صنعاء - طالب عبدالعزيز
الحياة
على مدى خمسة أيام استمرت أعمال «ملتقى الشعر العربي الثاني»، الذي اقامته وزارة الثقافة اليمنية في صنعاء، بحضور اكثر من 300 شاعر ومثقف عربي مثلوا مختلف الأقطار العربية إلى عدد كبير من الشعراء اليمنيين.
وأهدى خالد الرويشان، وزير الثقافة اليمني، الملتقى الى روح الشاعر الكبير محمد الماغوط، محققاً بذلك ما طمحت إليه اللجنة المنظمة، وهو الاحتفاء بالقصيدة العربية الجديدة، قصيدة النثر تحديداً.
وكان لحضور الأدباء العرب الكبار أثر إيجابي في إضفاء أهمية خاصة على الملتقى، وقد حضر الناقد كمال أبو ديب، الذي كرم في اليوم الثالث من أيام الملتقى، وتحدث في احتفال التكريم كل من الشاعر عبدالعزيز المقالح والناقد حاتم الصكر والناقد صلاح فضل، لافتين الى التجربة الكبيرة لأبي ديب. وكان من بين المشاركين العرب كل من الناقد محمد عبدالمطلب والناقد صلاح فضل والشاعر حلمي سالم من مصر، ومن العراق حضر النقاد سلمان كاصد ووجدان الصائغ وصبري مسلم (وهم مقيمون في اليمن)، ومن السعودية الناقد محمد العباسي.
ما لفت اكثر من سواه، في فعاليات الملتق، الحضور الكبير لقصيدة النثر لدى شعراء اليمن الجدد بوجه خاص، فهم مسكونون بهاجس التمرد والثورة على السطحية وتكثيف التقنيات، على رغم ان عمر التجديد هنا لا يتجاوز العشرين سنة.
وتعد اليمن رائدة في جمع هذا العدد الكبير من شعراء الجيل الجديد المعنيين بهذا النمط الكتابي (قصيدة النثر) وقد انسحب جمهور القصيدة التقليدية الى المقاعد الخلفية من القاعة وتقدم جمهور جديد يريد شعراً خارج الأنساق المتعارف عليها، واضعاً نصب عينيه الهم العربي والإنساني والبعد الكوني بطرق شعرية جديدة في بلد كل ما فيه قديم وتقليدي.
قد لا يكون هذا الملتقى شكّل ظاهرة كبيرة من ناحية جمع الشعراء العرب الجدد في أسبوع واحد والاستماع الى قصائدهم، وقد تضيع أسماء مهمة في هذا الحشد من الشعراء، لكن اللافت أن القصيدة العربية الجديدة هي السمة الأبرز والظاهرة الأشمل التي طغت على معظم فعاليات الملتقى.
ويمكن النظر الى ملتقى شعري للشباب في مدينة مثل صنعاء، وبهذا الاحتفاء الكبير في كونه مناسبة للتفحص والمتابعة والنظر الى المستجدات وفي البنى الشعرية والأشكال والموضوعات التي هي موضع تداخل بين ما هو سمعي وبصري والشعر، الأمر الذي دعا الناقد الصكر إلى التفاؤل بمستقبل القصيدة العربية، وهو يجد ان لهذا الملتقى ضرورة وجدوى على رغم ما يدخل «من حشو ونظم وادعاء واستعراض». ويمكن ان يحسب للملتقى دخول اسماء وأصوات عربية جديدة تمثل مناخات عربية جديدة.
وفيما رأى صلاح فضل ان هذا الملتقى يؤسس لتقاليد لا بد من ان تنمو في الثقافة العربية، تقاليد تعتمد التلاقي من دون تكريس لزعامة قطرية أو سياسية كما كان يحصل في الماضي، ومن دون أي تبن لأيديولوجية قائمة أو مفروضة.
وفي معرض دفاعه عن الشكل الشعري الجديد، قال عبدالعزيز المقالح:
«من المضحك المبكي ان يمر وقت طويل والعرب يتناقشون في مشروعية الشعر العربي الحديث ومدى الحلال والحرام فيه، في حين لم يلتفتوا الى التحديث المادي من حولهم، وكيف استأثر بكل شيء في حياتهم... متناسين أهم ميزة لهذا الجيل من شعراء اليوم الذين يسيرون على سنن الكون التي تؤكد ان هذا الجيل مخلوق لزمن غير الزمن الذي عرفته الأجيال السابقة. إن تحديث الشعر حلم قديم رافق الشعر العربي في عصور ما قبل الإسلام وفي صدر الإسلام وفي العصور المتعاقبة، والحداثة هدف عظيم ونبيل يسعى كل شاعر كبير الى تحقيقه. لكنّ مشكلة الحداثة انها لم تسلم من الأدعياء والمتطفلين وممن يجهلون ابسط قواعد لغة التعبير فضلاً عن أبسط معاني هذا الحلم الكبير».
وأكد الناقد محمد عبدالمطلب مشروعية الكتابة الجديدة، مستعرضاً في ورقته، في شكل مبسط، تراتبية الشعر العربي عبر طرق الكتابة فيه، مركزاً على الثورات الكبيرة التي حدثت بدءاً من الشعر الجاهلي والمحاولات الأولى للخروج على العمود الشعري وانتهاء بما وصلت اليه القصيدة العربية مع شعراء قصيدة النثر التي عدها أحد أهم إنجازات الثقافة عندنا، معتبراً الشعر مغامرة كبيرة. واستعرض المغامرات التي حدثت على يد الجاهلين ومن ثم التقليديين فالإحيائيين فالرومانسيين والتفعيليين وأخيراً شعراء قصيدة النثر، معتبراً ان هدم اللغة مقابل العناية بالشعر سمة مميزة للشعر الحديث، وفقدان المرجعية هو أيضاً اضافة جاءت بها قصيدة النثر على حساب الوزن، وانها احتفظت بالتخيل على حساب الموسيقى. ولفت الى ان السرد هو التقنية المركزية في قصيدة النثر.
لعل ظاهرة المرأة الشاعرة في اليمن من الظواهر الغريبة، فنوال الجوبري (شاعرة منقبة) تحدثت بلغة مثيرة عن هموم المرأة اليمنية في الحياة والحرمان والحب والزواج والماكياج... كل هذا جاء من وراء نقاب فلم ير الجمهور من الشاعرة سوى عينيها. ومثلها فعلت شاعرات أخريات. ويكاد الحسي المفرط في فصاحته أن يكون السمة الغالبة على عموم الشعر النسوي اليمني بخاصة والخليجي بعامة، إذ سمعنا من شاعرات سعوديات وإماراتيات ما يشبه ذلك.
إلا أن الملتقى لم يسلم من الملاحظات... فالشاعر اليمني محمد عبدالوهاب الشيباني أخذ على الملتقى عزله الشعراء اليمنيين عن ضيوفهم من الشعراء العرب، مشيراً الى حدوث ذلك في الملتقى الأول من دون ان يلتفت اليه احد.
على مدى خمسة أيام استمرت أعمال «ملتقى الشعر العربي الثاني»، الذي اقامته وزارة الثقافة اليمنية في صنعاء، بحضور اكثر من 300 شاعر ومثقف عربي مثلوا مختلف الأقطار العربية إلى عدد كبير من الشعراء اليمنيين.
وأهدى خالد الرويشان، وزير الثقافة اليمني، الملتقى الى روح الشاعر الكبير محمد الماغوط، محققاً بذلك ما طمحت إليه اللجنة المنظمة، وهو الاحتفاء بالقصيدة العربية الجديدة، قصيدة النثر تحديداً.
وكان لحضور الأدباء العرب الكبار أثر إيجابي في إضفاء أهمية خاصة على الملتقى، وقد حضر الناقد كمال أبو ديب، الذي كرم في اليوم الثالث من أيام الملتقى، وتحدث في احتفال التكريم كل من الشاعر عبدالعزيز المقالح والناقد حاتم الصكر والناقد صلاح فضل، لافتين الى التجربة الكبيرة لأبي ديب. وكان من بين المشاركين العرب كل من الناقد محمد عبدالمطلب والناقد صلاح فضل والشاعر حلمي سالم من مصر، ومن العراق حضر النقاد سلمان كاصد ووجدان الصائغ وصبري مسلم (وهم مقيمون في اليمن)، ومن السعودية الناقد محمد العباسي.
ما لفت اكثر من سواه، في فعاليات الملتق، الحضور الكبير لقصيدة النثر لدى شعراء اليمن الجدد بوجه خاص، فهم مسكونون بهاجس التمرد والثورة على السطحية وتكثيف التقنيات، على رغم ان عمر التجديد هنا لا يتجاوز العشرين سنة.
وتعد اليمن رائدة في جمع هذا العدد الكبير من شعراء الجيل الجديد المعنيين بهذا النمط الكتابي (قصيدة النثر) وقد انسحب جمهور القصيدة التقليدية الى المقاعد الخلفية من القاعة وتقدم جمهور جديد يريد شعراً خارج الأنساق المتعارف عليها، واضعاً نصب عينيه الهم العربي والإنساني والبعد الكوني بطرق شعرية جديدة في بلد كل ما فيه قديم وتقليدي.
قد لا يكون هذا الملتقى شكّل ظاهرة كبيرة من ناحية جمع الشعراء العرب الجدد في أسبوع واحد والاستماع الى قصائدهم، وقد تضيع أسماء مهمة في هذا الحشد من الشعراء، لكن اللافت أن القصيدة العربية الجديدة هي السمة الأبرز والظاهرة الأشمل التي طغت على معظم فعاليات الملتقى.
ويمكن النظر الى ملتقى شعري للشباب في مدينة مثل صنعاء، وبهذا الاحتفاء الكبير في كونه مناسبة للتفحص والمتابعة والنظر الى المستجدات وفي البنى الشعرية والأشكال والموضوعات التي هي موضع تداخل بين ما هو سمعي وبصري والشعر، الأمر الذي دعا الناقد الصكر إلى التفاؤل بمستقبل القصيدة العربية، وهو يجد ان لهذا الملتقى ضرورة وجدوى على رغم ما يدخل «من حشو ونظم وادعاء واستعراض». ويمكن ان يحسب للملتقى دخول اسماء وأصوات عربية جديدة تمثل مناخات عربية جديدة.
وفيما رأى صلاح فضل ان هذا الملتقى يؤسس لتقاليد لا بد من ان تنمو في الثقافة العربية، تقاليد تعتمد التلاقي من دون تكريس لزعامة قطرية أو سياسية كما كان يحصل في الماضي، ومن دون أي تبن لأيديولوجية قائمة أو مفروضة.
وفي معرض دفاعه عن الشكل الشعري الجديد، قال عبدالعزيز المقالح:
«من المضحك المبكي ان يمر وقت طويل والعرب يتناقشون في مشروعية الشعر العربي الحديث ومدى الحلال والحرام فيه، في حين لم يلتفتوا الى التحديث المادي من حولهم، وكيف استأثر بكل شيء في حياتهم... متناسين أهم ميزة لهذا الجيل من شعراء اليوم الذين يسيرون على سنن الكون التي تؤكد ان هذا الجيل مخلوق لزمن غير الزمن الذي عرفته الأجيال السابقة. إن تحديث الشعر حلم قديم رافق الشعر العربي في عصور ما قبل الإسلام وفي صدر الإسلام وفي العصور المتعاقبة، والحداثة هدف عظيم ونبيل يسعى كل شاعر كبير الى تحقيقه. لكنّ مشكلة الحداثة انها لم تسلم من الأدعياء والمتطفلين وممن يجهلون ابسط قواعد لغة التعبير فضلاً عن أبسط معاني هذا الحلم الكبير».
وأكد الناقد محمد عبدالمطلب مشروعية الكتابة الجديدة، مستعرضاً في ورقته، في شكل مبسط، تراتبية الشعر العربي عبر طرق الكتابة فيه، مركزاً على الثورات الكبيرة التي حدثت بدءاً من الشعر الجاهلي والمحاولات الأولى للخروج على العمود الشعري وانتهاء بما وصلت اليه القصيدة العربية مع شعراء قصيدة النثر التي عدها أحد أهم إنجازات الثقافة عندنا، معتبراً الشعر مغامرة كبيرة. واستعرض المغامرات التي حدثت على يد الجاهلين ومن ثم التقليديين فالإحيائيين فالرومانسيين والتفعيليين وأخيراً شعراء قصيدة النثر، معتبراً ان هدم اللغة مقابل العناية بالشعر سمة مميزة للشعر الحديث، وفقدان المرجعية هو أيضاً اضافة جاءت بها قصيدة النثر على حساب الوزن، وانها احتفظت بالتخيل على حساب الموسيقى. ولفت الى ان السرد هو التقنية المركزية في قصيدة النثر.
لعل ظاهرة المرأة الشاعرة في اليمن من الظواهر الغريبة، فنوال الجوبري (شاعرة منقبة) تحدثت بلغة مثيرة عن هموم المرأة اليمنية في الحياة والحرمان والحب والزواج والماكياج... كل هذا جاء من وراء نقاب فلم ير الجمهور من الشاعرة سوى عينيها. ومثلها فعلت شاعرات أخريات. ويكاد الحسي المفرط في فصاحته أن يكون السمة الغالبة على عموم الشعر النسوي اليمني بخاصة والخليجي بعامة، إذ سمعنا من شاعرات سعوديات وإماراتيات ما يشبه ذلك.
إلا أن الملتقى لم يسلم من الملاحظات... فالشاعر اليمني محمد عبدالوهاب الشيباني أخذ على الملتقى عزله الشعراء اليمنيين عن ضيوفهم من الشعراء العرب، مشيراً الى حدوث ذلك في الملتقى الأول من دون ان يلتفت اليه احد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق