الثلاثاء، أكتوبر 31، 2006

مقال عماد رجب وتراجع الورداني


بعد مقال عماد رجب الذى نشر في مجلة ليلى والذى اثار جدلا واسعا، فجر القيادى الشيعى صالح الورداني مفاجأة من العيار الثقيل عندما كشف القيادي الشيعي المصري المعروف صالح الورداني عن تراجعه عن المذهب الشيعي بعد رحلة استمرت اكثر من عشرين عاما، غاص فيها في المراجع الشيعية في لبنان وإيران ، وتسلم فيها آلاف الكتب الشيعية لتوزيعها في مصر فضلا عن الكتب الفها ، ويكشف فى الحوار تغلغل المال مما يؤكد ما نشرفى مقال عماد رجب.


صالح الورداني : قيادى الشيعة فى مصر يعلن تراجعة عن التشيع
أموال الأخماس تنفق في الدعاية
الوردانى : حصلت على كتب كثيرة جدا من ايران لتوزيعها بمصر
المصريون : في مفاجأة من العيار الثقيل كشف القيادي الشيعي المصري المعروف صالح الورداني عن تحرره من المذهب الشيعي بعد رحلة وصفها بالطويلة امتدت عبر عشرين عاما من 1985 إلى 2005 ، غاص فيها في المراجع الشيعية والتقى بالقيادات والمرجعيات الشيعية في لبنان وإيران ، وتسلم فيها آلاف الكتب الشيعية لتوزيعها في مصر فضلا عن الكتب التي قام هو نفسه بتأليفها دعوة إلى المذهب الشيعي ، ثم انتهى إلى "الكفر بكل هذا" على حد تعبيره ، الورداني في حواره المثير الذي أجراه الزميل فراج إسماعيل ونشرته قناة العربية على موقعها على شبكة الانترنت كشف عن عمليات الاختراق المالي في مصر للمتبعين للمذهب الشيعي من خلال نفوذ المرجعيات ووكلائهم والمبالغ الكبيرة التي تنفق في صورة ما يسمى "الأخماس" معتبرا أن هذا كله تحول إلى نصب واحتيال وكذب ـ حسب تعبيره ـ ، وقد اعترف الورداني بأنه كان يتلقى إصدارات وكتب تأتيه من إيران وبعض المؤسسات الشيعية اللبنانية بقصد الترويج للمذهب الشيعي في مصر وأن هذه الكتب والإصدارات كانت توزع مجانا في القاهرة ، وفي إشارة بليغة منه إلى "الاختراق المالي" من قبل جهات أجنبية للمجتمع المصري لاستقطاب أشخاص للتشيع ، مؤكدا ما تردد عن "قبض" قيادات شيعية مصرية لأموال طائلة من إيران والخليج قال الورداني في حواره "أن تكون تابعا معناه أن تقبض وتتريش ولهذا فشلت مع الشيعة"!! ، كما أشار الورداني إلى أنه أنجز كتابين أخيرين يحكي فيهما سيرة تحوله عن التشيع يزمع نشرهما قريبا يقدم فيهما ، حسب قوله ، رؤية نقدية واسعة للحوزات الدينية ومناهجها والمراجع والمؤسسات الدينية الشيعية وخطاب الجمهورية الاسلامية الإيرانية والمرجعيات وسلوكيات الشيعة وخرافاتهم ، غير أنه أكد على أنه الآن يدعو إلى "إسلام بلا مذاهب" ، معتبرا أنه لا يعتبر نفسه الآن شيعيا ولا سنيا ، ويدعو إلى ما أسماه "خطاب إسلامي جديد" .يذكر أن صالح الورداني كان من القيادات المبكرة لجيل السبعينيات في الحركة الإسلامية المصرية ، وكان أقرب إلى تنظيم الجهاد ، وهو معروف بخطبه السياسية الحماسية خاصة في المعتقلات في أحداث مقتل الرئيس السادات في العام 1981 ، كما أنه غزير الكتابة ، فله أكثر من عشرين كتابا منشورا ، معظمها في الدعوة إلى التشيع ومهاجمة مذهب أهل السنة ، ومن المعتقد أن رجوعه عن التشيع وتصريحاته الأخيرة ستثير جدلا واسعا في أوساط المجموعة المتشيعة في مصر





السبت، أكتوبر 28، 2006

منظمة هيومن رايتس تدافع عن وجيهة الحويدر



رسالة الى مساعد وزير الداخلية صاحب السمو الملكي محمد بن نايف عبد العزيز آل سعود


صاحب السمو الملكي محمد بن نايف عبد العزيز آل سعود مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية وزارة الداخلية المملكة العربية السعودية صاحب السمو، أكتب إليكم بصدد ما جرى مؤخراً على يد المباحث من احتجازٍ واستجواب بحق الكاتبة السعودية وناشطة حقوق الإنسان المعروفة وجيهة الحويدر.
حيث قام رجال المباحث بمضايقتها واحتجازها في مدينة الخبر يوم 4 أغسطس/آب. ثم عادوا في 20 سبتمبر/أيلول فاحتجزوها ثانيةً في مقر المباحث بالخبر لاستجوابها، وأرغموها على توقيع تعهدٍ بالكف عن نشاطها في مجال حقوق الإنسان. وفي الحالتين، كان ما قامت به المباحث رداً على مطالبة الحويدر السلمية بحقوق المرأة في المملكة. إن مضايقة إحدى المواطنات بهذه الطريقة لمجرد تعبيرها عن رأيها خرقٌ لالتزامات المملكة العربية السعودية بموجب ما يقرره القانون الدولي من احترامٍ لحق حرية التعبير.
وكانت الحويدر قد أبلغت هيومن رايتس ووتش أنها قررت أن تنفذ احتجاجاً في الرابع من أغسطس/آب، الموافق للذكرى السنوية الأولى لتولي الملك عبد الله عرش المملكة، من أجل حقوق المرأة، وذلك بأن تقف في الشارع حاملةً لافتة كُتب عليها "أعطوا المرأة حقوقها".
وفي ذلك اليوم احتجزها لفترةٍ وجيزة رجال مباحث يرتدون الملابس المدنية بعد أن استدعتهم شرطة المرور. وقد أبلغتها المباحث أنها لا توافق على طريقتها في التعبير عن رأيها على الملأ. وفي العشرين من سبتمبر/أيلول، استدعتها المباحث من منزلها واحتجزتها في مقرها بالخبر مدة ست ساعات من أجل استجوابها. وذكرت الحويدر أن المباحث اتهمتها بمحاولة تنظيم مظاهرة غير قانونية.
وأكدت الحويدر لـ هيومن رايتس ووتش أنها كانت تعتزم فعلاً القيام باحتجاجٍ سلمي بصحبة مجموعةٍ من النساء في اليوم الوطني للمملكة الموافق 23 سبتمبر/أيلول، لكن نساء المجموعة أقلعن عن الفكرة خوفاً من انتقام عائلاتهن أو الحكومة منهن بسبب قيامهن باحتجاجٍ علني.
وكما تعرفون سموكم، فإن الحويدر عضوٌ في مجموعة "حقوق الإنسان أولاً" في المملكة العربية السعودية، وهي منظمة رفضت الحكومة الترخيص لها. وأثناء الاستجواب طلب رجال المباحث من الحويدر تقديم إجاباتٍ خطية على أسئلةٍ معدةٍ مسبقاً تتصل بكتاباتها على الإنترنت وبما تقوم به من نشاطات حقوق الإنسان. ومن أجل إخلاء سبيلها طلبوا منها توقيع تعهد بعدم المشاركة في أيّ نشاطٍ لحقوق الإنسان في المستقبل، بما في ذلك كتابة المقالات وتنظيم الاحتجاجات والتحدث إلى الصحفيين أو إلى المنظمات الأجنبية.
ولم يسلموها نسخةً عن هذا التعهد. كما هددتها المباحث أيضاً بفقدان عملها في شركة أرامكو إذا خرقت تعهدها. وعندما حاولت الحويدر، التي تعيش في البحرين مع ابنها البالغ 14 عاماً، أن تعود إلى البحرين عقب إطلاق سراحها أبلغها عناصر الحدود أن اسمها واردٌ في قائمة الممنوعين من السفر ولم يسمحوا لها بمغادرة المملكة. إلا أن من الواضح أن منع السفر ألغي يوم 28 سبتمبر/أيلول، وسُمح لها بالعودة إلى البحرين. ويساور هيومن رايتس ووتش قلق جديً بسبب الانتقاص من حق الحويدر في الاحتجاج السلمي، إضافةً إلى ما لحق بها من مضايقاتٍ غير قانونية واعتقالٍ تعسفي من جانب الشرطة السعودية.
إن ما تقوم به الشرطة السعودية ينتهك الحقوق المضمونة دولياً في حرية التعبير والتجمع السلمي. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يضمن لكل شخص حرية اعتناق ما يريد من آراء دون تدخل، وكذلك حرية البحث عن المعلومات والأفكار وتلقيها ومشاركتها مع الآخرين. ولكل شخص الحق في التعبير عن آرائه بحرية وفي التجمع والتنظيم السلميين. وكانت الحويدر عند اعتقالها تمارس على نحوٍ سلمي حقها في حرية التجمع والتعبير للاحتجاج من أجل حقوق المرأة. وبصرف النظر عن احتجاز الحويدر تعسفاً، وهو ما نناقشه لاحقاً، فقد تصرفت السلطات السعودية على نحوٍ غير صائب وخرجت عن صلاحياتها القانونية عند إصرارها على أن تكف الحويدر عن نشاطها في مجال حقوق الإنسان، وعندما أجبرتها على توقيع تعهدٍ بهذا المعنى.
كما خرجت السلطات عن صلاحياتها أيضاً عندما هددتها بخسارة وظيفتها. ويجدر بالذكر أن التمييز الشديد ضد النساء متواصلٌ في السعودية، في تناقضٍ صارخ مع ما تقضي به الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي انضمت إليها المملكة في 7 سبتمبر/أيلول 2000. فالتمييز موجودٌ على سبيل المثال في الوظائف العامة والخاصة، وفي قدرة المرأة على السفر، وحريتها في اتخاذ القرارات دون موافقةٍ من أولياء أمرها الذكور (زوجها عادةً، أو والدها، أو شقيقها).
وقد منعت الحكومة السعودية النساء أيضاً من الترشيح والتصويت في الانتخابات البلدية لعام 2005. وفضلاً عن ذلك، فإن ما تقوم به المباحث يخرق كلاً من المعايير السعودية والدولية التي تحظر الاعتقال التعسفي. وتنص المادة 2 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه "لا يجوز اعتقال أي شخص أو تفتيشه أو احتجازه أو حبسه إلا في الحالات التي ينص عليها القانون".
وتنص المادة 16 على أنه "يجب إبلاغ كل من يعتقل أو يحتجز بأسباب اعتقاله أو احتجازه على وجه السرعة". وليس من الجائز أبداً أن يستخدم النشاط السلمي في مجال حقوق الإنسان كمبررٍ للاعتقال. كما أن مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة والخاصة بالاحتجاز التعسفي أدرجت ضمن تعريفها للاعتقال التعسفي الحالات التي يكون فيها "التجريد من الحرية ناجماً عن ممارسة الحقوق والحريات التي تكفلها موادٌ [بعينها من] الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، مثل حرية التفكير والتعبير.
وندعوكم بصفتكم مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية إلى اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الخروقات الخطيرة التالية لكلٍّ من القانونين السعودي والدولي من قبل رجال المباحث التابعين لكم: أولاً، على أفراد المباحث وغيرهم من الموظفين الحكوميين أن يكفوا فوراً عن مضايقة وجيهة الحويدر، وأن يعتبروا جميع التعهدات الخاصة بنشاطاتها في المستقبل والتي يمكن أن تكون قدمتها أثناء احتجازها لاغيةً وباطلة، ويضمنوا حقها في السفر بحرية. ونهيب بكم إصدار أمر إلى الموظفين المعنيين بأن يتخذوا الخطوات اللازمة لذلك، مع تزويد الحويدر بنسخةٍ عن هذه التعليمات لتمكينها من الدفاع عن نفسها إذا تعرضت إلى انتهاكاتٍ مماثلة في المستقبل.
كما ندعوكم إلى التحقيق في حالات سوء تصرف الموظفين بما في ذلك تهديد الحويدر بخسارة وظيفتها، وإلى اتخاذ تدابير تأديبية عند الحاجة بحق أفراد المباحث المعنيين، وإلى تقديم نتائج هذه التحقيقات إلى القضاء إذا اقتضى الأمر. ثانياً، على المباحث أن تكف فوراً عن مضايقة ناشطي حقوق الإنسان. وندعوكم إلى توجيه أمر علني بهذا المعنى إلى المباحث. فلا يجوز أبداً السماح بالاعتقال والاحتجاز استناداً إلى كلامٍ يستبعد أن يثير عنفاً وشيكاً؛ ولا يحق أبداً لموظفي الحكومة مطالبة المواطنين بالتنازل عن حقوقهم في الكلام والاحتجاج كثمنٍ لإخلاء سبيلهم.
وعلى الحكومة أن تسمح لناشطي حقوق الإنسان المستقلين ومنظماتهم بمراقبة تطورات وضع حقوق الإنسان في المملكة وبالدعوة إلى التغييرات الملائمة في سياسات الحكومة. ويجب أن يتمكن هؤلاء من ممارسة هذه النشاطات بحريةٍ وهم موقنون بأن الشرطة لن تضايقهم أو تهددهم أو تخوفهم أو تسجنهم. ومن المؤكد أن عمل المباحث يقوم بدورٍ هام في حماية أمن وسلامة شعب المملكة العربية السعودية.
وكلنا أملٌ في أن تتمكنوا أيضاً من العمل على عدم قيام المباحث بتهديد حريات هذا الشعب وحقوقه المعترف بها دولياً.
مع خالص الاحترام
سارة ليا ويتسن
مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
هيومن رايتس ووتش

الاقباط شعب لا يعرف الاحباط

جورج الياس
كل الاحترام والتقدير لهذه الشريحة الواسعة (من مسيحي الشرق الاوسط) والتي تمثل معاني الصمود والمعاناة بكل اوجهها، وعلى مر العصور والدهور..

ففي بحر هذا الشرق كان و"ما زال" للاقباط نصيبهم الوافر من الظلم والاضطهاد مثلهم مثل بقية الطوائف المسيحية، من الآراميين اصحاب التاريخ الواسع والعريق في اللغة والمعرفة والاصالة والحفاظ على التقاليد والقيم، الى الآشوريين والكلدانيين والسريان... الى الموارنة في جبل لبنان الذين سطروا صفحات من المجد والعنفوان، وعلموا البشرية معاني التضحية والتشبث بالدين والوطن! الى بقية المذاهب المنبثقة من المسيحية جمعاء، اكانت تتبع التقويم الشرقي ام الغربي، أكانت بيزنطية ام رومية ام إنطاكية...

كلها رسمت هدفا واحدا ساميا، الا وهو البقاء والاستمرارية والدفاع عن الرسالة ونشرها، مهما كلف ذلك من شهادة واضطهاد وترحيل ومجازر... وطمس للهوية وتشويه للحقائق...

حوالي مليوني قبطي في دول الانتشار وبلاد الاغتراب يعملون جاهدين لنصرة اهلهم واخوتهم في الوطن الأم – كل المحبة والوفاء لهم –
جمعوا الشتات، أسسوا الجمعيات، انشأوا كنائسهم ونواديهم وصحفهم.. وما زالوا يلاحقون كل شاردة وواردة من خلال صحافتهم ومواقعهم الالكترونية ومن خلال مناداتهم وأصواتهم التي لا تهدأ...

هؤلاء، وغالبيتهم من الأدباء والمفكرين والأطباء والمحامين والمهندسين.. ومنهم رجال دولة ورجال دين جميعهم يتمتعون بمستوى ثقافي وعلمي وحضاري.. يعقدون الجلسات والمنتديات والمؤتمرات.. يطالبون ويرفعون الصوت عاليا ليسمع العالم ان صوتهم في الوطن الام مخنوق! مكبوت!

يجتهدون في الدفاع عن ارضهم وعرضهم ولو عن بعد آلاف الاميال! يكدون ليل نهار ليروا شمس الحرية قد اوشكت ان تشرق على صعيد مصر وشعابها! ودفء الحقيقة قد غمر اهلهم واحبائهم!

- اما في الداخل فهناك اكثر من اثني عشر مليون قبطي يعانون الامرين من معاملة السلطات في مصر! رغم ما يشاع عن تطور في العلاقات وتقدم على مستوى الحضارات، ومساواة في الحقوق والواجبات، وحسن الجوار والتعايش وغيرها...
اما الحقيقة فهي عكس ذلك تماما! فهم يعيشون في ظل حكم لم يتبدل ولم يتغير منذ عهد الرومان الى ما بعد انتشار الاسلام!
فعلى مدى قرون تآلف الاقباط مع الاضطهاد وتآخوا مع الشدة والصبر!

واليوم كما في الماضي الغابر، الكنائس والاديرة عرضة دائمة للحرق والنهب والتخريب، الفتيات والنساء يتعرضن لعمليات الخطف والاسلمة والاغتصاب... المناصب العليا في الدوائر الحكومية والجيش ممنوعة على الاقباط! لا يمثلون تمثيلا منصفا في البرلمان، يعتم عليهم اعلاميا، لا صحافة، لا تلفزيون ولا صحف... مطالبهم امام الحكومة لا يبت بها!
تكثر عليهم التعديات وعلى املاكهم وارزاقهم...
والكثير الكثير مما لا تتسع لسرده مئات الصفحات!
فرأفة بهذا الشعب العريق نأمل من العالم الحر والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة بكافة فروعها الانسانية (خاصة حق الشعوب في تقرير مصيرها)... ونرجو من المنظمات العالمية والجاليات الشرقية المسيحية، والجمعيات وشتى المؤسسات التي تدعو الى الحرية والسلام ونبذ العنف والى كل من له تأثير على الساحة الدولية، والى اصحاب الشأن عامة...

الى كل هؤلاء ندعوهم بالعمل الدؤوب والتفاتة من العقل والقلب الى معاناة هذا الشعب، ندعوهم الى وقفة جريئة لنصرة الحق، واحقاق العدل والمساواة... ندعوهم الى اخذ هذه القضية على محمل الجد، وتداولها باقصى سرعة ممكنة في اعلى مراكز القرار واعلى المراتب الدولية، لانهاء التسلط والحكم الاستبدادي الجائر، ورفع الكابوس عن صدور هؤلاء المتعطشين للحرية! وهم كل يوم ينظرون الى الافق المظلم بعيون ملأى بالحسرة علهم يرون بصيص امل وشعاع رجاء!.

هذا الشعب الذي طوى ثمانية عشر قرنا مليئة بالقهر والعذاب، لا بد له ان ينتصر على الشر في النهاية... بجهودهم ودعائهم، بصبرهم وكفاحهم ستقرع ابواب الامل والرجاء... لانهم لا يستسلمون للاحباط، ولانهم طلاب حق وسلام وابناء محبة وايمان...
ان قرعوا سيفتح لهم! نعم سيفتح لهم قريبا! وقريبا جدا!! بقدرة الله وشفاعته.

(كاتب ومحلل سياسي)

الأغلبية وعادة اللعب على التناقضات...


وليد قاطرجي

إن حرية التعبير حق من حقوق الإنسان أينما وجد، فما بالك لو كان في لبنان، وإنما ما يلفت نظرك في هذه الأيام هو ظهور موضة من لون واحد جرى استنهاضها منذ زمن ليس ببعيد، مما يوحي بان الانقسامات الداخلية منذ استشهاد الرئيس الشهيد وما تلاه من تداعيات أخرجت بعض الأصوات من القمقم، وهذه ليست مشكلة بحد ذاتها، بل إحدى إفرازاتها الايجابية والمنتظرة منذ سنوات، ولكن أن تظهر بلون واحد ووقت واحد. فهذا فعلا ملفت.

ما يشد انتباهك أكثر هو التغطية الإعلامية التي تواكب هؤلاء في لقاءاتهم ومقالاتهم وندواتهم من قبل وسائل إعلام تيار المستقبل المرئية والمسموعة والمقروءة وغيرها من المؤسسات الأخرى التي تتبنى مواقفه المستترة، وهذا بالتأكيد ما يجعلك أكثر إصرارا لمعرفة الرابط بين هؤلاء وهذا التيار الحريري، الذي يعتمد في توجهاته على احتضان الأصوات والألوان حسب موجباتها الآنية، خاصة عندما تكون مؤثرة ومزعجة وتحرج أولئك الذين يختلفون معهم وما أكثرهم، حيث يعتبرونها من أنجح الوسائل لتضليل الرأي العام لتمرير مخططاتهم ومشاريعهم الخبيثة، وهذه الصرعة لن تنتهي، وستستمر كلما وقع خلاف مع أي من التيارات، وهذا الأسلوب هو ما عرف عنهم منذ بروزهم على الساحة اللبنانية كتيار.

أن استنهاض هؤلاء ليس مستغربا، بل يعتبر ضرورة، وفيه منفعة للوطن، ومن حق الجميع الاجتهاد وقول ما يرتئيه، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمواضيع العالقة والمثيرة للجدل بين اللبنانيين، وهذا ما ميز هذا البلد عن غيره في المنطقة، وإنما ما يقوم به تيار المستقبل ومحازبيه وإتباعه الجنبلاطيين والملحقين الآخرين من استفزازات وأساليب تهدف إلى استثمار آراءهم ومواقفهم واستخدامها كمكسر عصى من اجل زيادة التوترات والصراعات بين أبناء الطائفة الواحدة وبين مختلف اللبنانيين، هو المستغرب، لأنه وكما علمتنا التجارب الأليمة الماضية، بان هكذا تصرفات تصب أولا وأخيرا في خدمة الدولة العبرية ومن وراءها، وهذا ما ثبت خلال الحرب الأهلية العبثية، والأكيد بان المتضرر الأول منها هو الوطن. فهل هذا ما يسعون إليه ؟

إن ما ذكرته وزيرة الخارجية الأمريكية عن وضع حزب الله بعد الحرب يؤكد بان الإدارة الأمريكية تعتمد في معلوماتها على ما تروجه بعض الأطراف اللبنانية من إشاعات ومراهنات وقراءات خاطئة للأصوات الحرة التي ازدادت بعد حرب تموز، التي لم تتقصد إهانة المقاومين، وإنما ما هدفت إليه هو تذكير وتنبيه مختلف الفرقاء وعلى رأسهم القيادات الشيعية بوجوب الالتفات إلى الوضع الداخلي لبناء الدولة السيدة العادلة القادرة على صد الأطماع وحماية مواطنيها من خلال قواها المسلحة الشرعية التي تضع مصالح لبنان على رأس أولوياتها.

إضافة إلى ذلك. فإنهم أرادوا توجيه رسائل عدة واضحة ومتكاملة إلى الأغلبية التي تشكك بدور الشيعة على المستوى الوطني عبر محاولاتها المتكررة لتغطية ولاءاتها القديمة والجديدة وتعمدها الفاضح بإلصاق ما تمارسه باتجاه خصومها السياسيين، مجددين القول أيضا والتأكيد في نفس الوقت بأن الشيعة في لبنان ليسوا اقل لبنانية من غيرهم، وان ولائهم لم يكن يوما إلى ما وراء حدود الوطن كما يردد بعض المصابين بهذا المرض العضال كالحزب التقدمي والقوات والكتائب وتيار المستقبل وغيرهم من المنقلبين، بل إن الشيعة قاتلوا وصمدوا في وجه المحتل عشرات السنين من اجل أن يبقى لبنان حرا ومستقلا، وقدموا قوافل من الشهداء من اجل تحقيق ذلك.

يبدو أن بعض القوى غير قادرة على نسيان الماضي، وما زالت تحتفظ بكامل عدتها، وليست على استعداد لخلع ثوبها القديم الملطخ بدماء اللبنانيين، والواضح أيضا بان اللعب على التناقضات عادة قديمة تعلمها هؤلاء من العدو الإسرائيلي وأجهزة الوصاية السورية ومن قبلهم المقاومة الفلسطينية، ويا للأسف الساحة اللبنانية مهيأة دائما لان تكون الأرض الخصبة لمثل هذه الحماقات التي لن تنتهي إلا برحيل جميع هؤلاء اللاعبين الذين عاثوا في الوطن فسادا ولن يغيّروا عادتهم القديمة الجديدة.


الخميس، أكتوبر 26، 2006

الرقابة الشعبية هي صمام الأمان !!

بقلم: إبراهيم علي
- كاتب بحريني

بعد الخامس والعشرين من نوفمبر القادم ، وهو اليوم المقرر لإجراء ثاني انتخابات نيابية وبلدية في ظل المشروع الإصلاحي ، سيدخل شعب مملكة البحرين مرحلة جديدة في تاريخه المعاصر. و هو هنا أمام خيارين: فإما أن يتقدم نحو بناء مملكة دستورية نموذجية تنير طريقها العقلانية، مثلما هو متعارف عليه في الممالك الدستورية المعروفة في عالم اليوم، أي نحو المزيد من الحريات المدنية العامة والفردية، والمزيد من معالم مجتمع الرفاه والمعرفة والالتزام بالقانون وإدارة الدولة باستراتيجيات و أساليب مدروسة و راقية و حضارية و مستقرة يكون ولاء المواطن فيها للدولة المدنية المحكومة بدستور مدني وقوانين مدنية نابعة من احتياجات الإنسان المعاصر، وإما أن ينحدر نحو المزيد من التشرذم والتمزق والولاءات القبلية والطائفية والعنصرية، والمزيد من سياسات التنفيع وشراء الذمم بالمال السياسي، والمزيد من تفشي الفساد واستشراءه في مفاصل الدولة والمجتمع، والمزيد من الضياع والتخبط، و غير ذلك مما لا نتمنى حدوثه.

إن صعودنا أو انحدارنا رهن بمدى تمتع نخبنا السياسية والثقافية بعقلية منفتحة مستنيرة ترنو بعزيمة صلبة نحو المستقبل، و تستفيد مما انتهت إليه تجارب الشعوب والأمم المتحضرة، وتتجنب الدخول في المهاترات والمزايدات و المماحكات و الشعارات و العنتريات العقيمة من تلك التي ابتليت بها دول و شعوب مجاورة في مسيرتها الدستورية و الديمقراطية السابقة لمسيرتنا بعقود. فالتاريخ يعلمنا أن الدول التي لا تتقدم في البناء والتنمية والنهضة بصورة مطردة ثابتة لا بد أن يأتي عليها يوم تصاب فيه بالتقهقر والانجرار نحو الضعف والتخلف، مهما توفر لديها من موارد طبيعية وفوائض مالية.

من الكوارث التي يعاني منها مجتمعنا اليوم، تلك السلبية واللامبالاة التي يبديها المواطن إزاء انتهاكات حقوقه وحرياته المنصوص عليها في الدستور و ميثاق العمل الوطني. غير أن الأغرب من ذلك هو أن بعضا من هذه الانتهاكات كان مصدرها للأسف هو ممثلي الشعب المنتخبين المفترض فيهم بموجب القسم حماية حقوق المواطن و حرياته و خياراته و الدفاع عن تعددية المجتمع البحريني و تميزه و انفتاحه، لا التسابق والتنافس في إهدارها تلك الحقوق بحجج زائفة مثل حماية الموروث والخصوصيات الدينية والثقافية. إن المواطن الفرد، والشعب في مجموعه هما خط الدفاع الأول في التصدي لأي تعدي علي الحقوق والحريات، فلا مجلس منتخب أو غيره من المؤسسات قادر على صيانة حقي وحريتي إذا كنت أنا نفسي غير واع بها أو مستعد للذود عنها بالطرق السلمية وعبر الوسائل الديمقراطية المتاحة. فعلى سبيل المثال أين نواب الشعب الذين وقفوا بقوة وحزم إزاء بعض القوانين أو القرارات الإدارية التعسفية كقانون الحشمة المطبق على طلبة جامعة البحرين؟ وهل تقدم نائب أو مجموعة من النواب للطعن بعدم دستورية هذا القانون أمام المحكمة الدستورية؟ وهل قام الطلبة أو تنظيماتهم الطلابية و الشبابية بالدور المرجو و المفترض فيهم لجهة تولي المهمة التي تقاعس نواب الشعب عن الاضطلاع بها؟

إننا نتمنى فعلا أن نرى في مجتمعنا من يتخذ مما هو وارد في نصوص الدستور و روحه، و لاسيما المادة القائلة بأن الشعب هو مصدر السلطات جميعا، منطلقا للجؤ إلى المحكمة الدستورية و رفع الطعون ضد بعض القوانين والقرارات الصادرة من مؤسسات الدولة المختلفة. فهذه الوسيلة السلمية الحضارية هي من أخطر أدوات الرقابة المتاحة للمواطنين، والتي ينبغي عدم التقليل من أهميتها ودورها في تصويب بعض الأوضاع الخاطئة.

وأخيرا فإن لدينا قناعة راسخة، بأن بلادنا تعيش فعلا منذ عام 1999 تحولات نوعية نحو بناء وترسيخ النظام الديمقراطي، بيد أن هذه التحولات للأسف محفوفة بالمخاطر من كل جانب كنتيجة لألاعيب بعض القوى التي لا زالت تعيش خارج مدارات الكون و لها أجندات غارقة في التخلف و الاستبداد و الإقصاء. و في اعتقادي و اعتقاد الكثيرين أن صمام الأمان الوحيد أمامنا هو مدى إدراك المواطن لخطورة دوره وصوته في صنع تلك التحولات وتوجيهها نحو الوجهة الصحيحة. وبعبارة أخرى، إما أن يكون صوته في الاتجاه الذي يخدم مصالح الوطن و أجياله الحاضرة و المقبلة، أو أن يكون في اتجاه الإتيان بمن يعمل ضد التطور و الحداثة و العصرنة و بالتالي ضد مستقبل الوطن و أجياله، على نحو ما حدث في مجتمع مجاور، حينما صوت غالبية مواطنيه تحت ضغوط الواعز الديني أو المذهبي أو الطائفي أو القبلي لحملة الأفكار والأجندات البالية، فكان أن انتكست الإصلاحات و ذبل الوطن الذي كان يوما ما محفزا للآخرين و شعلة وضاءة في الحريات و الانفتاح و التقدم والتنمية و الحراك الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و الفني.

bumarwan@batelco.com.bh

الاثنين، أكتوبر 23، 2006

بطاقتان بمناسبة العيد


حسن عبد الرزاق
إلى صديقي الرائعين وحيد نور الدين وشربل بعيني
( 1 )
وحيد…….
لجبينك المغربي
المكتظ بالامنيات
ضوء من قمر الكرخ
وضوع من الجنائن المعلقة
فوق هامات الدبابات
وماء من قلب الفرات
يهديك العراق
وردة حب تشرب من بئر الحرمان
ضعها ياذا القلب العاشق
في صدرك وازهو..
**
لم تسجد للوثن التافه يوما
كان سجودك للاوطان
لك من دجلة موجة ماء
فاشرب منها حد السكر
وهب الباقي لوضوء الدار البيضاء
( 2 )
شربل……
لك من ليالي العراق خمر
ومن كاس النواسي شعر
ومن ضفيرة عشتار عطر
لك من صباحات فيروز اغنية هائمة
لك من فرحة العرس
باقة أيها الجميل
ومن بساتين بلدتي
ارق الهديل
وعذق تمر
من باسقات النخيل
**
غصن لبناني انت
يكتظ بالطيور
ومزامير العشق
والزهور
طالع من شجرة الحياة
ولبنان اخت الحياة
دارت الأرض
أو لا تدور

السبت، أكتوبر 21، 2006

قصّتهم مع المنابر...


د. ساسين النبوت
"في إحدى جولاته الإنتخابية عرّج على قريتنا أحد المرشحين، الذي هو ابنٌ للشعب البار، وعريقٌ من بلادي، وأبو الفقراء... الذي لا يستطيع النوم ليلاً ولا يحسّ بطعم الأكل إلا وهو يرى الأرض مفتقرةً إلى الفقراء... فاعتقد أنّ صعود ونزول سيارته الفخمة في حفر الطريق المؤدية إلينا، أيادي الناس ترفعه وترقص فيه... استقبله المختار وبعض الوجهاء، كما تجمّع حوله الصبية في الساحة، فعانقهم واحداً واحداً... آملاً أن تلتقط له صورة وهو في هذه الوضعية، فينتخبه كثر لأنّه حنون... قال أنّه آتٍ ليحكي لنا عن برنامجه... ثمّ سألنا إن كان هناك من منبر ليخطب فينا... نظر الحاضرون إلى بعضهم دون جواب... ثم قال أحدهم: آسف يا أستاذ، لم نتوقّع زيارة الشرف هذه... فقال مرشحنا الفضيل: لا يهم... أيّ شيءٍ مرتفع يفي بالغرض... ثم نظر صوب حديقة أحد المنازل وقال: أعطوني هذا البرميل... فقال له المختار: لا يا أستاذ... لا يجوز... وكان ردّه: أعطوني البرميل...
وقف على منبره وراح يخطب فينا: أنا ابنٌ لهذا الشعب... وأنا لكم... نعم لكم... أنا لا أبغي شيئاً إلا مصلحتكم...
فرحل خمسة من الحاضرين وهم يقولون فيما بينهم: مثل من سبقوه!...
ثم قال: أنا لبلدتكم كما انّي لبلدتي... وأنا والله لكلّ الوطن... لن أقبل بعد اليوم حرماناً أو ظلماً عليكم...
فرحل خمسةٌ آخرون وهم يقولون: من هو ليقبل أو يرفض... عندما يصل سينسى كلّ شيء...
وأكمل: سأكون صوتكم هناك...
فرحل فوجٌ جديد وهم يقولون: كلّهم سرقوا أصواتنا... لم يعد لدينا صوتاً لنعطيك...
قال: اطرقوا بابي ساعة تريدون...
فرحل فريقٌ آخر وهو يقول: بابكم من حجر، الطرق عليه يعود علينا بالكسر...
قال: ما إن أصل، سأوصي بإنماء قريتكم...
فقام المختار وصحبه مبتعدين عن المكان وهم يقولون: أصواتنا ليست للبيع... ماذا يعتقد؟ لو أننا أردنا ذلك يوماً لبنينا القصور، وافترشنا الطرقات ذهباً...
لم يبقى إلا شخصٌ واحدٌ جالس ليستمع إليه...
فنزل الزعيم من علياء البرميل، واتجه نحوه قائلاً: أنت من قَبل سماع حديثي حتى آخر لحظة... لن أمرّرها هكذا، ما إن أصل إلى ما أحلم به، سأعطيك مركزاً مهماً...
فرد عليه الرجل قائلاً: عفواً يا أستاذ... لم أكن أستمع إليك... أنا صاحب البرميل، وأريد ردّه إلى البيت... شكراً...
فنفض المرشح رجليه، وصعد في سيارته الفخمة... حلّ ربطة عنقه، ثم أخذ نفساً عميقاً...
على الطريق سأل سائقه: كيف كنت أبدو؟!
قال السائق: لا تليق إلا لك يا أستاذ...
فاندّست في جيبه العلاوة..."

اليوم بلادي هي الأولى في العالم في صناعة المنابر... والكراسي... كما أنّها سجّلت نفسها في كتاب غينس للأرقام القياسية، لأنّ فيها أكبر عدد مواقف (سياسية) في العالم... وأكبر عدد سياسيين وأحزاب سياسية بالنسبة للمساحة وعدد السكان...
هل كلّما أراد أحدهم الجلوس على كرسي ما، لم يستطع الحصول عليه في حزبه السابق... يصنع بنفسه حزبه وكرسيّه...
إلى متى سنستمرّ بالوقوف خلف شخصٍ ما؟
وما هي هذه المشاريع الإنتخابية التافهة التي يلقيها مرشحونا على مسامعنا؟
كيف يحاسب الناخب نائبه؟ على أيّ أساس؟ هل لأنّه لم يعبّد طريق القرية، ولم يوظف ابنه أو ابنته... أم لأنّه وضع خطة شاملة لإصلاح الطرقات كافةً... وأمّن بناء مصانع لنكون بحاجةٍ حتى لأشخاص من الخارج لأنّ عدد عمّالنا لا يكفي...
على ماذا سياحسبوه؟ أليس على تصوّره ونهجه في السلطة، والكمّ من الوطنية... وسياسته الإصلاحية...
المنابر العالية أيّها السادة لا تبقى كذلك... حتى ولو كنتم فوق، ناظرين صوبنا إلى الأسفل... لا تقولوا: كلي يا نفسي وتلذذي... أنا لي السلطان... لأنّ الناس ليسوا عبيداً لكم...

أنزلوا من عليائكم أيّها السادة... سيروا بيننا... تذوّقوا حلونا ومرّنا... اشتمّوا رائحة عرقنا... ألستم بشراً مثلنا؟
كنّا لنسمعكم أكثر لو جالستمونا، وكلمتمونا بصوتٍ خافت... تماماً كما يخبر صديقين شجونهما لبعضهما... أم أنّنا أعداء معاذ الله...

المهدي المنتظر" في ساحة الاقصى!

جورج الياس

المكان: ساحة المسجد الاقصى- القدس
الزمان: ليلة القدر- 19 تشرين اول 2006
الحدث: ظهور الامام "المهدي المنتظ
ر"!!

بالامس القريب وحسب شهود العيان اطل علينا صاحب العصر والزمان! ليعلن نهاية العالم واقتراب يوم القيامة...
دب الهرج والمرج بين صفوف "المصلين" فتزاحموا وتراكضوا "وتدافشوا" للوصول اولا والتبرك من الامام المهدي الذي ظهر فجأة بين حشد الجموع في باحة المسجد!

ولحسن الحظ ان غالبية هؤلاء "المؤمنين" يحملون هواتف نقالة من الطراز الحديث (وما اكثرها في اسرائيل) مما سمح لهم التقاط الصور من عدة اتجاهات ومنها صورا متحركة!
وقد نقلت بعض الصحف والمواقع الالكترونية المحلية هذه الصور وعلقت على الحدث العظيم! خصوصا وانه جاء بالتزامن مع ليلة القدر التي هي خير من الف شهر.

هل يعقل انه وفي القرن الواحد والعشرين ما زال الجهل مستشريا في عقول هؤلاء "المؤمنين"؟!
هل يعقل ان هذا الامام الذي ينتظره الشيعة بفارغ الصبر يظهر بين جموع المصلين السنة؟!
هل يعقل ان يأتي صاحب الزمان دون موافقة ايران؟ او شيعة لبنان؟ ويحل بين نفر من العربان؟
لا يؤمنون بالمهدي ولا ينتظرون منه اتيان!

بعدما تبادرت الى ذهني افكار عديدة دفعتني لكتابة هذا المقال- التعليق، حاولت ان اقارن عمق المسافة التي تفصل بين عقول الناس في هذا العصر وعقولهم منذ الف واربعمئة عام، فوجدتهم هم هم! مثلما تعلموا، او قيل لهم، او كتب لهم! ما زالوا مكانهم! يقبعون في مجاهل الدين والدنيا، ويبتعدون عن العلم والحضارة اجيالا واجيال ! ويحيون في قوقعة تحجب عنهم الحقيقة والنور معا!

نعم، لقد رأيت المهدي المنتظر بام عيني على صفحات احدى المواقع الالكترونية وقرأت التعليق على الحدث الجلل! وكيف تراكضت وتزاحمت الحشود وهي تُسبّح وتكبر!
يا لهذه المهزلة.
سماحة الامام "قدس سره" او "عجل الله فرجه" كما يقولون، كان يرتدي عباءة خضراء وعمامة بيضاء، حسنا.. انما من اين له تلك النظارة الطبية على عينيه؟؟! هل جاء بها من عيادة طبيب العيون في الجنة؟ ام من "اوبتيك" الملاك جبريل؟! او "كلينيك" ابراهيم الخليل؟!

والادهى من هذا حسبما يقول شهود العيان ان قوات الامن الاسرائيلية اعتقلت "المهدي" واخرجته من حرم المسجد ثم توارى عن الانظار!
ويقول شاهد آخر ان الجنود اشبعوه ضربا بالسياط، ولاحقوه بجيادهم!
لكنه سرعان ما عاد وبيده ورقة بيضاء اخذ يتلو منها آيات من القرآن "والحديث الشريف" ثم صعد الى مكان مرتفع واخذ يخطب في الجموع وقال انه كان في المدينة المنورة وانه من سلالة النبي...
الى ان انتهى هذا الفصل المسرحي وعاد "المهدي المنتظر" مع نظارته من حيث اتى!
وتفرقت الحشود وهي في حيرة من امرها هل شاهدت المهدي حقا؟! هل ظهر؟ هل عاد؟ هل اعتقل؟ هل ذهب ليظهر في النجف ام في كربلاء ام في قم؟!

اسئلة عديدة ما زالت تراود عقول اولئك التعساء الجهلاء..
فكيف ننقذ البشرية من امثالهم؟
كيف ننقذها من الجهل والتخلف؟ ومن الرجعية والتعصب؟
ونعيدها من الظلمة الى النور؟

وان لم نجد الوسيلة لذلك فلا ريب ولا عتب ولا حرج، فلتبق في غيها وجهلها!

ربما هذه ارادة الله.

كاتب ومحلل سياسي

مبروك.. الحكيم أصبح لديه جهاز معلومات أيضا..


وليد قاطرجي

إن ما طالعنا به الدكتور سمير جعجع عبر وسائل الإعلام عن انه يمتلك معلومات حول وجود نية لبعض الأطراف لإسقاط الحكومة بوسائل غير مشروعة عن طريق إحداث معركة شعبية غير بريئة ولأحداث شغب، يطمئن اللبنانيون بأنهم أصبحوا في أمان وغير مهددين في حياتهم وأرزاقهم، وذلك لأنه وغيره من القوى الملحقة والتابعة لقريطم والمختارة وبصريح العبارة، أصبحت تمتلك أجهزة معلومات تعمل على كشف المخاطر قبل وقوعها تفوق بكثير وحسب ما يعتقدونه أجهزة الدولة اللبنانية.

يبدو أن الحكيم أصبح مطمئنا لأداء جهاز المعلومات الذي يملكه، وبات مقتنعا بأنه قوي ويمكن الاعتماد عليه، فالمطلوب من جميع اللبنانيين من الآن وصاعدا أن يصدقوا ويطمئنوا، لان الحكيم سيخبرهم مسبقا بكل الخروق الأمنية، بما في ذلك الاعتداءات الإسرائيلية قبل حدوثها، كي يتخذوا جميع الإجراءات الضرورية من صراخ وبكاء واستجداء للحفاظ على أرواحهم وأملاكهم، من اجل طلب الحماية والمساعدة من المجتمع الدولي لإيقاف مأساتهم والدفاع عنهم، عبر إصدار المزيد من القرارات الأممية التي لم ينفذ منها شيئا حتى الآن.

الواضح من المواقف والمعلومات والتأويلات التي يطلقها الحكيم بين الحين والآخر، وآخرها ما أعلنه حول رئيس الجمهورية المقبل، حيث قال بأنه لن يكون إلا من الملحقين والتابعين لقصر قريطم والمختارة الذين يسمون أنفسهم قوى 14 شباط أو آذار، تعتمد بشكل كبير على ما يتلقاه من تمنيات ممن حوله من المنجمين، الذين لا يتوقعون إلا خراب البلاد، وهذا ما ينعكس على تصرفات وتصاريح المحيطين به الذين يتقنون إطلاق الشائعات.

هنيئا لك يا دكتور جعجع جهاز معلوماتك القديم الجديد الذي عمل في الماضي على رهن البلاد، واهانة اللبنانيين وعلى رأسهم من كان يعمل في مؤسساتها، خاصة العسكرية منها.



الخميس، أكتوبر 19، 2006

القصبي و السدحان

بقلم : إسحاق الشيخ يعقوب
كاتب سعودي


موهبتهما الفنية تدفعانهما بوعي أو بدون وعي إلى الارتقاء بثقافة حس الأمة الجمالي وتحسين ذائقتها الإنسانية في تكريس الثقافة الجمالية في وجدانيتها ضد سيطرة القبح في حياتنا. إن مَلَكة الفنان وموهبته قد تخرج عن وعي انتمائه الطبقي وتحلق به إنسانيا خارج حدود الزاميته الأيدلوجية الطبقية..
فليس هناك سلطة باستطاعتها أن تجابه موهبة الفنان إذا أخذت لحظة تجليات طفرتها الإبداعية في الخروج على »تابو« المحرمات والممنوعات المتهالكة تحت مطارق الزمن.
إن ثروة الأوطان في فنانيها ومبدعيها ولا قيمة ولا نهضة ولا إنسانية لأوطان خالية الوفاض من وقع نشاط فنانيها وحدائهم للحياة.. إنهم الأكثر حرصا في تجليات مواهبهم الإبداعية على إزالة القبح عن وجه الوطن في أداء توثب فني فكاهي أنيق منقطع العذوبة في وجدانيتنا الوطنية.. وتراهما - القصبي والسدحان - في إيماءتي موهبتهما الفنية.. يحاولان بحذر إزالة القبح عن وجه الوطن.
انهما يرفضان بوعي عصري نمطية التقليدية البائدة التي تغلغل قبح تخلفها وكراهيتها وبغضاء ظلاميتها في النفوس وتضع عقولنا المجتمعية في قبضة نصوص بائدة قد توقف نبضها في الحياة وتجاوزها التاريخ منذ آلاف العقود.. واحسب أن السدحان والقصبي يقومان في مسلسل طاش ما طاش بترويض النفوس التي أنهكتها رثاثة ورتابة وبلادة نصوص القرون الوسطى المكرسة في فقه ظلام الإرهاب والتخلف الذي تتناقله ثقافتنا التعليمية والفقهية جيلا بعد جيل في ذهنية وحياة أبناء الوطن وكأنهما يطالبان مجتمعاتنا العربية برفع ذات الشعار التونسي الذي رفعه الحبيب بورقيبة في الخمسينات في الدعوة إلى »الجهاد الأكبر ضد التخلف« وقد قام على اثر ذلك بإغلاق جامعة الزيتونة لان تعاليمها التقليدية أصبحت بائدة ولم تعد ملائمة لروح العصر..
ومعلوم انه تم إعادة فتح جامعة الزيتونة كجامعة دينية بعد تحديثها وعقلنة برنامجها التعليمي في انفرادية حداثية وغير مسبوقة في العالم الإسلامي: بأخذ تدريس علوم السوسيولوجيا الدينية وتاريخ الأديان المقارن وتدريس كتاب فراس السواح: »مغامرات العقل الأول..
دراسة أسطورية وإعادة هيكلية التربية الدينية وتكريس النصوص التنويرية.. واستبعاد لاهوت أديان القرون الوسطى.. ولا ريب فان التجربة التونسية تجربة رائدة يمكن التأسيس على تجربتها لتصبح منطلقا لتحديث التعليم الديني نحو العصرنة وتجاوز برامج التعليم القروسطية ومناهج الظلام والتخلف.. إن الفن المسرحي أو السينمائي يضع المتلقي أمام ايماءات وإشارات تصدم أحاسيسه ومشاعره دون الأخذ به إلى شواطئ المباشرة في التفاصيل.. وهو ما يوحي به السدحان والقصبي في مسلسل طاش ما طاش الذي راح يتوجد المساعي الإنسانية في ضمير الأمة ويزيل عنها قبح نصوص الظلام والتخلف.. الضاربة جذور ثقافتها القروسطية في مجتمعاتنا الذكورية التي تسوم النساء سوم الإذلال والاضطهاد ولا تقيم وزناً لإنسانيتهن في الحياة..
وفي موقفٍ درامي في طاش ما طاش يعكس معاناة المرأة المكبلة حركة ارادتها الإنسانية برجلٍ مَحْرَم يكون رقيباً على سلوكها وفي حمايتها من الزيغ ورذائل الزلل وفق نص ما يراه فقه الظلام والتخلف كونها ناقصة عقل ودين.. وكان حوار مسلسل طاش ما طاش يدور بين إحدى المعلمات وسائق الحافلة عندما سألته عن مشاعر وأحاسيس زوجته الصماء البكماء.. كان جوابه أن مشاعرها لا تختلف عن مشاعركن فالصم والبكم عاهة اجتماعية تستبد بمشاعر وأحاسيس جميع نساء الوطن لان المرأة لا تطاع ولا احد يستمع إلى رأيها فالأفضل لها أن تكون صماء بكماء.. وعندما زفت إحدى المعلمات إلى زميلاتها بشرى الحصول على سيارة أجرة بمحرم تنقلهن من والى المدرسة..
توهمت إحداهن انه سمح للمرأة بقيادة السيارة.. وهو ما جسّد المعاناة الإنسانية بروح درامية فكاهية انتقادية تجاه لعنة التابو البغيض الذي يفترس كرامة المرأة.. إن الفنانين الثنائيين عبدالله السدحان وناصر القصبي يرمزان إلى مستقبل بهجة نهضة الوطن في ملكتيهما وموهبتيهما الفنية والمسرحية.. وانه من الوطنية بمكان أن تفتح امامهما أبواب الحرية في تكريس مواهبهما الوطنية والإنسانية.. وان يحظيا بعناية خاصة في الحماية والتشجيع ضد قمع وإقصاء وتكفير ملكاتهما الفنية التنويرية... وهو ما نراه ونسمعه من على منابر المساجد ومن دوائر الفتاوى الشرعية التي أبدت قلقها واستياءها واحتجاجها ضد مسلسلات طاش ما طاش في شخصي القصبي والسدحان ولا يمكن فهم موقف أية جهة مسؤولة في الصمت والسكوت على مثل هذه التهديدات العلنية في الإقصاء والتكفير والاستعداء على هدر دماء الآخرين دون أن يواجهوا بدرس عقاب لا ينسوه وهو اقل واجب وطني يمكن اتخاذه في حماية الكلمة والفكرة والإيماءة الفنية والمسرحية التي تنادي بإزالة قبح الظلامية من وجه الوطن.

شروط الحوار مع الآخر


بقلم: إبراهيم علي

في يوم الأربعاء الموافق للحادي عشر من الشهر الجاري، كنت ضمن مجموعة من الزملاء الكتاب والصحفيين العاملين في الصحف المحلية في حلقة حوار مستديرة مع الدكتور محمد بشار عرفات. و الأخير لمن لا يعرفه أمريكي من أصل عربي و يمثل "مؤسسة التعاون بين الحضارات"، وهي إحدى المؤسسات الأمريكية الخاصة غير الحكومية.

كان الموضوع الأبرز المطروح للنقاش هو كيفية بناء جسور للحوار والتواصل بين الشعوب الإسلامية والشعب الأمريكي، و هو ما أفاض فيه الضيف، مركزا حديثه على مسألتين محددتين:

المسألة الأولى: أن الجاليات القادمة من البلدان العربية و الإسلامية إلى الولايات المتحدة عاشت عقودا طويلة في حالة من العزلة و اللااكتراث بما يجري من حراك في المجتمع الأمريكي، بمعنى عدم بذلها لأدنى محاولة أو جهد للاندماج في أوساط صناعة القرار والتأثير عليها. هذا على الرغم من إدراكها لما لدولة عظمى مثل الولايات المتحدة من تأثير على الصعيد العالمي، فضلا عما يسمح به النظام السياسي هناك لمكونات المجتمع المختلفة من حرية العمل و الحركة و التأثير و تأسيس جماعات الضغط. وطبقا للدكتور عرفات فان هذا يعتبر موقفا سلبيا للجاليات العربية والمسلمة، و تقصيرا منها في استغلال ما يتصف به المجتمع و النظام الأمريكيين من انفتاح و تسامح و حريات عامة في إيصال صوتها و طرح مواقفها.

المسألة الثانية: إن الجاليات العربية و المسلمة هناك أصبحت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 الإرهابية في أمس الحاجة إلى الانفتاح والتواصل والتسامح والحوار مع سائر مكونات المجتمع الأمريكي. ومن ناحية أخرى فرضت تداعيات تلك الأحداث البشعة ضرورة أن تقوم منظمات المجتمع المدني في البلاد العربية بتحرك مدروس ومخطط لمد جسور الحوار والتواصل مع مثيلاتها في الولايات المتحدة. وفي هذا السياق أكد الضيف أن المجتمع الأمريكي و الحكومة الأمريكية كانا دائما و لا يزالان على استعداد للحوار و الاستماع لوجهة النظر العربية العقلانية والمعتدلة و المنطلقة من قاعدتي احترام الاختلافات الثقافية و الدينية، وحماية المصالح المتبادلة بين الأمة الأمريكية و الشعوب العربية.

و في رأينا المتواضع أنه لكي يكون هناك حوار بناء بين الطرفين، لا بد من توافر شروط تسبق الحوار أو توازيه، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

أولاً: تحقيق توافق داخلي بين مكونات الشعب الواحد في القطر الواحد، انطلاقا من حقيقة أن أي حوار مع الآخر لن يكتب له النجاح إذا خاضه احد طرفيه و هو في حالة انقسام و تفرق. فمثلاً كيف يمكن للشعب البحريني أن يقيم حوارا ناجحا وبناء مع أي شعب من شعوب الدنيا ، إذا كان هو نفسه عاجزا عن إقامة مثل هذا الحوار بين مكوناته و أطيافه المختلفة بروح متسامحة؟
إن هناك مشكلة داخلية متفاقمة في كل بلد عربي، عنوانها العريض غياب التسامح والتوافق وقبول الآخر المختلف، وتسيد عقلية الإقصاء والاستحواذ والوصاية والطائفية والعنصرية المقيتة. ولا شك أن هذا يمثل تحديا كبيرا لا يمكن مواجهته إلا من خلال الاعتراف الصريح بوجوده أولا، و من ثم وضع الحلول العلمية والعملية له بشجاعة ودون مكابرة، هذا إن أردنا أن نخوض حوارا جادا مع الغرب و ننجح فيه.

ثانياً: لكي ينجح الحوار مع الغرب، لا بد من اعترافنا الصريح بأن لهذا الغرب مصالح حيوية في بلداننا، و أن هذه المصالح تتقاطع بصورة أو بأخرى مع مصالحنا، وبأنه ليس من مصلحتنا على الإطلاق معاداته أو التحريض عليه أو إطلاق العنتريات ضده، لا سيما و أن الغرب، مهما كان رأينا فيه، يمسك اليوم بمفاتيح السياسة الدولية و سيظل كذلك لعقود أخرى طويلة بحسب مؤشرات موازين القوى العالمية. وبعبارة أخرى، فان الاعتراف المتبادل بوجود مصالح مشتركة هو بداية الطريق للحوار والتواصل الناجح، علما بأن اعترافنا بمصالح الغرب و قوته و تفوقه، إنما هو اعتراف بحقائق العصر، و ليس تبشيرا بالانكسار و الخضوع والإحساس بالدونية.

ثالثاً: من شروط أي حوار ناجح أيضا، أن يعترف كل طرف مقدما بالمكونات الثقافية و الدينية للطرف الآخر، و أن يتعامل معها بالتسامح والاحترام والفهم العميق من دون ازدراء لها أو تحريض عليها أو تقييد لحريات أصحابها. و ما نعرفه و نسمعه من الجاليات العربية و المسلمة في الغرب، أنها تتمتع بحريات كاملة في إقامة شعائرها و بناء معابدها و نشر عقيدتها و طباعة أدبياتها، و تأسيس مراكزها الإعلامية، هذا في الوقت الذي لا تمنح فيه بعض البلاد العربية مثل هذه الحقوق أو بعضها لرعايا الطرف الآخر أو من ينتسبون إلى عقيدتهم الدينية، بل في الوقت التي تصدح فيه ميكروفونات الجوامع العربية كل جمعة بالدعاء عليهم و على ونسلهم وذريتهم، وصولا إلى تمني زوالهم و سبي نسائهم و تيتم أولادهم!

رابعا: ضرورة وجود مؤسسات عربية و إسلامية غير حكومية مماثلة للمؤسسة التي يمثلها الدكتور عرفات، يكون من أهدافها القيام بنشاطات وزيارات ميدانية عبر القارات، و ذلك من اجل مد جسور التواصل والحوار بين الثقافات والحضارات والاستماع لوجهة النظر المختلفة والمغايرة. فبدلاً من توجيه اللوم للأخر على عدم تفهمه لقضايانا، علينا أولاً أن نسأل أنفسنا ما الذي قمنا بعمله كشعوب وحكومات من أجل تأمين التواصل والحوار مع هذا الآخر؟

bumarwan@batelco.com.bh

الأربعاء، أكتوبر 18، 2006

رجاء الصانع تطلب مليون دولار لتحويل بنات الرياض إلى مسلسل تلفزيوني



دبي - العربية.نت
طلبت الكاتبة السعودية رجاء الصانع من إحدى القنوات اللبنانية مبلغ مليون دولار لقاء تحويل روايتها "بنات الرياض" إلى مسلسل درامي، وذلك بحسب ما أشارت مصادر إلى جريدة "الجزيرة" السعودية التي قالت إن رجاء طلبت إضافة إلى ذلك مشاركتها في جميع تفاصيل العمل وكذلك مشاركة القناة في نصيب الإعلانات التي سترد من المعلنين الراعين للمسلسل وهو ما رفضته القناة حتى هذه اللحظة وتوقفت المفاوضات إلى ذلك الحد من الشروط التي وصفها المصدر بالمبالغ فيها.
وتحكي الرواية عن أربع فتيات سعوديات يبحثن عن الحب: قمرة مطلقة بعد اكتشاف خيانة زوجها، سديم تركها خطيبها بعد أن سلمته نفسها ليتركها بعد ليلة حميمية معتقدا أنها فعلت ذلك مع آخرين قبله، مشاعل التي لم يتمكن حبيبها من الزواج بها بعد ان امتثل لأوامر أمه الرافضة أن يتزوج ولدها من فتاة أمها أمريكية. وأما لميس فتلعب دور الفتاة التي تساعد صديقاتها.
يشار إلى أن مواطنان سعوديان قاما في وقت سابق برفع قضية ضد رجاء الصانع واتهما الرواية بالاساءة لبنات الرياض، كما رفع المدعيان قضية أخرى على وزارة الثقافة والإعلام بحكم أنها رفضت القضية بتاتا عند التقدم لهم بشكوى ضد الرواية، وذلك بحجة انه ليست لهما مصلحة في الموضوع بعكس إصرار المواطنين بأن الموضوع من مصلحتهم وللمصلحة العامة.
وكانت الصانع قالت في حديث تلفزيوني "أعتقد أن الرواية ما كانت عملا سياسيا أو رسالة، ولم تظهر من مفكر أو من شخص مشهور، الرواية ظهرت من فتاة من بنات الرياض في سن صغيرة ومعتقداتها وأفكارها كلها تأتي من البيئة التي عاشت فيها، فمن الصعب قول إنها حملة أو خطة للإساءة لبنات الرياض، المسألة أبسط من ذلك بكثير والرواية يجب ألا تحمل أكثر من كونها رواية وعملا أدبيا".
يقتضي التنويه إلى أن رجاء الصانع من مواليد 1981 وحاصلة على بكالوريوس طب أسنان من جامعة الملك سعود 2005 في الرياض، وقد أثارت روايتها الأولى ضجة كبيرة.

نقول لبعض المسحيين كفى تضليلا وتبعية ..

وليد قاطرجي
بالأمس أعاد دولة الرئيس العماد ميشال عون التأكيد على مواقفه السابقة والثابتة من مختلف القضايا، ورد على جميع المشككين من ساسة، ورجال دين، وصحافيين، ومحللين وغيرهم من المنبهرين بثروات خصومه المنقلبين، واثبت من جديد بأنه ما يزال رجل المرحلة بامتياز رغم جميع الافتراءات التي تطلق بين الحين والآخر لتشويه تاريخه الناصع والمشرف.

أرادها ذكرى تليق بشهداء لبنان العظيم الذين شرّعوا مقاومة الاحتلال السوري بدمائهم الذكية، واليوم وباسمهم يمد يده من اجل بناء الدولة الحرة القوية العادلة، ذات السيادة الغير منقوصة، والشراكة الحقيقية بين جميع اللبنانيين دون مراوغة ولا خداع، وباسمهم أيضا طالب اللبنانيون العمل على إعادة بناء الثقة فيما بينهم، وتعزيز وحدتهم الوطنية، ورفض التدخل الأجنبي من أي جهة كان.

هذا هو العماد كما هو، لم يتغير، ولم ينقلب، على تاريخه كما يتهمه خصومه ، خاض حرب التحرير لطرد المحتل السوري بمفرده وبسواعد رجاله الأبطال الأحرار، أمضى خمسة عشرة سنة في فرنسا مرغما ولم يتنازل عن خياراته الوطنية، تحمل مسؤوليته وتحمل أعباءها، وها هي شعاراته الوطنية وطروحاته في بناء الدولة تنال أعجاب الرئيس فؤاد السنيورة، الذي عرّض حلفائه للإحراج عندما قال أني أثمن مواقف العماد، ومن المؤكد بأن زعيم الأغلبية وحليف القوى المسيحية الملحقة والتابعة له، لن يمررها من دون توبيخ، وسيعاتبه لأنه علـّق ايجابيا على خطاب الجنرال أمام وسائل الإعلام، وهذا ما لا يريده، بينما المطلوب منه مواصلة الطعن بمواقف العماد وتياره، أرضاءا لحلفائه المنبهرين بهذا الزعيم الشاب الذي سيسمي واحدا منهم لرئاسة الجمهورية، التي ستصبح في نهاية المطاف من أهم الشركات التي يملكها على الإطلاق.

إن ما ظهر بالأمس خلال الاحتفال الملغى لشهداء 13 تشرين يثبت بان المسيحيين تواقون لاستعادة دورهم الوطني الرائد من خلال زعامة تحفظ حقوقهم كشريك فاعل، عمل في الماضي وما يزال من اجل بناء الدولة ومؤسساتها، وليس إلى أشباه الزعماء من هنا وهناك، من الملحقين والتابعيين، الذين يضللون الرأي العام عبر شعاراتهم المكتوبة من قبل الذين يعملون في هذا المجال في قصر قريطم والمختارة.
بالأمس قال المسيحيون كلمتهم وعبروا بوضوح عن رفضهم لما يشاع ضد العماد من أكاذيب من قبل ممن حولهم من المسيحيين المضللين التابعين، نعم بالأمس عبر المسيحيون عن رفضهم للتبعية والإلحاق، بالأمس اظهروا بأنهم لا يريدون منة احد، لا من السنة ولا من الشيعة والدروز، طالبوا بوضوح بالشراكة الحقيقية.

إلى هؤلاء المسيحيين المضللين والتابعين نقول شارعكم يرفضكم ولا يثق بكم، فانتم مجرد دمى تتحرك بأيدِ بعض المقامرين وأصحاب النفوذ المتوارث. كفى تضليلا وتبعية، وعودوا إلى رشدكم من اجل إعادة أمجادكم عبر الشراكة الحقيقية التي يطالب بها العماد ميشال عون، والتي تناسيتموها مقابل وعود وهمية وكاذبة من حليف يزنكم بأبخس الأثمان.

الثلاثاء، أكتوبر 17، 2006

جنرالهم هم في الرابية، جنرالنا نحن لا يزال في باريس!!!


الياس بجاني
المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
قد يستغرب البعض معارضتي الصريحة والعلنية والقاسية المستجدة لخيارات دولة الرئيس العماد ميشال عون، تلك التي تبناها خلافاً لكل طروحاته ووعوده والثوابت وعمل في إطارها منذ أن عاد إلى لبنان. وتحديداً في أعقاب تغطيته غير المبررة قيمياً، ولكن المفهومة ورقياً وتفاهمات، لغزوة حزب الله للأشرفية وباقي المناطق المسيحية من بيروت وضواحيها على خلفية حلقة من حلقات برنامج بسمات وطن، فيما البعض الآخر سيتهمني بالخيانة وبالانتقال إلى أحضان القوى التي تقف حالياُ في مواجهة حزب التيار الوطني الحر "الفاهم والمتفهم".

هذا الحزب العلماني الشابك الخناصر "إلاهياً" مع الصديق الوفي العماد لحود والأخوة في النضال والعروبة زاهر الخطيب ووئام وهاب وسليم الحص وفارس بويز وأسامة سعد والمير طلال ونجاح واكيم وعمر كرامي وايلي الفرزلي وناصر قنديل، والمتحالف مع الأحزاب الوطنية المقاواماتية، بدءً بحزب الله، وحركة أمل، والقومي السوري والناصري والشيوعي وانتهاءً بالبعثي وباقي الإخوة الرفاق من أعداء الأمس القريب، شركاء وأدوات حكام دمشق في هجمة 13 تشرين سنة 1990. سبحانك ربي فأنت قادر على كل شيء!!!

نعم لي الفخر أن أكون قد أيدت وساندت العماد عون ودافعت عن طروحاته بكل ما أوتيت من إيمان ومعرفة وإمكانيات وعلاقات وثبات منذ العام 1988 لأنني يومها رأيت فيه تجسيداً لقضية وطني وأهلي التي كان حملها واستشهد من أجلها البشير وآلاف اللبنانيين الأحرار وفي مقدمهم الأبطال الذين سقطوا في معركة 13 تشرين الأول 1990.

تلك القضية المقدسة التي شدتني إلى العماد سنة 1988هي نفسها التي أبعدتني عنه منذ عدة أشهر، بعد أن أبتعد هو عنها بجحود ونكران ناطحين بقرونهما، وتخلى عن طروحاته وثوابته والعهود كافة، منتقلاً دون أن يرف له جفن إلى القاطع الآخر بعد أن استسهل استبدال جلده وناسه. من هنا فأنا وغيري من المؤمنين بقضية البشير هوية وتاريخاً، تميزاً وإنسانا،ً حقوقاً وقيما، إيماناً ورجاء، لم نعد في وجداننا والضمير نرى في الجنرال المقيم حالياً في الرابية المنقلب على ذاته، نفس جنرال القضية والعنفوان الذي كان مقيماً في منفاه الباريسي.

نعم جنرالنا لا يزال في باريس، وإن كنا غير قادرين على التواصل الحسي والملموس معه كما كان حالنا خلال ستة عشرة سنة عجاف، إلا أن تواصلنا الروحي والعقلي لا يزال وسيبقى قائماً مع كل من يحمل القضية، حتى مع الذين انتقلوا إلى دنيا الخلود، تماماً كما هو حالنا مع البشير وغيره من قديسي وأبرار قضيتنا وشلوح الأرز.

وكما كنت صادقاً وأميناً وعقلانياً وصريحاً في دفاعي عن العماد يوم كان يجسّد في"نظري وعلى قدر فهمي" القضية، سأكون أيضاً وبنفس الزخم والقوة معارضاً له بعد أن "وبنظري أيضاً وعلى قدر فهمي"، تنكر للقضية ونقض كل وعوده والطروحات.

لن أقوم بأي جهد تحليلي أو تنظيري ولن أصدر أية أحكام على النوايا. لا، بل سوف أقارن بكل صدق وشفافية بين طرحي الجنرالين، جنرال باريس وجنرال الرابية بكل تشعباتهما والتحالفات تاركاً للقارئ مهمة الاستنتاج وبالتالي الحكم وتحديد المواقف.

في سلسلة من المقالات سوف أتناول مع مجموعة من الكتاب السياديين مواقف الجنرالين، جنرال باريس وجنرال الرابية، بحرفيتها والتناقض دون زيادة أو نقصان تحت العناوين التالية: اتفاقية الطائف، المعتقلون في السجون السورية، اللاجئون إلى إسرائيل، مزارع شبعا، القرارين 425 و520، القوات الدولية، اتفاقية نيسان، حزب الله، السلاح الفلسطيني، الصراع العربي الإسرائيلي ومشكلة لبنان، انسحاب إسرائيل من الجنوب، الحدود السورية اللبنانية، جرائم النظام السوري، منظمات الإرهاب، مفهوم العمليات الانتحارية، ضرب القوات اللبنانية، الشرعية من سيادة وحرية واستقلال، الميليشيات ومفهوم الجنرالين لها، ورقة التفاهم مع حزب الله، القرار الدولي 1559، حرب 12 تموز 2006، علاقة الاغتراب بالوطن الأم، حق الاختلاف دون خلاف، قانون محاسبة سوريا، فورميلا لبنان الكيان، القوى الدولية ومزاوجة المصلحتين، العلمانية، العروبة، الهوية اللبنانية، العلاقة مع سوريا ومواضيع أخرى كثيرة.

البداية اليوم هي مع خطاب جنرال الرابية يوم الأحد الموافق 15 تشرين الأول 2006، فماذا قال وماذا كان قاله جنرال باريس في نفس المواضيع وتحت نفس الظروف؟
بداية أشكر النائب عباس الهاشم العضو المستجد في حزب التيار الوطني الحر الذي بالفعل زاد قناعتي بأن جنرال الرابية "مش هو نفس جنرالنا" وذلك من خلال التصريح البالغ الأهمية الذي أدلى به أمس الاثنين (16/10/2006) حيث قال للمركزية: "ولكن ما نود الإشارة إليه هو أن يوم 15 تشرين هو يوم تاريخي في تاريخ لبنان الحديث، إنها الثورة الحقيقية التي قام بها الشرفاء، فلنعترف أيضا بأنه قبل 15 تشرين كان عون الزعيم الأقوى والآن بعد 15 تشرين اصبح الزعيم الأوحد".

جنرال الرابية هو الزعيم الأوحد، يعني بمفهوم الهاشم الجنرال مثله مثل الأسد وكاسترو وهتلر وستالين والقذافي وصدام وموسوليني. ترى هل هذا هو جنرالنا، نفس جنرال باريس؟ بالطبع لا. فجنرالنا، جنرال الحرية والسيادة والإستقلال كما نعرفه عن قرب هو إنسان ذو خلق، محب، متواضع، ديموقراطي، يعشق الحرية، يقدس شرعة حقوق الإنسان، يعترف بالآخر، يقبل بالخلاف دون اختلاف، وهو القائل أيريد العالم من ضابط يرتدي اللباس المرقط أن يعلمه الحرية؟

لا جنرالنا ليس زعيماً أوحداً، ولو كان كذلك لما سوّق لقانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان، ولما كان حاضر أمام البرلمان الأوروبي عن الحريات وعن ضرورة ملاحقة رموز النظام السوري وحاكمه الأوحد على جرائمهم البشعة بحق اللبنانيين. لا، لا، إن جنرالنا ليس زعيماً أوحد ونحن براء من هكذا زعيم وجنرال.

والأهم إن جنرالنا، جنرال باريس، ما كان ليسمح للهاشم أو لغيره من الذين لم يعرفوا التيار يوماً في شدته والنضال أن يشوه صورته الناصعة ويفتك في مصداقيته ويغربه عن ناسه والقضية، تلك الصورة التي أحبها الشعب اللبناني وعشقها الأحرار واستشهد من أجلها عسكر 13 تشرين الأول سنة 1990 في بسوس وضهر الوحش وباقي ساحات الكرامة. نعم، نعم، نفس العسكر الذي أنكر بجحود غير موصوف جنرال الرابية صلتهم بحزبه ومن على شاشات التلفزة!!
يا الهي ما هذا ولماذا؟

أما ما كان لافتاً في خطاب جنرال الرابية يوم الأحد ومناقض لكل فكر ومنطق وخلفية وطروحات وممارسات جنرال باريس فهو قوله إن سلاح حزب الله هو "مؤقت"، من أجل حماية لبنان أي "شرعي"، ويُزال ضمن إستراتيجية محددة أي "ضروري".

هنا لا أشك للحظة أن جنرال باريس قد تكهرب وغضب وأنزعج عند سماعه هذه المعادلة الفورميولا التي قضى، هو وكل مناصريه ومحبيه في لبنان وبلاد الانتشار، طوال ستة عشرة سنة، ونحن من ضمنهم، بمحاربتها يوم كانت تبرر استمرار وجود الجيش السوري المحتل والغاصب في لبناننا الحبيب.

أما المضحك والمبكي "والبيجنن وبيطيِّر العقل" في آن، فهو أن حبايب جنرال الرابية الحاليين تفاهماً وورقاً وتحالفاً ومخططات وتلفزيونات وإذاعات وبنوك هم من كان يعزف على أنغام "مؤقت شرعي وضروري" ويرقص على شعار "وحدة المسار والمصير". ويضطهد الأحرار تحت راية "شعب واحد في بلدين"!!!
وهنا أيضا سبحانك ربي فأنت قادر على كل شيء ونسألك الرحمة بمصير وطننا وأهلنا.

وحتى أوفر مجهود وردود الذين تربوا على معالف ثنائية الولاءات وعمى البصر والبصيرة، والذين تطبعوا وشبوا على مبدأ "يلي بياخد إمي بيصير عمي"، اعترف خاشعاً وراكعاً أنني ومن يقول قولي لسنا منتسبين لأي حزب أو تيار لبناني، ولا نؤيد أي زعيم أو قائد في لبنان، والأهم من كل هذا وذاك أننا والحمد لله لا زلنا ثابتين على نفس خط ونهج وثوابت وطروحات وقيم وأخلاقيات جنرالنا الذي كما أوردت سالفاً لا يزال في باريس وهو ما عاد بعد من منفاه....
وللحديث تتمة في الحلقات القادمة.

phoenicia@hotmail.com

الاثنين، أكتوبر 16، 2006

الدكتورة ميرال الطحاوي: خلعت الحجاب لأنني لست عورة



دبي - فراج اسماعيل
العربية نت
في حوار مع "العربية.نت"، كشفت الروائية المصرية المعروفة د. ميرال الطحاوي أنها كانت منخرطة تنظيميا في جماعة الاخوان المسلمين وبدأت الكتابة من خلالهم، وكانت ترتدي الحجاب الذي ترتديه الأخوات، لكنها خرجت من جلباب الاخوان وهجرتهم وخلعت الحجاب، قائلة: "توقفت أن أنظر لنفسي باعتباري عورة وجسدا".
وأشارت إلى أن طلابها من المتدينين يتركون قاعة المحاضرات في جامعة القاهرة بمجرد دخولها لأنها كاشفة الشعر، وهم يعتبرونها هدفا من أهدافهم، مشيرة إلى أن هناك محاولات استعادة لها من جماعات محسوبة على التيار الاسلامي ، وهم يكنون لها الاحترام وما زالوا يعتبرونها واحدة منهم.
ورفضت ميرال مقولة الاحتياج إلى فقه جديد، مطالبة بفصل الفقه عن المرأة والابتعاد عن ما اعتبرته ابتزازا لها عبر المقصلة الدينية، مشيرة إلى اعتراضها على تأويل النص الذي تحول من الجماعات الدينية الى التأويل الاجتماعي في رأيها كأن الناس تبحث عن صكوك الغفران بالحصول على الفتاوى.
وكانت قد صدرت مؤخرا الترجمة الدانماركية لروايتها "الباذنجانة الزرقاء" عن دار أندرسكوفن للنشر في كوبنهاجن، وهي دار شهيرة نشرت لكبار الكتّاب في العالم باللغة الدانماركية. ولم تكن اللغة العربية واحدةً من اللغات المعتمدة لديها للترجمة عنها، واختارت مائة وثمانين رواية لكتّاب عرب صدرت أعمالهم بالعربية وبلغات أخرى ، وفي التصفية النهائية وقع الاختيار على رواية واحدة هي " الباذنجانة الزرقاء ".
وقد ترجمت الرواية إلى اللغة الدانماركية عن الألمانية ماريانا ميدلونج، وهذه هي المرة الأولى التي يُترجم فيها عمل لميرال عن لغة وسيطة، وكانت قد ترجمتها إلى الألمانية المستعربة دوريس كلياس التي ترجمت الكثير من أعمال نجيب محفوظ .
هذه الخطوة جاءت بعد قضية الرسوم المسيئة والتي أثارت غضبا في العالم الاسلامي وعنها تقول د. ميرال الطحاوي إن جامعة باسم الرحالة والمستشرق الدنماركي الكبير كاستر نيبور، و تضم قسما للغة العربية وآدابها، فكرت أن تقدم الثقافة العربية الحقيقية إلى الجمهور الدنماركي باعتباره جمهورا معزولا وغير متورط سياسيا، وعلى أساس أن عدم وعي الثقافات ببعضها البعض، هو سبب الخوض في المساحات الشائكة للمقدسات.
وتوضح ميرال أن هذ الرؤية انطلقت أيضا من قاعدة ان تقديم الثقافة العربية سيفيد النظرة الايجابية للمسلمين، وفي نفس الوقت سيقدم للجمهور الدنماركي وجها آخرا لأمور يجهلها في تلك الثقافة، ومن ثم قامت عدة مؤسسات مثل القلم الدولي وجامعة كاستر نيبور وغيرهما من مؤسسات المجتمع المدني بالتعاون مع دور نشر ومكتبات وصالات لعرض الفنون العربية، بعمل مهرجان أطلق عليه "صورة الشرق الأوسط" وهو احتفالية ستستمر عدة سنوات، وتشمل العديد من الأنشطة التي يقوم بها محبو العرب والثقافة العربية، كترجمة النصوص القديمة، ونصوص مختارة جديدة، وتقديم الموسيقى العربية وفنون الرسم والنحت وما إلى ذلك.
وتوضح أنها تلقت دعوة مع عدد كبير من الكتاب العرب لقراءة انتاجهم في تلك الاحتفالية، وتصادف ذلك مع صدور الترجمة الدانماركية لرواية "الباذنجانة الزرقاء" التي "قدمت لها 8 قراءات في الدنمارك، حيث قدم عدد كبير من الكتاب الأتراك والايرانيين قراءاتهم لانتاجهم أيضا".
وتضيف ميرال: أنا من أشد المؤمنين بأن الكتابة تمثل جسرا بين الثقافات المختلفة، والكتابة هي الحل الوحيد ليس فقط لتحسين صورة الشرق الأوسط والمرأة المسلمة، وانما لعبور كثير من المناطق الوعرة بين الثقافات، وتغيير النظرة النمطية السائدة في الغرب للعرب والمسلمين.
وتعكس ميرال الطحاوي في "الباذنجانة الزرقاء" على حد قولها، مؤشرات التغير في المجتمع المصري في فترة معينة، وتمثلت في الاعجاب بالامام الخوميني وانتشار صوره، مثلما يحدث حاليا مع حسن نصرالله، ثم التصادم الذي حدث بين الاخوان وعمر التلمساني (المرشد الأسبق للجماعة) مع الرئيس الراحل أنور السادات، وتتكلم الرواية عن الحياة الطلابية داخل الجامعة في ذلك الوقت، ففي داخل أروقة الطلبة تتردد الكثير من الايديولوجيات.

علاقتي بالاخوان والحجاب
وعما إذا كانت الرواية هي سرد لسيرتها الذاتية ترد ميرال: أنا لا اعتقد أنها سيرة بالمعنى السيري، لكنها محاولة الرؤية الذاتية لما يحدث في المجتمع العربي والمسلم. فيها الكثير من خبرتي داخل الجامعة، نوع من المراقبة للأحداث، خصوصا أنني في ذات الوقت كتبت عن علاقتي بالاخوان المسلمين أو بالحجاب. هذه فترة عشتها في حياتي.
وتضيف: الرواية تتناول بالتفصيل طريقة التفكير السلفي أو اليميني، وتحولات فتاة من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار والخروج والابتعاد عن كل العباءات، ففيها أيضا على الأقل خبراتي الشخصية وإن كانت لا تترجم حياتي.
وتستطرد ميرال الطحاوي: فيها خبراتي خلال فترة التعرف على الجماعات الدينية ومناقشة أفكارهم، ثم الترك والهجر والرغبة في الانفصال عنهم وعن هذه الأفكار.
وتوضح أنها بدأت عهدها بالكتابة من خلال صحف الاخوان المسلمين: كتبت فترة في مجلة "الدعوة" وبعد توقفها كتبت في "لواء الاسلام". وكانت السيدة زينب الغزالي رحمها الله تشرف على باب المرأة، وقد شجعتني كثيرا على الكتابة ثم قدمت لكتابي الأول" مذكرات مسلمة".

تمردت على قالب الاخوان
وتواصل ميرال: أعتقد أن الاخوان المسلمين أهدوني فكرة الكتابة، وبعد ذلك تغيرت عندي أفكار كثيرة فتركتهم. لقد حدثت مفارقات داخل هذا الانتماء فاخترت أن احتفظ فقط بفكرة الكتابة، أي أن أصبح كاتبة ضمن سياقي الأدبي وليس ضمن سياق الاسلام السياسي كما كانوا يرغبون.
وتضيف: كانوا يريدون أسماء نسائية تعمل في الحقل العام ويتم تقديمها بشكل جيد وتستطيع كتابة مفاهيم الأدب الاسلامي. لم استطع أن اعيش طويلا في هذا القالب الذي رسموه لي. تمردت على القالب وليس على الكتابة.
وتنفي أن يكون سبب ذلك خلافها مع رموز اخوانية مثل د. عصام العريان وتقول ردا على سؤال لـ"العربية.نت": لم يكن هناك خلاف على الاطلاق. ما زلت احفظ لهم أنه لم يكن هناك على الاطلاق عنف في التعامل مع حالتي، وان كان هناك شكل من اشكال الرثاء أو محاولة الاستعادة، وحتى الآن الجماعات المحسوبة على التيار الاسلامي وبعضها خرجت من عباءة الاخوان، وتطورت إلى مناقشة تصوراتهم وأفكارهم والاضافة اليها مثل حزب الوسط. هذه الجماعات ما زالت تعتبرني جزءا منها، وما زال هناك الكثير من المودة بيننا.

المتساقطون على طريق الدعوة
وتمضي ميرال قائلة: ولكن كما تعلم، الاخوان هم الجبهة الاكثر لياقة ودبلوماسية، في التعامل مع ما يسمونهم "المتساقطون على طريق الدعوة" وهي عبارة تطلق على من عاشوا في جلباب الاخوان لفترة ثم خلعوه، ولم يستطيعوا استكمال المسيرة بعد أن تعبوا أو ملوا، لكنهم في نفس الوقت لا يعتبرونهم اعداء.
وتضيف: لم اعتبر الاخوان اعداءا في يوم من الايام، فنشأتي دينية لكن من الناحية الفكرية لم أعد متعاطفة أو متعاطية لهذه الأفكار. أنا لا اهاجمهم ولا هم أيضا يفعلون.هناك هامش من الاحترام بيننا، فانا لم استغل فكرة انني تركت الاخوان المسلمين ولم استثمرها اعلاميا، ولم اتحدث بشكل فيه هجوم أبدا. القضية في النهاية هي احترام وجود الآخر واختلافه عنك، فتضطره لأن يحترمك. لم أخرج في يوم من الأيام لأشهر بأحد ولا هم أيضا.
وتتابع ميرال الطحاوي: أنا لست عدوا لهم، لكن هناك مفارقة فكرية رهيبة حدثت بيننا، واعتقد انها كانت تجربة من التجارب الطويلة في حياتي.

طلابي المتدينون يخرجون من محاضرتي
وتقول ان هذا التغير امتد الى الشكل أيضا "كنت أرتدي الحجاب ومنخرطة بشكل تنظيمي في الجماعة وعشت طويلا في هذا الاطار. وطول الوقت تراودني فكرة أن اكتب السيرة الحقيقية لهذا التحول، الباذنجانة الزرقاء كانت عملا روائيا فيه بعض الاشياء، لكني دائما كنت ارجئ السيرة الحقيقية لهذه التجربة، ربما في ضميري بعض مخاوف المواجهة، لكن عندي رغبة أن ارى التجربة بشكل حيادي، خصوصا وأنا أقوم حاليا بالتدريس في جامعة القاهرة فرع الفيوم، فأرى تزمت الجماعات الدينية معي".
وتضيف: كوني أستاذة غير محجبة، عندما ادخل المحاضرة أرى نصف الدفعة من الطلاب المتدينين يخرجون من القاعة، فهم يعتبرونني بشكل مباشر أحد أهدافهم، لذلك لدي مشروع أن اكتب بشكل مفصل عن هذه الخبرة الشخصية.. لماذا في سن معين نعيش هذه الخبرة، هل هي دوافع اجتماعية أم سياسية ام اقتصادية. لم تجب "الباذنجانة الزرقاء" على ذلك، واعتقد ان الكتابة عن تجربة شخصية ستكون أرحب، لأني في الباذنجانة كنت حريصة على العمل الفني وأن تأخذ الشخصية حيزها.

الطالبة المحجبة خرجت عن القطيع
وتواصل ميرال: اعتقد أن تجربتي لم تكتب في الباذنجانة الزرقاء بالشكل الذي أريده الآن، خصوصا أن نفس الطالبة التي كانت تجلس محجبة او منتقبة وتعيش هذه العزلة، أصبحت الآن مع الدورة الزمنية هي الاستاذة التي خرجت عن القطيع، وهي مفارقة عجيبة. كنت ارتدي نفس زي الاخوانيات وهو الرداء الواسع والحجاب الذي لا يغطي الوجه.
وعندما سألتها هل خلعها للحجاب كان تطورا فكريا أم تمردا فأجابت: هذا أحد أسئلتي، لكنني احسست بأن الحجاب اصبح شكلا خارجيا بلا مضمون خصوصا أنه حصلت لي تغيرات فكرية كثيرة، فلم أعد مقتنعة بأنني عورة أو اصلح للتعامل مع نفسي بهذا الشكل. أصبحت أرفض الحجاب وارفض فكرة انني عورة أو أن الجسد هو موضوع للجريمة او للمحرم. توقفت ان انظر لنفسي باعتباري أداة وجسدا.
سألتها: هل رجعت للتراث والموروث الديني لتبحثي عن اجابة لأسئلتك خلال هذه التجربة.. تجيب ميرال: كثير من زميلاتي فعلن ذلك لكني كنت في حالة تصالح بشكل أرحب. ليس مطلوبا مني أن انفذ حرفية الدين أو اكون عبدا للحرف مهما كان ولا للتفسير ولا لتأويل أحد، فكثيرا ما يستخدم تأويل النصوص لمصلحة سياسية خصوصا في الجماعات الدينية، فقد اعطوا لأنفسهم حق التأويل المطلق وحتى حق استخدام المرأة.

الاراء الفقهية تتغير حسب الطلب
وتضيف: هناك علاقة ما بينك وبين احساسك بالمحرم وهي أصدق من الاستخدامات اليومية، فكثير من الاراء الفقهية تغير وتستخدم وتؤجل لأسباب سياسية واجتماعية.سوء استخدام هذا التأويل للنصوص هو الذي ابعدني، واعتقد أن اوروبا مثلا لم تتجاوز مشاكلها إلا بجعل الدين علاقة بين الفرد وربه واعتقاداته ولم تجعله هدفا لمقصلة جماعية او سياسية.
وتقول الطحاوي: من الضروري أن نفعل ذلك، وأن يحدث نوع من الوعي الاجتماعي، فالمجتمع المصري في غيبوبة بكل طبقاته، وهذه الغيبوبة تمتد إلى اشكال وصراعات وموضات الدعاة والتلاعب اللفظي بالآيات القرآنية والتفسيرات والتأويلات.

البحث عن صكوك الغفران
وتوضح ذلك بقولها: اعتقد أن هناك اسرافا ونوعا من الابتذال في التعامل مع المرأة بالذات، وفي تفسير النصوص الدينية وتفسير فكرة الزواج وتعدد الزوجات. حتى العلاقات غير الشرعية اصبحت تحتاج فتوى، وتحل أعقد المسائل اللا أخلاقية بفتوى. وهذا يعني مخالفة روح الشريعة وتغييبها بالفتاوى المفبركة أو المخصصة وهذا محزن.
وتضيف: في البداية كانت الجماعات الدينية تستخدم ذلك لتبرير استراتيجيات معينة. الآن يستخدمه المجتمع كله في سبيل رجل يريد أن يتزوج ثلاث أو أربع مرات أو امرأة تريد ان تعمل علاقة سرية لا تريدها ان تكون حراما يدخلها النار. لقد فتحوا التأويل الاجتماعي للنصوص، فكل أحد عنده مشكلة يبحث عن صك غفران بعيدا عن روح الشريعة.

يجب اغلاق فقه المرأة
ولا تؤيد ميرال مقولة اطلاق فقه جديد "في رأيي يكفي العمل بروح الشريعة، واستخدام المرأة في المسألة الفقهية باب يجب أن يغلق، وان يفتح بدلا منه باب الحقوق المدنية، وتترك التأويلات الفقهية بين العبد وربه. لا معنى للرقابة الفقهية الموجودة حاليا على كل القنوات التليفزيونية التي تحلل وتحرم طول الوقت. نحن لسنا في حاجة لفقه جديد بل لفصل الفقه والتكلم في الحقوق المدنية، وبعد ذلك كل شخص يطبق على نفسه معتقداته الفقهية بشكل يناسبه.
وتضيف ميرال: كان عندي طول الوقت مساحات للتمرد، علاقتي بالاخوان وبالقبيلة فيها كثير من النقد. فالكاتب في نظرته للاشياء عنده كثير من الوعي المفارق للآخرين. لكني على الاطلاق لا استعمل الاعلام او التصريحات في الاساءة لأحد. التمرد ان تكون لديك رؤية مخالفة لرؤية الآخرين واعتقد ان هذا من حقك، وشرف ان تكون متمردا بهذه الطريقة فمعناه رؤية مخالفة للحياة.

المرأة العربية تبتز بمقصلة الدين
وتمضي قائلة: للأسف الشديد المرأة العربية تسير في الاتجاه المعاكس على الرغم من أن هناك بعض الحقوق، لكن التطور الاجتماعي يسير في اتجاه اكثر انغلاقا ولا يتناسب على الاطلاق مع التطور الحقوقي للمرأة. في مصر لا تستطيع المرأة ان تمشي على رجليها لمدة خمس دقائق، فالنظر اليها يتم بشكل فيه دونية وابتذال وابتزاز ايضا. تقوم المرأة بأدوار عديدة ولكنها غير قادرة على الحصول على حقوقها. يتم ابتزازها دائما بمقصلة الدين أو التشريع التي تقضي على كثير من حقوقها الدينية.
وعن عرض تلقته من ناشر سلسلة روايات "هاري بوتر" الشهيرة الخاصة بالناشئة، لنشر روايتها الجديدة قالت ميرال: لقد طلبوا مني أن اعمل كتابا للأطفال أو الشباب في سن 16 سنة عن مغامرات في بلاد العرب، لكي تتعرف الاجيال الجديدة في الغرب على الثقافات العربية بصورة جيدة ولا يكون عندها هذا العداء المسبق، خصوصا ان الظاهرة الاسلامية تواجه هذا الجيل وهو غير قادر على فهمها، ولا يعرف ما هو العربي أو المسلم ويحتاج الى وعي مسالم، خصوصا وأن المخيلة العربية ثرية وفيها الكثير من المغامرات.
وتضيف ميرال: حتى الآن لا زلت افكر، فانا خائفة من التجربة، لأنني اكتب الرواية بلا شروط، وفي الاطارات الاخرى اكون اكثر ترددا لانها خبرة جديدة لابد ان تأخذ وقتها. انها تجربة تستحق التفكير خصوصا ان سلسلة هاري بوتر للاطفال قائمة على المغامرات وعالم السحر في الشرق.
حصلت ميرال على رسالة الدكتوراه عن المقدس في روايات الصحراء، وتقول ان هناك رواية صحراوية تتعامل مع القبائل العربية وقبائل البدو وقبائل الطوارق واليمن والجزيرة العربية والشمال الأفريقي، وقد اخذت كثيرا من هذه النماذج.
وتؤكد ان رواياتها تنتمي الى الثقافة الصحراوية وتناقشها وتتداخل معها ايضا، واسئلة بحث الدكتوراه كانت هي نفس الاسئلة التي اسألها لنفسي.
وعن الاتهام الموجة لها بأن مشروعها الابداعي يغازل الغرب لتترجم اعمالها قالت: الحقيقة ان هذا القارئ المفترض لا يكون في ذهن الكاتب، قد يجئ بعد ذلك، وانا أرى انه ليس هناك عيب في ان يقرأ لك قارئ من ثقافة ثانية مختلفة لأن كل الكتابة الحقيقية تعدت قارئها وكاتبها الى لغات اخرى. انا اكتب لقارئ لا اعرفه وليس عندي اية مواصفات عنه. اكتب عن عالمي فاذا صادف ان أعجب الآخرين بهذا العالم فانا لا اعتبر ذلك سلبيا.
وميرال الطحاوي من مواليد محافظة الشرقية في دلتا النيل بمصر. ابنة لقبيلة تعرف بالهناد، و هي الصغرى بين سبعة أبناء، منهم خمسة أولاد. حصلت على ليسانس من جامعة الزقازيق، وماجستير في اللغة العربية من جامعة القاهرة ثم الدكتوراه، وقد كتبت أعمالا حظيت بتقدير النقاد، منها الخباء، الباذنجانة الزرقاء، نقرات الظباء.

هل يكون الإسلام هو الرد على الانحلال الخلقي في حضارة اليوم؟



يقلم/الكولونيل شربل بركات
في عالم اليوم حيث تبدو الحضارة آخذة درب السهولة والغرائز وحيث الإعلام والتكنولوجيا أصبحا ملح الأرض وغذاء الروح والجسد.
في عالم اليوم حيث المدارس تعلم الأطفال أن يحترسوا من آبائهم وأمهاتهم، والجار أن يخاف من جاره فيتقوقع في جحره وينعزل إلا عن وسائل غسل الدماغ الجماعية.
في عالم اليوم حيث يدخل "المثل الأعلى"، المزين بمظاهر جذابة، عمق اللاوعي فيسلب الطفل براءته، والشاب طموحه، والفتاة طهارتها، والكهل رصانته، والمرأة اتزانها.
في عالم اليوم حيث خلعت الراهبة سترها والكاهن وقاره وشاع العهر في كل شيء وتغلبت المادة على الإنسان فبدلت قيمه وتجربته ومعاني الترفع والعزة عنده.
في عالم اليوم حيث أصبح الجنس البشري كله مهدد بالانقراض والأرض بالتصحر والزوال.
في عالم اليوم حيث تتحول الغرائز نحو الشذوذ ويبطل إنجاب بذار المستقبل وتحدد العلاقة الطبيعية لمنع الاستمرار.
في عالم اليوم حيث يريدون لنا التناسل في المختبرات ويغيرون الجينات التي تحمل في طياتها معارف الأجيال.
في هذا العالم الضارب عرض الحائط بالقيم والأخلاق بالعرف والتقاليد. هذا العالم السائر طوعا نحو حتفه والممعن في الانتحار بكل كبرياء وبدون معرفة. يظهر الإسلام وكأنه الرد من عند الله للإبقاء على ما رسم سبحانه، واستمرار الحياة البشرية على وجه هذه الأرض كما كانت منذ آلاف السنين.
فالإسلام قال بالتسليم "لا تقل آمنا بل أسلمنا" وهو تسليم لمشيئة الله عز وجل ولرسومه وأحكامه.
والعودة إلى الأصول في الإسلام هي عودة إلى الطبيعة والإيمان وممارسة للأخلاق التي تربت عليها البشرية.
والإسلام لا يرضى أن تصبح النساء والأمهات مادة للمتاجرة والتسلي، ولا أن تبنى العلاقة بين الجنسين، ولو مؤقتة، إلا على ما رسم الله ورسله، وهو كغيره من الأديان يتبع الشريعة "المنزلة" والتي تشابهت عند الكل لقرون طويلة فكانت الحافز على استمرار البشرية.
والإسلام، كالأديان الملتزمة، لا يقبل بالإجهاض وقتل النفس، والعلاقة الجنسية عنده تتم بعقد يكمل فيه المسلم دينه بإنشاء العائلة وإنجاب البنين.
والإسلام لا يشرّع الشذوذ، ولو اعترف بوجوده، وهو لا يطلق لملذات الإنسان العنان تحت ستار الحرية. فالصلاة واجب مقدس تحاسب عليه في الدنيا كما في الآخرة، والزكاة واجب أيضا عليك أن تنفذه، والصيام فريضة على المسلم أن يطبقها، كما الحج إلى بيت الله الحرام والطواف بالكعبة ورجم الشيطان. ولكن الأهم في الإسلام هو الجهاد في سبيل الله وهذا الجهاد هو بيت القصيد اليوم وهو موضوع الساعة في أحاديث العامة والخاصة وفي تصرفات المسلمين وردات الفعل التي يواجهون.
أحد المزامير وهو يبدأ بالجملة التالية: "لماذا ارتجت الأمم وهبّت الشعوب بالباطل، قام ملوك الأرض والعظماء أتمروا معا على الرب وعلى مسيحه..." يحاول أن يروي بشكل أو بآخر محاولة "انقلابية" على الله وعلى مسيحه وهو بعد سردها وإطلاق العنان لزعمائها يعود ويقول ما يلي: "حينئذ يكلمهم بسخطه وبغضبه يروعهم..." فهل إن غضب الله سينزل كما نزل على صادوم وعامورة نارا وكبريت؟ أم أنه سينزل كما نزل على فرعون موجة كبيرة نتجت عن عصا موسى أو بركان كريت؟ وهل تكون "تسونامي" إحدى إشارات الغضب تلك؟
عندما تنظّمت روما وارتاحت من الحروب فأطلق شعبها العنان للغرائز والشذوذ، هل كان الغوط وسيوفهم رد من الله لهدم حضارة الفسق؟ أم أنه مسار التاريخ وحتمية الطبيعة التي تقاتل لكي تستمر فيقوم العنصر الأقرب إليها بقلب النظم المعاكسة لمسيرتها ليعيد لها نشوة الحياة والتجدد، كما الفلاح في عملية قلب التراب لكي يعيد تغذيتها وتهويتها فيزول الظاهر الذي يبس ليخرج وجها جديدا متجددا ملؤه النشاط في دورة متكاملة لا توقفها عوامل المعاندة والادعاء.
إن الإسلام الهاجم بسيفه المسنون على حضارة الغرب، التي سيطرت عليها فلسفة الخنوع والتبرير، وقادتها عصائب السوء من المتاجرين بكل شيء، الذين لم يعد عندهم طموح وهمم، وصارت مجتمعاتهم مخنثة ضعيفة منعزلة لا تعرف الواجب ولا ترغب في التغيير، سوف ينجح دون شك في نفض الغبار وحرق اليباس وقلب التراب الذي غلف وجه الحضارة المسنة تلك لتنبت براعم عصر جديد ينهض بالإنسان ويطلق طاقاته الخلاقة في إطار من مخافة الله واحترام خلائقه ونظمه ورسومه.
فهل يعي الغرب فيقف كما وقفت بيزنطية فيما مضى ويبادر إلى التجدد والتحصن بالقيم والأخلاق؟ أم أنه سيبقى سائرا إلى حتفه دون أن يشعر إلا بعد فوات الأوان بأنه كما قال الشاعر: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

عذرا ً يا وردة

خالد خيت
عـذرا ً يــا وردة ً تحييني
لشم ِ الزهر ِ
وعبق ِ الرياحين ِ
عذرا ً لوهن ٍ في تخميني
عـذرا ً , إنـه شوقي و حنيني
وهاأنذا شرقي ٌ و قصائدي
كلها تمرد ٌ كأيامي
وسنيني
و إني لأجهل ُ فنون َ السحر
إنما تمرد ُ الجنون من فنوني
و لي صحب ٌ بالتعجل اتهموني
ولو ودّوا لوهبتهم عيوني
أشعارهم أسكنتها قلبي
ويقيني
و فرشتُ لها صدري و جبيني
و إني أهوى الحياة كما هي
لكنّي يوجعني ألمي
وأنيني
توجعني جراح ٌ في كياني .
و نزيف ٌ في شعري,
في شراييني
ليتهم ينادون عليّ صحبي .
إنما وحسرتاه لم ينادوني
ليتهم يذكرون بعضَ حبي
لطعنتُ غضبي
وخنقتُ جنوني

الأحد، أكتوبر 15، 2006

مقالات صادق مجبل الموسوي


لقراءة جميع مقالات الكاتب انقروا على اسمه الموجود في أسفل هذه الصفحة على الجهة اليسرى:

السبت، أكتوبر 14، 2006

ماذا بعد الموت وأسئلة أخرى؟


ما اختزنته الذاكرة من أسئلة فيلم "يوم ماطر "للمخرج الفلسطيني عائد نبعة

فاطمة لبابنة*

أتساءل عن العلاقة المرة والحميمة في آن مع الموت ،وهل الموت من وجهة نظر المخرج الفلسطيني عائد نبعة حسب ما يثور من خلال فيلمه( يوم ماطر)، خلاص أم سؤال " ماذا بعد؟" لا إجابة عليه .
في الفيلم تتشكل كثيرٌ من الأسئلة،فالمشاهد تتوالى في رأسه الأسئلة مع انطلاق المشهد الأول من الفلم، لتتنامى مع استمرار العرض الدامي،ومع انتهاء العرض يجد نفسه يحمل تصورا جديدا قديما للأشياء.والأسئلة التي ربما طرحناها جميعا في دهشتنا الطفلة حين كنا نتساءل" ماذا بعد"؟.
وها هو الموت ،فهل هو حالة من دفنهم حفار القبور؟أم حالة الحفار نفسه بعدما ماتت فيه كل المشاعر والأحاسيس الإنسانية مما جعله يلقي بقسوته على ذلك الصبي الذي ينقب عن أي مظهر للحياة، وعلى تلك المراة العاجزة التي تمثل الجميل والمر في حياة ذلك الصبي،فهي من بقيت لتمنحه الحياة،وبنفس الوقت تحمّله ويحمّلهما ألم وجودهما الحميم.
وينعطف الفيلم من حفار القبور في محاولته إقناع نفسه وإشباع رغباته الى محاولة الصبي الدفاع عن أمه ضد حفار القبور وضد المطر،ولكن قهر الموت يخطفها فلا يبقى للصبي إلا ذلك الإحساس المغرق بالموت،فلم يبق سواه بعد أن خطف الموت الشخوص ؟أيحترف نفس المهنة في مصاحبة الموت وانتظاره؟لماذا يرتدي ثياب الحفار بعد أن كان يحاول أن يوقظ الموتى بأعواد القصب؟اهو حالنا بعد أن فقدنا كل مبرر للحياة.
جاء الفيلم متناسقا واخزا بأدوات تخدم حبكته الدرامية وبنيته البصرية،فقد أبدع المخرج في توظيف كاميراه لخدمة رؤيته، فلم تتسلل الى انسيابية الفيلم أي لقطة خارج الكادر،ومع كل لقطة كان المشاهد يتساءل" ماذا بعد"؟حتى خيل له أن العالم انحصر كله في صراع هؤلاء الشخوص مع أنفسهم ومع الموت. كان الفيلم ديكتاتورا يجبرك على التساؤل ويمنع خروجك عما تراه الكاميرا.
استطاع المخرج أن يوظف كل حركة وكل ديكور وفراغ برمزية عالية أرهقتني فقد تعودنا على مشاهدة السهل والمسطح من الأفلام،ولكننا نرى هذا الحفار يرقص منتشيا وهو يقدم باقة عشب يابسة،أما زال الفيلم مصرا على تذكيرنا بالموت ؟أم هو محاولة لاستحضاره؟.
الموسيقى ضاغطة ملحة تأخذك الى هناك ،للترقب" ماذا بعد في ذلك المظهر المكسور للحياة. مغرقة في السوداوية تشكل وجها آخرا لإيضاح ذلك الإحساس باليأس واستبداد الحفار بما هو حوله،حيث المرأة رمز الحياة والخصب تجلس عاجزة راضخة للذي يجبرها على الرقص رغم إعاقتها،فتسقط منتظرة أن يساعدها الصبي حيث تمثل له ما تبقى من خيوط الحياة.
وفي نهاية الفيلم بعد أن يكسر الطفل سلاسل قيده وينتصر مستعينا بالموت على حفار القبور ولكن جثة أمه الثمن، يلبس ثياب وحذاء جلاده،وأتساءل هل في داخلنا صبي يتقمص تسلط وشخصية جلاده محاولة لإثبات الذات أو رغبة في الانتقام من نفسه أو أو ......؟ ربما يكون السبب فقدان الصبي مبرر وجوده بعد أن أصبح فردا محروما من أي نسيج اجتماعي،وأحباءنا وأعداءنا هم من يدفعوننا في غالب الوقت للاحتمال والبقاء.
فاطمة لبابنة
كاتبة أردنية

**
الرسم للأب الدكتور يوسف سعيد

أموت بين القوافي


خالد خيت
**
مع انبثاق ضحكة ِ سَحَر
و هروب عَتمة
و رحيل ِ قمر
و نحيب ِ غمامة ..
أخط آخر حروفي ...
على وجنة شجر
و صدى صدمة

أنحت ُ وصيتي
و أفر إلى قصيدتي
أموت ُ بين القوافي
أقضي آخر ساعاتي
على فراش ِ حروفي
و أرتشف فنجان َ قهوة
أشطب ُ من ذاكرتي
أنّات ِ جنوني و هذياني
و كل َ إثم ٍ ... و كل هفوة
أتلو بعض الآيات ِ
و أردد ُ " يا روحي لا تحزني "
... إنها سكرات ُ الممات ِ
إنها نهاية ُ حياتي ..
لكنّي أتذكّر
أن لي زوجة
فأنفض ُ ستار َ شعري المغبّر
و أعود ُ إلى بيتي
إلى حبيبتي .. إلى من ٍ و سلوى
فوجودي دونها
يعتريه شر ٌ
تعتريه نقمة
لكن واحسرتاه ...
أعود ُ فتعبس في وجهي
و ترسم للحزن ِ لوحة
و تردد ُ قائلة
بعد َ أن تطرد َ من دار شفاهها
... عبيرا ً و حُمرة .. :
" ليس لك اليوم َ قبلة
ليس لك يا قيس ُ
شذا ليلى ...
و هل آثم ُ إن كنت ُ لك عطشى
إنما حالك بها لست ُ أرضى
و على فراقك لا أقوى
و أكرهُ حروفا ً
تسلبك مني
و تؤويك في الأبجدية ِ ...
في المنفى
و إنّ في قلبي نجوى
.. إما أنا أو شعرك المقفى "
لكنّي واأسفا ً ..
وجودي دون قصيدي
حياة ٌ بلا غبطة ...
بلا معنى

فكيف لي يا صديقي
أن تتفهم زوجتي
لغز طريقتي و طريقي
و أنّ شعرا ً بالفطرة
ليس جُرما ً
ليس سُمّا ً
إنما مجرد ُ ضُرّة
**
الرسم للأب الدكتور يوسف سعيد

الجمعة، أكتوبر 13، 2006

خسرها أدونيس وفاز بالنوبل التركي أورهان باموك


بيروت - عبده وازن الحياة
أورهان باموك
كان من المتوقع ان يفوز الروائي التركي أورهان باموك بجائزة نوبل للآداب هذه السنة بعدما طُرح اسمه بقوة السنة الفائتة، عندما حاولت الحكومة التركية عرقلة فوزه، تحاشياً لإحراجها دولياً إزاء عزمها محاكمة هذا الكاتب الكبير، بتهمة «الإساءة المتعمّدة الى الهوية التركية». واختيار باموك للفوز بالجائزة الكبيرة كان بمثابة التحدي للأكاديمية السويدية التي أعلنت فوزه أمس بعدما راجت اسماء كبيرة في الإعلام، واعتبرت في براءة الجائزة «ان باموك اكتشف رموزاً جديدة لتصادم الثقافات وتشابكها خلال بحثه عن الروح الكئيبة للمدينة التي ولد فيها».
ولم يخلُ اختيار باموك من البُعد السياسي، فالدولة التركية التي طالما حاربت هذا الكاتب لمواقفه السياسية تسعى جاهدة الى دخول الاتحاد الأوروبي، محاولة إيجاد صيغة لقضية المجازر التي ارتكبتها في حق الشعب الأرمني عام 1915، وهي تشعر الآن بالإحراج بعد صدور القانون الفرنسي أمس في شأن المجازر هذه.
ولئن عدلت الحكومة التركية السنة الفائتة عن محاكمة أورهان باموك وسحبت القضية من المحكمة نزولاً عند رغبة «المفوضية الأوروبية» التي مارست ضغوطاً عليها، وبعد الحملة التي قامت بها الأوساط الثقافية العالمية، فهي ستجد نفسها محرجة حيال هذه الجائزة. فالكاتب لا يزال على مواقفه ويصر على الدولة ان تعترف بمقتل مليون أرمني وثلاثين ألف كردي لاحقاً، في المعارك التي دارت بينها وبين «حزب العمال الكردستاني».
ولكن بعيداً عن الطابع السياسي للجائزة ومن مواقف باموك الجريئة، يبدو هذا الكاتب جديراً بجائزة نوبل. فهو الاسم الأبرز راهناً في الحركة الروائية التركية، واستطاع فعلاً ان يتخطى الروائي ياشار كمال، فاتحاً أفقاً جديداً للرواية التركية الحديثة، ومؤسساً عالماً يجمع بين الشرق والغرب، على غرار مدينته اسطنبول التي يعبرها نهر البوسفور فاصلاً بين أوروبا وآسيا، بين الذاكرة والمخيّلة.
عندما فاز باموك بـ «جائزة السلام» للعام 2005 في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، وصفه بيان الجائزة بأنه «يقتفي آثار الغرب في الشرق وآثار الشرق في الغرب». وهذا الوصف ينطبق فعلاً على هذا الروائي «المشاكس» الذي يدعو الى الحوار وإلى التخلص من براثن التاريخ وآثار النزاعات الإنسانية. وفي روايته الأخيرة «ثلج» التي صدرت عام 2004 في تركيا وسرعان ما تُرجمت الى نحو عشرين لغة، منها العربية، يجعل باموك من بطله الذي يدعى «كا» صحافياً يعود من منفاه الألماني بعد اثنتي عشرة سنة ليشارك في مأتم والدته، ويرتحل من ثم الى مدينة في الأناضول اسمها «قارص» حيث الثلج يغطي الطبيعة والحياة نفسها. وهناك ينصرف البطل «كا» الى متابعة الانتخابات المحلية وبعض الأحداث الأليمة التي تشهدها المدينة خصوصاً انتحار الفتيات. وبدا إسباغ صفة الصحافي على البطل ذريعة ليمارس باموك نفسه مهمة الصحافي، كاشفاً التناقضات في المجتمع والمآسي التي تحصل بصمت.
كان لا بد من ان تثير روايات باموك حفيظة الدولة والقوميين الأتراك والمجتمع التقليدي، لكن رواياته تشهد رواجاً شعبياً كبيراً هو الى مزيد من الاتساع. وروايات مثل: «الحياة الجديدة» و «جودت بك وأولاده» و «البيت الهادئ» و «القلعة البيضاء» و «الكتاب الأسود» وسواها، هي أشبه بالمراجع لقراءة التاريخ العثماني لتركيا وواقعها الراهن والأزمات التي عانتها البلاد وتعانيها. ونجح باموك في الجمع بين الطابعين، الشعبي والطليعي، وأعماله تتأرجح بين المعطى التاريخي والحياة المعاصرة. ولا يتوانى عن معالجة النزاع الداخلي للأتراك المعاصرين، والتناقض بين الحداثة والدين، بين المعاصرة والتقليد، اضافة الى مسألة الهوية أو الانتماء. وقد اصاب الروائي الأميركي جون ابدايك عندما قال عنه: «أورهان باموك من الكتّاب الأكثر مبيعاً، لكنه في الوقت ذاته كاتب طليعي».
قد يكون باموك من اصغر الكتّاب الذين فازوا بجائزة نوبل في العقدين الأخيرين، في الرابعة والخمسين من عمره (مواليد اسطنبول 7 حزيران - يونيو 1952)، بدأ حياته مشاغباً وتخلص من الخدمة العسكرية الإلزامية في العشرين من عمره، وانتقل من دراسة الهندسة المعمارية الى الصحافة. وعاش حالاً من الفقر قبل ان يشق طريقه الى عالم الرواية. عندما اصبح روائياً معروفاً بادرت الدولة التركية الى منحه وسامها الرسمي فرفضه. ومنذ ذلك الحين بات باموك يثير حفيظة الدولة، ولم ينثن عن إعلان مواقفه الرافضة والجريئة
.

الخميس، أكتوبر 12، 2006

فاطمة و منصور

بقلم: إسحاق الشيخ يعقوب
– كاتب سعودي


الصدفة والضرورة علاقة جدل أبدية في الطبيعة والفكر والمجتمع.. ولا علاقة لهما بالقدر والمسألة القدرية »...« إن الصدفة والضرورة هما يحددان القدر وليس القدر هو الذي يحدد الصدفة والضرورة.. بل أن القدر هو صدفة وضرورة في المجتمع إن أردت!!
عندما اقترنت فاطمة بمنصور التيماني كانت الصدفة هي فيض أول نظرة ألهبت نفسيهما وفعلت تراقص نظراتهما، وفعمت أريج الحب والتواد بينهما.. وكانت سنة الحياة هي الضرورة في تعانق الحب الوجداني والروحي بين الحبيبة فاطمة والحبيب منصور.. وليس هناك أجمل من الحب عندما تذوب عذوبته في شرايين قلبين رافلين بنبض صدفة جسدتها ضرورة إنسانية في أبدية متجاسدة في حياة النماء والتكاثر.. استجلاءً إنسانيا لمحبة الله..
عندما طرق منصور التيماني باب فاطمة يطلب يدها من والدها غردت الدنيا بشجو المحبة في ملكوت سماوات الله، فالله محبه.. ومحبة الله من محبة الناس.. والمحبة لا يعلو عليها شيء لأنها من علياء الله.. انها فوق جميع الاعتبارات العرقية والقبلية والطائفية.. وقد خلق الله البشر شعوباً وقبائل ليتحابوا ويتعايشوا ويتزاوجوا ويتكاثروا.. والقضاة الذين يدخلون الكراهية والبغضاء والقطيعة والانفصام عنوة واغتصاباً في القلوب المحبة العاشقة الدنفة المتيمة هم لا يقيمون وزناً لمحبة الله.. ويناوئون شرعه وهو ما يمكن إدراجه في الحديث النبوي الشريف: »القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة« قاضي الهوى وقاضي الجهل وقاضي العدل في محبة الله ومحبة الناس على حدٍ سواء لتداخل المحبتين وتشابكهما وتناسجهما روحاً ومادة فيما بينهما..
إن المأساة المؤلمة التي أقدم عليها قاضي محكمة الجوف بتفريق الزوجة فاطمة عن زوجها منصور التيماني بناءً على عدم تكافؤ النسب القبلي أخذت بشاعة مأساتها حداً فضائحياً لا يطاق، وراحت مأساتها تطوف القاصي والداني داخل المملكة العربية السعودية وخارجها..
وقد تولت نشر مأساتها أجهزة الإعلام والفضائيات على الصعيد العالمي الأمر الذي يقتضي فوراً تحديث أجهزة القضاء وقنونة قواعدها الحقوقية وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. وتتمثل المأساة في زواج فاطمة من منصور الذي وافق أبوها على زواجهما.. ولما مات الأب توجه أخوا فاطمة إلى القضاء الشرعي يطلبان طلاقها من منصور بحجة أن منصور أدنى مكانة قبلية من قبيلة فاطمة، ولذا فان العرف القبلي يرفض ذلك، وقد حكم القاضي شرعاً بإرغام منصور على طلاق فاطمة..
وقد رفض الزوجان ذلك سيما وانهنا يعيشان حياة حب سعيدة منذ سنوات في كنف محبة الله بجانب طفليهما، وقد رفضا حكم المحكمة الشرعية متمسكين بشراكتهما الزوجية.. وان ليس هناك قوة في الدنيا يمكن أن تفصلهما عن بعض.. إلا أن قاضي المحكمة الشرعية أصدر صكا شرعياً بتفريقهما، وقد هربا واختفيا في جدة ومن ثم الرياض ومن ثم المنطقة الشرقية.. وشرطة القضاء تلاحقهما بصك الطلاق على تفريقهما عنوة واغتصابا.. وفي غفلة اقتحم منزلهما أخواها وشرطة القضاء وامسكا بهما وهما متلبسان في خلوة غير شرعية بعد أن ثبت طلاقهما شرعا من لدن محكمة شرعية في مدينة الجوف شمال المملكة..
ورفضت فاطمة رفضا قاطعا وهي تضم طفليها إلى قلبها الذي مزقته محكمة الجوف الشرعية الذهاب إلى بيت اخويها اللذين كانا السبب في كارثة طلاقها، ولما لم يكن لها منزل فقد اختارت السجن مع طفليها على أن تذهب إلى بيت اخويها وهي لا تزال وطفليها في السجن.. انها لجريمة لا إنسانية متناهية في بشاعتها.. في حق طفلين حكم عليهما أن يتولى نهش براءتها ظلام جدران السجن وهما في حضن أم انتهكت غدرا إنسانية حبها إلى زوجها!! وقد قام منصور التيماني زوج فاطمة بتقديم لائحة اعتراض ضد الحكم الذي صدر من محكمة الجوف الشرعية، حيث يتولى دفاع الطعن الناشط في حقوق الإنسان المحامي عبدالرحمن اللاحم الذي قدم إلى وزير العدل السعودي الشيخ عبدالله بن محمد آل الشيخ لائحة طعنه في هذا الخصوص..
إن المطلع على الأوضاع المعقدة يدرك صعوبة العثرات التي تعترض مسيرة الإصلاح وهو ما يتمثل في ركائز التخلف في مؤسسات البنى الاجتماعية والثقافية والفقهية والقضائية والإعلامية والأمنية والاقتصادية والسياسية، وتمركز رؤوس التخلف في هذه المؤسسات وإدارتها ضد التوجهات التنويرية لرموز الإصلاح وضد الليبراليين الذين يدفعون بعجلة الإصلاح.. ولم تتورع أئمة بعض المساجد والجوامع في توجيه اتهاماتهم الاقصائية والتكفيرية - مثلا - ضد مسلسل »طاش ما طاش ٤١« وبطليه عبدالله السرحان وناصر القصبي.. وقد توجه احد خطباء جوامع الرياض إلى المصلين ان يقنتوا في صلاة التراويح بالدعاء على القصبي والسرحان »لاستهزائهما بالدين« كما ذهب إمام مسجد آخر بالابتهال إلى الله ليريه في السرحان والقصبي عجائبه قدر عقابه على ما اقترفاه من إثم في مسلسل طاش ما طاش، ويقول الدكتور محمد النجمي أستاذ كلية نايف الأمنية أن السرحان والقصبي قاما بالاستهزاء على الدين في حلقتهما »إرهاب أكاديمي« و»سور الحريم« وقدم نصيحة اليهما بان يتوبا عما صدر عنهما من الاستهزاء بالدين..
وتأتي المشكلة في أولئك الذين لا يفرقون بين توجيه الأفكار الدينية التي تأتي من عند الأشخاص وبين الدين الذي هو من عند الله، وهذا الخلط العشوائي المقصود يجافي الانتقادات الهادفة التي يجسدها مسلسل طاش ما طاش ضد فقه الإرهاب والتطرف والممارسات الهمجية من لدن أهل حسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين يقومون بالتدخل في شؤون عباد الله الخاصة وتقصي ملابس النساء وملاحقتهن باسم الدين والتلصص على مقتضيات حاجاتهن الدنيوية..
إن مسلسل طاش ما طاش في شخص السدحان والقصبي لا يوجد في انتقاداته الفكاهية ضد ما هو إسلامي.. وإنما ضد ما هو اسلاموي أي انه لا ينتقد جوهر الإسلام في حنيف تسامحه... وإنما ينتقده في قشور عنيف تطرفه وإرهابه..

بلاد ذاهبة للماضي .. و أخرى ذاهبة للمستقبل

فيديو عن سنغافورة
**
بقلم: إبراهيم علي

أذكر ويذكر الكثيرون ممن عاصروا حقبة السبعينات من القرن الماضي، أنه بعد حل المجلس الوطني في عام 1975م كان هناك الكثير من التصريحات والوعود الجميلة حول أن بلادنا سائرة لا محالة نحو آفاق رحبة من التقدم والتنمية المستدامة والمستقبل المشرق، و أنها سوف تستفيد في مسيرتها هذه من كل التجارب التنموية و النهضوية في البلدان الأخرى، و لاسيما تجارب الأقطار المعروفة باسم "النمور الآسيوية"، وتحديدا سنغافورة على اعتبار أنها تتشابه في الحجم و الموارد والمكونات السكانية المتعددة مع البحرين.

مرت علينا منذ إطلاق تلك الوعود بتحويل بلادنا إلى سنغافورة أخرى ثلاثة عقود كاملة من الزمن، فهل تحقق منها شيء؟ بل هل حققت بلادنا ربع أو خمس أو عشر ما حققته سنغافورة أو غيرها من نمور آسيا الأقل شأنا من الأخيرة؟

المؤشرات تقول بكل وضوح أن الهوة التي تفصلنا عن اصغر نمر آسيوي من النمور التي قلنا إننا سنحاكيها في التنمية و الرخاء آخذة في الاتساع بدلا من أن تضيق. و يمكن هنا الاستشهاد بالأرقام و الإحصائيات الخاصة بسنغافورة و مقارنتها بمثيلاتها في البحرين، فهي ابلغ دليل على صحة ما نقول.

تقول الأرقام أن الدخل القومي الإجمالي السنوي في سنغافورة يتجاوز 123 بليون دولار، بينما هو في البحرين 11.5 بليون دولار. و معنى هذا أن دخلنا القومي الإجمالي يقل حتى عن دخل سنغافورة السنوي المتحقق من قطاع السياحة وحده و هو 11.65 بليون دولار. وفي الوقت الذي تقول فيه خطط السياحة المستقبلية في سنغافورة أن الدخل المذكور سوف يتضاعف خلال العقد القادم كنتيجة لبرامج و حوافز و مشاريع واضحة ومدعومة من كافة قطاعات المجتمع ، لا يزال الجدل دائرا دون حسم في بلادنا حول السياحة النظيفة و غير النظيفة، و الجهة التي لها الحق في وضع السياسات السياحية و تنفيذها و الإشراف عليها، وسط شد و جذب و ضياع و خلافات، أطرافها رجال الدين و أصحاب رؤوس الأموال ومسئولو القطاع السياحي.

إن هذا الجدل العقيم، و هذه الطريقة الضبابية في إبقاء الأمور دون حسم، وحدهما يشكلان خير مثال على أن بلادنا في حالة تشتت و تراجع و فقدان للبوصلة الاستراتيجية الدالة على الطريق الصحيح و خيار الانحياز نحو المستقبل. هذا الخيار الذي بات معطلا كنتيجة لكثرة تدخلات رجال الدين و مريديهم من رموز الإسلام السياسي في كل شأن، واستعداد صناع القرار للاستماع إلى ملاحظاتهم ومرئياتهم في شئون لا يملكون حولها أدنى معرفة أو خبرة. فهل سمعتم عن بلاد غير بلادنا، يتدخل فيها أمثال هؤلاء في كافة السياسات و الخطط الاقتصادية والاستثمارية و السياحية والتعليمية و الصحية؟

و ينطبق ما قلناه عن الهوة الكبيرة التي تفصلنا عن سنغافورة لجهة الدخل القومي، على قطاع التعليم. فعلى حين صارت سنغافورة تصنف اليوم ضمن الدول الأكثر تقدما في مجال التعليم، بدليل ما يحققه طلبتها سنويا من مراتب أولى في المسابقات العالمية في الرياضيات و الفيزياء واللغات العالمية الحية و غيرها من العلوم الحديثة من تلك التي تعتبر مفاتيح لولوج أسواق العمل العالمية، فان بلادنا لا تزال تناقش كيفية تطوير التعليم و وضع سياسات للموائمة ما بين مخرجاته و حاجة السوق، و غيرها من الأمور التي حسمت في سنغافورة و قريناتها منذ أمد بعيد. و ليت أن الأمور اقتصرت عندنا على هذا، بل تعدتها إلى سن قوانين و لوائح تعطل التفكير و الخيار الحر لدى طلبة العلم و تحبسهم في قوالب أكل الدهر عليها و شرب. و ما قانون الحشمة الأخير إلا نموذج صارخ لهذه القوانين العقيمة.

وإذا ما بحثنا في الأسباب التي أدت إلى تقدم النمور الآسيوية و تخلفنا، سنجد عوامل كثيرة، أبرزها و فصلها و أفاض في شرحها زميلنا الدكتور عبدالله المدني في كتابة الصادر حديثا عن مؤسسة الأيام للنشر تحت عنوان "المشهد الآسيوي". على أننا لضيق المساحة سنختصر تلك العوامل في عامل التخطيط السليم للمستقبل. ذلك التخطيط الذي وظفت فيه بدقة العلوم والاكتشافات و النظريات الحديثة، مع استلهام تجارب دول العالم الأول في التنمية و النهضة و الرخاء دون مكابرة أو مزايدة أو شعارات فضفاضة أو اعتداد مرضي بالذات أو العودة إلى الماضي والأمجاد الغابرة للبحث عن حلول للحاضر و المستقبل.

في مقابل هذا، نجد أن البحرين، بعد أكثر من ثلاثة عقود على استقلالها، و بعد مرور أربعة أعوام على مسيرتها الإصلاحية و تأسيس النظام الديمقراطي المدني، لا يزال مجتمعها أسيرا لمناقشات عقيمة، و قواها السياسية و المجتمعية منشغلة بوضع العراقيل القانونية و الإدارية الناقلة للبلاد إلى الخلف.. إلى زمن الأجداد و ما قبله، بدلا من التفكير في كيفية التقدم إلى الأمام و استثمار ما تراكم من تجارب و ما امتازت به البحرين على مر العصور من انفتاح وتسامح و تعددية ثقافية في دخول العصر الحديث و اللحاق بالقوى الإقليمية الصاعدة.

خذ مثلا ما يدور هذه الأيام من مناقشات في المجالس الأهلية العامرة وفي بعض الجمعيات السياسية و غير السياسية، حيث لا تسمع إلا مناظرات حول الحلال و الحرام، أو حول كيفية الفصل ما بين الجنسين، أو حول أفضلية البنوك الإسلامية على الربوية، أو حول الرياضة الشرعية وغير الشرعية، أو حول الضوابط الإسلامية في لباس المرأة و عملها ونشاطها الاجتماعي، و غير ذلك مما لم يعد يشغل المجتمعات الحية المتطلعة إلى مستقبل أفضل و دور أسمى في عالم اليوم. أما الأمر الأغرب و الأمر، فهو أن عددا لا يستهان به من المنخرطين في مثل هذه النقاشات السقيمة هم من حملة الدرجات العلمية العليا كالدكتوراه و الماجستير، أو ممن عاشوا سنوات في العالم المتقدم و عرفوا عن قرب كيف يدير الآخر بلاده، و كيف يصنع المعجزات و يتقدم إلى الأمام!

مختصر القول، ستشعر في نهاية المطاف بأنك إزاء جموع مصابة بداء مزمن غير قابل للعلاج. داء عنوانه الأبرز هو تقديس الماضي و ترويجه كخيار وحيد يجب أن تستثمر فيه كل الطاقات و الاثمان. وإذا كان بعض الفئات تستميت من أجل هذا تطبيقا لأيديولوجياتها، فان السلطة للأسف الشديد لها دور في ترسيخ هذا المنحى، بدلا من أن تتصدى له بما تحت يديها من أدوات. فهي قادرة - إن أرادت - على وضع حد للتلاعب الجاري بمستقبلنا ومستقبل أولادنا. و هي مالكة لأدوية العلاج من الترهل والعجز والجمود، و محاولات إرجاع المجتمع إلى الخلف. كيف لا و هي تستطيع بفضل شرعيتها و نفوذها و خبرتها السياسية أن تسن التشريعات الحديثة، و تأخذ بالبرامج و الآليات العصرية، و تستلهم تجارب الآخرين التنموية، و تخوض بجرأة و عزيمة معركة الحداثة و التنوير و العصرنة، و تعتمد على دعم القطاع الأوسع غير المسيس و المؤدلج و المتعصب من شعبنا، و تهمل أصوات أعداء المستقبل و خفافيش الماضي ومرضى الطائفية المقيتة.

bumarwan@batelco.com.bh