الخميس، يناير 17، 2008

ذبيح الفتح

د. نوري الوائلي

يا صاحبي صارَ سكبُ الدمع تلحيني = وضيقُ صدري مع الآهات تلويني
يا صاحبي ما بقى للعين من وجعي = بعضُ الدموع ولا نامت فترويني
الأفق بؤسٌ وقلبُ الكون منكسرٌ = والبحرُ نارٌ بحزن الماء والطين
الصخرُ والقللُ الصمّاء هاوية = والكائناتُ كحبّ في طواحين
الحزنُ أسمى من الأقلام توصفه = والعسرُ جمٌ فلم يجمعْ بتدوين
هذا ليوم بكت افلاكنا عجبا = واحمرت الأرضُ من نحر القرابين
يومٌ به ذبحت للمصطفى مهج = وأنهزت الزهراءُ من فعل الشياطين
يومٌ جيادُ شرار الخلق واطئة = صدرَ الحفيد وغصنا من رياحين
يومٌ وحقك يُسقي الخلقَ في كرم = عذبَ الينابيع من خلق ومن دين
الظلمُ منه مع التمكين منهزمٌ = والجرحُ صوتٌ علا صوتَ السكاكين
هم علية بزغت بالنور فالقة = عتمَ الظلام كفجر في بساتين
قادوا بعزّ جيادَ الموت تصحبهم = كالعرس أبوابُ فتح للمجيبين
هدوا المظالم والتيجان واقتطعوا = رأسَ النفاق وخدامَ الفراعين
جمعٌ يضمُ من الأصحاب خيرتهم = من أهل بدر ومن فتح وصفين
لم يبقوا للجور ليلا يرتوي نغما = أو يقضي العمرَ في الديباج والعين
ماذا أقول وهل في القول من وسع = في وصف كرب على ذبح الميامين
حزنٌ يخففه الأيمان أنّهمو = بالنصر فازوا وفازوا بالموازين
أبكى الرسولَ حسينٌ قبل مصرعه = فالحزن من سنن المبعوث ياسين
العينُ تدمعُ يا سبطَ الرسول فلا = عيني تجفُ ولا حزني يواسيني
ما ذنب جثته بالرمل عارية = من دون قبر وحال كالمباحين
هبّتْ بسنـّته الأحزانُ تعصرني= والحزنُ فرضٌ على صدق المحبين
يا كربلاءُ اليك الشوق يورقني = والبعدُ عنك سقاني ماءَ غسلين
فيك الشهيدُ وفيك البدرُ منتصبا = كالنار تعلو بجمر من براكين
فيك القبابُ لها في الأفق سارية = تحي الزمانَ بأنوار المناجين
يا كربلاءُ خذيني من لضى ألمي = فالقلبُ ينزفُ من لهب الشرايين
ياكربلاءُ اليك الخلقُ لاهفة = من تؤمين هما سينٌ اخو الشين
في كل عصر بك الأحرارُ اقتبسوا = صدقَ العزائم في رفض الطواعين
أرض وحقك للدنيا منارتها = للتائهين ملاذا دون تلقين
اسألْ لمن شأتَ من بدو ومن عجم = عن كربلاءَ وعن قتل لميمون
الكلُ يعرف إن السبط مأذنة = والقاتلونَ لهم سوءُ العناوين
يا صاحبَ الفتح قد أشرقت في زمن = فيه النفاقُ بنا حكمَ السلاطين
قد قدّت وثبا الى الأصلاح غايته = كالسيف تحمله أيدي المهابين
يأتي اليك على السيقان في ولع = من كل فج وفودٌ من ملايين
مالي بقبر كأن الشمس طلعته = يحوي الحياة ويحوي خيرَ مدفون
قبران شمسٌ وبدرٌ كان نورهما = بالحشد ضموا برغم من زنازين
يا قبة المجد والأصلاح خالدة = طولَ الدهور بنهج للموالين
منك الشموخُ الى الدنيا يوجهها = فكر وسيف على صدر المرابين
تحت القباب عيون من دم وهج = يروي الحياة ويهدي من قرائين
هذا القتيل يعيش الخلد منتصرا = والقاتلونَ ضياع رغم تمكين
هذا القتيلُ قلوبُ الخلق مسكنه = والقاتلون تراب في درابين
ما كنت تخرج للأصلاح في كفن = لولا الفساد ولولا سطو مفتون
فتحا بدأت فيا مرحى لمن تبعوا = صوت النداء وصاروا من منادين
تمشي وروحك للأيتام حاضنة = هذا ذبيح وهذي أم مطعون
من بعد ما قتل الأحباب في عطش = واحمرت الأرض من قتلى الميادين
الأخت تجلب للأيمان في فزع = خيلَ المنايا ودمع العين بالعين
قبل الظهيرة والميدانُ في لهب = الطفلُ يُذبحُ والأعناقُ من سبعين
بين الذبائح والأوصال مرتجلا = فردا وقفت بلا وزر ولا عون
تبكي على قاتليك الدهر في وجع = والرافضين لسبط بعد تبين
هذه الصفات لأهل البيت زينتهم = والكارهون لهم خلق المعابين
طفلٌ بلا لبن قد جفّ من عطش = بالسهم يرمى , فذبح دون تأبين
العرق ينزف والعينان في فزع = كالطير مرتعشا في حضن شاهين
يابنت فاطمة الزهراء صبركموا = قد فاق وصفا بكتب أو دواوين
جأتي بركب وأهل البيت زينته = والفضل فيه كبدر للمباهين
بعد المصاب رجعت البيت خالية = من خير حشد ومن فضل وتمكين
الركب أصبح يا بنت الرسول كمن = في العش بات جريحا دون تحصين
الطف في الأرض بستان وساقية = ملء الثمار , لها أشدو فتحيني
يا نهضة السبط قد غيرت من عرف = السيف يعلو على جرح وتدوين
الجرح فيك خلود ما له سكن = والسيف بال كخرق ساء تكوين
هذا المصاب لنا هدي ومدرسة = أن لا نوالي طغاة ً من فراعين
حزنٌ وحبٌ وأيمانٌ ومنزلة = فيها الجنانُ فيا ربحَ المواسين

ليست هناك تعليقات: