يرونه مناسبا ً لهم ولمصالحهم.
من ظن بالدنيا الخير وإنها المفاز فهو خاطىء ، وعليه أن ينتبه وليعلم أن الفرار إلى الله والهجرة إليه ليست ببعيدة عنه ولا صعبة المنال ، ما زال أمامه طريق العودة مفتوحا ً على مصراعيه ، والله غفور رحيم ، ومن أيقن أنها دار البوار فقد فاز بالدارين ، وهو من الاتقياء والاصفياء ، وكما أن الله يرزق من يشاء بغير حساب ويؤتى الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء ، فهو أيضا ً يهدى لنوره من يشاء.
فكروا فى نشر الخير الصفاء بينكم ، صلوا أرحامكم، تصدقوا بالكلمة الطيبة وتخلصوا من اللفظ الجارح ، حاولوا الخروج من دائرة الآنا والتناثر والذوبان فى الآخر ، حاولوا بث روح الفريق الواحد وإنبذوا الخلافات والأفكار التى تزيد حطب الفتن إشتعالا ً، سخروا أقلامكم فى نشر الفكر الراقى والموعظة الحسنة ، إغزلوا الحياة بالحب والمودة، علموا غيركم كيف يكون الجدال والحوار بالحسنى دون عصبية أو إفتراء أو تصفية حسابات ، حاولوا بأقلامكم وفكركم مداوة جروح الآخرين ، وبحبركم بناء صروح تفيد البشرية وترتقى بها، سطروا الآمان للناس وإنبذوا الفتن ، فليكن القلم فى إيديكم مرققا لدمع الآخرين ومسريا ً عنهم الهم وشظف العيش ودواءا لمن حزن قلبه وثقل همه وقل فرحه، بمدادكم إكشفوا الزيف ، وفرجوا الهم ، وإسعدوا الانسان ، كونوا له القدوة الحسنة ،وبلسم الجروح ، سرابيل تقيه الحر وتورده الظل فى يوم حرور ، كونوا دعاة للتفاؤل ، انشروا الحلم وحسن الخلق ، خلدوا أنفسكم بأقلامكم وأفكاركم وإنقشوا أسمائكم من نور بين ثنايا وأروقة التاريخ. فمهما عمرت الدنيا ومهما كان لك من الحياة فأنت مفارق ، مفارق لا جدال فى ذلك ، فقد جعل ربك لكل كائن كان على وجه الارض أجلا ،ولكلٍ كتابه يومئذ.
الهجرة بمعناها العميق ليست مجرد هجرة أرض وأهل ووطن ، ولكن هى فى القلب والنفس أعمق من ذلك ، فهى بمثابة حد السيف الفاصل من هجرة الباطل وزيف الوجود والمعانى وظلام الفكر إلى نور الحق واليقين ،من خراب النفوس إلى عمار القلوب ،إنه بلوغ الرشد والعقل فى كل شىء ،وقد تكون بلورة لمفهوم أكون أو لا أكون ، أكون الخير أو لا أكون ،قد يكون الباطل مذاقه حلوا ً لكن نهايته العلقم ، فلنحسن الهجرة من الباطل الى الحق فى شتى دروبنا آيا كانت على المستوى الشخصى أو العام.
أعتقد أنه مهما تحبرت الاقلام وتبارت الأفكار لتبين وتسطر عن الهجرة ونفحاتها ومنافعها ، سنظل إن لم نكن جميعا ً كمن يحرث الماء ،لكثرة ما بها من درر المعانى وما فيها من منابع الإلهام العديدة الغزيرة والتى لا تنضب أبداً.فى الهجرة نجد معنى الصداقة الحقيقية والصحبة الخيرة النزيهة ، والتى تخلو من النفاق والرياء الذى يحيط بنا اليوم من كل جانب ، ونجد معنى الايمان بالله واليقين التام بقدر الله بعد الأخذ بالاسباب، والتوكل عليه إن أنقطعت بالمرء الاسباب، أيضا تمدنا باهمية التربية الدينية المقترنة بالحث على الشجاعة والإقدام، وأن أبناءنا ما هم إلا بذورنا ، وأينما غرسناها وكيفما أوليناها العناية سيكون مردود هذه النبتة علينا وعلى شبابنا ، مستقبل هذه الامة ، أمة كان منها يوما الصبى الشجاع على بن إبى طالب ، وكم أتمنى أن تجود بمثله مرة ثانية فكم نحن بحاجة إلى شباب هم الامام على بن أبى طالب رضى الله عنه.
ايضا على سبيل المثال لا الحصر الهجرة فى مضمونها تلخص مضمون هذا الحديث الشريف 0(عن أبي العباس عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال لي يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك إن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي.
فى نهاية حديثى كما كانت البداية بالخير أختمها لكم بالخير عيد هجرى جديد سعيد وحلم سعيد , أن نكون أبناء لآدم وحواء لا يفرقنا عرق او دين فلكم دينكم ولى دين !!
عام هجرى جديد وأمل ليس ببعيد ولا صعب المنال ولا تحقيقه محال, أن تكون أخوتنا في الوطن فى الحياة فالدين لله والوطن للجميع , وأخوتنا في السعادة والألم السراء والضراء!!
عيد هجرى جديد , وحياة لا تعرف التمييز بسبب الدين والمعتقد والجنس والنوع واللون والعرق , فكلنا مصائرنا بيد الله الواحد الاحد وليست بيد أحد من أبناء آدم وحواء !!
عام هجرى جديد ومستقبل أفقه الإنسانية وشمسه العدل وزاده التسامح وليله منجلى ان شاء الله , وأمنيات بقبول الانسان للإنسان مجرداً من كل الصفات إلا من صفة الإنسان ، دعواتى لكم بمزيد من السعادة والتألق والخير. وصباحكم الشهد وعامكم السعادة

ليست هناك تعليقات: