الخميس، يناير 12، 2006

قصة رائعة لكمال العيادي

نشر الأديب التونسي الكبير كمال العيادي هذه القصة في (مجلة دروب) الإلكترونية، فحازت على إعجاب الأدباء والشعراء، الذين أمطروا كاتبها بوابل من تعليقاتهم الجميلة النابعة من قلوب ما تعطّرت إلا بالمحبة. وها نحن ننقلها عن دروب، لنزيّن بها صفحات مجلة (ليلى)، ولنخبر القارىء أن الأدب الإنساني الذي يهدر بكل كلمة يخطها (العيادي) سينقل أدبنا العربي إلى العالمية، ليضيء به عتمات الشعوب الكادحة، التي تحلم ببصيص أمل، يشرق من عبارة كاتب، من صورة شاعر، ومن التفاتة ناقد. وإليكم ما كتب هذا (القيرواني) المبدع:
باريسا ألكسندروفنا والبجع الوحشي
كان إحساسا غريبا , ذلك الذي اعتراني , وأنا أعبر الممر الفاصل بين الطائرة و مطار موسكو الدولي . أذكر أن الساعة كانت تقارب الخامسة صباحا , وكان مذيع الطائرة قد أعلن لأكثر من مرة بأن درجة الحرارة شارفت الثلاثين تحت الصفر , وبالرغم من عدم تعودي على سماع مثل هذا الرقم , فقد كنت مهتما فقط بجدران الممر الحديدية …!لم يكن ممرا عاديا , ولكنه كان حلقوما طويلا مثل الثعبان , وضعوه خصيصا لكي لا نتجمد من البرد , ونحن نعبر المسافة الفاصلة بين الطائرة , وذلك البلد الغامض. كنت مشدودا ومتوجسا من شيء ما , وكانت بي رغبة في العدو, باتجاه المطار أو العودة حيث الطائرة … كان المهم عندي عبور الممر بأسرع ما يمكن.حدثت بعد ذلك حوادث شتى , وفرغت من نفسي بذلك البلد, حتى اكتفيت أو كدت, وألفت المكان حتى كاد يألفني, وقدمت له أجمل سنوات شبابي قربانا … وكنت راضيا وأكثر.عرفت الكثير بذاك البلد , وجبته جنوبا وشمالا , وتعلمت مجاهل لغته , ومغاليق أسراره, وكنت صديقا وفيا للبجع الأبيض الحزين عند شواطئ الفولغا, وقرأت أجمل القصائد مع سجائر الكوسموس عند قدمي تمثال بوشكين, وكنت لا أفوت فرصة للالتحام بالعجائز أو بالصبايا.وفي موسكو فقط تتكامل العجائز بالصبايا, ولا سبيل للوفاق مع مزاجية الثلج, ولا مع غنج طيور الدوننباي إلا إذا تحللت حكم العجائز و همسات الصبايا -في ذاكرتك ووجدانك - وامتزجتا بما توفرت عليه قبل ذلك كله …!
جئت موسكو طالبا للعلم -أو لبعضه- ومطالبا بشهادة ثقيلة على النفس , تبدو لي غامضة ومثيرة … ورغم عشقي الفطري للكلمة , وشغفي الشديد بالشعر , فقد مرت سنتان قبل أن أتعرف إلى باريسا ألكسندروفنا …كانت باريسا ألكسندروفنا آمرة في الأربعين من عمرها , وكانت ابتسامتها تخفي فعل الزمن على وجهها بشكل مدهش التقيت بها صدفة . كانت مسؤولة عن مبيت الطلبة - حيث أسكن - بشارع ‘‘ غالوشكنا, وكنت طالبا مشاكسا أستحوذ على الغرفة رقم 216 وهي غرفة بالطّابق الثّاني, خاصّة بضيوف المعهد من طلبة القارةالأوروبية … جاءت غرفتي تشتعل غضبا وأمرتني بمغادرتها في الحال. بعد جمع أغراضيّ.دعوتها لشرب فنجان من القهوة اللبنانية -كانت أهدتها لي إحدى العابرات - … وما كان لمثل باريسا ألكسندروفنا أن تقاوم رائحة البن المحنك , وهي التي تستسلم كل صباح لطعم القهوة الروسية -الكريه-.عند الرشفة الثالثة , بات واضحا أنها نسيت تماما ما جاءت من أجله , وكانت آخر آثار الغضب تتراجع في زرقة عينيها , وهي تتفرس بدهشة في جدران الغرفة أين اصطفت عشرات الصور المختلفة الأحجام والألوان والأشكال والمواضيع .كانت لوحات غريبة فعلا تجمع بين رسم لوجه الفرعون توت غنج آمون , وآخر لبيكاسو , وسلفادور دالي , وبوب مارلي , وألآن بارك , و الحبيب بورقيبة , و كلاوس كينسكي , و أوجين يونسكو , وليرمنتوف , ووالدي رحمه الله , وغيرها…وعند الجانب الآخر , كانت ترقد مجموعة ضخمة من الكتب باللغة الروسية والعربية والفرنسية , وكومة أخرى من الصحف و المجلات العربية , ورسائل مبعثره , وأوراق متناثرة هنا وهناك .سألتني عن كل صورة , وحين كنت أجيبها باقتضاب , كانت تعيد نفس السؤال بإصرار غريب .
ربما كان للبن دور . وربما لأنني كنت منهارا لتأخر ماشا -صديقتي- وربما كانت باريسا ألكسندروفنا تعرت تماما من أقنعة الوظيفة …المهم أنني وجدت نفسي أتحدث معها بطلاقة غريبة عني … حدثتها عن لعنة الفراعنة وعن كلب كافكا وعن شذوذ بيكاسو . حدثتها عن والدي -رحمه الله- وقلت لها بأنه مات استجابة لنداء سمعه من عمق البحر .حدثتها بشكل لم أعهده في إطلاقا … وكنت أختلق أغلب الحكايات , والغريب أنني كنت أشعر بأنني أقول الحقيقة تماما … وحتى هذه اللحظة , يخيل إلي بأن والدي مات استجابة لنداء سمعه من عمق البحر, وبأن كلب كافكا اسمه - يوشا - , وهو أسود اللون , ويقف على قائمتيه الأماميتين -كما يفعل الشطار…‍
خرجت باريسا ألكسندروفنا من غرفتي , وقد نفذ إليها ذلك العالم الأزرق … وتعودت ألا أقلق لتأخر ماشا -صديقتي- .
كانت باريسا ألكسندروفنا رقيقة النفس , وكانت الكلمة مفتاحا إلى عالمها وقلبها , وقد فتحت لي كل المغاليق وأكثر .بعد مدة بدأت أنتبه إلى حكاياتها , وكنت قبل ذلك أتظاهر بمتابعتها …كانت تحدثني عن ألكسندر بوشكين وهي تمسك نفسها عن البكاء بصعوبة . وحين كانت تقرأ لي من الذاكرة بعض المقاطع من روايته الشعرية ‘‘ يفغين أونيغن ’’ - كان وجهها يحتقن من الانفعال , وكان تنفسها يتسارع , وكان كل ذلك شاذا وغريبا عن عاشق الشعر الذي كنته حتى ذلك الوقت .كنت قد درست عن بوشكين حتى مللت منه , وعرفت عنه ما يكفي لأسود بياض عشر صفحات عند الامتحان المنتظر آخر السنة الدراسية.وكنت أعرف كما يعرف كل طلبة صفي بأن ألسكندر سرغاييفيتش بوشكين ولد في موسكو, وبأنه تربى على عشق الحرية , وذلك ما جعله يهتم بالتنظيمات السرية وينخرط في الجمعيات المعارضة للنظام القيصري الرجعي , وأنه بدأ بكتابة الشعر وقرضه في سن مبكرة جدا , وتعرض للنفي والاصطدام بالقيصر , وأنه كتب :‘‘ روسلان و لودميلا ’’ - و ‘‘ نافورة باغشي سراي ’’ -و ‘‘ الأسير القوقازي ’’ وكتب عن القوقاز كتابا آخر يصف فيه الإبداعات التي أحبى بها الله هذه المنطقة من العالم , وأنه كتب ‘‘ يفغين أونيغن ’’ وصور من خلالها طبيعة المجتمع الإقطاعي ولذلك يعتبر مؤسس الواقعية النقدية في الأدب الروسيو إضافة إلى ذلك فقد كنت أحفظ عن ظهر قلب -كما يقال- ستة مقاطع من شعره رغم أننا كنا مطالبين بحفظ مقطعين فقط , لعرضهما يوم الامتحان الشفوي في مادة الأدب القديم والوسيط , وأدب رواد الثورة الفكرية في روسيا .كنت أعرف كل ذلك وأكثر عن ألكسندر بوشكين الذي مات على إثر مبارزة دبرت له مع ضابط فرنسي . كنت أعرف كل ذلك وأكثر عن بوشكين . فلماذا يحتقن وجه باريسا ألكسندروفنا بذلك الشكل -وهي تقرأ مقاطع من شعره ؟؟وانتبهت مرة إلى دمعة تنحدر من مآقي باريسا ألكسندروفنا وهي تقرأ مقطع من قصيد ‘‘ روسيا ’’ - الذي كنت أحفظه جيدا , وكان المقطع يقول : ‘.. إني أحب سماع أصوات البعوض … وصوت أفراح الصبيان.فوق المرتفعاتحيث يثيرون الصخب … كي تأتي الصبايا …كنت كمن يستفيق من غفوة طويلة … طويلة .وأحسست بأنني عدت ثانية داخل نفس ذلك الحلقوم الطويل الذي كان يربط بين الطائرة و مطار موسكو الدولي . وكانت دمعة باريسا ألكسندروفنا -خيطا- يشدني باتجاه الجانب الآخر -عكس اتجاه الطائرة.وكانت المرة الأولى التي أشعر فيها بأنني بموسكو -بعد أكثر من سنتين فيها .كنت كالطير الوليد أحسني طليقا بهذا البلد الذي لم آلفه قبل ذلك أبدا.مر وقت طويل على ذلك, غادرت موسكو فيه , وعدت إلى أرض الوطن … ولكنني لم أحتمل دعابات الأصدقاء القدامى … وصياح ديكه الصباح ! . لم أحتمل حنان والدتي , وتصفح جرائد المساء , فغادرت الوطن ثانية ولم آخذ معي إلى بلاد براشت وهيغل و نيثشه وغوته , سوى ديوان ‘‘ أغاني الحياة ’’ لآبي القاسم الشابي .ومسرحية ‘‘ بيارق الله ’’ للبشير القهواجي و ‘‘ حدث أبو هريرة قال …’’ للمسعدي - ونسخة معربة من الكتاب المقدس , ومصحف للقرآن الكريم -عليه إمضاء والدي , رحمه الله.مرّ وقت طويل بعد ذلك , وأرهقني اللهاث وراء تحصيل ثمن كراء الغرفة المعزولة التي ارتضيتها سكنا . ولكنني كنت كلما انفردت بنفسي , أتذكر قولة باريسا ألكسندروفنا , وهي تودعني بمطار موسكو الدولي قائلة : ‘‘…إذا عصفت بك الأحزان , فلذ ببوشكين …وحين تقرأ له , تذكر جيدا , أنه كان يخاطب الورد بأسمائه , وأنه كان يعتذر للماء عن تأخر البجع الوحشي …‘‘
اللّـــه…باريسا ألكسندروفنا , تلك المرأة العظيمة , التي مازلت رغم كل الأحداث التي عصفت بموسكو - تراسلني, لتخبرني بأنّ موسكو أصبحت أجمل مما كانت عليه قبل رحيلي عنها, وأن كلّ ما يقلقها بعض الشّيئ , هو تأخر مجيء البجع الوحشيّ هذا العام
كمال العيادي - ميونيخ

هناك 20 تعليقًا:

غير معرف يقول...

رحم الله بوشكين، إنه المفضل عندي، فلقد قرأته وقرأته حتى تقمصني. ألف شكر لك على هذه القصة التي أعادت إلي سنوات دراستي في المعسكر الشرقي أيام زمان.

غير معرف يقول...

تعليق آسية السخيري :

12 يناير 2006 في الساعة 8:32 am *
من أين تجيء كائناتك هذ ه التي تحتشد بها روحك…انني أكاد أرى دموعها تهطل بين الحروف لكنها لا تمحي أبدا حبرالصفحات انما تجعلها تنبع ضوءا لا يخمد…اني أكاد أسمع نشيجها وغناءها…انني أنصت الى صدى خطوها الحثيث…تسلم علينا بطريقتها ثم لا تلبث أن تذهب مخلفة في أعماقنا أجمل ما فينا… كائناتك هذه التي لا تعدو أن تكون فجر الضمير الانساني القادمة من الآن …من اللحظة المتوغلة في الأزمنة السحيقة التي لا يمكن أن تحدد لها مكانا و تفاصيل تناديك ملء صفائها…كائناتك تورطنا في حبها…لك متعة الحكي يا أخي الجميل ولنا متعة القراءة ببهجتها وبشجنها الجليل…

آسية

غير معرف يقول...

تعليق حسن عبد الرزاق — يناير 12, 2006 في الساعة 11:07 am

لذيذ يصبح النص الادبي عندما يطرح نفسه بلا رتوش وبلا(فيكات) لغوية تقتل عفويته.. كل عام وانت مبدع ياكمال العزيز

غير معرف يقول...

تعليق د. فاروق مواسي — يناير 12, 2006 في الساعة 8:52 am

هذا السرد الماتع ندر ما أقرأ على غراره وفي مستوى أدائه …ولذا فأرجو من أخي كمال أن يجمع مقالاته السيرية ويصدرها ، ونحن بانتظار ….وأصدقك أنها من المواد الأدبية العربية القليلة التي تصلح للترجمة ، بسبب إنسانية طرحها وصدقها وإبداع وصفها واسترسالها …….جعلت صباحي في منتهى الجمال يا كمال …..

غير معرف يقول...

تعليق د. فاروق مواسي — يناير 12, 2006 في الساعة 8:52 am

هذا السرد الماتع ندر ما أقرأ على غراره وفي مستوى أدائه …ولذا فأرجو من أخي كمال أن يجمع مقالاته السيرية ويصدرها ، ونحن بانتظار ….وأصدقك أنها من المواد الأدبية العربية القليلة التي تصلح للترجمة ، بسبب إنسانية طرحها وصدقها وإبداع وصفها واسترسالها …….جعلت صباحي في منتهى الجمال يا كمال …..

غير معرف يقول...

تعليق رجاء الطالبي — يناير 12, 2006 في الساعة 1:34 pm

: ‘‘…إذا عصفت بك الأحزان , فلذ ببوشكين …
وحين تقرأ له , تذكر جيدا , أنه كان يخاطب الورد بأسمائه , وأنه كان يعتذر للماء عن تأخر البجع الوحشي …‘‘

العزيز كمال العيادي

نص آسر بفيض إنسانيته الرقراقة
مؤثر بجماله النابع من روح تمسك بمفاتيح الجمال الخفية.
سلمت يا ساحر الكلمات المتغلغلة في قارات الروح البعيدة..
رجاء الطالبي

غير معرف يقول...

تعليق د. مصطفى الشليح — يناير 12, 2006 في الساعة 2:12 pm

الرائق الشيق كمال
الله .. الله .. لكأني أعبرُ ذلك الحلقوم الطويلَ إلى حيث دفءُ اللغة وابتساماتُ السرد الجميل.
أكاد أرشفُ فنجان القهوة اللبنانية، وأصيخ السمع للحديث الندي عن بوشكين / الشابي.
يكاد حفيفُ فستان باريسا، وهو يمارس خيلاءه متجرجرًا على مسافة الحكي، يسأل عن المسعدى وعن ” أبي هريرة ” الذي لا عديلَ له في الكتابة العربية المعاصرة، ويسأل عن البجع الوحشي وكيف خبأ اعتذاره في عيون الماء حتى لا يتوه عن العين.
تكاد اللوحات والصورُ تتراسل بالنظرات، وإذا أعوزها الكلامُ استمعت إليكما، واستمتعت بكما، وأنعمت تقمصًا لحديثكما، وأمعنت تقصيًا لاحتمالاته التأويلية. ما ابتدرتْ ولا ندتْ عنها نأمة تنم عن الإصغاء المورط في التناص المخل بواجبات الضيافة.
وأكاد أرى الحديثَ بجعا آخر يكتنف ذاك الممرَّ الذي يشابه الحلقوم، ويتفرس في وجوه السابلة العابرة، وكأنه ما نأى إذا دنا عن ذلك الممر، والعمرُ يأخذنا بجعا لغويًا إلى العمر.
أكاد أحتقبُ إحساسا غريبا أن سؤالا غامضا عجيبا يتشظى سردا سيرذاتيا إذا عصفتْ به الأحزانُ يلوذ بكمال قبل أن يصير إلى بوشكين.
شكرا لك كمال.
مع تحياتي
مصطفى الشليح

غير معرف يقول...

تعليق د. محمد جاهين بدوي — يناير 12, 2006 في الساعة 2:30 pm

صاحبي الجميل الذي أهدتني إياه الدروب:
أتعرف ياصاحبي.. ماذا فعلت بي عِذَابُ كلماتك؟ ودافئُ سردك؟ وقد قرأتها ثلاث مرات، لقد فعلت بي ما فعلته القهوة اللبنانية بالرائعة باريسا ألكسندروفنا في فطريتها ونقائها الإنساني الحميم، فإذا أنا أذهل عن نفسي كما ذهلتْ، وأنسى ماكنت أودّ أن أقول كما نسيتْ، وأسيح مع ذلك الفتى المسافر دائما يحمل في طيات نفسه قبل حقائبه موروثه الشخصي، والعربي والإسلامي والإنساني، فاتحا ذراعيه وقلبه للآخر بلغته وأدبه وفنّه، وخصال أهله وشمائلهم الإنسانية الرائعة، في تكامل وتناغم حضاري خلاّق لا يعرف التنافر أو التدابر إليه سبيلا، وإذا هو مُقَسَّمُ النفس، مشتركُ الفؤاد، يحنّ إلى الآخر، وقد صار بعضه فكرا وإحساسا وفنّا، ويرمق الماضي وقد كان أصله، ومبعث طموحه وأحلامه، ولكنه لم يعد مسرح رؤاه، ولا أفق تصوراته….
صاحبي الأجمل…
هنيئًا لك باريسا ألكسندروفنا، وهنيئا لها تلك القهوة اللبنانية ” المحوّجة” كما نقول في مصر،…
وهنيئًا لنا نحن كذلك هذه القهوة العيادية القيروانية التي أذهلتنا عن نفوسنا بحضورها الرائع، وتوهّجها الإنساني النبيل.
لك خالص مودّتي وتجلّتي.
د. محمد جاهين بدوي.

غير معرف يقول...

تعليق عبدالسلام زيان — يناير 12, 2006 في الساعة 2:57 pm

وانتبهت مرة إلى دمعة تنحدر من مآقي باريسا ألكسندروفنا وهي تقرأ مقطع من قصيد ‘‘ روسيا ’’ - الذي كنت أحفظه جيدا , وكان المقطع يقول : ‘.. إني أحب سماع أصوات البعوض … وصوت أفراح الصبيان.فوق المرتفعات
حيث يثيرون الصخب … كي تأتي الصبايا …
كنت كمن يستفيق من غفوة طويلة … طويلة

………………………………………..

كمال سانتقل الى ميونخ واقضي هناك مدة وازعجك واتقابل مع حسن لكي تعلمني اللغة العربية

تحياتي لك

غير معرف يقول...

تعليق نورالدين محقق — يناير 12, 2006 في الساعة 3:55 pm

الكاتب الفاتن
كمال العيادي
حين أقرأ لك أحس بارتياح كبير وأنا أتابع العوالم التخييلية التي تصنعها . استرجاعات السارد في هذا المقطع الروائي - السيري الذاتي ، الواقعي-التخييلي ، يملأ فضاء المتلقي بأكمله .أحس فيه بالحب الكبير بين السارد و بين باريسا ،أحس فيه بالحب المنغرس في القلب بين السارد وكتبه ، وبالعمق الانساني المتجلي في العلاقة بين باريسا وبين البجع الوحشي..
شعرت وأنا أقرأ هذا الفصل الروائي بقوة الغربة التي تحول الكاتب دائما الى أديب كبير…كمال ،أنت تعرفني بأني لا أجامل أصدقائي : أنت كاتب كبير…
صداقتي الكبيرة…

غير معرف يقول...

تعليق انيس الرافعي — يناير 12, 2006 في الساعة 6:37 pm

المسافر العظيم في الطرق السيارة لقلبي
الحبيب كمال العيادي
قرات بعمق وانصات عميق لهذا النص السيري الرشيق / الحالم /المنساب كالدماء في الشريان التاجي
لكن لا ادري لم جعلني بغثة مترعا بالحزن والشجن
ياه كم امضتني الذكريات العائدة في هذا النص…الغرفة …البحيرة…البجع….الشابي…بوشكين…كلب كافكا…القران…المطار…توقيع الوالد رحمة الله عليه…
اما ما نخر قلبي حد البكاء هو صوت باريسا عبر مراسلاتها
صدقني كاني قرات معك هاته المراسلات
التي تخبر بتاخر اوبة البجع الوحشي
البجع الوحشي الذي مازال الكلب الابلق الراكض على حافة البحيرة في انتظاره
الكلب هو انت وانا
ننتظر هلول بجع باريسا الذي ودعنا عند منعطف البكاء
طبعا لن اجد الكلمات المناسبة كي اشكرك على جميلك هذا الصباح لانك منحتني حصتي الضرورية من الحزن
حبيبي كمال
انت مرة اخرى بهذا النص لن يجاريك احد
ولا املك امام كل هذا الجبروت السردي سوى ان ادس السكين في جيبي الخلفي بعد ان دبحتني بباريسا

غير معرف يقول...

تعليق نور الدين بازين — يناير 12, 2006 في الساعة 7:16 pm

الرائع كمال
لك كل آمالنا التي نسبي بها احلامنا.
وقصصك وردود تعاليقك جنحة جميلة في حقنا.
أقول أبشر فقد سميناك القائم على كلماتنا.
وانت صاحب القلم القاطع..
مودتي الخالصة
نورالدين بازين

غير معرف يقول...

تعليق عطية صالح الأوجلي — يناير 12, 2006 في الساعة 8:17 pm

العزيز كمال…

لا أبالغ عندما اقول أنني نسيت نفسي في نصك …وأنني استمتعت بكل حرف فيه ..
لقد عدت بي الى سنوات الاغتراب بكل حلوها ومرها …
وأحييت في مواجع كنت متيقنا من اندثارها…
فلم فعلت ذلك يا غالي..؟

سامحك الله

عطية

غير معرف يقول...

تعليق moustadraf malika — يناير 13, 2006 في الساعة 12:14 am

الرائع كمال
انتهيت من قراءة نصك، ترك بداخلي شجنا جارحا و تخمة جعلتني اهرب من قراءة اي شيء آخر..نص صادق و بعيد عن التقعر و الفذلكة اللغوية…
بدأت قراءة رواية الارض العذراء لبيار روفايل ، و ذهني ما زال تحت وطأة نصك..قرأت بعض الصفحات و لما وجدت انني لا اركز توقفت حتى لا تختلط في ذهني الاشياء …انت رائع جدا يا كمال..

غير معرف يقول...

تعليق وحيد نورالدين — يناير 13, 2006 في الساعة 12:33 am

العزيزكما ل العيادي…ادا اتاك شخص مجنون فلا تسله عن اسمه…سميه كما تشاء وها ت الحكاية صقيع موسكو لا يدهب بحرارة الانسان …فما الدي يدهب بها هنا من حيث الصهد يطلع؟ مضى زمن طويل لم ألعن داتي الكا تبة…الليلة أفعل …هدا النص كان بودي أن أكون كاتبه …اعدرالترقين.أخوك يتهجى حرفا حرفا …تصبح على ايهاب كهدا

غير معرف يقول...

تعليق حسن حمودة — يناير 13, 2006 في الساعة 12:34 am

الأخ القريب العزيز كمال العيّادي,

بالرّغم من أنّني كنت كامل الوقت أسكن دروب, حتّى انّني أعرف كلّ ركن وكلّ زاويّة وكلّ أسماء العشب والشّجر والحيوان والأنهار والبحار والجبال والشّموس والأقمار بها….
بالرّغم من كلّ ذلك, فترحيبك بك, يزيدني حبّا في الدّار وفي العائلة الكبيرة التي تعشّش هاهنا في القلب…عائلة دروب الكبيرة.
أنا سعيد أنّني عرفت كبارا بها…وأسعد أنّني أحبّها كلّ يوم أكثر .

محبّتي وصداقتي

حسن حمودة- الفاني ميونيخ

غير معرف يقول...

تعليق محمد أحمد بنيس — يناير 13, 2006 في الساعة 12:38 am

سرد جميل وممتع ومأساوي .
وكأن شاعرنا القتيل يذكرنا دائما أن ما تبقى يؤسسه الشعراء.
مع مودتي.

غير معرف يقول...

تعليق فيصل عبد الحسن — يناير 13, 2006 في الساعة 2:29 am

المبدع كمال العيادي
محبة لما كتبت
نص مفعم بالشاعرية والجمال
بدت لي آنا أخموتوفا بين السطور متجسدة
يصاحبة النزل
التي ترى موسكو أفضل حتى لو تأخر البجع الوحشي عن المجيىء
كتلك كانت أخمتوفا التي كانت تقول القصائد وهي تنتظر أمام باب السجن لزيارة أبنها الذي لم تعجبه طريقة ستالين في حكم البلاد
فترك والدته الشاعرة تحت صفع نثار الثلج تكتب قصائدها الحزينة
آملة أن تراه ولو لدقائق

غير معرف يقول...

تعليق عبد اللطيف التجكاني — يناير 13, 2006 في الساعة 5:59 am

المبدع العزيز كمال العيادي

لله درك
لقد حرك نصّك الإبداعي عش شوق قديم ، وأعاد لي عطر ذكريات جميلة ، ذكرني بلحظات أوقات الزوال حين كنت أتسابق مع الريح في بداية الثمانينات من ثانوية الشريف الإدريسي بتطوان إلى البيت لتسجيل قصائد شعرية بأصوات المترجمين الشاعرين: عبد الله عيسى، وخليل حمود من برنامجهما الشيق - لقاء مع الموسيقى وآخر مع الشعر- بإذاعة موسكو.
كان يطربني الشاعر- سرغي يسنين - شاعر البراءة بقصائده المتنوعة منها قصيدة - الشاعر- يقول:
شاحب ،
يتعمق في الطرقات المرعبات
وفي روحه تتناسل أشباح شتى
وفي صدره لطمات الحياة تدق..

والشاعرة - أنا أخماتوفا - أذكر قصيدتها - قداس- تقول:

ها هو الهياج
بجناحه يغمر نصف روحي
يثمرني با الخمر الناري
ثم يجرني إلى واد داكن..
وآخرون كالكسندر بوشكين أمير شعراء روسيا
وألكسندر بلوك من خلال قصيدته - وراء النافدة - ينشد :
الأمطار والوحول
ولا أدرى على ما أتحسر
ينتابني الملال والرغبة في البكاء
ولا أعرف بقوايا
ماذا أفعل .. !

نصك رائع ، وازداد روعة بإقحام دور- باريسا- فيه من حيث حسها المرهف ، وإدمانها لشعر- بوشكين - تتمتع بالشباب بمفعول الإبتسامة رغم كبرسنها نوعاً ما .
وأنت يا عزيزي كمال لن يمر الزمن عليك أيضا بفضلها، الدائمة القارة في وجهك السعيد.
سردك القصصي يرقص الكلمات.

عبد اللطيف التجكاني
محبتي من تطوان
toujgani@hotmail.com

غير معرف يقول...

تعليق د. محمد جاهين بدوي — يناير 13, 2006 في الساعة 4:28 am

حادي دروبنا وهاديها كمال العيادي:
أتدري يا صاحبي بما ذكّرتني هذه التعليقات بوصفها فنا من فنون القول، وجنسًا من أجناسه الرائعة، ونسقًا من أنساق التأليف والكتابة التي تقوم على المثاقفات والمساجلات وتسديد اللحظات الناقدات، التي تجلّي كثيرا من الرؤى، وتصقل حادث التصوّرات؟
لقد ذكّرتني بكتبنا الصفراء التي كنا ندرسها بالأزهر، هذه التي تحتوي على متون، تذيّل بحواشٍ، ثم تردف الحواشي بتقارير وتعليقات، كما في مثل شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، بحاشية الصبّان، وبأسفل الصفحات تجد شرح الشواهد للشيخ العيني، وكم كان بعضنا يسعد بهذه الكتب وبما حوت من ثمار العقول والمداخلات والاعتراضات والمناقشات، وكم كان بعضنا الآخر يشقى أشد الشقاء في متابعة هذا اللغط الكثيف منتقلا في كآبة وضجر من المتن إلى الحاشية ومن الحاشية إلى التقرير والتعليق، وهكذا دواليك….
نعم يا صاحبي ذكرتني هذه التعليقات كتبي الصفراء القديمة، مع اختلاف في الآلية والتقنية، وسرعة الأخذ والرد، والسؤال ورجع الجواب، وما أشبه الليلة بالبارحة !!
فالنصوص المنشورة على دروب مثلا تمثل بما تثير من رؤى تتمثل في تعليقات تشكل ثروات نصية هي غاية في الثراء والخصوبة، والتنوّع في الطرح والمعالجة، وتزاوج الثقافات، أو تثاقف الرؤى والأفكار، إذا ما احتشد لها أصحابها، وصفوها وغربلوها من اللغو والفضول، والسذاجة والمجاملات ( وهذا نادر )!
وحرصوا على أن تكون هذه التعليقات عناقات روحية حميمة مع النصوص محل التعليق والتحاور، فينشأ عن ذلك هذا اللون الرائع من أدب التعليقات أو التوقيعات، أو الإبيجرامات الموجزة المعبّرة الحادة الجادة الناقدة النافذة، أو المساجلات الممتعة الجديرة بالبقاء والتسجيل.
أرجو أن يفطن لذلك أرباب النصوص والتعليقات…
وإلى أن نلتقي في جديد الرؤى والتعليقات…
تقبّل تحياتي العطرات.

د. محمد جاهين بدوي
أبو شادي
gaheenbadawy@hotmail.com