الثلاثاء، يناير 17، 2006

من أميركا مع أطيب التمنيات


بقلم محمد زهير الباشا

ليلى .. صهوة أحلام مجنحة ، وهي خمرة الشعراء والوالهين ، وابتسامة الجراح على شفاه المتعبين .
أنشودة .. استلهمها الشاعر في امتداد غربته الطويلة ، فكانت بوح الفل والنسرين في نقطة زيت باركها اللـه .
ليلى .. امتزاج الصهباء والانغام الساحرة ، فتسربلت كلمات وقالت ولاّدة لما طبعت قبلتها على صحن خدّها وابن زيدون في قمة هواه ، ثم افتقد القمرين : ماذا فعلت ليلى بشربلٍ متعبّدٍ .. وقد أسكنته الفسيح من أحلامها ؟!
معبده هواها .. وأنت هواه .. نبضاته أنت وانت تجابهين الريح ، فارتفعت قامات الكلمات تلك ، وانصبّت رمحاً في صدر الوالغين والمتربصين ، فغصص الجباه مرقاة إلى جبين الشمس .
وأصابت الخمرة مقتلاً في حوار ساخن سخي المكرمات ، مع فن مجنّح معطّر بالصور والطيب ، وبالامل المزروع على وريقات اللوتس ، لتزهر أحلام الصبايا ، ولتنقشع عنهم تعاسة الواقع ، ولتتجدد أبعاد القيم دفقات حرّى ، فجمرات الهوى ، بقع من ضوء في ظلمات الواقع الحزين .. ولتزهو آفاقها منطلقة حاملة تراتيل البلغاء .
ليلى .. في حروفها ، كخيل المتنبي ، لا يُجلّ الشاعر إذا لـم يبدع ، ولـم يبتكر ، وهي صهوة وصراع ضد الجبروت ، وهي عنفوان القمم والرمز المشتهى .. " فما تفلح عرب ملوكها عجم " صرخة لن تخبو ، وأوتاد المزلّة تصنع وتصدر وتباع في اسواق النخاسة .
ليلى .. من جنون المتنبي فرقدٌ يشعّ في بيدائه ، وفي زحمة الليالي منارة الطموح واستعلاء النفوس . وما سقط المتنبي إلا بيد خصومه ، لا بقصيدة هجاء ، وعلى الزمن مزامير قرطاس لا تخشى من رصف الحروف الوهاجة ، ولا تتوقف عن الابداع ، ففي عروقها عطاء ، هو إرث عربي ارتبط بالتاريخ ، وكان رسالة مودة وصفاء ، وعلى أشرعتها انضفرت عزائم المحبين ، وعلى أمواجها اغتراب قصائد تنبض بالحنين ، وتنمو بلهفة العاشقين .
ليلى .. لا تعرف شيئاً اسمه النكوص والهرولة والمستحيل ، فهي الشمّاء أمام انحسار العهود المرسومة على مياه أوسلو .. فالتردي نحو المخازي جنون سياسة ، دونه سياسة الجنون .. وليلى تنور الحب .. فزفراته أنوار في طريق الخزامى .. وتتألّق بالحب .. فالعنبر لا بد من ان يصل الى أنّات اليتامى .. وتتفتّح المآقي بالحب وللحب معاً في هودج واحد .. وهل بقي في الوطن شيء اسمه : الحب ؟! ..
وتبدع ليلى .. وهي مع الإبداع مهارة قلب قبل أن يكون مهارة قلم وبطولة روح .. قبل ان يكون بطولة سيف .. فلنقرأ على صفحاتها رسالة البحر ، رمزاً للحرية .. ولتتمسّك بأهداب العدالة ، والعدالة انعتاق .. ولتصل إلى كل قلب ، والى كل ساهر صبور ، ليرى الحقيقة ويعرف لونها ، ويدرك أبجديتها ويعزف في أجوائها ، فالاغتراب غنى للنفس ، لا تحجّرها ولا افتقارها " فالروح مثل العين تشهد " وإلاّ فنبقى غريبين .. وكل غريب للغريب نسيب
.

ليست هناك تعليقات: